باب في آداب قضاء الحاجة
https://twitter.com/hadithecharif
اعلم وفقني الله وإياك وجميع
المسلمين أن ديننا كامل متكامل , ما ترك شيئا مما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم ;
إلا بينه , ومن ذلك آداب قضاء الحاجة ; ليتميز الإنسان الذي كرمه الله عن الحيوان
بما كرمه الله به ; فديننا دين النظافة ودين الطهر ; فهناك آداب شرعية تفعل عند
دخول الخلاء وحال قضاء الحاجة .
فإذا أراد المسلم دخول الخلاء -
وهو المحل المعد لقضاء الحاجة - ; فإنه يستحب له أن يقول : بسم الله , أعوذ بالله
من الخبث والخبائث . ويقدم رجله اليسرى حال الدخول , وعند الخروج يقدم رجله اليمنى
, ويقول : غفرانك , الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني . وذلك لأن اليمنى
تستعمل فيما من شأنه التكريم والتجميل , واليسرى تستعمل فيما من شأنه إزالة الأذى
ونحوه .
وإذا أراد أن يقضي حاجته في فضاء -
أي : في غير محل معد لقضاء الحاجة - ; فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس ; بحيث يكون
في مكان خال , ويستتر عن الأنظار بحائط أو شجرة أو غير ذلك , ويحرم أن يستقبل
القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة , بل ينحرف عنها ; لأن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة , وعليه أن يتحرز من رشاش
البول أن يصيب بدنه أو ثوبه , فيرتاد لبوله مكانا رخوا , حتى لا يتطاير عليه شيء
منه .
ولا يجوز له أن يمس فرجه بيمينه ,
وكذلك لا يجوز له أن يقضي حاجته في طريق الناس , أو في ظلهم , أو موارد مياههم ;
لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ; لما فيه من الإضرار بالناس وأذيتهم .
ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر
الله عز وجل أو فيه قرآن , فإن خاف على ما معه مما فيه ذكر الله ; جاز له الدخول
به , ويغطيه . ولا ينبغي له أن يتكلم حال قضاء الحاجة ; فقد ورد في الحديث أن الله
يمقت على ذلك , ويحرم عليه قراءة القرآن .
فإذا فرغ من قضاء الحاجة ; فإنه
ينظف المخرج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو ما يقوم مقامها , وإن جمع
بينهما ; فهو أفضل , وإن اقتصر على أحدهما ; كفى .
والاستجمار يكون بالأحجار أو ما
يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى المخرج وينشفه , ويشترط ثلاث
مسحات منقية فأكثر إذا أراد الزيادة .
ولا يجوز الاستجمار
بالعظام ورجيع الدواب - أي : روثها - ; لأن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن ذلك , وعليه أن يزيل أثر الخارج وينشفه ; لئلا يبقى شيء من النجاسة
على جسده , ولئلا تنتقل النجاسة إلى مكان آخر من جسده أو ثيابه .
قال بعض الفقهاء : إن الاستنجاء
أو الاستجمار شرط من شروط صحة الوضوء لا بد أن يسبقه , فلو توضأ
قبله ; لم يصح وضوؤه , لحديث المقداد المتفق عليه : يغسل ذكره , ثم يتوضأ
قال النووي : والسنة أن يستنجي قبل
الوضوء , ليخرج من الخلاف , ويأمن انتقاض طهره .
أيها المسلم ! احرص على التنزه من
البول ; فإن عدم التنزه منه من موجبات عذاب القبر ; فعن أبي هريرة رضي الله عنه ,
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استنزهوا من البول ; فإن عامة عذاب القبر منه
رواه
الدارقطني , قال الحافظ : " صحيح الإسناد , وله شواهد , وأصله في "
الصحيحين " .
أيها المسلم ! إن كمال الطهارة
يسهل القيام بالعبادة , ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها .
روى الإمام أحمد رحمه الله عن رجل
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح , فقرأ الروم
فيها , فأوهم , فلما انصرف ; قال : إنه يلبس علينا القرآن , إن أقواما منكم يصلون
معنا لا يحسنون الوضوء , فمن شهد الصلاة معنا ; فليحسن الوضوء وقد أثنى الله على أهل
مسجد قباء بقوله : فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ولما سئلوا عن صفة هذا
التطهر ; قالوا : إنا نتبع الحجارة الماء رواه
البزار .
وهنا أمر يجب التنبيه عليه , وهو
أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء , فإذا أراد أن يتوضأ ; بدأ بالاستنجاء
, ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة , وهذا خطأ ; لأن الاستنجاء ليس من
الوضوء , وإنما هو من شروطه ; كما سبق , ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة , ولا
داعي لتكراره من غير وجود موجبه - وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة .
أيها المسلم ! هذا ديننا دين
الطهارة والنظافة والنزاهة , أتى بأحسن الآداب وأكرم الأخلاق , استوعب كل ما
يحتاجه المسلم , وكل ما يصلحه , ولم يغفل شيئا فيه مصلحة لنا ; فلله الحمد والمنة
, ونسأله الثبات على هذا الدين , والتبصر في أحكامه , والعمل بشرائعه , مع الإخلاص
لله في ذلك , حتى يكون عملنا صحيحا مقبولا .
الملخص الفقهي/ قسم العبادات/ كتاب الطهارة
تلخيص صالح بن
فوزان بن عبدالله
آل فوزان