el bassaire

samedi 26 janvier 2013

الكلام في الخطبة



 


الأمر الرابع حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم إذا ذكره الخطيب والجهر بها
اختلف الفقهاء في حكم صلاة المستمع على النبي صلى الله عليه و سلم إذا ذكره الخطيب في الخطبة، والجهر بها، وذلك على قولين:
القول الأول: تجوز الصلاة عليه سرا و هذا مروي عن أبي يوسف من الحنفية (1) وبه قال الحنابلة (2) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (3).
القول الثاني: لا تجوز الصلاة عليه. وبهذا قال الحنفية، وهو ظاهر الرواية عندهم (4)

الأدلة: أدلة أصحاب القول الأول:
1- أن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم سرا لا يشغل عن سماع الخطبة، ففي فعله إحراز للفضيلتين: الصلاة والاستماع (5)
2- أن الخطيب إذا قال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه ) (6) (7) فهو يبلغ الحاضرين أمرا، فيجب عليهم امتثاله (8)

دليل أصحاب القول الثاني:
1- أن حال الخطبة كحال الصلاة في المنع من الكلام، فكما أن الإمام لو قرأ قوله - تعالى -: (إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه ) (9) (10) في صلاته لم يشتغل الحاضرون بالصلاة عليه، فكذلك إذا قرأها في الخطبة (11)

مناقشة هذا الدليل: يناقش بعدم التسليم بأن حال الخطبة كحال الصلاة في المنع من الكلام، بل الخطبة أخف حيث يجوز فيها مخاطبة الإمام لحاجة، وما كان لضرورة من تحذير ضرير ونحوه، ولا يؤثر ذلك في صحتها، بخلاف الصلاة.

2- أن إحراز فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم مما يمكن في كل وقت، وإحراز ثواب سماع الخطبة يختص بهذه الحالة، فكان السماع أفضل (12)
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن في الرد سرا جمعا بين الأمرين تحصيل فضيلة الصلاة والاستماع، وعدم التشويش على الحاضرين.

الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بجواز الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم سرا عند ذكره في خطبة الجمعة؛ لقوة ما استدلوا به، ولما في ذلك من الجمع بين الأدلة التي ورد فيها الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم عند ذكره، والتي ورد فيها تحريم الكلام في خطبة الجمعة، وأما رفع الصوت بها فغير مشروع، جاء في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية: " والسنة في الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أن يصلي عليه سرا، كالدعاء، أما رفع الصوت بها قدام بعض الخطباء فمكروه أو محرم اتفاقا " (13)

الأمر الخامس حكم التأمين على الدعاء والجهر به
لا إشكال في جواز التأمين على دعاء الخطيب في خطبة الجمعة، والجهر به عند من يقول بعدم حرمة الكلام حال الخطبة وهم الشافعية في القول الصحيح عندهم كما تقدم (14) ومن يقول بجواز الكلام حال الدعاء وهم الحنابلة في وجه عندهم  (15).
وأما من قال بتحريم الكلام حال الخطبة مطلقا فلم أطلع على قول لهم في ذلك إلا الحنابلة في الصحيح عندهم فإنهم قالوا: يسن التأمين سرا (16) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث جاء في الاختيارات: " والسنة في الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أن يصلي عليه سرا، كالدعاء " (17)، فيتلخص في المطلب بناء على ما ظهر لي مما تقدم قولان:
الأول: يجوز التأمين سرا لا جهرا، وهو القول الصحيح عند الحنابلة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
الثاني: يجوز التأمين جهرا، وهو مقتضى قول الشافعية في الصحيح عندهم، ووجه عند الحنابلة.
الأدلة: دليل أصحاب القول الأول: أن الحاضر للخطبة يشغل غيره عن الاستماع إذا جهر بالتأمين، فيؤمّن سرا (18)
وأما أصحاب القول الثاني فقد تقدمت أدلة الشافعية على قولهم باستحباب الإنصات للخطبة وعدم تحريم الكلام، ومناقشتها، وسيأتي دليل القائلين بجواز الكلام حال الدعاء من الحنابلة ومناقشته - إن شاء الله - (19).

الترجيح:  هذه المسألة لم أطلع على أقوال صريحة فيها سوى قول الحنابلة، كما أنه ليس فيها أدلة واضحة، ولكن قول الحنابلة بالتأمين سرا قول وسط فيه إدراك لفضيلة التأمين على الدعاء، وعدم تشويش على السامعين ومخالفة للأمر بالإنصات، فهو الأظهر في المسألة كما تقدم في الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والله أعلم.


1 ينظر: المبسوط 2/29 ، وبدائع الصنائع 1/264.
2 ينظر: الفروع 2/125 ، والإنصاف 2/418 ، والمبدع 2/176 ، وكشاف القناع 2/48.
 3) ينظر: الاختيارات ص (80).
4 ينظر: المبسوط 2/28 - 29 ، وبدائع الصنائع 1/264؛ والفتاوى الهندية 1/147.
 5) ينظر: بدائع الصنائع 1/264 ، وفتح القدير 2/38.
 (6) سورة الأحزاب آية: 56.
 (7) سورة الأحزاب جزء من الآية رقم (56).
 (8) ينظر: المبسوط 2/29.
 (9) سورة الأحزاب آية: 56.
10 سورة الأحزاب جزء من الآية رقم (56).
11 ينظر: المبسوط 2/29.
 12 ينظر: بدائع الصنائع 1/264.
 13 الاختيارات ص (80).
 14 ص (303).
 15 ينظر: الفروع 2/125 ، والإنصاف 2/418.
 16 ينظر: الفروع 2/125 ، والإنصاف 2/418 ، وكشاف القناع 2/48 ، وشرح منتهى الإرادات 1/304.
17 الاختيارات ص (80).
 18 منتهى الإرادات 1/304.
 19 ص (357 - 361).



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire