el bassaire

vendredi 15 novembre 2013

أقسام الحديث



أقسام الحديث

باعتبار طرق وروده إلينا ، فقلنا : إنه ينقسم إلى قسمين كبيرين : المتواتر وهو ما نقل بطرق كثيرة غير محصورة ، وتكلمنا عنه وعن تعريفه وعن أقسامه وعن وجوده وعن حجيته ، وشروطه وما يتعلق بهذا .
والقسم الثاني : الآحاد ، وهو ما ليس بمتواتر ، وكنا قد وقفنا عند قول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى وهو يتكلم عن النوع الثاني من أنواع الحديث الآحاد ، فذكرنا في اللقاء الماضي أن الآحاد أقسام ثلاثة ، المشهور والعزيز والغريب ، وقلنا إن المشهور هو ما روي بطرق محصورة بأكثر من اثنين ولم يبلغ حد التواتر ، وإن أي حديث لا يبلغ حد التواتر لسبب قصور الطرق ، أنها لم تبلغ درجة التواتر في عدد التواتر ، في العادة يصير حديثاً مشهوراً .
لأن هناك من يرى أن المتواتر هذا أخص من المشهور ، المشهور أعم ، فمن المشهور ما يتواتر وما لا يتواتر يبقى على حد كونه مشهوراً .
وقلنا إن المشهور أيضًا قسمان ، أو نوعان ، المشهور الاصطلاحي ، الذي هو ما رواه عدد أكثر من اثنين ، ولم يبلغ حد التواتر ، وهناك المشهور على الألسنة ، الأحاديث المشتهرة على ألسنة العامة ، أو ألسنة الخاصة ، وهذه أوسع من أن تكون محصورة في المعنى الاصطلاحي الذي يحددها بما رواه اثنين فأكثر ولم يبلغ حد التواتر ، هذه أوسع شوية .
النوع الثاني من أنواع الآحاد وهو الثالث من أنواع الحديث عموماً ، الحافظ هنا يعد من أول المتواتر ، بدأ بالمتواتر أولاً ، على اعتبار أنه القسم الأكبر هذا رقم واحد ، ثم انتقل للآحاد ، التي هي القسم الثاني المقابل للتواتر ، وعد من الآحاد المشهور ، أصبحوا اثنين .
يقول رحمه الله والثالث : العزيز .و العزيز وهو ألا يرويه أقل من اثنين عن اثنين ، يعني ممكن أكثر ممكن ، يعني ممكن يكون في طبقة اثنين وطبقة فيها عشرة ، هذا يكون عزيزا ، وبعض الناس أنا مدرك أنه يحصل اشتباه أو عدم وضوح لمسألة الطبقات ، لو تصورنا نقول الطبقة عشان الكلام هيتكرر معنا كثيرًا ، وربما عندما تتاح لنا السبورة إن شاء الله قريباً نعيد أيضًا توضحيه عليها عيانا بياناً حتى يتصوره الناس ، خاصة من ليس الحديث من صناعته .
الطبقة المقصود بها : الجيل ، أو الجماعة المتساوون أو المتقاربون في السن وفي المشايخ ، جماعة ، يقول لك فلان من جيل فلان ، أو من طبقته ، يعني هم كانوا يتعلمون مع بعض ، وكانوا يذهبون معاً إلى المشايخ وشيوخهم في الغالب هم هم ، هم نفس شيوخ بعضه البعض ، كلهم أخذوا على شيوخ متفقين ، فيمكن أن نقول نحن طبقة ، ومن فوقنا مشايخنا طبقة ، وشيوخ شيوخنا طبقة ، هذه الطبقات ، طبقات الإسناد هي الجزء ، لو عندي الإسناد فيه أربعة رواه ، فنطلق مجازاً على كل راو أن هذا طبقة ، باعتبار ما سينضاف إليه من طبقات أخرى في أسانيد أخرى يعني ، هذا يتضح أكثر في الحديث العزيز أو الحديث المشهور ، الحديث العزيز نقول لا يرويه أقل من اثنين في كل طبقة ، يعني لما آتي لأجمع طرق هذا الحديث أجد عندي في كل طبقة من طبقات الإسناد اثنين ، يعني مثلاً أجد عندي عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابيان ، الصحابة هنا طبقة ، أجد فيها اثنين أنس وأبو هريرة ، أجد يرويه عن أنس مثلاً اثنان ، ثابت وعبد العزيز بن صهيب ، هذه الطبقة الثانية ، الطبقة الثالثة أجد يرويه مثلاً عنهما مثلاً الزهري وعمرو بن دينار ، أنزل كمان طبقة أجد سفيان بن عيينة وسفيان الثوري ، فالطبقة في الإسناد الراوي من الرواة وما يشترك معه من شيوخ في نفس هذا الحديث يرووه معه ولو عن شيخ آخر ، وليس مشكلة أن يكون عن نفس الشيخ .
فالشرط دائماً في اعتبار الحديث متواتر أو مشهور أو عزيز أو غريب ننظر لأقل الطبقات عدداً ، لو عندي في طبقة واحد في باقي الطبقات عشرين عشرين عشرين ، يعني عشرين عن عشرين عن واحد عن عشرين ، هذا الحديث يطلق عليه ، نعتبر به الأكثر أم الأقل ؟
ننظر إلى أقل طبقة فيها كم واحد ، وهذه الطبقة ينسب لها الحديث ، ففي هذا المثال إذا قلنا حديث يرويه عشرون في أول طبقة ، عن عشرين في الطبقة الثانية ، عن واحد ، عن عشرين عن عشرين ، فهذا حديث غريب ، لماذا؟ لوجود طبقة بها واحد فقط ، فأنا أحسب على أقل طبقة ، أقل عدد جاء عندي واحد ، فيكون هذا  الحديث غريب ، لو الحديث عندي ثلاثة ثلاثة اثنين ، يكون الحديث حديث عزيز ، لأن أقل طبقة عندي فيها اثنين ، والاثنين هذا هو العزيز ، لو عندي سبعة سبعة سبعة ثلاثة ، يبقى هذا مشهور لأن أقل حاجة فيه ثلاثة ودا حد المشهور ، وهكذا .
ولهذا الحافظ يقول : ألا يرويه أقل من اثنين عن اثنين ، يعني أكثر ممكن ، أكثر ممكن ، يعني ممكن يرويه أكثر من اثنين في بعض الطبقات ، لكن بشرط أن تكون هناك طبقة من الطبقات فيها اثنين ، يبقى الحديث العزيز ما يكون في طبقة من طبقاته اثنين من الرواة ، قد يزيد في طبقة أخرى ، وهو ألا يرويه أقل من اثنين عن اثنين ، وسمي بذلك إما لقلة وجوده ، وإما لكونه عز أي قوي بمجيئه من طريق آخر ، سمي العزيز عزيزا ، قلنا أن المشهور مشهور لأنه أتى من أكثر من طريق ، لكنه لم يبلغ حد التواتر ، فهو مستفيض ومشهور ، العزيز سمي عزيز لماذا؟ لأن العزيز قليل أخذ من العزة ، العزيز مأخوذ من العزة ، العزة اللي هي الندرة ، يقال شيء نادر عزيز ، عزيز جداً ، يعني نادر جداً ، فنادر لأن بالفعل لما نأتي نبحث هل هناك أحاديث بهذا الرسم أن تكون في طبقاتها اثنان عن اثنين عن اثنين ، نجد هذا فعلاً قليل من الأحاديث ، فسمي العزيز عزيزا إما لقلة وجوده ، مأخوذ من العزة وهي الندرة ، أو لأنه عز يعني قوي بمجيئه من طريق آخر ، أنه كان قبل ما يأتيه الطريق الثاني كان فرداً ، فكان ممكن يكون ضعيف ، لما جاءه طريق آخر صار به عزيزا ، يعني قوياً ، فهذا وذاك سببان من أسباب تسميته بهذا الاسم .
وليس شرطاً للصحيح ، خلافاً لمن زعمه وهو أبو علي الجبائي ، أبو على الجبائي أحد أئمة الاعتزال ، وكان زعم إن شرط الصحيح أن يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين عن اثنين ، وهذا كلام غير صحيح بالمرة ، وهذا كلام من لم يمارس هذا العلم ، لأن أول حديث في صحيح البخاري يرويه واحد عن واحد عن واحد عن واحد وليس له في الدنيا إلا هذا الطريق ، وهذا أول حديث في صحيح البخاري ، فكيف يكون شرط الصحيح من الأحاديث أن يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين وأصح الكتب بعد كتاب الله أول حديث فيه ليس كذلك .
فأبو علي الجبائي أخطأ في هذا ، ولهذا الحافظ يقول : ليس كون الحديث يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين شرط من شروط الحديث الصحيح ، ونحن لما نأتي إن شاء الله نشرح الحديث الصحيح لن نجد فيه هذا الشرط ، سنجد له خمسة شروط ليس هذا منها ، خلافاً لمن زعمه وهو أبو علي الجبائي من المعتزلة ، وإليه يومئ كلام الحاكم أبي عبد الله في علوم الحديث ، حيث قال الصحيح أن يرويه الصحابي الزائل اسم الجهالة بأن يكون له راويان ، ثم يتداوله أهل الحديث إلى وقتنا كالشهادة على الشهادة .
الحافظ كأنه يظن إن الحاكم أبو عبد الله كلامه الذي ذكرناه منذ قليل ، يستفاد منه أن الحاكم كان يرى أن من شرط الصحيح أن يكون أيضًا له في كل طبقة من طبقات الإسناد طريقان أو راويان ،  وليس هذا فحوى كلام الحاكم ، بل الحاكم معنى كلامه كما هو واضح أنه يشترط حتى يكون الصحابي معروفاً وتزول عنه الجهالة أن يكون لهذا الصحابي راويان ، يكون روى عنه اثنان من التابعين ، وهذه قضية ليس لها علاقة بالصحيح ولا بالضعيف ، لكنه أسيء فهم كلامه رحمه الله .
وسرح القاضي أبو بكر بن العربي في شرح البخاري بأن ذلك شرط البخاري ، أبو بكر ابن العربي القاضي الشهير ، شارح الترمذي والموطأ ، كان قد صرح في بعض كتبه بأن شرط الصحيح شرط البخاري في صحيحه أن يروى الحديث من اثنين عن اثنين عن اثنين ، على صورة العزيز يعني ، فما الفرق بينه وبين الجبائي ؟ ما الفرق بين كلام أبو بكر بن العربي وكلام الجبائي الذي رددناه منذ قليل ؟
أن كلام الجبائي أن هذا شرط في الصحيح ، شرط في تصحيح الحديث أصلاً ، أن يرويه اثنان عن اثنين ، أبو بكر بن العربي يقول أن هذا شرط البخاري في صحيحه ، فهناك فرق ، معروف أن البخاري له شرط خاص في صحيحه ، أقوى من شرط مجرد الصحة ، شرط البخاري في الصحيح أعلى من شرط الصحيح العادي ، يعني الحديث قد يكون صحيحاً وليس على شرط البخاري في صحيحه ، فأبو علي الجبائي زعم أن شرط الحديث حتى يكون صحيحاً أن يروى من طريق اثنين عن اثنين عن اثنين وهذا غلط ، ليس بصحيح.
أبو بكر بن العربي ، وهذه مشكلة ، لأن أبو علي الجبائي نقول مثلاً رجل معتزلي وأهل الاعتزال أبعد الناس عن الحديث ، ليس لهم علاقة به أصلا ، فوارد أن يخطأ هذا الخطأ الشنيع ، لكن أبو بكر بن العربي الإمام الكبير شارح جامع الترمذي وشارح موطأ الإمام مالك ، وأحد أئمة السنة والحديث في الأندلس ، كيف يخفى عليه هذا ؟
كيف يخفى عليه أن البخاري لم يشترط هذا في صحيحه ، وأن أول حديث في صحيح البخاري وآخر حديث وأحاديث كثيرة جداً في الصحيح ليس فيها هذا الشرط ، فمن أين جاء بهذا الشرط ، لاشك أن ذهول منه عظيم ، غفر الله له ورحمه .
وصرح القاضي أبو بكر بن العربي في شرح البخاري بأن ذلك شرط البخاري ، هذا والرجل أيضًا شرح البخاري ، ليس رجل غريب عن الصنعة ، هذا رجل يده في الصنعة ، وأجاب عما أورد عليه من ذلك بجواب فيه نظر .
هو الراجل كأن أحد نبه ،وقال له أنت الآن أيها الإمام تقول أن البخاري شرطه في الصحيح أن يكون للحديث راويان عن راويين عن راويين وهكذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أليس هذا كلامك وأنه شرط الصحيح ، كيف وأول حديث في الصحيح ليس كذلك ، فكما ذكرنا أول حديث في الصحيح يرويه يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب ، وهذا فرد عن فرد عن فرد ، ولا يوجد فيه اثنين ، وابن العربي قال : أن عمر رضي الله تعالى عنه خطب به على المنبر ، فمن قال أن الذي رواه واحد فقط من الصحابة ، فعمر خطب به على المنبر وسمعه منه عشرات الصحابة والتابعين ، وتُعقب ، وقال : ما دام أن عمر حدث به على المنبر وسمعه الصحابة ، يبقى هم أكيد قطعاً كانوا يعرفون هذا الحديث ، وإلا لو لم يكونوا يعرفونه لرده على عمر ، فدل على أنه رواه غير عمر لكنه لم ينقل إلينا ، كأنه يريد أن يقول كذلك ، وتُعقب هذا الكلام ، رُد على ابن العربي بأنه لا يلزم من كونهم سكتوا عنه أن يكونوا سمعوه من غيره ، لأنهم كانوا يثق بعضهم في بعض ، ولما عمر يُحدث بحديث من يجرؤ على رد كلام عمر ، من يستطيع أن يرد على عمر حديثاً يقول فيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا ، من يقدر يرد عليه ، ما فيه أحد يجرؤ على هذا أصلاً ، وحتى لو أن الأمر كذلك فلا يلزم من كونهم سمعوا عمر يقول ذلك أن يكونوا هم سمعوه ، هم وثقوا في عمر وسلموا له ، ولو سلمنا أن هؤلاء كلهم سمعوه مع عمر ، فهو بهذا قد خرج عن التفرد في رتبة الصحابة ، لكن يأتي بعد هذا علقمة بن وقاص الليثي لم يروه عنه إلا محمد بن إبراهيم التيمي ، فأين الاثنين هما ، ولم يحدث به علقمة على المنبر ، ومحمد بن إبراهيم التيمي لم يحدث به عنه إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ، ولم يحدث به على المنبر فلم يسمعه منه أحد غيره .
فإن كان أجاب عن التفرد في الصحابة ، باعتبار أن عمر حدث به على المنبر وسمعه منه الجميع ، فليس عنده جواب على بقية الإسناد ، وهو يضعف دعواه بأن البخاري إنما اشترط في الصحيح أن يكون مرويا من طريق رجلين عن اثنين عن اثنين إلى آخر الإسناد .
قال ابن رشيد ، رشيد أحد الأئمة الأكابر ، من أئمة السنة قال : ولقد كان يكفي القاضي في بطلان ما ادعى أنه شرط البخاري أول حديث مذكور في البخاري ، لو قرأ أول حديث ، هو قطعاً قرأه ، لعلم أن هذا الحديث ينقض دعواه وأن البخاري لم يشترط في صحيحه شيئاً من ذلك ، لم يشترط أن يكون الحديث له راويان عن اثنين عن اثنين إلى آخره ، إطلاقاً ، وإنما ما قال ذلك .
عندنا في مسألة العزيز الذي هو ما رواه اثنان عن اثنين عن اثنين ، أو يكون في طبقة من طبقات إسناده اثنان ، هناك خطأن ، أبو علي الجبائي زعم أن هذا شرط الصحيح عموماً ، وهذا غلط مردود عليه ، وأبو بكر بن العربي المالكي هذا غير ابن عربي الحاتمي ، الذي هو الطائي صاحب الفتوحات هذا غيره ، أبو بكر بن العربي المالكي هذا رجل من فقهاء المالكية متأخر عن ابن عربي الحاتمي صاحب الفتوحات وال؟؟؟؟ ، هذا غيره .
أبو بكر بن العربي قال إن هذا شرط البخاري في الصحيح ، وردوا عليه ، وأبلغ رد عليه ما قاله ابن رُشيد قال : كان يكفيه أن يقرأ أول حديث في صحيح البخاري ، ليعلم أن البخاري لم يشترط شيئاً من هذا في صحيحه .
جاء ابن حبان وادعى دعوة نقيضة كل ذلك ، ابن حبان أبو حاتم بن حبان البستي صاحب الثقات وصاحب المجروحين وصاحب ابن حبان المشهور ، التقاسيم والأنواع ، ادعى نقيض دعوى كل هؤلاء فقال : إن رواية اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي لا توجد أصلاً ، فادعى أن هذا النوع غير موجود أساسا في السنة ، وطبعاً هذا كلام يحتاج إلى نظر ، هل يسلم لابن حبان قوله هذا ، يقول الحافظ ابن حجر قلت : إن أراد أن رواية اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلاً ، فيمكن أن يسلم ، وأما صورة العزيز التي حررناها ، فموجودة بألا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين . ماذا يعني هذا الكلام ؟
يقول لو كان قصد ابن حبان أن اثنين عن اثنين غير موجود لو كان قصده أن يكون حديثاً لم يروه في الدنيا قط إلا اثنين فقط في أول طبقة ، عن اثنين فقط في الطبقة الثانية عن اثنين في الثالثة ، عن اثنين فقط في الرابعة ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيدون ولا ينقصون عن ذلك ، فهذا ممكن أن يكون صحيح، فلو أردنا أن نأتي بحديث لم يروه في الطبقات كلها إلا اثنين فقط ، فربما لا نجد ، فنحن نجد في أول طبقة اثنين ، وبعد ذلك ثلاثة ، وأربعة ، وخمسة ، وهذا ليس إشكال ، فهذا عزيز ، ولكن ليس اثنان فقط فيه اثنين وفيه غير الاثنين ، فيقول لو كان قصد الإمام ابن حبان أنه لا يوجد في الدنيا حديث يرويه اثنان فقط عن اثنين فقط عن اثنين فقط فهذا ممكن يسلم له كلامه ، فعلاً هذا قد لا يكون موجود ، لكن لو كان قصده العزيز بالمعنى الذي حرره العلماء أن يُكتفى فيه بأن يكون في طبقة من طبقاته فقط اثنان ، ولو أن الباقي فيه أكثر من ذلك، فلاشك أن هذا موجود وكثير ، وليس بقليل وليس بنادر ولا معدوم كما قال ابن حبان .
وضرب مثلاً لذلك فقال : مثاله ما رواه الشيخان من حديث أنس ، والبخاري من حديث أبي هريرة ، هذه أول طبقة بها اثنين ، فيها أنس وأبي هريرة ، طبقة الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده » الحديث ، رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ، هؤلاء اثنين ، اثنين عن اثنين ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ، ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن علية وعبد الوارث بن سعيد ، ورواه عن كل جماعة .
فتجد أنه تحقق في صفة الاثنين في الصحابة ، وتحت الصحابة ستجد أكثر ، لو نظرنا لخصوص حديث أنس سنجد اثنين فقط، لكن لو أدخلنا معه أبو هريرة ، لأننا حسبناه معه في أول الطبقة ، فستجد بردوا لسه وراه ممكن يبقوا تلاتة ولا حاجة ،وتحت ستجد أكثر وأكثر ، لأنه يصير جماعة في آخر الإسناد ، فهذا عزيز لأن في بعض طبقاته طبقة الصحابة فيها اثنان فقط ، فصار بها عزيزا ، وإن كان في بقية الطبقات أكثر من اثنين ، وهذا يتحقق فيه شرط العزيز الذي نتكلم عنه ، الموجود بكثرة ، لكن ما يتكلم عنه ابن حبان أن العزيز لازم يكون اثنين فقط ، عن اثنين فقط ، عن اثنين فقط ، فهذا فعلاً قد لا يكون موجوداً كما قال ابن حبان .
والرابع الغريب :
وهو ما يتفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد به من السند .
مثل ما قلنا ، العبرة ولو موضع واحد من السند ، الذي هو طبقة من طبقات الإسناد ، فلو أن حديثاً يرويه مائة ، عن مائة ، عن واحد ، عن مائة ، عن مائة فهذا حديث غريب ، لماذا ؟ لأن بعض طبقاته أو بعض مواضع السند فيها راو واحد فقط ، فهذا يسمى غريباً ، مع إن كل الطبقات الباقية يروي فيها مائة عن مائة عن مائة ، هذا كله لا يعتبر ، لكننا سننظر إلى هذه الطبقة التي فيها الواحد ونقيم ونضيف الحديث إلى نوعها ، فيصير حديثاً غريباً لأن أحد طبقات الإسناد أو بعض مواضع السند فيها راو واحد فقط .
على ما يقول : هو ما يتفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد به من السند ، على ما سنقسم إليه الغريب المطلق والغريب النسبي ، وهذا ينقسم قسمين سيأتي ذكرهم الآن .
وكلها - أي الأقسام الأربعة المذكورة سوى الأول الذي هو المتواتر- آحاد ، إذن الغريب آحاد والعزيز آحاد ، والمشهور أيضًا آحاد ، ويقال لكل منها خبر واحد ، هذا يرويه ثلاثة هذا يسمى خبر واحد أيضًا ، وخبر الواحد في اللغة : ما يرويه شخص واحد ، وفي الاصطلاح : ما لم يجمع شروط التواتر .
وكما ذكرنا سابقًا هذا الذي يسيء فهمه كثير مما لا يعقلون هذا الفن ، فيظنون أن الآحاد ما يرويه واحد عن واحد عن واحد فقط ، ويحملونه على المعنى اللغوي وهذا غلط ، فأهل الاصطلاح لهم رأي آخر ، أهل الاصطلاح يعتبرون كل حديث ليس متواترا حديث آحاد ، ولو رواه عشرة عن عشرة عن عشرة ولم يبلغ التواتر فهو حديث آحاد ، وهذا كما قلنا مما يبين جهل الجاهل وعلم العالم في هذا الفن .
بعد ما ذكر الحافظ أول قسمة من أقسام الحديث باعتبار وصوله إلينا ، وباعتبار طرق وروده إلينا ، ما جاء بطرق كثيرة غير محصورة وهو المتواتر ، وما جاء بطرق محصورة وهو الغريب والعزيز والمشهور ، الذي هو الآحاد ، انتقل إلى قسمة أخرى من أقسام الحديث ، تقسيمه من حيث القبول والرد ، فالحديث ينقسم بعد ذلك إلى حديث مقبول وحديث مردود ، لكن السؤال هل هذه القسمة يدخل فيها المتواتر ولا غير داخل فيها المتواتر ، يعني هل المتواتر ينقسم إلى مقبول ومردود ؟
لا يدخل قطعاً ، لأن المتواتر كله صحيح ، الحديث إذا بلغ التواتر قد صار صحيحاً قطعاً وأفاد العلم اليقيني الضروري ، يعني قطعاً قاله رسول الله ولا يحتاج إلى نظر أيضًا ، فهذا لا ينقسم إلى صحيح وضعيف ، المتواتر كله صحيح ، لكن الذي ينقسم إلى مقبول ومردود وله درجات في القبول والضعف هو حديث الآحاد فقط بأنواعه الثلاثة .
يعني لو أننا نرسم خريطة ، وممكن تكون معنا الآن نحاول نصل إليها ، سنجد فيها الصورة الآن ، هذه الصورة التي معنا الآن ، كما ترون القسمة الأولى في أول جزء منها الحديث باعتبار طرقه متواتر وآحاد ، فيها الاثنان ، كما ترون ، تجد فوق المتواتر هذا التقسيم باعتبار الطرق ، ستجد المتواتر ، المتواتر كما ذكرنا فيه : تعريفه وشروطه وحكمه وأقسامه ، لفظي ومعنوي ووجوده ، والقسم الثاني من أقسام الحديث باعتبار طرقه ووصوله إلينا : الآحاد ، والآحاد ستجده منقسم إلى عزيز وغريب ومشهور ، وذكر أحكامه وأنواعه .
هناك القسمة الثانية التي يتكلم عنها الحافظ الآن ، هي القسمة باعتبار القبول والرد ، تجد أن هذه القسمة متعلقة بالآحاد ، تجد السهم يخرج من الآحاد ، خبر الآحاد كما ترون عند الإشارة خبر الآحاد يخرج منه باعتبار القبول والرد نوعان : مقبول سيخرج منه أقسام كثيرة أيضًا هو الآخر ، ومردود كما سيظهر في أسفل ، وسيأتي للمردود هذا أقسام كثيرة جداً .
لو أننا نرسم خريطة سنجد المتواتر بهذا قد انتهى ، سنعمل أول سهم متواتر وخلص ، ثاني سهم آحاد ، وسنأخذ منه غريب عزيز مشهور ، ثم نأخذ منه سهم آخر أكبر ، ونقسمه إلى قسمين : مقبول ومردود ، وسنقسم الآن كل واحد منهما إلى أقسامه الأخرى .
وفيها -أي الآحاد- المقبول : وهو ما يجب العمل به عند الجمهور ، وفيها المردود وهو الذي لم يرجح صدق المُخبر به لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها دون الأول وهو المتواتر ، فكله مقبول ، لإفادته القطع بصدق مخبره ، بخلاف غيره من أخبار الآحاد ، لكن إنما وجب العمل بالمقبول منها لأنها إما أن يوجد فيها أصل صفة القبول ، وهو ثبوت صدق الناقل ، أو ؟؟؟ صفة الرد وهو ثبوت كذب الناقل أولى ، فالأول يغلب على الظن صدق الخبر لثبوت صدق ناقله فيؤخذ به ، والثاني يغلب على الظن كذب الخبر لثبوت كذب ناقله فيطرح ، والثالث إن وجدت قرينة تلحقه بأحد القسمين التحق ، وإلا فيتوقف فيه ، فإذا توقف عن العمل به صار كالمردود ، لا لثبوت صفة الرد بل لكونه لم توجد به صفة القبول والله أعلم .
ماذا يعني هذا الكلام ؟
الحافظ ابن حجر هنا يريد أن يقول أن الآحاد ينقسم إلى مقبول كما قلنا ومردود ، المقبول : ما يجب العمل به عند الجمهور ، إذا صار الحديث مقبولاً وكما سيأتي المقبول قسمان : الصحيح والحسن ، فهذا يجب العمل به ، ولا يتوقف أحد عن ذلك في جميع أبواب الشريعة في العقائد وفي الشرائع وفي الأحكام وفي كل شيء ، خلافاً لبعض من ابتدع ، فقال : لا يعمل بالأحاديث الآحاد في العقائد فهذه بدعة ذميمة ، هناك بعض المبتدعة يقولون إنه لا يعمل بالأحاديث الآحاد في العقائد ، وهذا غلط محض ، ولم يقل به أحد قط من أهل السنة ، لأن أهل السنة مطبقون أن الخبر إذا صح وصار مقبولاً سواء كان آحادا أو كان فرداً أو غريباً أو عزيزا أو مشهوراً ، ما دام قد صح حسناً أو صحيحاً فإنه يُعمل به في كل أبواب الشريعة بلا استثناء .
والإمام  الشافعي رضي الله عنه ورحمه رد في كتابه الرسالة ردا شديداً على من زعم أن خبر الواحد لا يُعمل به ، رد على هؤلاء ردا واضحاً جداً في كثير من مواطن كتابه الرسالة ، وهو حري بأن يراجع .
قال : وفيها المردود ، إذن المقبول ما يجب العمل به عند الجمهور ، وفيها أيضًا من أقسام الآحاد : المردود ، وهو الذي لم يرجح صدق المخبر به ، لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها ، دون الأول ، الخبر المتواتر لا يفكر فيه أحد ، ولا أحد يبحث عن رواته ، بمجرد بلوغه درجة التواتر يكون صحيحاً ، لكن الآحاد نبحث وننظر في الرواة ، سواء كان غريب أو عزيز أو مشهور ، نأتي بالإسناد ونأخذه راوياً راوياً نبحث في حاله ، ننظر هل هو ضابط عدل ثقة فيما يرويه ولا كذَّاب ، فإذا كان ثقة ، الثقة درجات ، هل هو ثقة ثبت أم ثقة على حد الثقة ؟ ولا هو صدوق ، ولا صدوق له أوهام ، ولا صدوق يخطئ كثيرًا ، ولا مغفل ، ولا سيء الحفظ ، ولا منكر الحديث ، درجات ، فينظر في حال راويه ، وبعد ما ينظر في هذا الأمر ، ينظر في أمور أخرى حتى يُقال هذا سليم وصحيح ومقبول ، فهذا يحتاج وقت ، هذا العمل يحتاج إلى مراجعة وإلى نظر وتدبر في الإسناد والمتن ، حتى يُحكم له بالصحة أو القبول .
خبر الآحاد في النظر أحد أمرين : إما أن يثبت له صفة القبول ، تثبت يعني يغلب على الظن ، لأنه لا يفيد على الظن ، يغلب على الظن أن هذا الراوي ثقة ، يعني الراوي نبحث في ترجمته رأينا الجميع يثني عليه ويقول عنه ثقة ، فالثقة يكون حديثه صحيح في العادة ، الشخص الثقة لما يأتي حديث عن الإمام مالك ولا عن شعبة بن الحجاج ولا عن البخاري الأصل أن ما يرويه الثقات يكون صحيحاً ، فهذا الغالب على الظن ، أنه صحيح يثبت له صفة القبول .
ونحن نبحث في الإسناد وجدنا فيه كذاب ، وجدنا فيه مثلاً نوح بن مريم الجندي ياسبوري أو واحد من هؤلاء المشهورين بالكذب ، فالحديث عندئذ يترجح عدم قبوله ؛ لأنه لم يثبت صفة القبول .
أحيانًا تجد الحديث لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، لم يثبت له صفة القبول ، ولا صفة الرد ، إنما هو بين بين ، يعني مختلف فيه ، متأرجح بين القبول وبين الرد ، والله إن جاءت قرينة تلحقه بأحد القسمين بالمقبول يكون مقبولاً ، أو تلحقه بالرد يكون مردودا ، وإن لم تأتيه قرينة فيبقى متوقفا فيه ، والتوقف مصيره إلى الرد ، فالمتوقف لن يعمل به فكأنه مردود ، ولكنه مردود ليس لأنه ثبت فيه الرد ، لكن لأنه لم يُطلع فيه على ما يوجب القبول ، فهذا متوقف فيه ، لكنه في النهاية متوقف فيه يصير مصير المردود ، لأن كلاهما لا يعمل به ، وكلاهما مردود عمليا ، والله أعلم .
وقد يقع فيها أي في أخبار الآحاد المنقسمة إلى مشهور وعزيز وغريب ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار خلافاً لمن أبى ذلك، والخلاف في التحقيق لفظي ، لأن من جوز إطلاق العلم قيده بكونه نظريا ،وهو الحاصل عن الاستدلال ، ومن أبى إطلاق العلم خص لفظ العلم بالمتواتر ، وما عداه عنده ظني ، لكنه لا ينفي أن ما احتف بالقرائن أرجح مما خلا منها .
ماذا يعني هذا الكلام ؟
بناء على ما ذكرنا من أن خبر الآحاد مبني على النظر ، بخلاف التواتر ، التواتر قطعي ، أو أنا لا أنظر في رجاله ، ولا أنظر في إسناده ، هذا إذا صح أنه تواتر خلاص ، يجوز القنطرة، الآحاد أنا أنظر في الرواة وأبني على أغلب الظن ، ماذا يعني أغلب الظن ؟ يعني الراوي هذا ثقة صحيح وأنا أظن أن حديثه صحيح، لكن الثقة يحتمل أنه يخطئ مرة ، فيحتمل أن يكون هذا الحديث الذي معنا من أخطائه ، صح هذا احتمال بعيد جداً ، لكن هو نوع احتمال ، وإن كان بعيداً في العادة ، وأننا لا نثبت الخطأ إلا بحجة، فأنا عندي الراوي الثقة أنه ثقة ، وأن حديثه مقبول ، لا أنتقل عن هذا الأصل إلا بدليل يبين لي أنه أخطأ في هذا الحديث بعينه ، إن لم يأت هذا الدليل يظل على أصله في الثقة والصحة ، لكن يبقى فيه نوع احتمال ، احتمال بعيد جداً ، ولو قلنا مثلاً أن الظن هنا مثلاً نسبته 95% .
وأنا أريد أن أقول شيئاً هنا وأريد الأخوة يأخذوا بالهم منها ، أن الظن ليس كله مرتبة واحدة ، الظن نوع من أنواع العلم ، وهذا ليس درجة واحدة ، يبدأ من 51% إلى 99% ، لو جئنا نقسم الأمور نجد أن فيه عندي يقين ، وفيه عندي ظن ، وعندي شك ، وعندي وهم ، وعندي جهل ، يعني عندي جهل ووهم أو خطأ يعني ، جهل وخطأ وشك وظن ويقين .
اليقين : المطابق مائة بالمائة ، فمائة بالمائة نحن الآن في الاستوديو ، فهذا يقين لا ؟؟؟؟ فيه أحد ، ولو أحد شك في هذه يكون خرج عن كونه عاقلاً ، مثل الراجل الذي ذهب إلى بعض أئمة الإسلام الشعبي أو غيره ، وقال له أنا أنزل البحر وأغوص فيه أتوضأ ثم أشعر أنه لم يمس جسدي ماء ، أنزل في البحر وليس يتوضأ فقط ، لكن موسوس وأشك أني متوضئ ، فقال لا تجب عليك الصلاة ،أنت لا تصلي أصلاً ، لماذا ؟ قال : رفع عن القلم عن ثلاث عن المجنون حتى يفيق ، أنت مجنون ، شخص في الماء ولا يحس بها ، ويشك أنه توضأ وهو كان في البحر ... فهذا مجنون لأنه يشك في اليقينيات ، لو واحد قال : لا أدري السماء فوق أم تحت ؟ فهذا مجنون ..
فاليقين ما كان فيه العلم هذا الإدراك هذا مطابق للواقع بنسبة مائة بالمائة ، يليه الظن ، والظن يدخل فيه من 99.9% إلى 51% هذا كله ظن ، فأنا عندي ظن راجح وظن قوي جداً ، أظن بنسبة 99% كذا ، أن أنا مثلاً اليوم سأدرك الموعد الفلاني ، لأني كل مرة كل يوم أخرج في هذا التوقيت ولي على هذا الحال عشرة سنين وأدرك هذا الميعاد ، في هذا التوقيت أنا أظن أن القادم مثلاً من إسكندرية إلى القاهرة لو خرج العصر بنسبة 99% سيكون موجود هنا بعد العشاء قبل الساعة العاشرة ، لأن الطريق في العادة يأخذ ساعتين ، فلما يكون واقف يأخذ ثلاث ساعات أربعة ، لكن لا يأخذ عشر ساعات أبداً ، لكن ليس يقيني ، لأنه ممكن الطريق يقطع يغلقوا الطريق فيستمر يوم كامل ، فأنا عندي ظن غالب من 99.9% إلى 51% ، وعندي شك 50% إني أنا أشك ، أنا أشك الآن إن الجهاز هذا عطلان أو شغال ، لأني شايف الشاشة سوداء أمامي ، لا أدري هل هذا انقطاع تيار ، أو شاشة توقف ، لا أدري ؟ فهذا يكون شك ، لأن الاثنين عندي مثل بعض ، المعلومتين بنعم أو لا متساويان ، وهناك أيضًا الخطأ الذي هو أقل من 50% كأن أقول مثلاً أن هذا ليس كمبيوتر هذا تليفون محمول ، هذا خطأ ، نسبة العلم فيه أقل من 50% لأنه واضح لكل ذي عينين عالم أن هذا ليس تليفون هذا كمبيوتر .
هناك أيضًا الجهل ، أنه لا يعرف شيئاً أصلاً ، لا يعرف أن هذا كمبيوتر ولا تليفون ولا هو شاك ولا ظان ولا عنده يقين ، وهو لا يدري أصلاً القضية ،فهذا الجهل ، فالجهل نسبة الصفر ، يكون عندي الصفر جهل ، خطأ من 1 إلى 49 ، 50 هذا الشك يستوي فيه الطرفان، ظن من 51 إلى 99.9 ، يقين 100% ، ليس الظن كله ساقطا ، لا ، فيه ظن بـ 51% ، هذا ظن يُخشى منه ، وفيه ظن 99% ، لما يقول لك أن أحكام الشريعة مبنية على الظن ، فمعروف ، ليس معناه الظن بنسبة 51 ، ولكن معناه الظن بنسبة 99.9 ، الظن الذي يكون قريب اليقين ، الذي بينه وبين اليقين شعرة ، ولهذا مسألة إفادة العلم الظني هذا ليس طعناً في الدليل ، يقول لك أصل حديث الآحاد الجماعة الذين لم يأخذوا بالآحاد في العقائد ، حجتهم الداحضة إن خبر الآحاد يفيد الظن ، وكيف أبني عقائد على ظن ، يقول : لك  أن العقيدة لا تبنى إلا على يقين ، ولو طبقنا هذه القاعدة على كلامهم ، هات لي دليل يقيني يثبت هذه القاعدة ، أن العقائد لا تبنى إلا على يقين ، لا يجد ، إذن فهذه القاعدة نفسها ساقطة ، القاعدة نفسها التي يقول فيها : إن العقائد لا تبنى إلا على يقين ، هذه قاعدة ساقطة ؛ لأن ليس عندي يقين يثبت هذه القاعدة أصلاً ، ليس عندي دليل لا ظني ولا يقيني يثبت هذه القاعدة ، فتسقط القاعدة .
أضف إلى ذلك أن الظن الذي نحكي عنه ، الذي تثبت به العقائد وغيرها هو الظن الراجح ، الذي هو الظن الراجح جداً الذي نسبته فوق 90 ، فهذا أقرب ما يكون إلى اليقين ، لكنه ليس يقينياً لأسباب شكلية أو أسباب اصطلاحية بحتة ، ترجع إلى نفس الشيء ، وهكذا ..
فأخبار الآحاد ، منها ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار .
سؤال : هل خبر الآحاد يفيد العلم أم يفيد الظن ؟
العلم هو ما نسبته 100% والظن ما دون الـ 100% ، فهنا يقول لك الخلاف في التحقيق لفظي والعلم فيه نوعان ، العلم القطعي الذي كما قلنا الذي يغلب على القلب ، لما أقول الواحد نصف الاثنين ، هذا ضروري بدون تفكير ، وفيه علم يقيني صحيح وكل شيء لكنه يحتاج إلى نظر ، كما قلنا الله تعالى وحده لا شريك له ، نحن نعتقد هذا ، لكن لكي نثبته للمخالف على الأقل نحتاج إلى أدلة وإلى براهين وإلى حجج ،وإلا هناك أناس يكفرون بهذا ولا يصدقون هذا الكلام ، يقولون ثالث ثلاثة ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً ، فهذا علم يقيني نعم ، لكنه نظري ،يحتاج إلى إقامة أدلة ونظر واجتهاد وبحث لكي يقتنع بهذا المخالف .
فخبر التواتر بالقطع يفيد العلم الضروري ، وقد يقع في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار ، كأن الأصل في أخبار الآحاد أنها تفيد الظن ، ومنها ما يفيد العلم ، الذي هو القطعي ، العلم اليقيني ، لكن هذا اليقين النظري ، المبني على النظر ، لأن هذه الأخبار كلها أخبار الآحاد لابد من النظر في أسانيدها ، التواتر ليس فيه ذلك، لكن خبر الآحاد لازم أنظر في الإسناد أولاً حتى يثبت صحته ، بعد هذا ينبني عليه العمل وما شابه ذلك ..
خلافاً لمن أبى ذلك ، والخلاف في التحقيق لفظي ، لأن من جوز إطلاق العلم قيده بكونه نظريا ، وهو الحاصل بالاستدلال ، ومن أبى إطلاق العلم خص لفظ العلم بالمتواتر ، وما عداه عنده ظني ، يعني الجماعة الذين قالوا لا يجوز أن نطلق على حديث الآحاد أنها تفيد العلم ، فهو قصده هنا بالعلم قصده العلم اليقيني القطعي الضروري ،وهذا فعلاً لا يأتي مع المتواتر ، الجماعة الذين ينفوا عن الآحاد العلم قصده بالعلم هنا العلم اليقيني الضروري ، والذين يثبتوه قصدهم العلم النظري الذي يأتي بالاستدلال والنظر ، والاثنان متفقان، لكن الخلاف لفظي ، فمن نفى قصد نوعاً ما من العلم ينفيه ، ومن أثبته قصد نوعاً آخر ، ولا خلاف بين الفريقين على الراجح .
والخبر المحتف بالقرائن أنواع ، والسؤال هنا : ما هي الأنواع أخبار الآحاد التي تفيد العلم النظري ؟ قال أن الأصل فيه يفيد الظن ، لكن هناك منه ما يفيد العلم النظري بالقرائن ، هناك بعض أنواع خبر الآحاد تفيد العلم النظري بالقرائن ، من هذه أخبار الآحاد المحتفة بالقرائن ،هي أنواع كما يقول الحافظ ابن حجر : منها ما أخرجه الشيخان في صحيحهما مما لم يبلغ التواتر ، فإنه احتفت به قرائن .. هو يريد يقول لك أننا أن أخبار الآحاد سنتثني منه ما رواه الشيخان ، ما اتفق عليه البخاري ومسلم ، ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ حد التواتر ، ما كان في الصحيحين متواترا فهذا يفيد العلم القطعي الضروري ، وما ليس متواترا في الصحيحين فإنه يفيد العلم النظري ، هذا من الأنواع التي اختصوها من الآحاد ، لأن لها رتبة عليا ، قال : احتفت به قرائن ، من هذه القرائن جلالتهما في هذا الشأن ، أن البخاري ومسلم يعدان من أجل أهل هذه الصنعة ، وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهم ، معروف أن أصح من صنف في الصحيح وأفضلهم البخاري ، لم يبلغ أحد شأن هذا الرجل ، ثم تلاه مسلم ، ولم يأت أحد بعدهما انتقى كانتقائهما ، فكتاباهما لهما من المزيات على جميع الكتب ممن صنف في هذا الباب ما ليس لغيرهما ، عندنا الإمام ابن خزيمة عمل الصحيح وابن حبان عمل الصحيح، لكن ليسا كصحيح البخاري ومسلم إطلاقاً ، البخاري ومسلم انتقيا على شرط عال ، وهؤلاء ابن حبان وغيره انتقيا لكن على شرط أقل ، فتجد في كتابيهما ما يمكن أن يكون ضعيفاً ، لكن البخاري ومسلم لا .
وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول ، من القرائن التي جعلت البخاري ومسلم تفيد العلم ، وليس الظن ، العلم النظري بعد كون صاحبي الكتاب من أجلاء أهل هذا الشأن وأنهما متميزان في الصنعة ، تلقي الأمة بالقبول لكتابيهما ، هذين الكتابين الأمة تلقتهما بالقبول ، واجتمعت الأمة على أنهما أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل ، فهذا التلقي بالقبول له معنى ، لابد يفيد إفادة زيادة عن صحة الإسناد ، التي هي إفادة العلم ... إفادة الحديث العلم ...
وهذا التلقي وحده أقوى في فت العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين ، ومما لم يقع التخالف بين مدلوليه ، مما وقع في الكتابين ، حيث لا ترجيح ، لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر ، وما عدا على ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته .
هناك ما لا يخفى عليكم بعض الأحاديث وهي قليلة جداً في الصحيحين ، جرى حولها الحوار والنقاش ، فيها شيء من الانتقاد على الشيخين في إخراجهما ، يعني الشيخان مثلاً يخرجان رواية من الروايات فيأتي من بعدهم ، يأتي مثلاً خلف بن خلف الواسطي ، أو يأتي الدراقطني فينازعهما في ذلك ، يقول : ما كان ينبغي إيراد هذه الرواية .
اختلاف في وجهات النظر ، قد يكون الصواب مع الدارقطني مرة ، وقد يكون الصواب مع البخاري وهذا الغالب ومسلم ، عادة يكون الصواب معهما ليس مع مخالفهما ، وحتى لو كان الصواب مع غيرهم فهو خلاف يحتمل ، المسألة تحتمل أن يكون رأيهم فيها صحيحاً أو خطأ ، ليست مؤثرة في أصل صحة الحديث ، إنما تؤثر في الأصحية ، يكون النزاع في هذا الحديث هل هو أصح من غيره أم لا ، ليس في صحة نفسه في الأعم الأغلب يكون هذا .
فهذه الأحاديث المنتقدة على الشيخين خارجة من هذا ، حولها نزاع ، لم يسلم لها ، أو يأتي حديثان ظاهرهما التعارض ، ولم نستطع التوفيق ، فهذا لم يجر عليه الاتفاق ، نحن نتكلم الآن في الصحيحين اللذين اتفقت الأمة على صحتهما ، وهذا أكثر الصحيحان .
هذا النوع ينضم الآن ، أو نقول أن خبر الآحاد أصلاً على رأي جمهور كثير من العلماء يفيد الظن ويستثنى من ذلك ما في الصحيحين مما لم يبلغ حد التواتر ، فإنه يفيد العلم النظري ؛ لماذا ؟ لأنه احتفت به قرائن ، هذه القرائن : جلالة الرجلين البخاري ومسلم ، امتيازهما عن غيرهما في هذه الصنعة ، تلقي الأمة لكتابيهما بالقبول ، وما دام قلنا تلقي الأمة بالقبول للكتابين ، فسنستثني من الكتابين ما جرى حوله الانتقاد ، وهي أحاديث قليلة جداً ، الانتقاد الذي فيها لم يكن في أصل الصحة ، إنما كان في بلوغهما أعلى درجات الصحة فقط .
ذكر بعد هذا كلاماً يتعلق بهذه القضية ، قال : فإن قيل إنما اتفقوا على وجوب العمل به لا على صحته منعناه ، وسند المنع أنهم متفقون على وجوب العمل بكل ما صح ولو لم يخرجه الشيخان ، فلم يبق للصحيحين في هذا مزية ، والإجماع حاصل على أن لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة ، وممن صرح بإفادة ما أخرجه الشيخان العلم النظري الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني ومن أئمة الحديث أبو عبد الله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر وغيرهما .
إذن بعضهم قال : معنى تلقي الأمة بالقبول للصحيحين وجوب العمل بكل ما فيهما ، لكن هذا كلام ليس سديدًا ، لماذا ؟ لأن أي حديث صحيح يجب العمل به ، فما الفضل للشيخين ، إنما فضل الشيخين ومزيتهما أن ما عندهما يفيد العلم بسبب تلقي الأمة له بالقبول الذي هو العلم النظري ، وهذه مزية فوق بقية الأحاديث ، وإلا لو كان المقصود بها وجوب العمل ، فكل الأحاديث الصحيحة يعمل بها، لا يوجد حديث صحيح لا يجب العمل به .
هذا أول نوع من الأنواع التي قلنا أنها ستستثنى من أخبار الآحاد وستفيد العلم النظري على خلاف قاعدة الآحاد كلها ، ومنها أيضًا المشهور ، إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل ، وممن صرح بإفادته العلم النظري الأستاذ أبو منصور البغدادي والأستاذ أبو بكر بن فورك وغيرهما .
طبعاً مسائل إفادة العلم إلى حد ما داخلة في علم الأصول ، ليس متعلق بها عمل المحدثين ، ولهذا تجد كلام الناس المتكلمين في هذه القضية كلهم إما متكلمون أو أصوليون ، ليسوا من المحدثين ، فالأسماء التي تأتي في هذا الكلام من إفادة العلم النظري أو القطعي أو اليقيني ، هذا الباب عامته يدور عند أهل الكلام ، عند المتكلمين وبعض الأصوليين .
لكن هذا أيضًا ليس من لب علوم الحديث ، لذلك ستجدوا كل المسائل التي يصعب فهمها في الغالب على الطالب المبتدئ ، ستجدها ليست من علوم الحديث ، لكن نحن مضطرون لإمرارها ولو بسرعة ، أنا أحاول أن أقولها على السريع لا أقف عندها حتى لا نفصل فيها ، بما يصعب الأمر أكثر ، لأنها في ذاتها تحتاج إلى تصور أنا أدري أنه غير واضح عند كثير من الناس الآن ، لكن الله المستعان ، فمن باب ما لا يدرك كله لا يترك قله ، نمر عليها مرور الكرام ونحاول توضيحها بأقصر طريق ، لكن من لم يدركها الآن ، فالأمر أنا متصور هذا وهذا لا يعيبه ، من لم يدرك هذه القضية مسألة العلم النظري والعلم اليقيني والعلم الضروري ، من لم يستوعبها الآن فهذا معذور ، لأن هذا الباب باب عويص ، وفيه كلام أكبر من هذا كثير ، لكن لا أريد أن أبسط به الحديث الآن ، حتى لا أخرج عن المقصود ، فالآتي أحسن ، إن شاء الله ، والله المستعان .
أضافوا إلى الصحيحين الحديث المشهور ، المشهور الذي هو بعد المتواتر ، الحديث الذي لم يبلغ حد التواتر ، وكان له رواة ثلاثة فأكثر ، كذلك أيضًا يضاف إلى هذه الأنواع المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين ، حيث لا يكون غريباً ، كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل ويشاركه فيه غيره عن الشافعي ويشاركه فيه غيره عن مالك بن أنس فهذا يفيد علم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام عدد الكثير من غيرهم .
يعني حديث مثلاً يرويه الإمام أحمد بن حنبل ، هذا بمائة راو ، ويرويه مع أحمد اثنين أو ثلاثة ، ليخرج عن كونه غريباً ، ويرويه أحمد بهذه الجلالة ومعه واحد أو اثنين عن الإمام الشافعي ، والإمام الشافعي حاجة كبيرة جداً ومعه واحد أو اثنين أيضًا ، ويرويه الشافعي عن مالك ، ويرويه مالك عن الزهري ، ويرويه الزهري عن نافع ، ونافع عن ابن عمر ، انظر إسناد كأنه سلسلة الذهب ، نجوم مشبكة بعضها في بعض ، ومع كل واحد يرويه واحد أو اثنين حتى لا يكون حديث غريب ، يكون قد خرج عن كونه حديثاً غريباً ، ليس غريباً وتسلسل يعني كل واحد يسلم للفوق منه ، مسلسل كالسلسلة ، مسلسل بالرواة الأكابر ، بكبار الأئمة ، فمثل هذا قطعاً عند سامعه سيفيد العلم لأن جلالة هؤلاء الأئمة وشهرتهم وعلمهم الشديد يغني عن كثير من الرواة ، ولو أنا أتيت بعشرة قصاد مالك مالك يغلبهم ، لو أتيت بعشرة أمام الشافعي ، الشافعي بعشرة بل بعشرين بل بمائة ممكن كمان ، فجلالة الإمام وكونه من كبار الأئمة وأهل الحفظ والإتقان تغني عن كثير من الرواة ، وإذا ما تسلسل حديث ، بأن رواه بعضهم عن بعض يعني ، أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر مثلاً ، ورواه مع كل واحد منهما واحد أو أكثر حتى لا يكون غريباً ، فإن هذا أيضًا يفيد العلم النظري الذي ذكرنا ..
طبعاً الآن الوقت كالعادة أزف ، وأنا سأحاول أن آخذ ولو سؤالاً واحد من أسئلة الأخوة المتابعين معنا والله المستعان ..
يقول : بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، هل يُستحب لنا حفظ متن النخبة ، والمتون عموماً ، وماذا عن حفظ المنظومات مثل قصب السكر وغيرها ..
والله من كان الحفظ سهلاً عليه ، فيه بعض الناس عندها الحفظ سجية لا يأخذ منه وقتاً كبيراً فمثل هذا أنصحه أن يحفظ ، لأن الحفظ يجمع لك كل المعلومات في مكان واحد ، خاصة كتب المتون والتي تكون مختصرة جداً فيجمع لك العلم كله في كلمات ، هذا في حق من كان الحفظ عليه يسيراً ، فليحفظ ؛ لأنه لن يعنيه ولن يأخذ وقتاً كبيراً ، لكن من كان الحفظ عليه شاقا فلا يتعنت ، ليفهم وليحرر ، فإن أكابر العلماء من السلف ما تعنوا حفظ مثل هذا ، يعني الحاجات وسيلة لتقريب العلوم ، المنظومات والمختصرات والمتون يقصد منها تيسر العلم على الطالب ، فإذا صارت هلي في حد ذاتها مشكلة وعقلة ومعضلة فقد ضاع الغرض منها ، احنا عاملين متن وجايبين متن وجايبين منظومة عشان ألخص لك العلم في كلمتين وتشربهم بسرعة وتكمل ، لو هتقف هنا قدام المتن عشرة أيام ، ولا عشر شهور ، ومش عارف تحفظ المتن خالص ، ويعطلك عن فهم المادة ، فهذا غير مقصود أصلاً لذاته ، هكذا انتهت الفائدة من المتن ، بل صار المتن مشكلة ، لم يعد مسهل بل صار هو مصعب .
فمن كان الحفظ عليه سهلاً ولا يعنيه ، ليحفظ فهذا مفيد جداً ، ومن شق عليه الحفظ وكان معضلا فليكتفي بالفهم فإنه هو المقصود الذي من أجله يحفظ الحافظون..
والله تعالى المستعان وللحديث بقية إن شاء الله ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire