el bassaire

vendredi 1 mars 2013

باب إزالة النجاسة





أي هذا باب بيان إزالة النجاسة وأحكامها وتطهير محالها وما يعفي عنه منها وما يتعلق بذلك. والمراد الحكمية وهي الطارئة على عين طاهرة فيمكن تطهيرها. وأما النجاسة العينية فلا تطهر بحال. والإزالة التنحية والنجاسة اسم مصدر وجمعها أنجاس والنجس هو المستقذر المستخبث. وشرعًا قذر مخصوص يمنع جنسه الصلاة كالبول والدم. واتفقوا على أن إزالتها مأمور بها شرعًا.
(قـال تعـالى: }وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء{ يعـني المـطر }طَهُورًا{ أي آلة يتطهر به من الأحداث والنجاسات. والطهور هو الطاهر في ذاته المطهر لغيره وهذه الآية كقوله: }وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ{ ولا نزاع في أن الماء مطهر. وإنما النزاع  في غيره. قال ابن القيم والنجاسة تزول بالماء حسًا وشرعًا، وذلك معلوم بالضرورة من الدين بالنص والإجماع.

(وعن أنس قال جاء إعرابي) يقال هو ذو الخويصرة نسبة إلى الأعراب وهم سكان البادية (فبال في طائفة المسجد) أي في ناحيته والطائفة القطعة من الشيء (فزجره الناس) أي نهروه وفي لفظ فقام إليه الناس ليقعوا به (فنهاهم النبي – صلى الله عليه و سلم -) بقوله "دعوه" وفي لفظ "لا تزرموه" (فلما قضى بوله "أمر النبي – صلى الله عليه و سلم - بذنوب) بفتح الذال وهي الدلو الملآى (من ماء) تأكيد (فأهريق عليه) أصله فأريق عليه ثم أبدلت الهاء من الهمزة ثم زيدت همزة أخرى فصار فاهريق عليه أي صب عليه الماء (متفق عليه) وللبخاري نحوه من حديث أبي هريرة وقال صبوا عليه سجلاً أو قال ذنوبًا من ماء.
وفيه دليل ظاهر على نجاسة بول الآدمي وهو إجماع. وإذا كان على الأرض طهر بالماء كسائر النجاسات سواء صب على أرض رخوة أو صلبة وفيه احترام المساجد. وقال له النبي r "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن". وفيه الأمر بالرفق. ودفع أشد المضرتين بأخفهما. لأنه لو قطع عليه بوله لأضر به مع ما يحصل بتنجيس بدنه وثيابه ومواضع من المسجد.
وفي الصحيح "أن الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك" وذلك أنها تطهر بالاستحالة حيث لم يبق فيها أثر النجاسة فلو كانت النجاسة باقية لوجب غسلها. والأمر بالصب على بول الأعرابي يحصل به تعجيل تطهير الأرض. فإذا لم يصب الماء عليها فإن النجاسة تبقى إلى أن تستحيل كما قاله شيخ الإسلام وغيره وقال إذا أصابت الأرض نجاسة فذهبت بالشمس أو الريح أو الاستحالة فمذهب الأكثر طهارة الأرض. وجواز الصلاة عليها هذا مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد. والقول القديم للشافعي وهذا القول أظهر من قول من لا يطهرها بذلك.
(وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب) أي شرب مما فيه بطرف لسانه أو أدخل لسانه فيه فحركه وهذا شامل لجميع الكلاب لا فرق بين كلب صيد أو غيره. ولهما "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم" أي فطهوره (أن يغسله) يعني الإناء (سبع مرات) قال الشيخ وذلك أن يلغ شيئًا فشيئًا فلا بد أن يبقى في الماء شيء من ريقه فيكون الخبث محمولاً والماء يسيرًا فيراق لأجل كون الخبث محمولاً ويغسل الإناء الذي لاقاه ذلك الخبث سـبعًا "أولاهـن بالتراب رواه مسلم) وفي رواية "إحداهن" والأولى أولى لكثرة رواتها وحفظهم وليأتي بعده فينظفه.
والحكمة في ذلك أن ريق الكلب فيه لزوجة فأمر بالتراب لأن فيه طهورية وإزالة للزوجة. ويجزئ عن التراب أشنان وصابون ونحوهما. قال الشيخ والصابون ونحوه أبلغ من وجوه. وفيه دلالة ظاهرة على وجوب الغسلات السبع من ولوغ الكلب أو شربه. وهذا مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين إلا الحنفية فحملوا السبع على الندب. وظاهره العموم إلا الأرض وما اتصل بهنا فتكاثر بالماء.
وأما غير الكلب فلا يجب العدد لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك شيء لا من قوله ولا من فعله وإنما تكاثر بالماء حتى تذهب عين النجاسة ولونها إن أمكن اتفاقًا للأخبار. وقال النووي وغيره إن كانت كالبول وجب غسلها ولا تجب الزيادة لكن يستحب ثانية وثالثة. وإن كانت كالدم فلا بد من إزالة عينها. ويستحب بعد زوالها ثانية وثالثة ولا يضر لونها.
(وعن أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله عنهما أم عبد الله بن الزبير أسلمت بمكة قديمًا وماتت بها بعد قتل ابنها بشهر ولها مائة سنة (أن النبي – صلى الله عليه و سلم - قال في دم الحيض يصيب الثوب) وفي رواية قالت جاءت امرأة إلى النبي – صلى الله عليه و سلم - فقالت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع فقال (تحته) أي تقشره وتحكه وتنحته والمراد بذلك إزالة عينه (ثم تقرصه) بضم الراء أي تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها (بالماء) ليتحلل بذلك ويخرج ما تشربه الثوب منه (ثم تنضحه) قال الخطابي أي تغسله. وفي رواية "تغسله" وفي حديث معاذة قالت عائشة تغسله (ثم تصلي فيه" متفق عليه) ولأحمد وغيره قالت خولة فإن لم يذهب الدم قال "يكفيك الماء ولا يضرك أثره". ويحكم بطهارته اتفاقًا. والحاصل أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك في الكتاب والسنة وأما تعيينه وعدم الاجتزاء بغيره فيحتاج إلى دليل ولم يرد دليل يقضي بحصر التطهير بالماء ومجرد الأمر به لا يستلزم الأمر به مطلقًا. وفيه دليل على أنه لا يحتاج في غسل نجاسة غير الكلب إلى عدد معين. قال شيخنا وهو أصح وهذا الحديث أصح حديث في الباب وإن من النجاسات ما يحتاج إلى ماء كثير ومنها ما لا يحتاج إلا إلى قليل فيكون بحسبها.

(وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (مرفوعًا "إذا وطئ أحدكم الأذى) أي المستقذر طاهرًا كان أو نجسًا وفي رواية "فإن رأي خبثًا (بخفيه فطهورهما التراب" رواه الأربعة) وفي سنده مقال. وعن أبي سعيد نحوه رواه أبو داود وغيره بسند جيد . وفي السنن أيضًا عن أم سلمة في الذيل قال "يطهره ما بعده" ولهما شواهد يقوي بعضها بعضًا فتصلح للاحتجاج بها، على أن النعل والذيل يطهر بدلكه رطبًا كان الأذى الذي بهما أو يابسًا . ويلحق بهما ما يقوم مقامهما لقيام العلة وعدم الفارق.

وقال شيخ الإسلام، السنة قد جاءت بالأمر بالماء في قوله "اغسليه بالماء"، وقوله "صبوا على بوله" فأمر بالإزالة بالماء في قضايا معينة ولم يأمر أمرًا عامًا بأن تزال النجاسة بالماء. وقد أذن بإزالتها بغير الماء في مواضع منها الاستجمار. ومنها قوله في النعل "ثم ليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور". ومنها قوله في الذيل "يطهره ما بعده" وهذا القول هو الصواب. قال وثبت الاستجمار بالأحجار في المقعدة والإحليل وهما أصل النجاسات فطهارة نحو ذلك بالمسح موافق للنص والقياس. وقال الصحيح أن النجاسة تزال بغير الماء لكن لا يجوز استعمال الأطعمة ولا الأشربة في إزالتها بغير حاجة لما في ذلك من فساد الأموال.
(وعن أنس قال سئل رسول الله – صلى الله عليه و سلم - عن الخمر تتخذ خلا قال "لا" الخمر كل مسكر مخامر للعقل من عصير العنب أو غيره. سميت خمرًا: لأنها تخامر العقل؛ أو لأنها تترك فتخمر. وهي رجس كما في الآية. وحكى أبو حامد وغيره الإجماع على نجاستها. وقال ابن رشد الاختلاف شاذ وتخليلها معالجتها بطرح شيء فيها كالملح. وثبت عن طائفة من الصحابة ولا يعلم لهم مخالف في الصحابة رضي الله عنهم لكون تخليلها وسيلة إلى فعل المحرم وأخبر أنها داء إبعادًا عن اصطناعها الداعي إلى شربها (رواه مسلم) وغيره وقال عمر لا تأكلوا خل خمر إلا خمرًا بدأ الله بفسادها وذلك لأن اقتناء الخمر محرم.
فمتى قصد باقتنائها التخليل كان قد فعل محرمًا فلا يكون سببًا للحل. فإذا انقلبت بنفسها جاز وطهرت. قال الشيخ بإجماع المسلمين لأنه لا يريد تخليلها. وإذا جعلها الله خلاً كان معاقبة له بنقيض قصده فلا يكون في طهارتها ولا في حلها مفسدة. فما استحال إلى الطهارة طهر عند جماهير العلماء قال شيخ الإسلام والرواية صريحة في التطهير وهو الصحيح في الدليل ولا يدخل في نصوص التحريم لا لفظًا ولا معنى. ولا ينبغي أن يعبر بأن النجاسة طهرت بالاستحالة فإن نفس النجاسة لم تطهر لكن استحالت وهذا الطاهر ليس هو ذاك.
فمتى سقط ذلك الاسم سقط ذلك الحكم. وإن كان مستحيلاً منه كما أن الماء ليس هو الزرع. والاستحالة استفعال من حال الشيء عما كان عليه زال وذلك مثل تغير العين النجسة ونحو ذلك. وقال قول من قال الاستحالة لا تطهر فتوى عريضة مخالفة لإجماع المسلمين.

(وعن ميمونة) أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية كان اسمها برة فسماها رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ميمونة تزوجها سنة سبع في عمرة القضية وكانت وفاتها سنة إحدى وستين (أن فأرة وقعت في سمن) هو ما يكون من الحيوان من سلإ زبدٍ وغيره وليس الخبر مختصًا بالسمن دون سائر الأدهان والمائعات من زيت أو دهن أو لبن أو ماء ورد أو عسل أو مرق أو طيب أو غير ذلك.

قال ابن القيم هذا مما يقطع بأن الصحابة والتابعين وأئمة الفتوى لا يفرقون بين السمن والزيت والشيرج كما لا يفرقون بين الهرة والفأرة في ذلك (فقال – صلى الله عليه و سلم - القوها) أي ألقوا الفأرة (وما حولها) أي ما حول تلك الفأرة من السمن (وكلوه) أي وكلوا ما بقي من السمن وذلك ما لم يتغير (رواه البخاري) وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم . وقيل لابن عباس أن أثرها في السمن كله فقال إنما كان وهي حية.
قال شيخ الإسلام إذا وقعت في سمن ونحوه ولم يتغير بها ألقيت وما قرب منها ويؤكل ويباع في أظهر قولي العلماء. وقال إذا كان الصحيح في الماء أنه لا ينجس إلا بالتغير فكذلك الصواب في المائعات ومن تدبر الأصول المجمع عليها والمعاني الشرعية المعتبرة تبين له أن هذا هو أصوب الأقوال والأقيسة.
وقال ولم يبلغني إلى ساعتي هذه لمن ينجس المائعات الكثيرة بوقوع النجاسة فيها إذا لم تتغير حجة يعتمد عليها المفتي فيما بينه وبين الله. وما رواه أبو داود وغيره إن كان مائعًا فلا تقربوه فهو من رواية معمر وهو كثير الغلط باتفاق أهل العلم. وقوله فلا تقربوه متروك عند السلف والخلف من الصحابة والتابعين. وقال البخاري وغيره خطأ. ومن عمل به من العلماء فلظنهم صحته وهو باطل. ولو علم أحمد العلة القادحة فيه لم يقل به. وقال ابن القيم غلط معمر من عدة وجوه ويكفي أن الزهري قد روى عنه الناس خلاف ما روى عنه معمر. وسئل عن هذه المسألة فأفتى بأنها تلقى وما حولها ويؤكل الباقي. واستدل بالحديث فهذه فتياه وهذا استدلاله وهذه رواية الأمة عنه فقد اتفق على ذلك النص والقياس ولا يصلح للناس سواه. وما سواه من الأقوال فمتناقض لا يمكن صاحبه طرده.
وقال ما لم تغيره النجاسة لا ينجس وهو الذي تدل عليه الأصول والنصوص والمعقول.

(وله عن أبي هريرة مرفوعًا "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم) وفي لفظ "في طعام أحدكم" (فليغمسه) كله (ثم لينزعه) بكسر الزاي وفيه أن يمهل في نزعه بعد غمسه (فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء) لفظ أبي داود ولفظ البخاري "ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء". وفي لفظ "سما" زاد أبو داود "وأنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء". ولأحمد وابن ماجه أنه "يقدم السم ويؤخر الشفاء". وفيه دلالة ظاهرة على أنه إذا مات في ماء أو مائع أنه لا ينجسه قال ابن القيم وهذا قول جمهور العلماء ولا يعرف في السلف مخالف في ذلك لأنه – صلى الله عليه و سلم - أمر بغمسه ومعلوم أنه يموت بذلك ولا سيما إذا كان الطعام حارًا وعدي هذا الحكم إلى كل ما لا نفس له سائلة كالنحلة والزنبور والعنكبوت وأشباه ذلك إذ الحكم يدور مع علته ونتفي بانتفاء سببه. فلما كان سبب التنجيس هو الدم المحتقن في الحيوان بموته وكان ذلك مفقودًا فيما لا دم له سائل أنفى الحكم بالتنجيس لانتفاء علته وهذا بالاتفاق.(وللخمسة) من حديث علي عند أحمد والترمذي (أن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - قال" ينضح بول الغلام) أي يكاثر بوله بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وهو نجس وإنما خفف الشارع في تطهيره لكثرة حمله وانتشار بوله فتعظم المشقة بغسله. وقيئه كبوله وأولى بالتخفيف. والغلام يطلق على الصبي من حين يولد على اختلاف حالاته إلى بلوغه وفي لفظ بول الغلام الرضيع (ويغسل بول الجارية) وهي: فتية النساء سميت بذلك لكثرة جريها وأكثر استعماله للصغيرة في مقابلة الغلام قال قتادة وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا (حسنه الترمذي) وصححه الحاكم وغيره ولابن ماجه من حديث أم كرز نحوه.

ولأبي داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث أبي السمح "يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام" ولأحمد وغيره  من حديث أبي أمامة نحوه. وفي الصحيحين من حديث أم قيس أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله– صلى الله عليه و سلم - "فأجلسه في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله". ونضح بول الغلام ما لم يأكل الطعام وغسل بول الجارية متواتر لا شيء يدفعه. ولابن حبان عن ابن شهاب "مضت السنة أن يرش من بول من لم يأكل الطعام من الصبيان". والمراد ما لم يحصل لهم الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال. وقال شيخنا وغيره ليس المراد امتصاصه ما يوضع في فمه وابتلاعه بل إذا كان يريد الطعام ويتناوله ويشرئب أو يصيح أو يشير إليه فهذا هو الذي يطلق عليه أنه يأكل الطعام.
(وعن عائشة) –رضي الله عنها- قالت ("كنت أفرك المني من ثوب رسول الله – صلى الله عليه و سلم) فركًا والفرك الدلك (فيصلي فيه" رواه مسلم)، وفي لفظ "كنت أحكه يابسًا بظفري من ثوبه". وصح عن ابن عباس أنه قال "إنه بمنزلة البصاق والمخاط" وفي الصحيحين "كنت أغسله" وفي لفظ "يغسل المني ثم يخرج إليه الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه". ودلت السنة على غسل رطبه وفرك يابسه فدل على طهارته. قال شيخ الإسلام وأما كون عائشة تغسله تارة وتفركه أخرى فلا يقتضي تنجيسه فإن الثوب يغسل من المخاط والبصاق والوسخ وهذا قول غير واحد من الصحابة.
وقال مني الآدمي طاهر سواء كان مستجمرًا أو مستنجيًا ومن قال أن مني المستجمر نجس لملاقاته رأس الذكر فقوله ضعيف. فإن مالصحابة كان عامتهم يستجمرون ولم يـكن يستنجي بالماء منهم إلا القليل ومع هذا فلم يكن – صلى الله عليه و سلم - يأمر أحدًا منهم بغسل مني ولا فركه اهـ وأما المذي والودي فتقدم أنهما نجسان إجماعًا. ويعفى عن يسير المذي جذم به الموفق وغيره وصححه الشيخ وغيره خصوصًا في حق الشباب لكثرة خروجه فيشق التحرز منه فعفي عن يسيره كالدم ونحوه. قال وهو أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الحذاء. وفي حديث علي في المذي وتأخذ كفًا من ماء فتنضح به ثوبك واختار هو وغير واحد من أهل العلم العفو عن يسير النجاسات مطلقًا في الأطعمة وغيرها.

(وعن أبي قتادة أن رسول الله – صلى الله عليه و سلم قال في الهرة) الهر القط والحديث له سبب وهو أن أبا قتادة سكب له وضوءه فجاءت هرة تشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت فقيل له في ذلك فقال. قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - (إنها ليست بنجس) أي فلا ينجس ما لامسته وطهارة بعض الحيوان أمر غير حل أكله بالزكاة والمراد طهارة البدن وما أصاب. قال (إنما هي من الطوافين عليكم) جمع طواف والطواف الخادم الذي يخدمك برفق وعناية شبهها به لمشقة التحفظ منها وفيه إشارة إلى أنه لما جعلها بمنزلة الخادم خفف على عبادة بأن جعلها غير نجس دفعًا للحرج. قال الشيخ فسبب الطهارة الطواف لدفع الحرج (رواه الخمسة وصححه البخاري) والترمذي وغيرهما. والحديث دليل على طهارتها وإن باشرت نجسًا. وقال الشيخ إن طال الفصل  جعلا لريقها مطهرًا لفمها لأجل الحاجة. قال وهو أقوى الأقوال وكذا حكم نحوها من طير وبهيمة اهـ فأما بهيمة الأنعام فحديث العرنيين متفق عليه وقد أمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها.

وقال الشيخ هو طاهر لبضعة عشر دليلاً من النص والإجماع القديم والاعتبار. وأما سباع البهائم والطير والحمار الأهلي والبغل منه فمذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد وقول الجمهور والخلف على أنه طاهر. قال الشيخ وهو الأصح والأقوى دليلاً لأنه عليه الصلاة والسلام يركبها ويركبان في زمنه وفي عصر الصحابة فلو كان نجسًا لبين النبي – صلى الله عليه و سلم - ذلك وعليه فسؤرها وفضلاتها طاهرة وأكثر العلماء يجوزون الوضوء به كمالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وتعليله عليه الصلاة والسلام طهارة سؤر الهرة. وريق الكلب على الصيد يقضي أن الحاجة مقتضية للطهارة فإن الحاجة داعية إلى ذلك ولحديث "لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب طهور" وحديث أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال "نعم" وبما أفضلت السباع كلها قواها البيهقي ولها طرق.

وأما حديث "إنها رجس" فقال ابن القيم دليل النجاسة لا يقاوم دليل الطهارة ولم يقم على تنجيس سؤرها دليل. وهذا الخبر لا دليل فيه. لأنه إنما نهاهم عن لحومها ولكن من أين يلزم أن تكون نجسة في حياتها حتى يكون سؤرها نجسًا. وأما  ولوغ الكلب في الإناء فتقدم حكمه


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire