el bassaire

mercredi 9 janvier 2013

تعريف الاستغفار



الاستغفار: هو طلب المغفرة من الله تعالى والتجاوز عن الذنب وعدم المؤاخذة به، إما بترك التوبيخ والعقاب رأسًا، أو بعد التقرير به فيما بين العبد وربِّه.
وطلب المغفرة: قد يكون بالقول أو الفعل، فإن المغفرة هي: وقاية شر الذنب، ومن أهل العلم من يقول: إنَّ الاستغفار من «الغفر»، والغفر هو «الستر»، ويقول: إنما سُمِّي المغفرة والغفار، لِما فيه من معنى الستر، يقول تعالى: }وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ " [التغابن: 14].
ومعنى «وتغفروا» أى: تستروا عيوبهم، وتمهدوا لهم في الاعتذار.
ويأتي الاستغفار في القرآن على معانٍ عديدة:
فيأتي بمعنى «الإسـلام» عند فريق من أهل العلم بالتفسير، كمجاهد وعكرمة، واستدلُّوا لذلك بقول الله سبحانه وتعالى }وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [الأنفال: 33]. أي: يسلمون.

ويأتي الاستغفار بمعنى «الدعاء» عند فريق آخر، فكلُّ دعاء فيه سؤال الغفران فهو استغفار، إلا أن بين الاستغفار والدعاء عمومًا وخصوصًا من وجه، فيجتمعان في طلب المغفرة، وينفرد الاستغفار إن كان بالفعل لا بالقول، كما ينفرد الدعاء إن كان بطلب غير المغفرة.
ويأتي الاستغفار بمعنى «التوبة»، وهنا قد يلتبس الأمر على كثيرٍ من الناس فيظنون أنَّ الاستغفار هو التوبة، والتوبة هي الاستغفار، وبتتبُّع النصوص يظهر أنَّ بين التوبة والاستغفار عمومًا وخصوصًا من وجه، فإذا تفرَّقا اجتمعا، وإذا اجتمعا تفرَّقا، فعند الإطلاق يدخل كلٌّ منهما في مسمَّى الآخر، وعند اقترانهما يكون الاستغفار طلب وقاية شرِّ ما مضى، والتوبــة: الرجوع وطلب وقاية شرِّ ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله.
قال ابن القيم: "وأما الاستغفار فهو نوعان: مفرد، ومقرون بالتوبة، فالمفرد: كقول نوح عليه السلام، لقومه: }اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا{ [نوح: 10، 11].
وقــول صالـح لقومــه: } لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ [النمل: 46 ].
وكقولـه تعالــى: }وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ [البقرة: 199].
 وقوله: }وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [الأنفال: 33]

والمقرون كقوله تعالى: }اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ{ [هود: 3].  
وقول هود لقومه: }اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا{ [هود: 52].
وقول صالح لقومه: }هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ{ [هود: 61].
وقــول شعيــب: }وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ{ [هود: 90].
فالاستغفـار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها مع تضمُّنه طلب المغفرة من الله، وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شرّه، لا كما ظنَّـه بعض الناس أنها الستر، فإنَّ الله يستر على من يغفر له ومن لا يغفر له، ولكن الستر لازم مسمَّاها أو جزؤه، فدلالتها عليه إما بالتضمُّن وإما باللزوم، وحقيقتها وقاية شرِّ الذنب، ومنه المغفرة لما يقي الرأس من الأذى، والستر لازم لهذا المعنى، وإلا فالعمامة لا تسمى مغفرًا ولا القبعة ونحوه مع ستره، فلا بد في لفظ المغفرة من الوقاية، وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قولــه: }وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [الأنفال: 33].          
فإنَّ الله لا يعذِّب مستغفِرًا، وأمَّا من أصرَّ على الذنب، وطلب مـن الله مغفرته، فهذا ليس باستغفارٍ مطلق، ولهذا لا يمنع العذاب،

فالاستغفار يتضمَّن التوبـة، والتوبة تتضمَّن الاستغفار، وكلٌّ منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق.
وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى، فالاستغفار: طلب وقاية شر ما مضــى، والتوبـة: الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله، فها هنا ذنبان: ذنب قد مضى فالاستغفار منه: طلب وقاية شره، وذنب يخاف وقوعه، فالتوبة: العزم على ألاَّ يفعله.
والرجوع إلى الله يتناول النوعين: رجوع إليه ليقيه شرَّ ما مضى، ورجوع إليه ليقيه شرَّ ما يستقبل من شر نفسه وسيئات أعماله.
وأيضًا فإنَّ الذنب بمنزلة من ركب طريقًا تؤدِّيه إلى هلاكه، ولا توصله إلى المقصود، فهو مأمورٌ أن يولِّيها ظهره، ويرجع إلى السلام التي فيها نجاته، والتي توصله إلى مقصوده وفيها فلاحه، فهنا أمران لا بدَّ منهما: مفارقة شيء والرجوع إلى غيره، فخُصَّت التوبة بالرجوع، والاستغفار بالمفارقة، عند إفراد أحدهما بتناول الأمرين، ولهذا جاء - والله أعلم - الأمر يهما مرتبًا بقوله: }اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ{ [هود: 3]. فإنه الرجوع إلى طريق الحقِّ بعد مفارقة الباطل.
وأيضًا: فالاستغفار من باب إزالة الضرر، والتوبة: طلب جلب المنفعة، فالمغفرة، أن يقيه شر الذنب، والتوبة: أن يحصل له بعد هذه الوقاية ما يحبه، وكلٌّ منهما يستلزم الآخر عند إفراده، والله أعلم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire