el bassaire

samedi 26 janvier 2013

هل آيات الصفات من قبيل المحكم أم من قبيل المتشابه



هل آيات الصفات من قبيل المحكم أم من قبيل المتشابه ؟

ج) أقول :- هذه مسألة هامة جدا ، لأنها مسألة عقدية ، وبيانها أن يقال :- إننا قد قررنا أن المتشابه هو ما خفي معناه ، والمحكم ما اتضح معناه ، وعلى ذلك ، فنحن - معاشر أهل السنة - ننظر إلى آيات الصفات باعتبارين :- باعتبار معانيها اللغوية ، وباعتبار كيفياتها على ما هي عليه في الواقع ، فأما نصوص الصفات باعتبار معانيها اللغوية فهي محكمة ، بل هي من أعلى درجات المحكم  لأن معناها متضح وجهه في اللغة وليس بخاف ، فأهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى يعلمون معاني الصفات ، وذلك لأن الله تعالى قد خاطبنا في القرآن بلسان عربي مبين ، فكان الواجب علينا هو حمل هذه الألفاظ على معانيها المتقررة في هذا اللسان العربي ، ولن الله تعالى إنما أنزل كتابه هدى مبيان للناس وهذا يفيدك أنه لم يخاطبنا بهذه الألفاظ العربية إلا وهو يريد منا عين معانيها المتقررة في هذا اللسان العربي ، لأنه لو خاطبنا بلفظ وأراد منا خلاف معناه المتقرر في لغة العرب لكان ذلك إلغازا وتعمية وإضلالا ، وقد قلنا إن هذا مناف لمقصود إنزال القرآن ، فالله ما أنزل كتابه إلا لهداية الخلق إليه ودلالتهم عليه ، وتبصيرهم بطرق الخير والبر والإحسان التي توصلهم إلى جنة عرضها السموات والأرض ، فكان الواجب علينا أن نعتقد أن كل لفظة في هذا القرآن فالواجب فيها أن نحملها على معناها المعهود في هذا اللسان ، وهذا متفق عليه بين أهل السنة رحم الله أمواتهم وثبت أحياءهم, ومن نسب إلى  أهل السنة أنهم لا يعلمون المعاني فقد كذب عليهم في هذه النسبة ، فهذا بالنبسة للمعاني ، وأما الكيفيات ، فلا والله الذي لا إله غيره ، نحن لا نعلمها  ولا يمكن لنا العلم بها في هذه الدنيا ، ولا طريق إلى العلم بها أصلا ، بل هي مما استأثر الله تعالى بعلمه وحده لا شريك له في ذلك ، فلا يعلم كيفية صفاته جل وعلا إلا هو جل وعلا ، والواجب على العبد أن يمسك لسانه ويقطع الطمع في التعرف على كيفية شيء من صفات الله تعالى ، مع اعتقاده الجازم بأن صفات الله تعالى لها كيفيات ، وهذا لا شك فيه ، وإنما المنفي هو علمنا بهذه الكيفيات ، فالكيفية مما أخفاه الله عنا ولم يطلعنا عليه ، ولا طريق أصلا للعلم به ، وذلك لأن أهل العلم رحمهم الله تعالى قرروا أن الكيفية لا تعرف إلا بثلاث طرق ، الأول :- رؤية الشيء ، والله تعالى لا يرى في الدنيا بعيني اليقضة ، وهذا متفق عليه بين أهل العلم ، الثاني :- رؤية نظيره ومثيله  وهذا منتف عن الله تعالى ، لأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ولم يكن له كفوا أحد, ولا سمي له جل وعلا ، الثالث :- أن يخبرك الصادق صلى الله عليه وسلم عن كيفية صفته ، وهذا منتف أيضا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن لربنا حياة وعلوا واستواء ولم يخبرنا عن كيفية شيء من ذلك ، وأخبرنا أن له وجها ويدا ورجلا وأصابع ورحمة ورضا وغضبا ولم يخبرنا عن كيفية شيء من ذلك ، وهكذا القول في سائر صفات الرب جل وعلا ، فوجب الوقوف حيث وقف النص ، لا ندخل في هذا الباب متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ، ولا نقول إلا " آمنا به كل من عند ربنا " فحيث انتفت طرق العلم بالكيفية في حق صفات الله تعالى فاعلم أنه لا يمكننا أبدا أن نتعرف على هذه الكيفية ، بل لا يجوز لنا أن نطلق العنان لعقولنا القاصرة للبحث في هذا الأمر ، لأنه أمر غيبي لا مدخل للعقول فيه ، وليس إداركه مما يدخل تحت طاقة العقل ومدركاته فحيث كان معنى الصفات واضحا جليا ، قلنا ( إن معانيها من قبيل المحكم ) وحيث كانت كيفياتها مما أخفاه الله تعالى عنا ، قلنا ( إنها متشابهة باعتبار الكيفيات ) فأهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى وسط في هذا الباب الخطير بين فرقتين ضالتين :- بين من يزعم أنه لا يعلم معاني الصفات فضلا عن كيفياتها ، وبين من يزعم أنه يعلم معانيها وكيفياتها ، فالفرقة الأولى قالوا ( نصوص الصفات كلها من المتشابه الخفي ) والفرقة الثانية قالوا ( نصوص الصفات كلها من الواضح الجلي ) وأما أهل السنة فتوسطوا وقالوا ( إن نصوص الصفات من الواضح الجلي في معانيها ، ومن المتشابه الخفي في كيفياتها ) وهذا هو الحق الذي ندين الله به ، ولكن لأن أكثر من كتب في أصول الفقه هم من المبتدعة الذين يحرفون الصفات عن معانيها الصحيحة قالوا ( إن نصوص الصفات من المتشابه ) وهذا باطل ، وقولهم في هذا غير مقبول ، بل هو محدث في عقيدة المسلمين ، ومخالف لما عليه سلف الأمة وأئمتها ، ومخالف للعقل السليم ، حتى وإن قال به أكبر عالم في الأصول ، فلا شأن لنا به ، فقوله باطل ، باطل ، باطل ، وبه تعلم :- أن الحق الذي لا يجوز القول بغيره في هذه المسألة هو ما قرره أهل السنة والجماعة رحمهم الله الرحمة الواسعة وأدخلهم فسيح جنانه ، وغفر لهم ورفع قدرهم ومنازلهم في الدنيا والآخرة ، وجزاهم الله تعالى خير ما جزى عالما عن أمته ، وجمعنا بهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ومن باب التوضيح أضر لك فروعا على هذه المسألة فأقول :-
منها :- يؤمن أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى بأن لله تعالى وجها ويدا ورجلا وعينا وأصابع وحياة وعلما وسمعا وبصرا وكلاما واستواء على العرش ، كل ذلك يثبتونه على الوجه اللائق بالله جل وعلا ، مع الإيمان الجازم بأنه معلوم المعنى فقط ، وأما كيفية هذه الصفات فإنه لا يعلمها إلا الله تعالى.
ومنها :- يؤمن أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى أن لله تعالى ضحكا وعلوا ورضا وغضبا وكراهية وسخطا ونزولا إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر ومجيئا وإتيانا يوم القيامة لفصل القضاء ،وكل ذلك مما نعلم معانيه علم اليقين ، وأما كيفياته التي هو عليها في الواقع فلا يعلمها إلا الله تعالى ، فمعاني هذه الصفات معلوم ، وكيفياتها مجهولة .
ومنها :- يؤمن أهل السنة والجماعة أن لله تعالى معية عامة ومعية خاصة ، وأن له جل وعلا رحمة وعزة وحكمة وهيمنة وعجبا ونسيانا بمعنى الترك عن علم وعمد ، وكل هذا على الكيفية التي يريدها الله تعالى ، لا ندخل في هذا الباب متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ، ولا نقول إلا " آمنا به كل من عند ربنا " .
ومنها :- يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الله تعالى يرى في الآخرة ، فيراه المؤمنون في العرصات ويرونه بعد دخول الجنة ، ومعنى الرؤية معلوم لنا بحسب الوضع اللغوي فقط ، وأما كيفيتها التي ستكون عليه في الواقع فلا يعلمها إلا الله تعالى ، فمعنى الرؤية معلوم ، وأما كيفيتها فمجهولة  فنصوص الرؤية محكمة باعتبار معانيها ، ومتشابهة باعتبار كيفياتها ، وهكذا يا أخي الكريم يجب عليك أن تقول في كل نصوص الصفات ، واحذر يا حبيبنا أن تحيد عن هذا الأصل ، فإني أحب لك النجاة ، ولا نجاة في هذا الباب إلا باعتماد ما قرره أهل السنة في هذه القاعدة ، أعني أن نصوص الصفات من المحكم باعتبار معانيها ومن المتشابه باعتبار كيفياتها ، فاشدد عليك بيديك وعلمه غيرك وانشره بين الأمة ، حتى يكون من العلم الذي يعلم من الدين بالضرورة ، فإن قلت:- لقد أطلت علينا فهل من اختصار لما مضى ؟ فأقول :- نعم, وهو أن تحفظ نص القاعدة التي تقول ( أهل السنة والجماعة يعلمون معاني نصوص الصفات ، ويكلون علم كيفيتها إلى الله تعالى ) أي أنهم يتكلمون في المعاني فقط ، ويسكتون عن الكيفيات ، والله يتولانا وإياك لما فيه الخير والصلاح

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire