el bassaire

dimanche 22 octobre 2017

مسائل في صلاة الجنازة

مسائل في صلاة الجنازة*
https://t.me/ryadhesunnah
📝 قال ابن المنذر:
أجمع عوام أهل العلم على أن المصلي على الجنازة يرفع يديه في أول تكبيرة يكبرها، واختلفوا في رفع اليدين في سائر التكبيرات .. ثم رجح أنها ترفع في جميع التكبيرات.

- وقال الترمذي: (رأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة، وهو قول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق)، وثبت هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما، رواه البيهقي وغيره.

 ليس في صلاة الجنازة دعاء استفتاح، سئل الإمام أحمد عنه فقال: (ما سمعت) ، وذكر ابن المنذر أنه لم يرد فعله عن الصحابة ولا التابعين.

📝صفة الصلاة: قال ابن المنذر:
التكبير على الجنائز أربع، يقرأ بفاتحة الكتاب، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبر الثالثة [ويدعو للميت] ثم يكبر الرابعة، ويقف كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر للميت ويدعو له، ثم يسلم تسليمة واحدة إلى الشق الأيمن. وفيه أثر عن أبي أمامة ابن سهل رواه الشافعي

📝 وأما قراءة سورة بعد الفاتحة فذكر البيهقي أنه غير محفوظ. وثبت في البخاري عن ابن عباس قراءة الفاتحة فقط.


samedi 14 octobre 2017

الطريقة المثلى في تعديل سلوك الأبناء

الطريقة المثلى في تعديل سلوك الأبناء 
♦️لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

https://t.me/ryadhesunnah

🔵 السؤال

الأب في البيت عليه مسئولية تربية أولاده وأهل بيته، ولكن الآباء تجاه هذه المسئولية بين القسوة والتفريط، فما هي الطريقة المثلى التي تراها في تربية الزوجة والأولاد والبنات وفقك الله؟

🔴 الجواب

الغالب أن جميع الأعمال يكون الناس فيها ثلاثة أقسام مفرط، ومفرط، ومعتدل.

المفرط هو المهمل، والمفرط هو المشدد، والمعتدل هو الذي بين هذا وهذا، والإنسان العاقل يعرف كيف يربي أهله، يعاملهم تارة بالحزم وتارة باللين، حسب ما تقتضيه الأحوال، إذا رأى منهم شدة فليكن أمامهم لينا، وإذا رأى منهم لينا وقبولا فليكن أمامهم حازما ولا أقول شديدا، بل يكون حازما لا يفوت الفرصة.

أما بعض الناس فإنه يريد أن يشق على أهله، يريد منهم أن يكون كل شيء كاملا وهذا غلط، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر.أتدرون ما معنى (لا يفرك)؟ أي لا يبغض ولا يكره مؤمنة؛ أي زوجته؛ إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر.وهكذا ينبغي للعاقل المؤمن أن يوازن بين الحسنات والسيئات، لا يحمل الشيء على السوء مع أن فيه أشياء حسنة.

إن الإنسان الذي يجحد الحسنات ويظهر السيئات ما هو إلا كالمرأة، لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم النساء بأنهن أكثر أهل النار، قالوا لم يا رسول الله؟ قال  لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم وجدت منك سيئة واحدة لقالت ما رأيت خيرا قط.وهكذا الإنسان ربما ينزل بنفسه إلى مرتبة المرأة، إذا أحسنت إليه مدى الدهر ثم أسأت مرة واحدة محت جميع الحسنات.

فنحن نقول ارفق بأهلك، إن كرهت منهم خلقا فارض منهم خلقا آخر، لا تكن شديدا ولا مهملا، وأشد من ذلك من إذا خالفته امرأته في أدنى شيء بت طلاقها والعياذ بالله، لو كان الشاي متقدما حلاوته أو مرارته، قال ما هذا الشغل؟ أنت طالق ثلاثا، نسأل الله العافية، والمرأة السهلة اليوم يتعب الإنسان ويشيب رأسه ما وجد امرأة كيف يبت طلاقها في كل شيء.

وزد على ذلك أننا نسمع كثيرا من يقول أنت طالق ثلاثا، وأنت علي كظهر أمي. والله عز وجل يقول في حق من يقولون أن نسائهم عليهم كظهر أمهاتهم، يقول  ﴿وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا﴾ [المجادلة2]. منكر لا يرضاه الشرع، وزور كذب، كيف تكون زوجتك التي هي حل لك مثل أمك التي هي حرام عليك؟!

فنصيحتي لإخواني الذين يريدون تربية أهليهم وأولادهم أن يكونوا بين اللين وبين الشدة، والعاقل يراعي الحال.


vendredi 6 octobre 2017

لابتلاء والامتحان لبني آدم

لابتلاء والامتحان لبني آدم

https://t.me/ryadhesunnah

الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير وأشهد ألا إله إلا الله (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) وأشهد أن محمد عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير وصلى الله على آله وأصحابه أهل الجد والتشمير وسلم تسليماً كثير أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى، قال الله سبحانه وتعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، بين سبحانه وتعالى الحكمة من خلق الموت والحياة وأنها الابتلاء والامتحان لبني آدم أيهم يحسن العمل لآخرته والله جل وعلا لم يقل أيكم أكثر عملا وإنما قال: (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)، فالعبرة بالعمل الحسن لا بالعمل الكثير الذي ليس بحسن، ولا يكون العمل حسن إلا إذا توفر فيه شرطان الشرط الأول الإخلاص لله جل وعلا فيه فلا يكون فيه شرك ولا يكون فيه رياء ولا سمعة ولا قصد لوجه الله ولا قصد لطمع الدنيا والشرط الثاني أن يكون صوابًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقا لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون فيه بدعة ومحدثات فإن العمل الأول وهو الذي خالطه شرك مردود على صاحبه لا يقبل وهو حابط وباطل وأما الذي فقد الشرط الثاني وهو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم فإنه أيضا باطل ومردود على صاحبه قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي رواية: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، أي مردود على صاحبه سواء هو الذي أحدث البدعة أو أحدثها غيره وعمل بها تقليداً له فإن البدع مردودة كلها مهما كلف صاحبها نفسه فيها لأن الله أمرنا بالاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، ولم يأمرنا بالاقتداء بغيره ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" والله سبحانه وتعالى جعل لنا دوراً ثلاثا نمر بها الدار الأولى الدار الدنيا وهي دار العمل وهي يختلط فيها الخير والشر والمؤمن والكافر والمنافق يختلطون في هذه الدنيا تختلط الأعمال وتختلط الأشخاص في هذه الدنيا والدار الثانية دار القبور دار البرزخ وهي محطة انتظار بين الدنيا والآخرة وفي القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار والعياذ بالله على حسب ما مات عليه من إيمان أو نفاق أو كفر وشرك فإنه يأتيه في قبره من جزاء الآخرة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، فيأتيه من الجنة إن كان مؤمناً ويأتيه من النار إن كان منافقًا أو كافر أو مشرك والدار الثالثة دار الآخرة وهي دار القرار التي لا رحيل منها دار القرار أي الاستقرار الذي لا رحيل منها وهي دار الجزاء وينقسم الناس فيها إلى فريقين لا ثالث لهما فريق في الجنة وفريق في السعير فالمؤمنون في الجنة والكفار والمشركون والمنافقون في النار والعياذ بالله ولا رحيل منها ولا موت ولا انتقال هذه هي الدار الآخرة وكلها نمر بها لكن أين من يعتبر وأين من يتعظ قال الله سبحانه وتعالى لنا: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ* سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، الأمر واضح ليس فيه لبس وما ترك الله لنا معذرة أو حجة بل أقام لنا البراهين والدلائل ووضح لنا كل شيء لا يخفى علينا شيء مما كان أو يكون اعلموا أيها الناس تيقنوا أنما الحياة الدنيا لعب، لعب في الأبدان ولهو في القلوب وزينة في المظاهر لعب في الأبدان بعض الناس مهنته لعب ويسمى لاعبًا طول حياته وهو من اللاعبين ويفتخر بذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله كأنه خلق للعب واللعب إذا كان في حدود وفيه فائدة للبدن ولا يترتب عليه محاذير فإنه مباح لكن بحدود ولا يسمى الإنسان لاعبًا أو تكون مهنته اللعب دائما وأبد هذا شأن الكفار أما المؤمن فإنه يعد لآخرته ويسعى لآخرته لم يخلق هذه الدنيا ولهو في القلوب لاهية (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)، يكون القلب منصرفاً عن الآخرة ومشغولا بالدنيا ومشغولا بما لا فائدة له منه وزينة في المظاهر من الملابس والمراكب والمساكن زينة الزينة لها حدود زينة مباحة (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، والله أمرنا بالتزين والتجمل في لباسنا وفي هيئاتنا ولكن ذلك لا يشغلنا عن زينة القلب يعني نزين الظواهر ولا نزين البواطن نزين القلوب لطاعة الله ونزين الأبدان بما أباح الله سبحانه وتعالى وتفاخر بينكم تفاخر بين الناس في الأنساب وفي الأحساب وفي الوظائف كل واحد يفتخر على الآخر والفخر إنما هو بطاعة الله عز وجل العمل الصالح هذا هو الفخر وأما الفخر بغير ذلك فإنه فخر باطل خصوصا الفخر الذي يحمل على احتقار الناس وازدراء الناس الفخر الذي يحمل على التكبر والأشر والبطر تفاخر بينكم (وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ)، كل واحد يقول أنا أكثر من فلان ثروة أنا أكثر من فلان مالاً ويفني ليله ونهاره بطلب المال ويكدسه ويرصده في البنوك ويقول أنا أكثر من فلان مالا (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)، يفتخر على صاحبه قال له: (إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً)، فإن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الأموال وإنما ينظر إلى الأعمال والقلوب "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، فتكاثر بالأموال (أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ)، (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)، قال الله جل وعلا: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)، فالله لا ينظر إلى الأموال والأولاد وإنما ينظر إلى القلوب وإلى الأعمال فعلى المسلم أن ينشغل بذلك ثم ضرب لهذه الدنيا مثلا فقال: (كَمَثَلِ غَيْثٍ) يعني مطر (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ) أعجب الكفار أي الزراع الذين يزرعون إذا جاد الزرع أعجبوا به ويراد به هنا يراد بالزراع هنا الكفار هم الذين يعجبون بالدنيا فهذا من باب ضرب المثل الكفار يعجبون بالدنيا وينسون الآخرة (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ)، فعلى المسلم أن يحذر من ذلك (وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ)، هذه عاقبة الدنيا (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً)، هكذا الإنسان يكون شاباً نظراً قوياً ثم يكون يافعًا متوسطاً ويأخذ بالنقص ثم يكون شيخا هرم إذا أطال الله في عمره ثم يموت وينتهي أجله ومقامه في هذه الدنيا (َتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً)، هذا مثال لبني آدم ضربه الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)، فعلى كل حال علينا جميعا أن نتبصر في أمورنا وأن نتبصر في دنيانا وآخرتنا وأن نتمسك بديننا وأن نحسن العمل لأنه ليس لنا من هذه الدنيا إلا العمل مهما كثرت الأموال والأولاد فإنه لا يخرج من هذه الدنيا إلى بالكفن بخرقة قيمتها بضعة دراهم ولو كانت عنده المليارات والملايين فإنها لغيره إلا ما قدم لنفسه منها لآخرته أو انتفع به في دنياه فيما أباح الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ* إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن ذم الدنيا لا يرجع إلى ذاتها فهي خلقها الله جل وعلا لمنافع الناس فهي خير لمن استعملها لطاعة الله وهي شر على من استعملها في سخط الله عز وجل فالذي يذم في هذه الدنيا إنما هي أعمال الإنسان هذا هو الذي يذم أعمال الإنسان في هذه الدنيا وتصرفه فيها الذم يرجع إلى هذا ولا يرجع إلى الدنيا فلا نظن الذم يرجع إلى الدنيا ونرخص الدنيا ونتركها لا لكن الذم يرجع إلى تصرفاتنا وأعمالنا فالدنيا نعم العون على طاعة الله لمن استغلها في ذلك فهي لا تذم لذاتها لأنها منافع وأرزاق خلقها الله جل وعلا لمصالحنا ومنافعنا ونستعين بها على طاعته سبحانه وتعالى ولنعتبر بها نعتبر بسرعة زوالها ونعتبر بتقلباتها وتغيراتها نعتبر بهذا فإذا لم نقم بهذا فالذم يرجع إلى أعمالنا وتصرفاتنا.
فاتقوا الله عباد الله، وعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكُلَ بدعةٍ ضلالة.
وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةَ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.


أسباب الغضب وعلاجه من الكتاب والسنة


أسباب الغضب وعلاجه من الكتاب والسنة

https://t.me/ryadhesunnah

   إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين،  أمَّا بعد:  
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى،
عباد الله، إن الله جلَّ وعلا أعطى نبينا صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم فأوجد له القول فيقول قولاً وجيزاً تحتوي من المعاني والفوائد ما لا يخفى ولا يستطيع أحد أن يحصى كل ذلك، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله أوصني، قال: "لاَ تَغْضَبْ" فَرَدَّدَ مِرَارًا وهو يقول له: "لاَ تَغْضَبْ".
أيًّها المسلم، الغضب أمر فطري طبع عليه كثير من الناس وقل من يسلم من شره وبلاه، ولكن من عباد الله من يوفقه الله فيتغلب على غضبه، ومن الناس من يضعف أمام الغضب فربما وقع في السباب والشتام والعدوان إلى أن ينتهي به إلى العدوان وسفك الدماء وتدمير الأموال والقدح في الأعراض بلا مبرر شرعي.
أيُّها المسلم، وهذا الغضب هو فوران دم القلب للانتقام لأجل كلام أو فعل سبب له من غيره، إلا أن هذا الغضب منه ما هو ممدوح ومنه ما هو مذموم، فالممدوح منه ما كان غيرةً لدين الله، وغضباً لانتهاك محارم الله، غضباً يدعوه إلى الغيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرقه الشرعية وأساليبه الشرعية، ليس غضباً يدعو إلى الطغيان ولكن غضب يحمل على الخير والتوجيه والنصيحة والتحذير المسلم من مخالفة شرع الله، وهناك غضب مذموم وهو ما كان في سبيل الهوى والشيطان والباطل، كغضب من يغضب عندما يقرأ حكم من الأحكام الشرعية عليه فيغضب لذلك، أو يغضب عندما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر قال الله جلَّ وعلا في ذلك ذاماً لهذا النوع: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا).
أيُّها المسلم، أيُّها المسلم، إن الشرع بين أنواع الغضب وأحكام الغضب وآدابه والأسباب التي تدعو إليه وطرق التخلص منه، فمن سلك السبيل الشرعي نجا من آثار الغضب السيء، فأولا تعرف أخي المسلم أن لهذا الغضب أسبابا فمن أعظم أسبابه: العُجب والهوى إذ المعجب برأيه والمغتر بمكانته أو نسبه أو علمه أو ماله، إذا لم يحكم بحكم الشرع فقد يؤدي ذلك إلى الطغيان والغضب الشديد يمليه عليه إعجابه بنفسه إعجابه برأيه إعجابه بمكانته إعجابه بنسبه وماله فقد يطغى ذلك: (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) فإذا لم يحكم بحكم الشرع جره الغضب إلى أنواع البلاء والمصائب، ومن أسباب الغضب المراء والجدال الذي ربما يستجره إلى الغضب والطغيان ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ ولو كَانَ مُحِقًّا" ومنها المزاح، فالمزاح قد يجر إلى الغضب ويتفرق المتمازحان عن غضب وعداوة إما مزاح بقول كقد يحمل بعض الناس المزاح على أن يتلفظ بألفاظ قبيحة قد يفهم من المخاطب حطًا من قدره أو استنقاص منه أو تهمةً له أو لأبيه أو لأسرته ونحو ذلك فيزين الشيطان في نفس ذلك الإنسان أن هذه الألفاظ النابية جاءت تحط من قدره والانتقاص من مكانته أو مكانة أسرته أو أبيه أو نحو ذلك فيغضب عند ذلك غضباً شديد أملاه عليه هذا المزاح السيء، ولهذا ينبغي في المزاح الاعتدال وعدم التعدي والتجاوز، وقد يكون المزاح أحياناً ببعض الأمور المؤلمة التي تحزن بعض الناس فيغضب لأجلها، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ غيره لاَ جَادًّا ولا لعِبًا"، ومما يثير الغضب أحياناً السباب والشتام فإنها تغري النفوس وتدعو إلى العدوان والغضب فإيَّاك أخي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَيْسَ المُسلمَ بِالسبَّابِ، وَلا باللَّعَّانِ، وَلا بِالْفَاحِشِ، وَلا الْبَذِيءِ".
أخي المسلم، الغضب قد يقع ولا يسلم أحد إلا ما عصم الله من الناس، ولكن كيف التخلص من هذا البلاء، وكيف النجاة من هذا الخلق السيء؟ الذي هو عدوان وظلم، أما الغضب المشروع فذاك شيءُ ثاني لكن الغضب المذموم كيف التخلص منه، إن من تأمل سنة محمد صلى الله عليه وسلم يجد فيه الأسباب والعلاج لهذا الغضب حتى لا يقود الإنسان إلى البلاء فمن أعظم ذلك التعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإن الغضب من إلحاح الشيطان ووساوسه ليقهر بذلك المسلم، فإن الشيطان يستغل العبد عند الشهوة والغضب فيقوده إلى البلاء عند غضبه وطغيان شهوته فلا يستطيع السيطرة على ذلك قال الله جلَّ وعلا: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وجاء في السنَّة أن َرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، احْمَرَّ وَجْهُ أحدهما، فَقَالَ النّبي: "إنَّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لذَهَبَ عَنْهُم مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيم"، فالتعوذ بالله من الشيطان حال الغضب ينجيك من آثاره ونتائجه السيئة، ومن ذلك أيضاً تغير الحالة التي كنت عليها فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان إذا غضب إن كان قائماً فليقعد فإن ذهب غضبه وإلا فليضطجع حتى يذهب عنه أثر ذلك الغضب، ومن الأسباب أيضاً آثر الغضب السيئ السكوت عند الغضب وعدم التحدث فإن بعضاً إذا غضب لا يبالي بما يقول سيطر الغضب عليه فتخرج منه كلمات بذيئة سيئة يندم عليها عندما يفيق من غضبه ولهذا جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: "عَلِّمُوا وَبَشِّرُوا وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ" فسكوت الغضبان ينجيه من آثار الأقوال السيئة ويخلصه من تبعاتها، ومنها الوضوء أيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر "أن الشيطان خلق من نار، ولا يطفأ النار إلا الماء"، وأن من غضب فعليه أن يتوضأ فإذا توضأ بتوفيق من الله فوضوؤه سيزيل عنه آثار هذا الغضب، ومنها أيضاً قبول نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لاَ تَغْضَبْ"، لاَ تَغْضَبْ قالها لمن سأله أن يوصيه قال: " لاَ تَغْضَبْ" أي ابتعد عن الغضب بالإتيان بما يضاده من الحلم والصفح والعفو والكرم وعدم التأثر والثبات عند هذه المواقف فإذا عملت ذلك فإنك بتوفيق من الله تبتعد عن الغضب، أو لا تغضب لا تنقد في الغضب ولا يقودك الغضب إلى ما فيه بلاءٌ فتثبت وكن صابراً محتسبا، ومنها أن تنصح الغضبان نصيحةً لله إذا رأيته في حال غضبه فأمره بالخير وأمره بأن يتعوذ بالله من الشيطان وابذل له النصيحة وعليه أن يقبل ذلك ففي ذلك خير، منها الإكثار من ذكر الله عند الغضب قال جلَّ وعلا: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، والمؤمن قد يغضب لكنه سريع من غضبه قال جلَّ وعلا عن عباده المؤمنين: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)، والمسلم أيضاً يكظم غيظه ويتحمل الأشياء قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فكظم الغيظ وعدم التمادي في الانتقام والصبر والعفو والله يحب المحسنين، وجاء في الحديث: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا يقَدِرٌ عَلَى تنفيذه دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ فيُخَيِّرَهُ من الْحُورِ العين ما شَاءَ" لأن من كظم غيظه وعفا وصفح فذلك خير له وأهدى سبيلا.
أيُّها المسلم، فحذر الغضب وكن متأنياً في أمورك وإياك أن يستخفنك السفهاء أو تجار أهل الحماقة والغضب كن ثابتاً في أمورك ملتجئا إلى الله واثقاً بالله آخذًا بوصية نبيك صلى الله عليه وسلم في البعد عن الغضب ما وجدت لذلك سبيلا، فالعفو والصفح وتحمل الأذى كله نعمة من الله على من وافقه الله (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في القول العمل إنَّه على كل شيء قدير، أقولٌ قولِ هذا واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، وتأملوا سنة نبيكم ووصيته لكم لتكونوا من السعداء "لا تغضب" إذاً الغضب جماع كل شر، وجماع كل بلاء، وترك الغضب نجاة من البلاء، فبالغضب تقع المشاكل والمصائب فإن الغضبان عندما يفقد عقله ويضيع تصرفه وتوازنه يقول ما يقول، ويفعل ما يفعل ويندم بعد ذلك، ويتمنى أن لم يقع شيء من الأقوال والأفعال، إذاً فعلينا التمسك بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم ففيها نجاة لنا من آثار هذا الغضب السيء.
أخي المسلم، بالغضب قطعت الأرحام، وبالغضب تعادى الإخوان والجيران، وبالغضب وقعت المصائب والبلايا، وبالغضب ربما يقتل نفسه أو يقتل ولده أو زوجته أو نحو ذلك من التصرفات الخاطئة التي لا نهاية شرها، إن الشيطان يستغل العبد عند غضبه يستغل ضعف قوته وتصرفه فيوقعه فيما يوقعه من البلاء.
أخي المسلم، لابد لكل مسلم أن يفكر في نفسه في حال غضبه، كيف يتصرف؟ وينجو من تلك المصائب.
أيها الأب الكريم، لابد أن يقع بينك وبين أولادك شيءٌ من الاختلاف إما أن ترى من تصرفات خاطئة وأحوال سيئة فكن ثابت الجأش حليماً رفيقا عالج قضايا أولادك فيما بينك وبينهم عالج كل القضايا من أولها وحافظ استئصال شرها من أولها وراقب تصرفاتهم وأحوالهم وكن رفيقاً بهم حليماً عليهم، أعرف لهم ضعفهم وقلة سنهم وأعرف أحوالهم فحاول الاختلاط بهم واستئصال الشر والفساد بالطرق السليمة والحكمة لتنجو، وإيَّاك والغضب الذي يحملك على الانتقام منهم، فإن غضبك عليهم ربما نفرهم منك وأبعدهم منك وجعلوا يكرهون مجيئك والجلوس معك وإياك والغضب عليهم كن معهم رفيقاً حليماً منبسطاً تتطلع على أحوالهم وتسألهم عن مشاكلهم وتقضي حوائجهم وتفكر معهم ومن يجالسون ويصاحبون ويخالطون لعلك بذا أن تضع الحلول المناسبة لتخلصهم من أخطائهم وتصرفاتهم الغير اللائقة.
أيُّها المعلم الكريم، عليك بتقوى الله والتعامل مع التلاميذ بالعدل والإحسان، وإياك أن يحمل غضبك على بعضهم في أهانته أو التنقص من درجاته أو التقليل من منزلته فإن هذا غير لائق بك أنت مربي فربهم على الأخلاق وليشعروا منك بأنك المعلم ذا خلق كريم وعمل صالح وتربيةً صالحة.
أيتها الزوجة الكريمة، أيها الزوج الكريم، الزوجان معًا لا يخلو البيت من بعض المشاكل والاختلاف ولكن عليك أيه الزوج أن تشعر بمسؤوليتك والله جلّ وعلا فضلك وقال: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، فلا تستغل قوامتك على امرأتك بإذلالها وإهانتها أو تتبع أخطاءها أو الغضب عليها أو معاملتها بالسوء أو رفع لسانك عليها بالكلمات البذيئة والحط من قدرها ومن شأنها أو العيب من أهلها أو العيب في سلوكها، اتقِ الله، وعالج أخطاءها بالحكمة واصبر على بعض أخطاءها في سبيل الإصلاح العام ونبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك: "لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ سخط مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا خُلقاً آخَرَ"، فليست كاملة في كل أحوالها فإيَّاك والغضب عليها بما لا داعي له كن حليماً رفيقاً معها ذا دين واتزان وملاحظةً للأمور بالاعتدال والحكمة والمصلحة.
أيُّها المحقق الكريم، اتقِ الله في تحقيقك مع من تحقق وإياك أن تستغل دم سفك بغضب شديد يشعر أن المحقق معه أنك غضبان عليه وربما أدلى عليه بأمور هو بريء منها وغير واقعة لأجل ما يرى من غضبك وحماقتك وسوء تصرفك، فاتقي الله في تحقيقك، وليكن التحقيق عادلاً مبني على الإنصاف والعدل لا على الظلم والجهر والطغيان.
أيها القاضي الموفق، اتقِ الله في قضاءك وعامل خصوم العدل وإيَّاك والغضب أثناء حكمك فإن غضبك قد يحملك على العدول عن الحق والهوى والحكم بغير الحق، فاتقي الله، ولهذا نبينا نهى القاضي أن يقضي وهو غضبان لأن حال الغضب قد يتصرف تصرفات غير لائقة، فلا تقضي وأنت غضبان حتى تفي إلى رشدك ويذهب عنك غضبك فاتقي الله في ذلك.
أيها المسلم، إن البعض من الناس قد يحمل غضبه أثناء قيادة السيارة في ازدحام الطرق أو عند الإشارة فيكون من بعض أولئك غضب شديد يحمل هذا الغضب على وقوع الحوادث، فكم من ازدحام في الطرق أو عند الإشارات يقع من بعض السفهاء تصرفات خاطئة فإيَّاك أن يحملك هذا التصرف الخاطئ على مقابلته بغضب وحماقة على تصرفات سيئة تنتج عنها حوادث لا داعي لها، أنت تكون سبباً فيها فإياك أن يجرك السفهاء وضعفاء البصائر على الغضب والحماقة في قيادة السيارة أحمل هذا على ضعف عقله وقلة رأيه وإياك أن تجارِ معه بسفاهته وحماقته، قد سيارتك بحكمة وتخلص من المواقف بالحكمة وإياك أن تجالس السفهاء فكم من الناس من يحمله سفه بعض الناس على أن يبادرا الغضب بالغضب والحماقة بالحماقة والنتيجة الضرر على النفس والسيارة والضرر على المجاورين وهذا أمر غير لائق بك أيها المسلم.
يا رجل المرور، وجال الأمن، إيَّاكم والغضب في تحقيق الحوادث المرورية أوغيرها عليكم بالرفق والطمأنينة وأخذ الأمور بالحكمة أما الغضب والشدة والحماقة فإنها لا تحقق شيئا.
أيها الموظف، اتقِ الله في التعامل مع زملاءك فعاملهم بالحكمة وإياك والغضب الشديد في التعامل مع زملاءك ومن معك في العمل فإن غضبك وحماقتك تبغضك للناس ويستثقلونك ويعلمون منك أنك امرئ ذا غضب شديد لا تستطيع أن يتفاهموا معك.
أيها المسئول، إن حالة المراجع وذو الحاجة تحمله على الإلحاح في الطلب وعدم الصبر، فإياك أن تقابله بالغضب أعرف له حاجته والنبي يقول: "إن لصاحب الحق مقال"، فإيَّاك أن تضجر وإيَّاك أن تغضب على من يراجعك في أمر من الأمور أنت مسئول عنه، حاول إقناعه باللطف واللين وتبين وجهة نظرك حتى يقتنع المراجع، أما أن تغلق الباب أمامه وتظهر الحماقة والغضب عليه والاستهزاء به والسخرية به والحط من قدره فهذا غير مشروع، لأن غضبك هنا في غير محله هذا صاحب حاجة يطلب حاجته وغايته قضاء حاجته فلتقابله برحابة صدر وسعة أوفق وبين له وجهة النظر حتى يخرج منك مطمئنا، أما أن تقابل بحماقة وسوء أخلاق وسوء كلام تحمله مع حاجته هماً على هم وغماً على غم فهذا أمر غير لائق.
أيُّها المسئول، عامل من تحت يديك بالحسنى والعدل وعدم الحماقة وناقش عن أخطاءه التي أخطاها، إما التأخر في الدوام أو قلة إنتاج حاول إقناعه وتبين الحق له وتحذيره من التساهل في أعماله، وأن العمل أمانة يجب أن يؤدى وقتاً وأداء فحاول إقناع المخطئ وتصويب خطأه حتى يكون على بصيرة ويقتنع منك ويعلم أن قصدك حسن ومرادك حسن.
رجال الفكر والأدب، أيها الكتَّاب الأعزاء، اتقوا الله في أنفسكم فيما تناقش من قضايا في سبيل مصلحة الأمة، فإن البعض من رجال الفكر إذا ناقش قضية حاول أن يحط من قدر مخالفه وأن يحط من قدره ويسيء الظن به ويحمله عن النوايا السيئة هذا أمر لا يجوز، حاول عند كتابتك مناقشة لأي رأي أن تكون هادئ الأعصاب غير غضبان لست لحاجة غضب وحماقة حتى تناقش الرأي وترد على المخالف بأدب وأسلوب حسن إذا أعتد رأياً ففكر بعد أن تكتبه هل كتابتك له كانت بحاجة غضب وتشنج والآن أنت ثابت هادئا فحاول أن يكون هذا القول وهذا العلاج منطلقاً من حال هدوء لا من حال تشنج وغضب فإن بعض الكتابة يكتبها بعض الكتاب وإذا قرأت وتصور حقاً أنها كتبت حال تشنج وغضب وحماقة وقلة وعي ورأي وهذا أمر لا يليق بل يجب أن يكون الرد والنقاش والعلاج هادفاً بناءً بعيد عن التشنج والسب والشتام والأقوال البذيئة، لنكن واقعيين في علاج قضايانا المختلفة حتى نكون على بصيرة من أمرنا، فنبينا أوصانا أن "لا تغضب"، فالغضب يحول بيننا وبين الحق ووعيه، أسأل الله للجميع التوفيق والسداد والهداية لكل خير إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، .
وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك وعفوك يا أرحمَ الراحمين

التعاون على البر والتقوى

التعاون على البر والتقوى




إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَلَّى عَلَيِه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمَّا بَعْدُ..
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى عباد الله؛ التعاون بين المسلمين مطلب رباني ومنهج إيماني أمر الله به في كتابه بقوله (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فالتعاون بين المسلمين في قضاء حوائجهم وتعاون ما بينهم فإن كل لن يستطيع أن يواجه مشاكل ومتاعب الحياة بنفسه بل لابد من إعانة إخوانه وصدق أصدقائه على باب التعاون.
ولهذا التعاون فضائل عظيمة ومنافع عديدة فمن فضائل هذا التعاون:-
أنه سبب الاجتماع وتآلف القلوب ونبذ الفرقة قال -جَلّ وَتعَالَى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) ففي التعاون يحقق المجتمع مصالحه الدينية والدنيوية.
ومن فوائد هذا التعاون: أنه سبيل للحصول إلى المطلوب بلا تعب ولا مشقة ولهذا لما كلّف الله نبيه موسى - عَلَيه السّلام – بإبلاغ رسالته إلى فرعون (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)، وإبراهيم -عَلَيه السّلام – قدم مكة فقال لابنه إسماعيل: إن الله أمرني بأمر. قال: يا أبتاه افعل ما أمرك الله به. قال: وهل تُعينني على ذلك؟ قال: نعم أُعينك عليه. قال: إن الله أمرني أن أبني له بيتًا في هذا المكان، وأشار إلى موضع الكعبة المشرفة فكان إسماعيل يحمل الحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا رفع القواعد أُوتي بالحجر الذي يصعد عليه وجعل يبني وإسماعيل يمده حتى استكمل بناء البيت قال الله -تعَالَى- (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) وقال: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وأخبرنا الله في كتابه عن ذي القرنين أنه مكنه في الأرض وأتاه من كل شيء سببًا فكان من القوة والتنبيل ولما سألهم عن السدين أن يُقيم سدًا بينهم وبين يأجوج ومأجوج (قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً).
ومن فضائل التعاون: أنه سبب في قوة المؤمنين فإن عز اجتماع كلمتهم وتعاونهم سبب لقوتهم وخوف الأعداء منهم فمتى وجد الأعداء أن للإسلام قوة واجتماع كلمة وتآلف قلوبهم صارت قوة تُهاب وتُرعب ويقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم- «المُؤمِنَ للمُؤْمِنِ كالبُنيانِ، يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا» فكما أن البنيان يحتاج بعضه بعضا ويضطر بعضه لبعض فكذلك الأمة المسلمة مضظر التعاون لما بينها لكي تقطع الطرق على أعدائها الساعية لتمزيق شملها وإذلالها وإفقارها.
من فضائل التعاون أيضًا: أن الجزاء من جنس العمل فمن أعان أخاه أعانه الله يقول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ- «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ويقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم«وَإِنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَادَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ».

ومن فضائل التعاون: نصر الظالم والمظلوم فيُنصر الظالم بأن يُبعد عن الظلم ويُحذر من عواقبه السيئة ونتائجه الخطيرة التي تعود على الظالم بالسوء (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَغَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) اتقوا الظلم فإن الظلم ظُلمات يوم القيامة، وتنصر الظالم تحذره من عواقب ظلمه وتأمره بالعدل والاستقامة، وتنصر المظلوم فتعينه على استرجاع حقه ويخدم مظلمته بما ظُلم  بها كل هذا من التعاون في الحديث « انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَصَرْتُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَكُفُّهُ عَنْ الظُّلْمِ فَذَاكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ »
ومن فضائل التعاون: الاشتراك في الأجر العظيم يقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا».
ومنها أن التعاون: صدقة الإنسان عن نفسه يقول –صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم– « يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى».
ومن التعاون أيضًا: أن من هذه صفاته يُعزه الله ويقويه ويعينه على أموره كلها، لما بُدأ بالوحي بالنبي -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم- أتى لخديجه وأخبرها بما شاهد، فقالت: "كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ"؛ فعلى الفطرة السليمة أن من هذه أخلاقه وصفاته فإن الله لا يُخزيه بل يؤيده وينصره.
أيها المسلم: والبر والأعمال الصالحة واختلافها والإذن والأسلوب واختلافه فكأن الأمر أمر ونهي، أمر بالطاعة ونهي عن المعاصي فالتعاون على البر أمر بالطاعة والترك عن الإثم والعدوان نهي عن المعاصي وقربانها وامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.
أيها المسلم: وهذا التعاون له مجال عظيمة في حياة المسلم:
فأولها: أن الله –جلَّ وَعَلا- أرشدنا إلى أن نعلن هذه الصفات الخمس والشهادة العظيمة والآذان والجماعة؛ فأمرنا أن نؤدي الصلاة في المسجد جماعة في اليوم خمس مرات وأداء الجمعة وصلاة العيدين تقر بها قوة المؤمنين وارتباط كلمتهم واجتماع قلوبهم وهيبتهم وخوف الأعداء من هيبتهم وقوتهم، فإن أداء الجماعة في المساجد والعيدين قوة للأمة وعز لها (وستائر) لقلوبها واجتماع كلمتها.
ومن ذلك أيضًا: التعاون على إظهار شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر من أخلاق هذه الأمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) وقال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ) الآية. فالتعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم  وردعه عن ظلمه يقول –صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: « كَلا وَاللَّهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ وَلِتَأْطِرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا »  زَادَ فِي رِوَايَةٍ: «أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ » (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ). إن المجتمع لابد له من الأمر والنهي فإن الأمر بالمعروف سياجٌ منيع يترك إلى الفساد والمهالك وإذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استشعر الشر بالأمة وصَعُب تخليصه منها فلابد للأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الأمر بالمعروف درجة لكل خير والنهي عن المنكر تحذير من كل شر فلابد من التعاون في المجتمع جميعًا فإن ترك النهي عن المنكرات تزيد في الناس يوشك أن تحل بنا عقوبة الله من حيث لا نشعر قال -جلّ وَعَلا-: َفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ* أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ* أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ).
ومن التعاون: التعاون الدعوة إلى الله وإرشاد عباد الله وتذكيرهم ونصيحتهم وتحذيرهم من كل سابل سبل الله عليهم فالدعوة إلى الله سبيل والدعوة إلى الله وتبليغ الجالية إلى الله والدعوة إلى الله -جلّ وَعَلا- بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين في الدعوة إلى الله.
أيها الأخوة: إنا عندنا أعداد كبيرة من المسلمين من أبنائنا في العالم الإسلامي يدعون إلى سبيل هؤلاء عندنا بالدعوة إلى الله والهداية إلى الصراط المستقيم وكثير منهم في هذا لا يعلمون شيئًا فإذا وفقوا للدعوة إلى الله ويدعوهم إلى الله ويحذرهم من عذاب الله.
أيها المسلم: خير ماعندك ادعهم إلى الله وحاول أن تدعوهم إلى الإسلام وأن ترغبهم فيه بالقول والفعل والسيرة الحسنة معهم حتى يقبلوا دعوتك ويستجيبوا لهذا الأمر العظيم.
ومن التعاون أيضًا، التعاون على العلم النافع كتعليم كتاب الله فإن كتاب الله أشهر العلم وأفضلها قال – صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم –«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ »؛ فحدث عن القرآن وإعانة هؤلاء وإلقائه عليها وتشجيعها كلها أعمال صالحة لأن كتاب الله شرف لهذه الأمة قال –جلَّ وًعَلا- (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) وهذا فيه شرفكم وعزتكم وكرامتكم.
ومن التعاون المطلوب: بين الناس التعاون على قضاء دين المدينين والمعسرين قال –صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم– « وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ » ، قال تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
ومن التعاون: الشفاعة والحسنة والتعبير على لسانه يقول – صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم –: « اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ».
ومن التعاون: التعاون مع ولاة الأمور في تبليغ رسالتهم والقيام بواجبهم فإن والي أمرنا لابد من التعاون معه في القيام بواجب عظيم فإن الرعية إذا تعاونوا مع إمامهم وولاتهم بالعدل والنصيحة وردع الظلم كان خيرًا كثيرًا، فالتعاون مع ولاة الأمر بالنصيحة والتوجيه والراعي برعيته كل هذا من التعاون.
ومن التعاون أيضًا: التعاون مع رجال الأمن في كشف خبايا المجرمين والمفسدين والقضاء عليهم ومفاجأتهم بأوكارهم الشنيعة فإن المسلم عاون لكل خير فالمجرمون المفسدون إذا تركوا فعلوا ما شاءوا لكن إذا وجدوا من المجتمع المسلم رفض لكل أعمالهم وأخلاقهم السيئة وأن في التعاون معهم في كشف عن خباتهم وخباياهم صار ذلك خير وأعمالهم الفاضلة.
ومن التعاون أيضًا: التعاون على إيقاف الحملات والأباطيل والإشاعات السيئة يحاولوا التعاون علي القضاء عليها وعدم التصديق لها وعدم الإذاعة بها لما فيها من الفساد والشر والبلاء.
أيُّها المسلم: فالتعاون خُلُقُ المُسلم، فكُن على قَدْرِه، العالِمُ بعلمه، الغنيُّ بماله.
الأبوانِ: بتربية الأجيال وتنشئتهما، والمُعَلِّمون: بالدعوة إلى الله وتبصير شبابنا وفتياتنا بالدعوة إلى الله، وتحذيرهم من أسباب الشرِّ والباطل.
التعاون بأنْ نكون معًا جميعًا في جميع شؤون حياتنا، لأننا أُمَّة واحدة، يجب أنْ نتعاون بصدقٍ ووفاء، لعل الله ينفعنا بذلك، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه مِنَ الآيات والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ اللهَ العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين مِنْ كلِّ ذنبٍ فاستغفروه وتوبوا إليه، إنَّه هو الغفور الرحيم.
أيُّها الناس: كما مضى التعاون على البِرِّ والتقوى؛ فهناك النهي عن التعاون على الإثمِ والعُدوانِ: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، فكيف التعاون على العدوان؟
كيف يكونُ التعاون على العدوان: بالتعاون على سفك الدِّماء المعصومة لقتل المسلمين أو المُعاهَدين بغير حقٍ، فإنها جريمة نكرة ومصيبة عُظمى، فإنَّ سَفك الدماء المعصومة مِنَ الأمور المُحَرَّمة: (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).
فإيَّاكَ أنْ تُعينَ مُجرِمًا على جُرمِهِ؛ ولو بشَطر كلمة، يقولُ -صلى اللهُ عليه وسلم-: « مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ».
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان:
التعاون على حماية المُجرِمين، والتسَّتر عليهم والدفاع عنهم والاعتداد عنهم، وهم مِنْ أهل الفساد والشرِّ والبلاء، فإنَّ هذا مِنَ التعاون على والعدوان؛ دعوا الشرع يحكم الحكم بهم ليُخلِّصَ الناسَ مِنْ هذه المصائب والبلايا، فإنَّ التعاون مع المُفسِدين والتَسَتُّرعليهم وإخفاء آحادهم كُلها خيانة للأُمَّةِ في دينها ودُنياها.
ومِنْ أنواع التعاون على الإثم والعدوان:
التعاون في أكلِ أموال االباطل؛ بأيّ سببٍ كان، بأي سبيلٍ كان وبأي وسيلةٍ كانت، سواء كان بالأسهم والتلاعُب بها، أو سواء كان بالسِّلَعِ التجارية والاتفاق على رفع أسعار السِّلَعِ بلا سبب شرعي، كُلّ هذا مِنَ التعاون على أكل أموال الناس بالباطل.
ومِنَ التعاون أيضًا على الإثم والعدوان:
التعاون على أكل أموال العامة، واستحلال أموال الدول بغير حق، وإفساد المشاريع العامة وإخلال مواصَلَتها وتنفيذها، وأخذ الرشوة حتى تُخَفَّض المواصلات وغير ذلك مما يضُرُّ الأُمَّة، كل هذا مِنَ التعاون على الإثم والعدوان.
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان:
ترويج المُخَدِّرات والمُسْكِرات، فاستيرادها وترويجها وبثّها في شبابنا فإنَّ هذا مِنَ التعاون على الإثم والعدوان، لأن هذه أموالٌ خبيثةٌ، مكسبها خبيث ونتائجها سيئة، فإنها مِنَ الأموال المُحَرَّمة، وإنَّ اللهَ لعنَ الخمر وشارِبها، وعاصِرها وساقيها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومُشتريها، كل ذلك ملعونٌ على لسان محمدٍ-صلى الله عليه وسلم-.
فالمُخدرات: والمُرَوِّجُ لها والمُسَوِّقُ لها والمُنَفِّذُ لها كلهم شركاء في الإثم والعدوان، نسألُ اللهَ السلامة والعافية.
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان:
التعاون ضد ولاة الأمر، وضد مشاريع الدولة، وضد أمنها واستقرارها، فالتعاون مع الأعداء؛ سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، لا يجوز لمسلمٍ أنْ يفعل ذلك، بل المُسلم يسعى بتحقيق الأمن واستتباب الأمن وراحة الأُمَّة، أما مَنْ يتعاون مع المجرمين ومع دُعاة السوءِ والفساد، ويكون مع المذاهب الباطلة والآراء الضَّالة؛ يكون مع أعداء الأُمَّةِ وأعداء دينها، فاحذروا يا عِباد الله.
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان:

التعاون على تعطيل شرع الله، والتعاون بوسائل الإعلام السيئة على بثِّ الشُّبَه والأباطيل ضد الإسلام وتعاليمِهِ، فكيف ببعض الإعلاميين-هداهم الله- يتعاونون مع أعداء الإسلام؛ بقتل المسلمين وتشويه سُمْعَتهم، وإظهار ضعفهم وعجزهم، والقدحُ في دينهم ومُعتَقَداتهم، كل هذا من التعاون على الإثم والعدوان.