el bassaire

lundi 11 février 2013

تفسير سورة البقرة من 183 الى 185


وفى الآيات التالية : يخاطب الله تعالى المؤمنين ، آمراً لهم بالصيام ، كما أوجبه على الأمم قبلهم، حيث يقول عز من قائل :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
 عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }  [الاية 183]

أي : فرض عليكم الصيام ، كما فرض على الأمم من قبلكم ، من لدن آدم - عليه السلام - إلى عهدكم ، لعلكم تتقون الله باجتناب معاصيه، لأن الصيام أضبط للنفس، وأردع لها عن مواقعة السوء، ولما فيه كذلك : من زكاة النفس ، وطهارتها ، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة، والأخلاق الرذيلة ثم بين رب العزة ، مقدار هذا الصوم الذى فرضه بقوله.

أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ
خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }  [الاية 184]

أي : ليس فى كل يوم ، بل فى أيام معدودات فقط ،  وكان هذا فى ابتداء الإسلام ، حيث كانوا يصومون من كل شهر ثلاثة أيام، وقد تم نسخ هذا الحكم - بعد ذلك - بصوم شهر رمضان، ثم بين - كذلك - ربنا عز وجل .. بعض أحكام هذا الصيام على ما كان عليه الأمر فى ابتداء الإسلام، وبيان ذلك أيها الأحباب، أن المريض والمسافر : لا يصومان فى حال المرض والسفر ؛ لما فى ذلك من المشقة عليهما ، بل يفطران ، ويقضيان بعدة ذلك من أيام أخر، وأما الصحيح المقيم الذى يطيق الصيام : فقد كان مخيراً بين الصيام وبين الإطعام إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وأطعم عن كل يوم مسكيناً، فإن أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم : فهو خير له.

وإن صام فهو أفضل من الإطعام، يقول الإمام النسفى وكان ذلك فى بدء الإسلام فرض عليهم الصوم ولم يتعودوه ، فاشتد عليهم ، فرخص لهم فى الإفطار والفدية، ثم نسخ هذا التخيير بقوله تعالى.

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى
وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا
العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ  عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }  [الاية 185]

وبهذا : يمتدح الله عز وجل شهر الصيام من بين سائر الشهور ؛ حيث اختاره من بينها لإنزال القرآن العظيم فيه هدى للناس من الضلال ، وجعله آيات واضحات ، دالة على صحة من جاء به من الهدى والفرقان بين الحق والباطل ، لمن فهمها وتدبرها، ثم بين أحكام الصيام الناسخة لما كان قبل ذلك من أحكام، حيث إن من كان مقيماً غير مسافر فى هذا الشهر : فيلصم ولا يفطر، ولما حتم الصيام على المقيم أعاد ذكر الرخصة للمريض والمسافر فى الإفطار بشرط القضاء ، ليعلم أن هذا مما لم ينسخ، ثم بين علة هذا الترخيص.

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى
وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا
العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

حيث أباح الله الفطر فى السفر والمرض ؛ لأنه يريد بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر، وأمركم بالقضاء لما فات خلال المرض والسفر ، لتكملوا عدة شهركم ، فتنالوا ثواب قضاء فريضتكم، وكان ذلك، لتذكروا الله تعالى ، عند انتهاء عبادتكم ، معظمين إياه على نعمة هدايتكم، ولعلكم - كذلك - أن تكونوا من الشاكرين لله تعالى إذا قمتم بما أمركم الله به من طاعته ، بأداء فرائضه ، وترك محارمه ، وحفظ حدوده.
          

1 commentaire: