el bassaire

jeudi 31 janvier 2013

شروط الخطبة


شروط الخطبةج7
كونها باللغة العربية

اتفق الفقهاء كما هو واضح من كلامهم الآتي على أن الأولى أن تكون الخطبة باللغة العربية، ولكنهم اختلفوا في اشتراط ذلك باستثناء قراءة القرآن فيها عند من يقول بأنها ركن كما سيأتي، وهذا الخلاف على ثلاثة أقوال.

القول الأول: يشترط أن تكون بالعربية للقادر عليها، إلا إذا كان السامعون جميعا لا يعرفون العربية فإنه يخطب بلغتهم، وهذا الوجه الصحيح عند الشافعية (1) وبه قال بعض الحنابلة (2)
القول الثاني: يشترط أن تكون بالعربية للقادر عليها ولو كان السامعون لا يعرفون العربية.، وبهذا قال المالكية  (3) وهو المذهب والمشهور عند الحنابلة (4)
القول الثالث: يستحب أن تكون بالعربية، وهذا هو الظاهر من إطلاق الحنفية لجواز الخطبة بغير العربية  وهو وجه عند الشافعية

الأدلة: أدلة أصحاب القول الأول:
أولا: استدلوا على عدم الجواز مع القدرة على العربية بما يلي:
القياس على قراءة القرآن، فكما أنها لا تجزئ بغير العربية، فكذلك خطبة الجمعة  (7)

مناقشة هذا الدليل: يناقش بما نقله في الفروع عن القاضي (8) وهو قوله: " إن لفظ القرآن دليل النبوة وعلامة الرسالة ولا يحصل بالعجمية، والخطبة المقصود بها الوعظ والتذكير وحمد الله والصلاة على رسوله، ولأن القرآن الاعتبار فيه باللفظ والنظم دون المعنى، والخطبة يجزئ فيها المعنى " (9).

ثانيا: واستدلوا على الجواز مع عدم القدرة على العربية بما يلي:
أن المقصود بالخطبة الوعظ والتذكير، وذلك يحصل بغير العربية (10)

مناقشة هذا الدليل: يناقش بأنه إذا كان هذا هو المقصود فإنها تجوز مع القدرة إذا كان المستمعون لا يعرفون العربية، فيكون الدليل حجة عليهم.

أدلة أصحاب القول الثاني:  استدلوا بأدلة من السنة، والآثار، والمعقول.

أولا: من السنة:  ما رواه مالك بن الحويرث  أن رسول الله صلى الله عليه و سلم  قال: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي  (11) (12) (13)
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بالصلاة كما صلى، وقد كان يخطب باللغة العربية، فيجب أن نفعل كما فعل.
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن الخطبة ليست من الصلاة، كما أن الاستدلال بهذا الحديث على الوجوب محل نظر كما تقدم أكثر من مرة.

ثانيا: من الآثار: أن السلف والخلف كانوا يخطبون بالعربية، فيجب اتباعهم في ذلك (14).

ثالثا: من المعقول: أن الخطبة ذكر مفروض، فشرط فيه العربية، كالتشهد، وتكبيرة الإحرام (15).

مناقشة هذا الدليل: يناقش بالفرق بين الخطبة وبين التشهد وتكبيرة الإحرام، حيث لم ترد الخطبة بلفظ مخصوص، بل المقصود حصول الوعظ بأي لفظ كان، بخلاف التشهد وتكبيرة الإحرام، والله أعلم.

دليل أصحاب القول الثالث:
أن المقصود هو الوعظ، وهو حاصل بكل اللغات (16).

مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن حصوله باللغة العربية أبلغ وأكثر فائدة وتأثيرا، ولذلك اختارها الله - تعالى - لكتابه وشرعه، وهي التي كان يخطب بها الرسول صلى الله عليه و سلم وخلفاؤه والمسلمون من بعدهم، فهي المتعينة، والله أعلم.

الترجيح:
الذي يظهر في هذه المسألة بعد التأمل في الأقوال وأدلتها - والله أعلم بالصواب - هو رجحان القول باشتراط أن تكون خطبة الجمعة باللغة العربية، لكن إن كان جميع الحاضرين لا يعرفونها، فإن للإمام بعد أن يأتي بها باللغة العربية أن يأتي بها بلغتهم، لما استدل به أصحاب القولين الأول والثاني من الأدلة، ولأن في ذلك خروجا من الخلاف وتحقيقا للمقصود، وهذا ما أفتى به سماحة الشيخ محمد (17) بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - (18) واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة (19) واختار فضيلة شيخنا محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - القول الأول  (20)

1 ينظر: حلية العلماء 2/279 ، والمجموع 4/521 - 522 ، وروضة الطالبين 2/26 ، 30 ، مغني المحتاج 1/286 لكنهم قيدوا الجواز إذا كان السامعون لا يعرفون العربية بمدة التعلم ، أي حتى يتعلموا اللغة العربية.
 2 ينظر: الفروع 2/113 ، 117.
 3 ينظر: الفواكه الدواني 1/306 ، بلغة السالك والشرح الصغير بهامشه 1/178.
 4 ينظر: الفروع 2/113 ، والإنصاف 2/390 ، والمبدع 2/159 ، وكشاف القناع 2/34.
 5 ينظر: مراقي الفلاح ص (102).
 6 ينظر: المجموع 4/522 ، وروضة الطالبين 2/26.
7 ينظر: الفروع 2/113 ، والمبدع 2/159 ، وكشاف القناع 2/34.
8 المقصود به عند الإطلاق إلى أثناء المائة الثامنة كما هنا حسب ما ذكره ابن بدران في المدخل ص (204) محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الحنبلي ، البغدادي ، المعروف بأبي يعلى ، شيخ الحنابلة وإمامهم في عصره ، تفقه على ابن حامد وغيره ، وصنف مصنفات منها: العدة في أصول الفقه ، والأحكام السلطانية ، وتوفي سنة 447 هـ. (ينظر: طبقات الحنابلة 2/193 ، والمنهج الأحمد 2/105).
 9 الفروع 2/113.
 10 ينظر: كشاف القناع 2/34.
11 البخاري الأذان (605) ، مسلم المساجد ومواضع الصلاة (674) ، الترمذي الصلاة (205) ، النسائي الأذان (635) ، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (979) ، أحمد (5/53) ، الدارمي الصلاة (1253).
 12 تقدم تخريجه ص (32).
 13 استدل به النووي في المجموع 4/522.
14 ينظر: مغني المحتاج 1/286.
 15 ينظر: المجموع 4/521 - 522 ، ومغني المحتاج 1/286.
 16 ينظر: المجموع 4/522.
17 هو سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، مفتي المملكة العربية السعودية في وقته ، ولد في الرياض عام 1311هـ ، وتعلم فيها ، وفقد بصره وهو صغير فتابع الدراسة وحفظ كتاب الله ومتون العلم ، ثم تصدر للإفتاء وعين مفتيا للملكة ، ثم رئيسا للجامعة الإسلامية ، وللمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ، ولتعليم البنات ، أملى من تأليفه عددا من الكتب منها: تحكيم القوانين ، والجواب المستقيم ، وتوفي في الرياض عام 1389 هـ. (ينظر: مشاهير علماء نجد ص (169 - 184) ، والأعلام (5/306).
 18 فتاوى ورسائل سماحته 3/19.
 19 مجلة البحوث الإسلامية ، العدد (15) ، ص (84).
 20 ينظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع 5/78.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire