el bassaire

jeudi 7 novembre 2013

فصل في النفر


أي الذهاب من منى إلى مكة والوداع وما يتعلق بذلك والنفر بالتحريك التفرق من نفر ينفر نفورا ونفارا فر وذهب والنفر الأول والثاني من منى.
قال تعالى: }فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ{ أي استعجل بالنفر من الحج في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد رمي جماره }فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ{ في تعجيله وذلك أنه على الحاج أن يبيت بمنى الليلة الأولى والثانيه من أيام التشريق ويرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرون حصاة عند كل جمرة بسبع حصيات كما تقدم إلا أنه رخص لرعاة الإبل وأهل سقاية الحاج ثم كل من رمى اليوم الثاني من أيام التشريق وأراد أن ينفر ويدع البيتوتة الليلة الثالثة ورمى يومها فذلك له واسع.
}وَمَنْ تَأَخَّرَ{ عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى يبيت ليلة الثالث ويرمي يوم الثالث جماره أو لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه أن يبيت حتى يرمى اليوم الثالث ثم ينفر (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) في تأخيره فقد خيره تعالى ونفى الحرج سواء في ذلك مريد الإقامة بمكة وغيره والأفضل أن يمكث ويرمي لفعله صلى الله عليه و سلم ونفي الإثم لايقتضي المساواة لنزولها بسبب أن الجاهلية منهم من يؤثم المتقدم ومنهم من يؤثم المتأخر.
فنفي الإثم تعالى عنهما لأخذ أحدهما بالرخصة والآخر بالأفضل }لِمَنِ اتَّقَى{ أى لمن اتقى أن يصيب في حجه شيئًا نهاه الله عنه أو يغفر لهما بسبب تقواهما فلا يبقى عليهما ذنب ولما ذكر تعالى النفر الأول والثاني وهو تفرق الناس من موسم حجهم إلى سائر الأفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف قال }وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{ تجمعون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.

 (وقال عمر) ابن الخطاب رضى الله عنه (من أدركه المساء) أي غابت عليه الشمس (في اليوم الثاني) أي من أيام التشريق قبل أن ينفر (فليقم) أي يلزم المبيت بمنى (إلى الغد) من اليوم الثالث من أيام التشريق ويرمي الجمرات (حتى ينفر مع الناس) النفر الثاني قال الشيخ وغيره ثبت هذا الأثر عن عمر ورواه مالك عن ابن عمر وقال ابن المنذر ثبت عن عمر وهو قول أحمد والشافعي ورواية عن أبي حنيفة وهو مذهب جماهير العلماء وأكثر الفقهاء وقاله شيخ الإسلام وغيره.

وقال ولأن الشارع جوز التعجيل في اليوم وهو اسم لبياض النهار فإذا غربت الشمس خرج من أن يكون في اليوم فهو ممن تأخر فلزمه المبيت بمنى والرمي بعد الزوال ونص عليه جمهور أهل العلم. ثم إن نفر في اليوم الثاني ثم رجع في اليوم الثالث لم يضره رجوعه وليس عليه رمي لحصول الرخصة قال ولا ينفر الإمام الذي يقيم للناس المناسك بل السنة أن يقيم إلى اليوم الثالث وقال وليس له التعجيل لأجل من يتأخر.
 (وعن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء) يعني بالمحصب وللبخاري عنه صلى الظهر يوم التروية بمنى والعصر يوم النفر بالأبطح قال الحافظ وقوله صلى الظهر يعني بالمحصب لا ينافي أنه لم يرم إلا بعد الزوال لأنه رمى فنفر فنزل المحصب فصلى الظهر به والعصر والمغرب والعشاء (ثم رقد رقدة) وللبخاري عن ابن عمر نحوه وفيه ويهجع هجعة (بالمحصب) اسم لمكان كان متسعا خارج مكة عند خيف بني كنانة فيما بينه وبين ثنية كداء ويقال له الأبطح وهو ما انبطح من الوادي واتسع قال الحافظ مابين الجبلين على المقبرة.

وللبخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ثم هجع هجعه أي نام يسيرا (ثم ركب) يعني ناقتة القصواء (إلى البيت) أي ليطوف به (فطاف به) أي طواف الوداع (رواه البخاري) قال الشيخ ثم إذا نفر من منى فإن بات بالمحصب وهو الأبطح وهو ما بين الجبلين إلى المقبرة ثم نفر بعد ذلك فحسن فإن النبي صلى الله عليه و سلم بات به وخرج ولم يقيم بمكة بعد صدوره من منى) لكنه ودع البيت. وقال لاينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.

وقال ابن القيم اختلف السلف في التحصيب هل وهو سنة أو منزل اتفاق؟ فقالت طائفة هو من سنن الحج لما في الصحيحين نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر فقصد إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر والعداوة لله ورسوله ولمسلم أن أبا بكر وعمر كانوا ينزلونه وابن عمر يراه سنة وذهبت طائفة منهم ابن عباس وعائشة إلى أنه ليس بسنة وإنما هو منزل اتفاق.

وقال أبو رافع لم يأمرني ولكن أنا ضربت قبته فيه ثم جاء فنزل فأنزل الله فيه بتوفيق تصديقا لقوله صلى الله عليه و سلم ولا خلاف فى عدم وجوبه وصرح شيخ الإسلام وغيره أنه لو سافر لبلده من منى ولم يأتي مكة بعد طواف الإفاضة لم يكن عليه وداع وقال في الفروع وإن ودع وأقام بمنى ولم يدخل مكة فيتوجه جوازه.

 (ولهما عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال (أمر الناس) بالبناء للمجهول والمراد به النبي صلى الله عليه و سلم (أن يكون آخر عهدهم) رؤيتهم وليقيهم (بالبيت الطواف) وفي لفظ لمسلم كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لاينفرن أحد حتى يكون اخر عهده بالبيت وفيه دليل على وجوب طواف الوداع قال النووي وغيره وهو أكثر قول العلماء وورد فيه أمره صلى الله عليه و سلم به ونهيه عن تركه وفعله الذي هو بيان للمجمل الواجب.

ولاريب أنه يفيد الوجوب كما هو مذهب جماهير السلف والخلف إلا ما روي عن مالك مستدلاً بالتخفيف عن الحائض وأجابوا بأنه دليل الإيجاب أن بتركه دمًا إذ لو لم يكن واجبًا لما أطلق عليه لفظ التخفيف ولفظه (إلا أنه خفف) يعني طواف الوداع.
 (عن الحائض) وظاهره عدم وجوبه عليها فلا يلزمها عند عامة الفقهاء ولا تنتظر الطهر لسقوطه عنها من أصله ومفهومه وجوبه على من سواها قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم وفي الصحيحين في قصة صفية وكانت حاضت بعد طواف الإفاضة فأمرها أن تنفر.
وهو أصل في سقوط الوداع عنها وألحق الطبري وغيره من خاف نحو ظالم وغريم وفوت رفقة وقال شيخ الإسلام هو واجب على من سواها عند الجمهور وليس من الحج وإن خرج غير حاج فظاهر كلامه لايجب عليه ولاوداع على أهل مكة ولامن أقام بها بإجماع من أوجبه ولو خرج من مكة لحاجة فطر له السفر.لم يلزمه دخولها لأجل طواف الوداع لأنه لم يخاطب به حال خروجه.
ووقته أذا فرغ من جميع أموره وإن قضى حاجته في طريقه. أو اشترى زادًا أوشيئًا في طريقه لم يعد لأن ذلك ليس بإقامة تخرج طوافه عن أن يكون اخر عهده بالبيت قاله شيخ الإسلام وغيره وهو مذهب جمهور أهل العلم وقال فلا يشتغل بعده بتجارة ونحوها لكن إن قضى حاجة أواشترى شيئا في طريقه بعد الوداع أودخل المنزل الذي هو فيه ليحمل المتاع على دابته ونحو ذلك مما هو من أسباب الرحيل فلا إعادة عليه وإن أقام بعد الوداع أعاد ليكون اخر عهده بالبيت كما جرت العادة في توديع المسافر أهله وجيرانه (ولأبي داود) وأحمد وغيرهما إلا أن في سنده مقالا (عن عبد الرحمن بن صفوان) بن قدامة قيل قرشي وقيل جمحي له صحبة وبلاء حسن وصداقة مع العباس (قال لما فتح رسول الله مكة) سنة ثمان من الهجرة وفي لفظ لما قدم مكة ودخل البيت لبست ثيابي ثم انطلقت و(وافقته قد خرج من الكعبة وللخمسة إلا النسائي وصمم الترمذي إنه دخل الكعبة وقال وددت أني لم أكن فعلت إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي.
ولأحمد والنسائي عن أسامة دخلت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم البيت فحمد الله وأثنى عليه وكبر وهلل ثم قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخده ويديه ثم هلل وكبر ودعا ثم فعل ذلك بالأركان كلها وثبت دخوله من حديث ابن عباس وغيره عند البخاري وغيره وللترمذي وصححه عن بلال أنه صلى الله عليه و سلم صلى في جوف الكعبة قال والعمل عليه عند أهل العلم لا يرون بالصلاة في الكعبة بأسًا.
قال الشيخ فإذا دخل مع الباب تقدم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه فذلك المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه و سلم وإن لم يدخله فلا بأس وقال ليس دخوله فرضًا ولا سنة مؤكدة بل حسن وأخذ بيد عائشة لما سألته دخوله فأدخلها الحجر وهو صلى الله عليه وسلم لم يدخله في حجه ولا عمرته وإنما دخله عام الفتح قال ابن القيم لتطهيره مما كان فيه من طواغيت الجاهلية وأوثانها.
قال (وأصحابه قد استلموا البيت) أي قد وضعوا صدورهم عليه وأيديهم فلمسوه وتناولوه (من الباب إلى الحطيم) وهو ما بين الركن والباب كما ذكره المحب الطبري وغيره. وكذا قال غير واحد أنه من الحجر الأسود إلى الباب. وقال ابن عباس الملتزم ما بين الركن والباب. ولا نزاع في ذلك. سمي بذلك لأن الناس كانوا يحطمون هناك بالإيمان ويستجاب فيه الدعاء للمظلوم على الظالم. وقل من حلف. هناك يعني كاذبًا إلا عجلت له العقوبة. وكذا قال أهل اللغة. لأنه تحطم فيه الذنوب (وقد وضعوا خدودهم على البيت).
ولأبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: طفت مع عبد الله. فلما جاء دبر الكعبة. قال أعوذ بالله من النار ثم مضى حتى استلم الحجر. فقام بين الركن والباب فوضع صدره وذراعيه وكفيه هكذا. وبسطهما بسطًا. وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعله ولا بن ماجه نحوه ففيه استحباب وضع الخد والصدر على البيت بين الركن والباب قال (ورسول الله صلى الله عليه و سلم وسطهم) بالتسكين لأنه بمعنى بيت. أي فكان صلى الله عليه و سلم شريكًا لهم في هذا العمل الصالح. ومن حديث عمرو بن شعيب أنه صلى الله عليه و سلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم.

ودلت الأحاديث على استحبابه. ولأنه موضع تجاب فيه الدعوات. قال ابن عباس لا يلتزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه. وقال الشيخ يقف إن أحب وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع. فإن هذا الألتزام لا فرق أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة وقال ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنا.
وإن شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس، ولفظه اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازداد عني رضا، وإلا فمن الآن قبل أن تنأي عن بيتك داري، وهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني العافية في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير. ويدعو بما أحب ويصلى على النبي صلى الله عليه و سلم.

قال شيخ الإسلام وغيره ويشرب من ماء زمزم لما أحب، ويدعو بما ورد ومن حمل منه جاز، فقد كان السلف يحملونه، ويستلم الحجر ويقبله، ثم يخرج ولا يقف، ولا يلتفت ولا يمشي القهقري بعد وداعه، وذكر أنه بدعة مكروهة بل يخرج كما يخرج الناس من المساجد بعد الصلاة، وتقف الحائض والنفساء بباب المسجد ولا تدخله، لأنها ممنوعة من دخوله، وتدعو بالدعاء الذي سبق وبغيره.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire