el bassaire

mercredi 1 août 2018

: التَّرْجِيعُ


شرح كتاب/ فضائل القرآن
من كتاب السنن الكبرى للإمام النسائي
للشيخ عبد الرزَّاق البدر 
https://t.me/ryadhesunnah

قال- رحمه الله تعالى-: التَّرْجِيعُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِيَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ فَقَرَأَ فَرَجَّعَ أَبُو إِيَاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ فَذَكَرَ عَنِ ابْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ))
قال :أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: ((قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ بِسُورَةِ الْفَتْحِ، فَمَا سَمِعْتُ قِرَاءَةً أَحْسَنَ مِنْهَا يُرَجِّعُ))

ثم عقد -رحمه الله تعالى- هذه الترجمة التَّرْجِيعُ
التَّرْجِيعُ:في قراءة القران ، والمراد بالترجيع : ترديد الصوت في الحلق على ما سيأتي بيانه في الحديث الذي ساقه -رحمه الله تعالى- أورد من حديث عبد الله بن مغفل قال: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ فَقَرَأَ)): وهذا يؤخذ منه القراءة على الدابَّة وان هذا من هدي النبي صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قال: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ فَقَرَأَ فَرَجَّعَ أَبُو إِيَاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ فَذَكَرَ عَنِ ابْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ ))
رَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ: تحتمل كما قال العلماء - رحمهم الله تعالى-أحد أمرين :
تحتمل أن هذا الترجيع حصل اضطرارا بحكم أنه كان يقرأ عليه الصلاة والسلام وهو على الدابّة
وتحتمل أن ذلك اختيارا أي فعله قصدا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه
فالعلماء -رحمهم الله- ذكروا ذلك : ذكروا احتمال ان هذا الترجيع حصل اضطرارا
من يقرأ على دابة ومثله ايضا على السيارة ،اذا قرا ثم جاءت السيارة في موضع فيه اهتزاز تجد أن الصوت يحصل فيه الحرف وانت تقرأ ربما تكرر -عن غير قصد منك -لكن بحكم ارتجاج واهتزاز السيارة او الدابَّة فيحصل ترجيع في الصوت هذا يسمى اضطرار- يعني ليس مقصودا- وانَّما حصل بسبب اهتزاز ما هو راكب عليه من دابة او سيارة ، فمن العلماء من قال ان هذا حصل اضطرارا .

والاحتمال الثاني:أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام قصد ذلك، ويكون المراد بالترجيع أنه مثلا اشبع المد في موضعه ،وجاء في بعض الروايات لهذا الحديث تفسير لذلك عن معاوية بن قُرَّة -أحد الرواة- فذكر ان ذلك حصل في حرف الهمزة، جاء بها همزة ثم ألف ساكنة ثم همزة هذا الترجيع الذي حصل في هذا الحرف ، قال بن حجر في توضيح ما ذكره معاوية بن قرة: (قال بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة بعدها همزة أخرى) بحيث تكون الهمزة جاءت مرتين هذا ترجيع ترديد الصوت.

لكن يقول الشيخ بن باز -رحمه الله تعالى- ونحسب أن هذه فائدة ثمينة،  يقول - رحمه الله-: ( هذا وهم من بعض الرواة في تفسير الترجيع انه يكرر الحرف ، قال رحمه الله (هذا وهم من بعض الرواة في تفسير الترجيعلان الحرف بتكراره بهذه الصفة لا يدل على معنى) ثم بين - رحمه الله- أن الترجيع الذي في هذه القراءة -وكان قرأ سورة الفتح حصل في قراءته لأولها ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ [الفتح:1]- فيقول -رحمة الله عليه -: (معنى الترجيع ترجيع القرآن أي ترديد القراءة للآية :﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾) ترجيع: أعاد الآية كان من هديه كما يقرر الشيخ بن باز -رحمه الله –انه يسرد القراءة سردا ما يكرر الآيات، الآية عندما يصل اليها ما يكررها وانما يسرد القراءة سردا، لكن احيانا يحصل هذا الترجيع أنه يعيد الاية وهذا نادر وقليل مثل ترجيعه وهو على الدابَّة عندما قرأ سورة الفتح الترجيع يقول -رحمة الله عليه-أنه أعاد الآية:﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾.

نزلت هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم على إثر صلح الحديبية وهو المراد بالفتح فلعله صلَّى الله عليه وسلم اعادها استحضارا لهذه النعمة العظيمة أعاد الاية وإعادتها هنا فيه الخشوع في التلاوة وتدبُّر لهذا المعنى العظيم والنعمة التي منّ الله سبحانه وتعالى عليه بها في هذا المقام فقرأ:﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًاوأعادها وهذا معنى الترجيع حسبما وضَّحه وبيَّنه الإمام الشيخ بن باز -رحمه الله تعالى –



- :حُسْنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ


شرح كتاب/ فضائل القرآن
من كتاب السنن الكبرى للإمام النسائي
للشيخ عبد الرزَّاق البدر 
https://t.me/ryadhesunnah


قال -رحمه الله تعالى- :حُسْنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ
أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه سمع رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِه))

قال :أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ))

ثم قال -رحمه الله-حُسن الصوت بالقران: أى جمال الصوت بالقرآن وأن يُزيِّن التالى صوته بالقران هذا ورد فيه الحديث المتقدِّم وأعاده المصنف هنا من اجل هذه الترجمة : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه سمع رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ: أي ما استمع لشيء
ما أذن لنبيّ حسن الصوت بالقرآن يجهر به: وهنا يُستفاد من هذا الحديث فى لفظتين وردت فيه قوله: ( حسن الصوت ) وقوله ( يجهر به ) يستفاد منه تفسير لقول النبي فى الرواية المتقدِّمة "اذنه لنبيّ يتغنَّى بالقران": لأن بعض السلف قالوا معنى قول النبي هنا يتغنَّى:أي يستغنى بالقرآن عن غيره-وقال هذا بن عيينة ووكيع بعض السلف - قالوا هذا  لكن هذا المعنى بعيد، وممَّا يدل على بُعدِه هذه الرواية هنا هذه الرواية مفسِّرة قال: ((ما أذن لشيء ما اذن لنبي حسن الصوت).

فالمراد بالتَّغنِّي تحسين الصوت في الرواية الأولى وأيضاً في الرواية الثانية التي ذكرها في هذا الباب قال : (( ما أذن لشيء ما اذن لنبيّ ان يتغنَّي بالقران))يتغنَّى ليس معناها يستغني بالقرآن وإنما معناها يُحسِّن ويُزيِّن ويُجمّل صوته بالقرآن، والرواية هنا تفسِّر ذلك .

قال:((حسن الصوت بالقرآن يجهر به)) : يجهر به يتلوه وهو يجهر به مزينً به صوته،فان في ذلك ما جاء به الحديث ،أذن الله له أي استماعه له ،وان الله ما استمع لشئ استماعه لمن يتغنَّى بالقرآن او لنبيّ حسن الصوت بالقرآن يجهر به .



:تزيين الصوت بالقرآن


شرح كتاب/ فضائل القرآن
من كتاب السنن الكبرى للإمام النسائي
للشيخ عبد الرزَّاق البدر 
https://t.me/ryadhesunnah


قال -رحمه الله تعالى- :تزيين الصوت بالقرآن
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَذَكَرَ آخَرُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ))

ثم عقد الإمام النسائي-رحمه الله تعالى- هذه الترجمة : تزيين الصوت بالقرانوالمراد بتزيين الصوت بالقرآن اى تحسين الصوت ، تحسين الاداء ، ترتيل لكلام الله سبحانه وتعالى . وهذا التزيين كما مر معنا الاشارة الى ذلك وايضا فى كلام ابن القيم الا يكون عن تكلُّف ومبالغة ومغالاة وانما بحسب ما تسمح له طبيعة الإنسان دون أن يتكلَّف والتكلُّف يكون واضح فيالآداء يعرف التاليمن نفسه أنه متكلف ومن يستمع اليه يشعر منهأنه ايضا  متكلِّف، فاذا حسن صوته وزيَّن صوته بالقران من دون تكلف دخل فى هذا المعنى المطلوب فى هذا الحديث قال : ((زينوا القران بأصواتكم))، والمصنِّف رحمه الله أورد تحت هذه الترجمة هذا الحديث عن البراء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:((زيِّنوا القرآن بأصواتكم)) والمراد بالتزيين أي من غير تكلُّف وإنما  بحسب ما تسمح به طبيعة الانسان

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمِعَ صَوْتَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ» قَالَ: «لَقَدْ أُوتِي أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ))

ثم أورد -رحمه الله- هذا الحديث عن أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها-أن النبى صلَّى الله عليه وسلم: ((سمع صوت أبى موسى الأشعري وهو يقرأ قال لقد أوتى أبو موسى من مزامير آل داود)) أي لحُسن صوته وجمال صوته بالقرآن -رضى الله عنه وأرضاه - ومرَّ معنا نظير هذا القول قاله النبي صلَّى الله عليه وسلم فى أُسيد بن حضير-أشرت الى ذلك فيما سبق- وهذا يفيد أن الناس يتفاوتون بحسب ما اتاهم الله-سبحانه وتعالى-من أصوات ولهذا يُقال فلان حسن الصوت، جميل الصوت بالقران،ويقال فلان ليس جميل الصوت، فالأصوات يُفرَّق بينها حُسنا وجمالا بحسب ما أتى الله سبحانه وتعالى عباده،فهذا ذا صوت جميل وهذا متوسط وهذا دون ذلك ، يتفاوت الناس بحسب ما آتاهم الله -سبحانه وتعالى-من أصوات.

 وأيضا المداومة للقراءة للقرآن بصوت والإكثار من القراءة للقران بصوت تثمر تزين الصوت بالقرآن وحسنه مع المداومة وكثرة التلاوة ورفع الصوت بقراءة القرآن مستمرا بذلك ،هذا من الأمور المُعينة على حسن الصوت فى القران الكريم .

وفى هذا الحديث قال عليه الصلاة والسلام:((لقد أوتى أبو موسى من مزامير آل داود)) أيفي حسن صوته وجمال صوته-رضى الله عنه وأرضاه-وأشرت الى أن الناس يتفاوتون فى ذلك ولهذا مما ينبَّه عليه فى هذا المقام أن أهل العلم -رحمهم الله تعالى- كرهوا التقليد للأصوات وذمُّوا ذلك وإنما ينبغى على كل إنسان أن يقرا بحسب ما تسمح به طبيعته وحُنجرته يعني بعض الناس مثلا حنجرته رخيمة وآخر لأ، دون ذلك، فإذا جاء من هو دون ذلك يتكلف أن يقرأ بحنجرة أو صوت رخيم يكلف نفسه تجد أنه يجرجر نفسه فى التلاوة ويغصب حنجرته على أن تكون ذلك ويخرج بصوت واضح نشوزه ؛ لأنه يحاكى غيره واذا كان بهذه الطريقة ليس كالذي جاء بذلك الصوت الآخرالجميل بطبيعته الذي كان يقرأ صاحبه ولم يجعل نفسه تبقى على طبيعتها فيكون له صوت خاصٌ به أيضا جميل قد يفوق الاخر مع الاستمرار والمداومة ؛ ولهذا ينبغى ان ينتبه لهذا الجانب.

ولهذا بعض القراء الذي ولع بالتقليد مر يقلد هذا ومرة يقلد هذا تجده فيما بعد اذا قرأ ما ينضبط على قراءة، غير منضبط مرة هنا ومرة هناك مرة يترخَّم الصوت ومرة كذا ،ما ينضبط ؛ لأنه فينشأته وبداياته أخذ يقرأ بالتقليد مرة يقلد هذا ومرة يقلد هذا، وبعضهم اذا جلس في المجالس.يقال له اقرا بصوت فلان ثم يقال اقرا بصوت فلان و اقرا بصوت فلان .هذا التقليد ذمَّه السلف ، وهو من التكلف وانما كل انسان يقرأ بما تسمح به طبيعته بما يتيسر له مما اتاه الله من صوت

من مزامير ال داود: يعني عذوبة الصوت وجماله وحُسنه هذا هو المعنى المراد بذلك


:التغني بالقران


شرح كتاب/ فضائل القرآن
من كتاب السنن الكبرى للإمام النسائي
للشيخ عبد الرزَّاق البدر 
https://t.me/ryadhesunnah

قال- رحمه الله- :التغني بالقران
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللهٌ لِشَيْءٍ يَعْنِي أَذنَهُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ))

قال -رحمه الله تعالى-: التغنِّي بالقران عقد هذه الترجمة لبيان ما ورد فى التغنى بالقران والمراد بالتغنى بالقران أن يزين التالى لكتاب الله تبارك وتعالى صوته بالقرآن ويحسِّن صوته ترتيلاوتحبيرا لتلاوة كتاب الله -سبحانه وتعالى - وإحسانا في الاداء من غير تكلُّف لان التكلف والمبالغة هذا غير مطلوب، وأيضا من غير محاكاة لأهل الفسق في صنيعهم  في الأغاني وما يسمى ايضا بالمقامات التى نشات فى دور الموسيقى والاغانى فهذه ينزَّه عنها كلام الله -تبارك وتعالى- ولا يجوز أن تستعمل فى قراءة كتاب الله -سبحانه وتعالى- وليس هذا من التغنى الذى جاءت به النصوص فى شئ بل هذا مما أحدثه الناس ومن البدع المنافية للتعظيم لكتاب الله -سبحانه وتعالى- إذ كيف يؤتى بأمور نبعت فى محاضن الموسيقى ودورها ثم تُنزَّل  على التلاوة لكتاب الله -تبارك وتعالى- فالحاصل ان التغني بالقران تزيين الصوت بالقرآن وتحسينه والإحسان فى القراءة والترتيل لكلام الله -سبحانه وتعالى-مع البعد عن التكلف والمغالاة في ذلك.

أورد -رحمه الله تعالى- حديثأبي هريرة أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال:((ما أذِن الله لشيء يعنى أذنه لنبيّ يتغنَّى بالقرآن)) اذن أي استمع،  ما اذن الله لشئ اى ما استمع لشيء، ومنه قول الله عزوجل : ﴿وَأَذِنَتْ لِرَ‌بِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [الانشقاق:2] أذنت أي استمعت لربها
 قوله: ((ما اذن الله لشيء)):أي ما استمع الله لشئ أذنه لنبي يتغنى بالقران أي استماعه لنبي يتغنى بالقران وهذا فيه فضل التغنى بالقران أي تحسين الصوت والاجادة فى الترتيل وتزيين الصوت بالقران فان هذا امر يحبه الله سبحانه وتعالى من عباده وجاء تبيان حب الله لذلك في قول نبينا عليه الصلاة والسلام : ((ما اذن الله لشيء)) أي ما استمع الله لشيءأي من الكلام
أذنه:أي استماعه
لنبييتغنَّى بالقرآن:فهذا يدل على فضيلة ذلك -فضيلة الترتيل وتحسين الصوت وتزيينه بالتلاوة وسيأتي قريباً معنا قول نبينا عليه الصلاة والسلام: ((زيّنوا أصواتكم بالقرآن))

قال :أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ قُبَاثَ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ نَحْوَهُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللهِ وَتَعَاهَدُوهُ وَتَغَنَّوْا بِهِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْمَخَاضِ فِي الْعُقُلِ))

ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن عقبة بن عامر وتقدم وايضا تقدم الكلام على معناهلكن الشاهد منه للترجمة هو قول النبى صلى الله عليه وسلم " وتغنوا به" أي بالقران بأن تزينوا أصواتكم  بالقران، والتغنى بالقران كما بين اهل العلم -رحمهم الله تعالى- على حالتين :
الحالة الاولى: أن يُزيّن صوته ويُحسن صوته بالقراءة من غير تكلف فهذاهو الذى تعنيه هذه النصوص
والنوع الثاني:محاكاة التكلف والمبالغة ومحاكاة اهل الغنا فى المقامات والايقاعات وما الى ذلك فهذا امر مذموم .وليس من التغنِّي المأمور به فى هذه النصوص فى شئ .
ونقف هنا نستمع الى كلمة مفيدة جدًللإمام ابن القيم - رحمه الله-في كتابه زاد المعاد يوضح هذا المعنى:

قال -رحمه الله تعالى- :وفصل النزاع أن يُقال التطريب والتغنِّي على وجهين أحدهما ما اقتضته الطبيعة وسمحت به من غير تكلفٍ ولا تمرينٍ ولا تعليم بل اذا خُلى طبعه  واسترسلت طبيعته جاء بذلك التطريب والتلحين فذلك جائز ،وان اعان طبيعته  بفضل تزيين وتحسين كما قال ابو موسى الاشعرى للنبى صلَّى الله عليه وسلم : ((لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا)).
والحزين ومن هاجه الطرب والحب والشوق لا يملك من نفسه دفع التحزين والتطريب فىالقراءة ،ولكن النفوس تقبله وتستحليه لموافقته الطبع وعدم التكلف والتصنُّع فيه . فهو مطبوع لا متطبع، وكلِف لا متكلُّف، فهذا هو الذى كان السلف يفعلونه ويستمعونه  وهو التغنى الممدوح المحمود ،وهو الذى يتأثر به التالى والسامع  وعلى هذا الوجه تحمل أدلَّة أرباب هذا القول كلها  .

الوجه الثانى :ما كان من ذلك صناعة من الصنائع وليس فى الطبع السماحة به بل لا يحصل الا بتكلف وتصنُّع  وتمرُّن كما يُتعلم اصوات الغناء بانواع الالحان البسيطة والمركبة على إيقاعات مخصوصة وأوزان مخترعة لا تحصل الا بالتعلم والتكلف ، فهذه هيالتي كرهها السلف وعابوها وذموها ومنعوا القراءة بها وأنكروا على من قرأ بها ، وأدلة أرباب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه .

وبهذا التفصيل يزول الاشتباه ويتبين الصواب من غيره وكل من له علم باحوال السلف يعلم قطعا أنهم برئاء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلَّفة التى هى ايقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة وأنهم أتقى لله من أن يقرأوا بها ويسوغوها .
ومن المؤسف ان لهذه المقامات والايقاعات وتنزيل ذلك على تلاوة كتاب الله لها من يروِّج لها ولا سيما في هذا الزمان،أما السلف فكما وصف الامام ابن القيم -رحمه الله-أتقى لله عزوجل وأبعد عن هذه المسالك التى هى ليست من التغني المشروع المأذون به في النصوص فيشيء.


بابٌ من استعجم القران على لسانه


شرح كتاب/ فضائل القرآن
من كتاب السنن الكبرى للإمام النسائي
للشيخ عبد الرزَّاق البدر 
https://t.me/ryadhesunnah

قال- رحمه الله-: بابٌ من استعجم القران على لسانه
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: )) إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ: فَلْيَضْطَجِعْ))

ثم قال-رحمه الله تعالى- :باب من استعجم القران على لسانه :  استعجم على  لسانه  يعنى التبس، استعجم على لسانه يعنى  يصبح و يريد أن يقرأ الاية مثل الاعجمى الذى ما تخرج الكلمة معه بيسر وسهولة .تستعجم وتتلكأفي الخروج ، استعجم في لسانه وهذا الإستعجام فى اللسان عندما يكون المرء يُصلى من الليل يحصل عندما يغلبه النعاس فإنه فى هذه الحالة تستعجم عليه الآيات-وان كان متقنا لحفظها وضابطا-فإنها تستعجم عليه الآياتحتى وان كان يدعو أيضا  يستعجم عليه الدعاء .

قال باب من استعجم القران على لسانه: وأورد رحمه الله حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال:((اذا قام احدكم من الليل فاستعجم القران على لسانه)) :أي بسبب غلبة النعاس – اذا قام أحدكم من الليل  اي يصلى فاستعجم القران على لسانه فلم يدر ما يقول يصبح حاله مع القران وان كان حافظا مثل حال  الاعجمى ما يستطيع ان ينطق ويقرا .
((فاستعجم القران على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع)): لأن هذا الاستعجام للقران بسبب غلبة النوم، بسبب غلبة النعاس، فليضطجعأييأخذ حظه من النوم قليلا ثم ينهض لصلاته وقد ذهب عنه هذا النُّعاس الذي تسبب في استعجام القرآن على لسانه.

قال رحمه الله تعالى : الماهر بالقران
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَأَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يُتَعْتِعُ فِيهِ لَهُ أَجْرَانِ» قَالَ عِمْرَانُ: «اثْنَانِ))

ثم قال رحمه الله تعالى: الماهر بالقران
الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ :أي الحاذق بالقران،بإتقان الحفظ وحسن الاداء والضبط لما يحفظ من سور القران، حاذق فى القران حاذق فى حفظه وحاذق فى ترتيله للقران وقرائته للقران، والترجمة عقدها -رحمه الله تعالى- لبيان ما للحاذق فى القرآن الماهر فيه من فضل وثواب ، وأورد حديث ام المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((الماهر بالقران مع السفرة الكرام البررة)): هذا ثوابه وهذه منزلته وهذه مكانته.

الماهر بالقران: يعنى من كان هذا وصفه ماهرا بالقران حاذقا متقنا ضابطا محسنا فى تلاوته لكتاب الله سبحانه وتعالى،فإنه مع السفرة الكرام البررة وهم الملائكة الكرام كما فى الآية الكريمة : ﴿بِأَيْدِي سَفَرَ‌ةٍ﴿١٥كِرَ‌امٍبَرَ‌رَ‌ةٍ﴿١٦﴾ [عبس]، وهذه من أوصاف الملائكة سفرة قيل لأنهم يسفرون برسالات الله، فهم وسائط بين الله -سبحانه وتعالى- وأنبيائهفي ايصال الوحى ﴿نزَلَ بِهِ الرُّ‌وحُ الْأَمِينُ ﴿١٩٣عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِ‌ينَ ﴿١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَ‌بِيٍّ مُّبِينٍ ﴿١٩٥[الشعراء]، الكرام الذين اكرمهم الله ،فهم عباد مكرمون أى اكرمهم رب العالمين وأعلى شانهم والكريم : هو من اجتمعت فيه صفات الخير لأن الكرم هو اجتماع صفات الحسن ، ولهذا جاء فى القران وصف العرش بأنه كريم أى اجتمعت فيه المحاسن وصفات  الجمال والحسن.
مع السفرة الكرام البررة:من البر والاحسان فىالعمل،فالماهر بالقران هذا شانه.

والذى يتعتع فيه له اجران:من ليس ماهرا لكنه يعتنى بالقران يقرأ ، يجلس ،يقرأ القران وهو يتعتع .، ومعنى يتعتع أي يتردد فى الآية وبعض الكلمات يقف عندها قليلا حتى تخرج حتى ينطقها ،وان كان يقرؤها فى المصحف ينظر فيها مرات حتى ينطقها صواباً،يتعتع فى القرآن  ويتوقف عند بعض الكلمات او بعض الاياتلكنه مجاهد نفسه على القراءة ومعتني بذلك.
قال:له اجران:أجر أي على التلاوة وأجر على المشقة والتعب لأن هذه المشقة والمجاهدة للنفس مأجور عليها عند الله ، فله اجر على تلاوة القران وأجر على المشقة يوضح ذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة فى الحديث الاخر ." أجرك على قدر نصبك " فهذا النصب والجهد والمشقة فىالطاعة مأجور عليه العبد ،فله أجران أجر على التلاوة  وأجر على المشقة والنصب.