el bassaire

samedi 26 janvier 2013

ما القرآن ، وما العقيدة الصحيحة فيه , وهل هو حجة ، وضح ذلك كله بالدليل والتعليل وكلام العلماء ؟



ما القرآن ، وما العقيدة الصحيحة فيه , وهل هو حجة ، وضح ذلك كله بالدليل والتعليل وكلام العلماء ؟
ج) أقول :- هذا سؤال عظيم القدر كبير الشأن له المنزلة العليا والرتبة الأسمى ، ومن باب توضيحه التوضيح الكامل نفصل الجواب عنه في فروع ، فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد العون والفضل :-
( الفرع الأول ) عرف العلماء القرآن (بأنه كلام الله تعالى الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم المعجز بنفسه والمتعبد بتلاوته ) وقد جمع هذا التعريف أربعة قيود :- الأول :- أن هذا القرآن العظيم كلام الله تعالى حقيقة - وسيأتي تفصيل ذلك بعد قليل - الثاني :- أنه منزل من عند الله تعالى ، نزل به جبريل عليه السلام من عند الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى " وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين " ، الثالث :- أنه معجز ، ويخرج بهذا القيد الأحاديث القدسية ، إذ القرآن معجز في لفظه ومعناه ، الرابع :- كونه متعبدا بتلاوته ويخرج بذلك الآيات المنسوخة اللفظ ، سواء بقي حكمها أولا ، لأنها صارت بعد النسخ لا تدخل في حد القرآن ، لسقوط التعبد بتلاوتها فلا تعطى حكم القرآن .
( الفرع الثاني ) وأما عن قولك ( ما العقيدة الصحيحة فيه ) فاعلم رحمك الله تعالى ووفقك للهدى ودين الحق ، أن العقيدة الصحيحة في كتاب الله تعالى هي ما قرره أهل السنة والجماعة - رحم الله أمواتهم وثبت أحياءهم - من أن القرآن كلام الله ، منزل غير مخلوق ، من الله بدأ وإليه يعود, فهذه ثلاث نقاط متلازمة لا ينفك بعضها عن بعض ، فقولنا ( القرآن كلام الله تعالى ) وقد دل على ذلك قوله تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " والمراد بكلام الله تعالى هنا إنما هو القرآن ، ومنها قوله تعالى " الر، كتب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " وقال تعالى " قل نزله روح القدس من ربك بالحق  " وقال تعالى " والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق " وقال تعالى " ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر " فالقرآن ليس كلام محمد ولا كلام جبريل ولا كلام أحد من البشر وإنما هو كلام الله تعالى ، وقولنا ( منزل غير مخلوق ) هذا متفق عليه بين أهل السنة رحمهم الله تعالى ، وقد دلت عليه الآيات الكثيرة التي لا تحصى كثرة ، قال تعالى " قل نزله روح القدس من ربك بالحق " وقال تعالى " حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم " وقال تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وقال تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " وأما قولنا ( غير مخلوق ) فلأنه قد ثبت بالدليل أنه كلام الله تعالى ، وحيث كان كذلك فلا يتصور أن يكون مخلوقا ، لأن الكلام صفة من صفات الله تعالى وليس من صفات الله شيء مخلوق ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وقد انعقد إجماع أهل السنة على أن القرآن غير مخلوق وانعقد إجماعهم على أن من قال بخلق القرآن فإنه كافر ، وأما قولنا ( منه بدأ ) أي أن أول ابتداء الكلام به من الله تعالى  فالله تعالى أول من تكلم بهذا القرآن، فالله تعالى تكلم بهذا القرآن ثم سمعه جبريل منه وأنزله على محمد صلى الله عليه ثم سمعته الأمة من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا فيه بيان لما قد يلتبس على البعض في قول الله تعالى في سورة الحاقة " إنه لقول رسول كريم " والمراد به هنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي سورة التكوير " إنه لقول رسول كريم " والمراد به هنا جبريل عليه الصلاة والسلام ، لأن إضافة القرآن إليهما إنما هو من باب إضافة التبليغ فقط لا إضافة الابتداء، ذلك لأن الكلام إنما ينسب حقيقة إلى من قاله مبتدءا لا إلى من قاله مؤديا مبلغا ، فانتبه لهذا ، وأما قولنا (وإليه يعود) أي أنه سيرفع إلى الله تعالى في آخر الزمان ، وقد ورد في ذلك بعض الآثار الدالة على ذلك ، وإن أردت تفصيلا أكثر في هذه المسألة العظيمة ، فارجع إلى كتابنا ( إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة والتوحيد في سؤال وجواب ) فقد ذكرنا هناك الأدلة على كل جزئية تتعلق باعتقاد أهل السنة في كتاب الله تعالى ، والله أعلم, قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ( القرآن كلام الله تعالى ، وليس كلام جبريل ، ولا كلام محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وأئمة المسلمين الذين يفتى بقولهم في الإسلام كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، وغيرهم ) وقال أيضا ( ومذهب سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين كالأئمة الأربعة وغيرهم ما دل عليه الكتاب والسنة وهو الذي يوافق الأدلة العقلية الصريحة :- من أن القرآن كلام الله تعالى منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود ) وقال عمرو بن دينار رحمه الله تعالى ( أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن دونهم منذ سبعين سنة ، يقولون :- الله الخالق وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله تعالى ، وإليه خرج وإليه يعود ) وقال إسحاق بن راهويه رحمه الله تعالى ( وقد أدرك عمرو بن دينار أجلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من البدريين والمهاجرين والأنصار، مثل :- جابر بن عبدالله ، وأبي سعيد الخدري  وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن الزبير ، وأجلة التابعين وعلى هذا مضى صدر هذه الأمة ) وقال جعفر بن محمد رحمه الله تعالى ( القرآن كلام الله تعالى ليس بخالق ولا مخلوق ) وقال مالك بن أنس رحمه الله تعالى ( القرآن كلام الله ) وكان يستفضع قول من قال :- القرآن مخلوق ، وقد نص على ذلك كلٌ من :- سفيان بن عيينة ، وعبدالله بن المبارك ، والشافعي, ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويزيد بن هارون ، وعبدالله بن إدريس ، وأبو الوليد الطيالسي ، وسليمان بن حرب ، وخاتمة العقد المبارك أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم وأئمة الدعوة النجدية رحم الله الجميع رحمة واسعة ، وغفر لهم وأسكنهم أعلى درجات الجنة ، ونفعنا الله تعالى بعلمهم ، وقد نص على تكفير من قال بخلق القرآن جماعة كبيرة جدا من السلف ، بل هو من الاتفاق القطعي بين سلف الأمة وأئمتها ، وإن شئت أن ترى كلامهم وتعرف أعيانهم فعليك بكتاب اللالكائي رفع الله درجته في الفردوس الأعلى ، ونحن على ذلك الاعتقاد لا نحيد عنه طرفة عين ، ونسأله جل وعلا أن يثبتنا عليه إلى الممات .
( الفرع الثالث ) وأما قولك :- ( وهل هو حجة ) فأقول :- لقد اتفق المسلمون الاتفاق القطعي المتواتر على أن القرآن حجة ، بل هو أعظم الحجج وأفخمها وأكبرها وأعلاها ، ولا يخالف في ذلك إلا كافر، وهذه المسألة أوضح وأعلى من أن يستدل لها ، قال تعالى " أتبعوا ما انزل إليكم من ربكم " أي القرآن والحكمة ، ولم يأمر باتباعه إلا وهو حجة قائمة بذاتها ، وقال تعالى " اتبع ما أوحي إليك من ربك " أي القرآن ، فهو أول الحجج وأصلها ، وتاجها وسيدها ، وهو الحق كله والصدق كله والبر والهدى كله، والشفاء والخير كله ، قال تعالى " فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنك ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " فلو لم يكن القرآن حجة لما مدح من اتبعه ولما عوقب من أعرض عنه ، قال السلف رحمهم الله تعالى ( تكفل الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ) وقال تعالى "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " والبينة هي الدليل والبرهان والحجة ، وقال تعالى " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " والنذارة فرع عن الحجية  أي لا تقع النذارة إلا بما هو حجة ، فلو لم يكن القرآن حجة لما تحققت به النذارة ، وقال تعالى "وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ، ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا " وهذا وصف للقرآن بأنه  الحق ، وهذا صفة للحجة الصحيحة ، لأن الحجة لا تكون إلا بالحق ، والقرآن هو الحق فينتج من ذلك أن القرآن حجة لأنه حق ، والآيات والنقول في هذه المسألة كثيرة جدا ، وبما أنها من أوضح القضايا وأكبرها فلا داعي للإطالة فيها .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire