el bassaire

samedi 26 janvier 2013

هل نصوص اليوم الآخر من المحكم أم من المتشابه



 ؟

ج) أقول :- وهذا السؤال لا يقل أهمية عن السؤال الذي قبله ، وبيان جوابه أن يقال :- إن الكلام هنا هو بعينه كالكلام في السؤال الذي قبله ، وهو أن نصوص اليوم الآخر ننظر لها من جهتين :- من جهة معانيها ، ومن جهة كيفياتها ، فإما من جهة معانيها فإنها معلومة لنا ، وواضحة ولا خفاء فيها ، فهي من المحكم باعتبار معانيها ، وأما كيفياتها فهي مما استأثر الله بعلمه ، فلا يعلم كيفياتها على وجه التفصيل إلا الله تعالى ، فكيفياتها مما أخفاه الله تعالى عنا ، ولم يرد منا أن نعلمه ، فهي إذا من المتشابه باعتبار كيفياتها ، فعذاب القبر ونعيمه وسؤاله حق على حقيقته ، ونحن نعلم معنى السؤال ونعلم معنى العذاب والنعيم ، ولكن لا نعلم كيف سيكون ذلك على وجه التفصيل, فعذاب القبر ونعيمه وسؤاله مما نعلم معناه ، ونجهل كيفيته ، فهو من المحكم في معانيه ومن المتشابه في كيفياته ، ونحن نؤمن بالبعث والنشور والجزاء والحساب ، وتطاير الصحف ووضع الموازين ونصب الصراط ، وغير ذلك مما سيكون في اليوم الآخر ، كل ذلك نؤمن به ، ونعلم معناه ، ولكن لا نتكلم في كيفياته ، ولا نخوض فيها ، لأنه لا يعلم كيفية ما سيكون في اليوم الآخر إلا الله تعالى  ونحن نؤمن بالجنة وما جاء فيها من النعيم على وجه الإجمال والتفصيل ، ونؤمن بالنار وما جاء فيها من العذاب على وجه الإجمال والتفصيل ، ونعلم معاني ذلك على حسب الوضع اللغوي عندنا في لسان العرب ، وأما حقائق هذه الأشياء وكيفياتها التي هي عليه في الواقع فإنه لا يعلمها أحد من الثقلين، بل لا يعلمها إلا الله تعالى ، ولا مدخل للعقول الضعيفة في إدراك كيفية ذلك ، وهو وإن اتفق مع الاسم المعهود عندنا في الدنيا ، إلا أن المتقرر عند أهل السنة والجماعة :- أن الاتفاق في الأسماء لا يستلزم الاتفاق في الصفات ، أي ليس كل شيئين اتفقا في اسميهما فإنهما لا بد وأن يتفقا في صفتيهما ، فما ورد في الجنة من النعيم نجد أنه في اسمه متفق مع أسماء نعيمنا في الدنيا ، ولكن الاتفاق في الأسماء لا يستلزم الاتفاق في المسميات ، أي في الصفات ، ولذلك نفى الله تعالى علمنا بذلك بقوله في الحديث القدسي " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " وهو في الصحيح ، وأرجوك أن تنتبه لهذا الكلام ، وأعيده لك حتى تفهمه فأقول :ــ إن ما ورد في اليوم الآخر مما سيكون فيه ، هو متفق مع الأسماء المعهودة عندنا في الدنيا ، ولكن لا بد أن تعلم أن مجرد الاتفاق في الأسماء لا يستلزم الاتفاق في الكيفية ، وعليه :- فنحن لا نعلم من ذلك إلا مجرد الاسم فقط على ما هو مقرر فيه ، أي في لسان  العرب ، أي أننا لا بد أن نحمل هذه الألفاظ على المعاني اللغوية عندنا في اللسان العربي ، وأما كيفياتها التي ستكون عليها فلا نتكلم فيها ، لأنه لا يعلمها إلا الله تعالى ، فبان لك بذلك :- أن نصوص ما ورد أنه سيكون في اليوم الآخر هي من قبيل المحكم في معانيها لأننا نعلمه ، ومن المتشابه في كيفياتها لأننا لا نعلمها ، ولعلي أن أكون قد وفقت في إيصال هذه المسألة لك ، ولعلك تكون قد فهمتها ، فأسأل الله تعالى أن ييسر فهمها عليك ، وأن يرزقك قبولها واعتمادها ، وأن يهدي قلبك وروحك وعقلك للحق المتفق مع الكتاب والسنة ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء ، والله يتولانا وإياك

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire