el bassaire

vendredi 8 novembre 2013

فصل في الدفع إلى المزدلفة


أي في أحكام الدفع من عرفة إلى المزدلفة بعد أن تغيب الشمس ثم منها إلى منى بعد الأسفار قبل طلوع الشمس مخالفة للمشركين فإنهم كانوا يدفعون قبل أن تغيب الشمس فقال صلى الله عليه و سلم وإنا ندفع بعد أن تغيب الشمس مخالفا هدينا هديهم وقال في المزدلفة كذلك
قال تعالى: }فَإِذَا أَفَضْتُمْ{ أي صدرتم ودفعتم }مِنْ عَرَفَاتٍ{ فالإ فاضة دفع بكثرة من أفاض الماء أي صبه }فَاذْكُرُوا اللَّهَ{ بالدعاء والتلبية والتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد }عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ{ الآية من الشعيرة وهي العلامة لأن الصلاة والمبيت والدعاء عنده من معالم الحج وهو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى المحسر وليس المأزمان ولا المحسر من المشعر الحرام وسئل صلى الله عليه و سلم عن المشعر فسكت حتى هبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة فقال هذا المشعر الحرام وكلها موقف إجماعًا
لكن الموقف عند قزح أفضل وهو جبل الميقدة وهو المكان الذي يقف فيه الناس اليوم وقد بني عليه بناء وهو المكان الذي يخصه كثير من الفقهاء بالمشعر الحرام وتمام الآية واذكروه أي بالتوحيد والتعظيم كما هداكم أي كما أنعم به عليكم من الهداية والإرشاد إلى مشاعر الحج على ما كان عليه الخليل ولهذا قال وإن كنتم من قبله لمن الضالين أي وما كنتم من قبله إلا من الضالين.
 (قال جابر) رضي الله عنه في حديثه الطويل (ودفع رسول الله صلى الله عليه و سلم أي مضى وابتدأ السير والمراد انصرف من عرفة بعدما غربت الشمس متوجها إلى المزدلفة ولأبي داود عن علي دفع حين غابت الشمس وينبغي أن يكون على طريق المأزمين قال الشيخ وإذا غربت الشمس يخرجون إن شاءوا بين العلمين وإن شاءوا من جانبيهما والعلمان هما حدود عرفة فلا يجاوزونهما حتى تغرب الشمس وأما الميلان بعدهما فحد الحرم.
قال (وقد شنق) بتخفيف النون ضم وضيق (للقصواء الزمام) يعني الخطام وبالغ (حتى إن رأسها ليصيب مورك) بفتح الميم وكسر الراء مقدم (رحله) بالحاء المهملة وهو الموضع الذي يثني الراكب رجليه عليه قدام وسط الرحل إذا مل من الركوب وله عن الفضل عليكم السكينة وهو كاف ناقته (ويقول بيده اليمنى) أي يشير بها قائلا (أيها الناس السكينة السكينة) أي الزموا السكينة الزموا السكينة الطمأنينة والرفق ولأبي داود فإن البر ليس بإيجاف الإبل أي الإسراع في السير إبقاء عليهم لئلا يحفوا بأنفسهم مع بعد المسافة.
 (كلما أتى حبلا) تلا من تلال الرمل وهو ما طال منه وضخم (أرخى لها) أي ناقته (قليلا حتى تصعد) بفتح المثناة وضمها يقال صعد وأصعد وفي لفظ حتى إذا أتى فجوة أسرع وحرك ناقته ولهما عن أسامة كان يسير العنق فإذاوجد فجوة نص وكان لا يقطع التلبية في مسيره (حتى إذا أتى المزدلفة) من الزلف وهو التقرب لأن الحاج إذا أفاضوا من عرفة ازدلفوا إلى منى أي تقربوا منها (فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين) لم يبدأبشيء قبلهما (ولم يسبح) أي يصل (بينهما شيئا) أي نافلة.
قال ابن المنذر لا اختلاف بين العلماء أن السنة الجمع بينهما لفعله صلى الله عليه و سلم رواه جابر وابن عمر وأسامة والسنة أن لا يتطوع بينهما بلا نزاع وللبخاري ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل أنسان راحلته في منزله خشية ما يحصل فيها من التشويش بقيامها ثم أقيمت العشاء فصلاها قال شيخ الإسلام وغيره فإذا وصلوا المزدلفة صلوا المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن ثم إذ بركوها صلوا العشاء وإن أخروا العشاء لم يضر ذلك اهـ. وإن صلوا المغرب بالطريق تركوا السنة وأجزأتهم لأن كل صلاتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق ومن فاتته الصلاة مع الإمام جمع ولو وحده لفعل ابن عمر ولأن كل جمع جاز مع الإمام جاز منفردا.
 (ثم اضطجع) أي للنوم (حتى طلع الفجر) فيجب أن يبيت بها لأن النبي صلى الله عليه و سلم بات بها وقال (خذوا عني مناسككم) قال الوزير وغيره أجمعوا على أنه يجب عليه أن يبيت بها جزءا من الليل في الجملة ألا مالكا فقال سنة ويتأكد المبيت والوقوف بمزدلفة بأمور منها قوله تعالى فاذكروا الله عند المشعر الحرام وقوله عليه الصلاة والسلام من صلى صلاتنا هذه ووقف معنا حتى نجفع وكان قد وقف بعرفة ليلا أو نهارا تم حجه وغير ذلك وفعل رسول الله صلى الله عليه و سلم المستفيض الذي خرج مخرج البيان للاية
وقال الشيخ وغيره السنة أن يبيت بها إلى أن يطلع الفجر فيصلي بها الفجر ثم يقف حتى يسفر اهـ. وفي رواية ثم رقد بعد الصلاة ولم يحي تلك الليلة قال ابن القيم وغيره ولا صح عنه في ليلتي العيدين شيء اهـ. وينبغي أن يجتهد تلك الليلة في الدعاء والتضرع فإنها ليلة عيد جامعة لأنواع الفضل من الزمان والمكان وأمر الله بذكره فيها (فصلى الفجر حين تبين له الصبح) وفي لفظ فصلى الفجر بغلس وهو اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل والمراد في أول الوقت (بأذان وإقامة) كما يفعل كل وقت
 (ثم ركب) ناقته القصواء (حتى أتى المشعر الحرام) وهو الجبل الصغير المعروف بالمزدلفة ويقال له قزح وبه الميقدة يقف به الناس (فاستقبل القبلة) لأنها أشرف الجهات ويستحب استقبالها في كل طاعة إلا لدليل (فدعا الله) عز وجل في ذكل الموقف الجليل بما شاء وحمده (وكبره) أي قال الحمد الله والله أكبر (وهلله ووحده) أي قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ونحو ذلك الخ في الدعاء والتضرع
 (فلم يزل واقفا) يدعو ويهلل ويكبر ويقرأ فإذا افضتم من عرفات فاذكروا الله الآية ويلح في الدعاء ومنه اللهم كما وفقتنا للوقوف فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا كما وعدتنا بقولك فإذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم افيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ويكثر من قول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما أحب
ويختار الدعوات الجامعة ويكرر دعاءه وتقدم حديث المباهات بهم في عرفة وفيه قال ثم القوم أفاضوا من عرفات إلى جمع فقال جل وعلا يا ملائكتي انظروا إلى عبادي وقفوا وعادوا في الطلب والرغبة والمسألة اشهدوا أني قد وهبت مسيئهم لمحسنهم وتحملت التبعات التي بينهم قال جابر فلم يزل واقفا عند المشعر الحرام (حتى أسفر جدا) أي إسفارا بليغا وهو مذهب جمهور أهل العلم قال ابن عباس فلما أضاء كل شيء قبل أن تطلع الشمس أفاض وما روي عن مالك من الدفع قبل الإسفار لا يدفع به ما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم (رواه مسلم) وحكى الطبري وغيره الإجماع على أن من لم يقف بها حتى طلعت الشمس فاته الوقوف وأوجب بعضهم المبيت على غير سقاةورعاة ونحوهم ممن له عذر يبيح التخلف
 (وعن عائشة) رضي الله عنها (قالت استأذنت سودة) بنت زمعة القرشية (رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة المزدلفة) يعني ليلة جمع وهي ليلة عيد النحر (أن تدفع قبله) أي إلى منى فترمي الجمرة قبل الزحمة (وكانت ثبطة) تعني ثقيلة من عظم جسمها فهي أول امرأة تزوج بها بعد خديجة وتوفيت في اخر زمن عمر رضي الله عنهما (فأذن لها) أي أن تد فع قبله فدل على جواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر للعذر وهو مذهب جمهور العلماء
 (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم يعني ليلة جمع (في الثقل) بفتحبين أي الأمتعة وفي لفظ في الضعفة أي من النساء والصبيان وغيرهم (من جمع بليل) يعني من مزدلفة إلى منى (متفق عليهما) قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم لم يروا بأسا أن يتقدم الضعفة من المزدلفة بليل يصيرون إلى منى لما فيه من الرفق بهم ودفع المشقة عنهم
قال الشيخ وغيره فإن كان من الضعفة كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر ولا ينبغي لأهل القوة أن يخرجوا من مزدلفة حتى يطلع الفجر ويقفوا بها وقال ابن القيم وقول جماعة أهل العلم الذي دلت عليه السنة جواز التعجيل بعد غيبوبة القمر لا نصف الليل وليس مع من حده بنصف الليل دليل اهـ. ومغيبه عادة في الليلة العاشرة في الثلث الأخير وفي حديث اسماء في أول ثلث الليل الأخير.
 (ولأبي داود عن عائشة) رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أرسل بأم سلمة) رضي الله عنها ليلة النحر وهي ليلة جمع (فرمت قبل الفجر) فدل على جواز الرمي للنساء والضعفة قبل الفجر لأن الظاهر أنه لا يخفى عليه صلى الله عليه و سلم ذلك فقرره فيجوز لمن له عذر وهو مذهب أحمد والشافعي (ثم مضت) أي نفذت (فأفاضت) أي دفعت إلى مكة فطافت طواف الإفاضة قال الحافظ وإسناده على شرط مسلم وقال البيهقي إسناده صحيح.
وفي الصحيحين عن اسماء أنها نزلت بجمع فقامت تصلي ثم قالت هل غاب القمر قال مولاها نعم قلت فارتحلوا فارتحلنا ومشينا حتى رمينا الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها يعني بمنى فقلت يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا قالت يا بني إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أذن للظعن وأجازه أحمد والشافعي كما أذن فيه صلى الله عليه و سلم للنساء والضعفة لئلا يتأذوا بالزحام ولأحمد والنسائي أمر ضعفة بني هاشم أن يتعجلوا من جمع بليل.
قال ابن القيم وما روى أحمد وغيره عن ابن عباس أنهم رموها قبل الفجر قد روى هو وغيره حديثا أصح منه ولفظه أي بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس رواه الخمسة وفيه انقطاع وعلى كل تقدير فلا تعارض فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا حتى تطلع الشمس فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي أما من قدم من النساء فإن قيل رمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الرجال فقد يسوغ وأما القادر فلا يجوز له ذلك.
ويقول جماعة أهل العلم والذي دلت عليه السنة رمي القادر بعد طلوع الشمس قال ابن المنذر وغيره السنة أن لا يرمي إلا بببعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم ولا يجوز قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة ومن رماها بعده فلا إعادة عليه إذلاأعلم أحدا قال لا يجزئه.
 (وعن عمر) رضي الله عنه (قال إن المشركين كانوا لا يفيضون) أي لا يدفعون (من مزدلفة إلى منى حتى تطلع الشمس) وتكون كالعمائم على رؤوس الجبال (ويقولون أشرق) بفتح الهمزة فعل أمر من الإشراق أي أدخل (ثبير) في الشروق والمراد لتطلع عليك الشمس زاد أحمد وابن ماجه وغيرهما كيما نغير. أي كي ندفع. وثبير جبل معروف على يسار الذاهب إلى منى. وهو أعظم جبال مكة.
 (وإن النبي صلى الله عليه و سلم خالفهم فأفاض قبل أن تطلع الشمس رواه البخاري) وعن محمد بن قيس بن مخرمة قال خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال "إن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة حيث تكون الشمس كأنها عمائم الرجال على رءوسهم. قبل أن تغرب. ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس حيث تكون كأنها عمائم الرجال على رؤوسهم. وأنا لا ندفع من عرفة حتى تغرب الشمس. وندفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشمسز هدينا مخالف لهدي أهل الأوثان والشرك".
وأورد نحوه شيخ الإسلام محتجا به على تحريم موافقة المشركين. وفيه "خالف هدينا هدي المشركين" فإن أسفر جدا سن أن يدفع قبل طلوعها. ولا نزاع في استجابة. وعن ابن عباس "أفاض قبل طلوع الشمس" حسنه الترمذي.

 (ولمسلم عن جابر فدفع) أي انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم (قبل أن تطلع الشمس) يعني من مزدلفة إلى منى قال ابن القيم الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس سنة باتفاق المسلمين. وقال ابن المنذر وغيره جمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذا الحديث. وما ورد في معناه. وما ذكر من رأي مالك أن يدفع قبل الإسفار مردود بالنصوص. وللخمسة وصححه الترمذي عنه أفاض من جمع. وعليه السكينة وأمرهم بالسكينة.

 (حتى أتى بطن محسر) وهو واد بين مزدلفة ومنى برزخ بينهما. وليس من المشعرين. سمي بذلك لأنه يحسر سالكه. وقيل لأن أصحاب الفيل حسروا فيه أو الفيل. ويسميه أهل مكة وادي النار (فحرك قليلا) أي أجرى ناقته قليلا لتسرع في المشي. وللخمسة عنه "أوضع في وادي محسر". أي أسرع السير فيه.

قال ابن اليم وغيره والإسراع في وادي محسر سنة. نقلها طوائف عنه صلى الله عليه و سلم. فيسن إسراع الماشي وتحريك الراكب دابته فيه لأنه محل غضب الله فيه على أصحاب الفيل. فلا ينبغي الإناءة فيه. ولا البقاء به وكذلك كانت عادته صلى الله عليه و سلم في المواضع التي نزل بها بأس الله بأعدائه وفيه الحث على المراقبة عند المرور. والخوف والبكاء والاعتبار بمصارع أولئك وأن يستعيذ بالله من ذلك. والإسراع المسنون قدر رمية حجر.

(ثم سلك الطريق الوسطى) وهي غير التي ذهب فيها إلى عرفات فهو سنة. ليخالف الطريق تفاؤلا بتغير الحال. كدخول مكة من أعلاها. والخروج من أسفلها. والطريق التي هي الوسطى هي (التي تخرج على الجمرة الكبرى) آخر الجمار من ناحية منى وأقربها إلى مكة. وقد صارت علما على العقبة التي يرمى عندها الجمرة. وليست من منى. والجمرة واحدة الجمار. وهي في الأصل الحصاة. ثم سمي الموضع الذي ترمى فيه الحصيات السبع جمرة. وتسمى الحصيات السبع جمرة أيضا. تسمية للكل باسم البعض.
 (فرماها) أي الجمرة الكبرى (بسبع حصيات) متعاقبات واحدة بعد واحدة. ولهما من حديث ابن عمر أنه رماها بسبع حصيات. وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعله. وقال الوزير وغيره أجمعوا على وجوب رمي جمرة العقبة يوم النحر خاصة بسبع حصيات. وقال ابن الماجشون هو ركن لا يتحلل إلا به كسائر الأركان. وقال عليه الصلاة والسلام "إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله".
وذكر غير واحد من أهل التفسير أنها من شعائر الله. وسئل سعيد بن منصور عنها فقال الله ربكم تكبرون. وملة أبيكم تتبعون. ووجه الشيطان ترمون. وسببه رمي الخليل عليه السلام الشيطان الذي كان رآه في تلك المواضع (يكبر مع كل حصاة منها) ولا نزاع في استحبابه. والبداءة به. لأنه بدأ به. ولأنه تحية مني. فلم يتقدمها شيء كالطواف بالبيت. وكان ابن عمر وابن مسعود يقولان: اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا.
 (كل حصاة مثل حصى الخذف) بقدر حبة الباقلاء. قال الشيخ وغيره بين الحمص والبندق دون الأنملة طولا وعرضا قال الترمذي وهو الذي اختاره أهل العلم أن تكون الجمار مثل حصى الخذف. ويكره بهيئة الخذف للنهي الصحيح عنه الشامل للحج وغيره. ولا تجزئ صغيرة جدا. ولا كبيرة (رمى من بطن الوادي) مستقبلا للجمرة. وعند بعض أهل العلم وجوبه. وإنه لا يجوز من أعلى الجبل والأكثر أنه جائز. وخلاف السنة.
قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم يختارون أن يرمي الرجل من بن الوادي. وقد رخص بعض أهل العلم إن لم يمكنه أن يرمي من بطن الوادي رمى من حيث قدر عليه قال ابن الهمام ثبت أنه رمى خلق كثير من الصحابة من أعلاها. ولم يؤمروا بالإعادة. وحكي أن الرمي واجب إجماعا. وإن في تركه أو بعضه دم ويأتي (ثم انصرف إلى المنحر فنحر) فيه هديه قرب منزله عند الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف.
فمنحره عند الجمرة الأولى بينها وبين الوسطى على يمين الصاعد إلى عرفة. عنده مسجد صغير بقرب دار المنحر المعروفة الآن ومنزله بين منحره ومسجد الخيف وقال "نحرت ههنا ومنى كلها منحر. فانحروا في رحالكم" أي فلا تتكلفوا النحر في موضع نحري بل يجوز لكم النحر في منازلكم. قال الوزير وغيره اتفقوا على أنه أي موضع نحر فيه من الحرم أجزأه إلا مالكا فقال لا ينحر في الحج إلا بمنى. ولا في العمرة إلا بمكة.
وثبت من حديث أنس وغيره أنه صلى الله عليه و سلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها. ثم أتى منزله بمنى ونحر. وعليه إجماع المسلمين. وقال ابن رشد النحر بمنى إجماع من العلماء. قال الشيخ. وكل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدي سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم ويسمى أيضا أضحية. بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه أضحية وليس بهدي. وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي. كما في سائر الأمصار. وقال ابن القيم هدي الحاج بمنزلة الأضاحي للمقيم. ولم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه و سلم ولا أصحابه جمعوا بين الهدي والأضحية. بل كان هديهم هو أضاحيهم. فهو هدي بمنى وأضحية بغيرها.
 (وله) أي لمسلم (عن الفضل) بن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم ابن عم النبي صلى الله عليه و سلم أكبر أولاد العباس. وبه يكنى أبوه وأمه. مات في طاعون عمواس. كان رديف النبي صلى الله عليه و سلم حين دفع من مزدلفة. قال (حتى إذا دخل) يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم (منى) من مزدلفة وفي لفظ محسرا (قال عليكم بحصى الخذف) أي حصى الرمي. والمراد الحصى الصغار الذ يرمي به الجمرة. والتي لقط: هن حصى الخذف. فوضعهن في يده. وجعل يقول بهن في يده "بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو".
ولابن ماجه عنه قال لي وهو على ناقته القصواء "القط لي" قال فلقطت له سبع حصيات من حصى الخذف. وللبيهقي وغيره قال الفضل حتى إذا دخل منى فهبط حين هبط محسرا. قال "عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة" وهو يشير بيده كما يحذف الإنسان. وفي رميه اقتداء بالخليلين. وطلب للفضل العظيم المرتب عليه.
وقال غير واحد لم يثبت أخذه صلى الله عليه و سلم ولا أحد من أصحابه من غير منى. وإن لم يرد التصريح به فهو كالظاهر. وروي عن ابن عمر وغيره أنه كان يأخذ الحصى من جمع. وثابر بعض العوام عليه حتى التقطه قبل الصلاة. قال الشيخ ولا يرمي بحصى قد رمي به. والتقاط الحصى أفضل من تكسيره من الجبل.
 (ولهما عن أسامة) والفضل بن العباس رضي الله عنهم قالا (ولم يزل صلى الله عليه و سلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة) أي حتى شرع في رمي جمرة العقبة. قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم أن الحاج لا يقطع التلبية حتى يرمي الجمرة. ورواه حنبل قطع عند أول حصاة. وقال الطحاوي وغيره جاء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم آثار متواترة بتلبيته بعد عرفة. إلى أن رمى جمرة العقبة.
وقال الشيخ فإذا شرع في الرمي قطع التلبية. فإنه حينئذ يشرع في التحلل. وهكذا صح عن النبي صلى الله عليه و سلم. وقال ولا يزال يلبي في ذهابه من مشعر إلى مشعر. مثل ذهابه إلى عرفات. وذهابه منها إلى مزدلفة. حتى يرمي جمرة العقبة. وتقدم "يهل منا المهل فلا ينكر عليه ويكبر المبكر فلا ينكر عليه". والمراد قبل رميها.
 (ولهما عن ابن مسعود جعل صلى الله عليه و سلم) حال رميه جمرة العقبة (البيت) أي الكعبة (عن يساره ومنى عن يمينه) وفيهما عنه أنه استقبل الجمرة حالة الرمي. وهذا مذهب جمهور أهل العلم. وقال الشيخ يرميها مستقبلا لها يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه هذا هو الذي صح عن النبي صلى الله عليه و سلم فيها. ولا نزاع يعتد به في استحبابه (ورمى بسبع) أي سبع حصيات. وأجمعوا على وجوبه بها.
ولا يجزئ الوضع فقط من غير رمي أو طرح لأنه خلاف الوارد. ولا يسمى رميا. ولا في معنى الرمي الذي هو مجاهدة الشيطان بالإشارة إليه بالرمي الذي يجاهد به العدو. ولا يجزئ دفعة واحدة إلا عن واحدة عند جمهور أهل العلم لفعله صلى الله عليه و سلم ويستحب رفع يده حتى يرى بياض إبطه لأنه أعون على الرمي وأمكن لحصولها في المرمى. وهو مجتمع الحصى والشاخص وضع علما على الجمرة. وإذا وقع الرمي قريبا من الجمرة جاز. ولا يقف عند جمرة العبة بعد رميها إجماعا لضيق المكان. وعدم مشروعية الوقوف عندها.
 (ولمسلم عن أنس فنحر صلى الله عليه و سلم) بدنه. وكانت مائة. كما في الصحيحين وغيرهما. ولمسلم عن جابر فانصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده. ثم أعطى عليا فنحر ما غبر. أي ما بقي من المائة. ومنحره عند الجمرة الأولى التي تلي المسجد (ثم قال للحلاق) معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة القرشي العدوي رضي الله عنه (خذ) أي احلق شعر رأسي.
 (وأشار إلى جانبه الأيمن) فيسن البداءة به وللأمر بالبداءة باليمين في نحوه وهو مذهب الجمهور. ولأبي داود فأخذ شقه الأيمن فجعل يقسمه بين من يليه. وفي لفظ قال "ههنا أبو طلحة" فدفع النصف إليه وفي لفظ فقال اقسمه بين الناس (ثم الأيسر) أي ثم أشار إلى شقه الأيسر ليحلقه فحلقه. وفيه وجعل يعطيه الناس. ويستحب أن يستقبل القبلة لكونه طاعة. وذكر الموفق وغيره ويكبر لأنه نسك. ولا يتشارط على أجرته. ونقل عن بعض الأئمة أنه قال أخطأت في حلق رأسي في خمس علمنيها حجام بمنى قلت بكم تحلق قال النسك لا يشارط عليه فجلست فقال حول وجهك إلى القبلة. وقال أدر اليمين وكبر. فلما فرغت قال صل ركعتين فقلت من أين لك قال رأيت عطاء يفعله. والأربعة الأول هي فعل السلف.
 (وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال اللهم اغفر للمحلقين) وفي لفظ "ارحم المحلقين" أي الذين حلقوا رؤوسهم في حج أو عمرة عند الإحلال منهما. وتقدم أن الأفضل للمتمتع التقصير في العمرة ليوفره إلى الحل من الحج (قالوا يا رسول الله والمقصرين) أي قال السامعون لرسول الله صلى الله عليه و سلم قل واغفر للمقصرين. وهو من عطف التلقين. أوقال ويرحم المقصرين. وقالوا فما بال المحلقين ظاهرت لهم الرحمة قال "لم يشكوا". أي عاملوا معاملة من لم يشك. فإن من بادر إلى الحق في الحديبية أسرع إلى الامتثال (قال في الثالثة والمقصرين متفق عليه).
وظاهره أنه دعا للمحلقين مرتين. وعطف المقصرين في الثالثة. وفيه روايات أنه دعا للمحلقين ثلاثا. ثم عطف المقصرين. وذكر النووي أن هذا الدعاء في حجة الوداع وقيل في الموضعين. قال ولا يبعد ذلك ففيه أن الحلق أفضل من التقصير. وهو إجماع. لتكريره الدعاء للمحلقين في الأولى والثانية. مع سؤالهم له ذلك. ولأن المقصود قضاء التفث وهو بالحلق أتم فكان أولى. ولأنه أبلغ في العبادة وأدل على صدق النية.
وفيه مشروعية الحلق أو التقصير وأنهما عبادتان مقصودتان ليستا مجرد استباحة محظور. مع قوله "فليقصر ثم ليتحلل" وأنهما نسك وهو مذهب جماهير العلماء. قال تعالى: }لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ{ ويجزئ القصير قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم يرون أن يحلق رأسه. وإن قصر يرون ذلك يجزئ اهـ.ـ. ويجب عند الجمهور استيعابه بالحلق أو التقصير قال ابن الهمام ومقتضى الدليل في الحلق وجوب الاستيعاب كما هو قول مالك وهو الذي أدين الله به. قال مالك ولا يخرج منه الا بالاستيعاب.
وحكى النووي الإجماع على حلق الجميع والمراد إجماع الصحابة والسلف ولم يحفظ عنه ولا عن أحد من أصحابه الاكتفاء بحلق بعض شعر الرأس. وتقدم النهي عنه. وقال الشيخ وإذا قصر: جمع الشعر وقصر منه بقدر الأنملة أو أقل أو أكثر اهـ. والمراد من مجموع شعره لا من جميعه. فلا يجب من كل شعره بعينها. وبأي شيء حلق أو قصر أجزأ. لكن السنة بالموسى ونحوه.
وذكر الجمهور إمرار الموسى على رأس من عدم الشعر. وقال أهل التحقيق شيخنا وغيره: إذا سقط ما وجب لأجله سقط الحلق. وإمرار الموسى عبث وقد حل. وينبغي أن يأخذ من شاربه ليكون قد وضع من شعره شيئا لله. وكذا ينبغي أن يأخذ من ظفره وعانته وإبطه. قال ابن المنذر صح أنه صلى الله عليه و سلم لما حلق رأسه قلم أظفاره. ولأنه من التفث فيستحب قضاؤه.
 (ولأبي داود) وكذا الدارقطني وحسنه الحافظ (عن ابن عباس مرفوعا ليس على النساء حلق) ولأبي داود وضعفه من حديث عائشة نحوه. أي لا يجب عليهن الحلق في التحلل وهو إجماع (إنما على النساء التقصير) أي إنما شرع لهن التقصير. وحكى الحافظ وغيره إجماع العلماء على أنه ليس على النساء حلق وإنما عليهن التقصير.
ونقل أبو داود وغيره تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من أطرافه قدر أنملة. قال الشيخ ولا تقصير أكثر من ذلك. وللترمذي وغيره عن علي "نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تحلق المرأة رأسها" قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم لا يرون على المرأة حلقا ويرون أن عليها التقصير ولأن الحلق مثلة في حقهن. ومثلهن الرقيق. ولا يحلق إلا بإذن سيده.
 (وللخمسة) وغيره (عنه) أي: عن ابن عباس (مرفوعا) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وحسنه في البدر المنير (إذا رميتم الجمرة) يعني جمرة العقبة يوم العيد فقد حل لكم كل شيء إلا النساء. وتكلم فيه بعضهم وللحاكم عن ابن الزبير نحوه. وللنسائي من حديث ابن عمر إذا رمى وحلق. ولأحمد عن عائشة إذا رميتم (وحلقتم) أي شعر رؤوسكم. أو قصرتم من شعرها. وفي الفروع وغيره الأصح أن الحلاق والتقصير لا ينوب عنه غيره. ولا يتحلل إلا به (فقد حل لكم كل شيء) أي كان محظورا بالإحرام.
 (وإلا النساء) وفي بعض هذه الأخبار "والطيب" وثبت أن عائشة قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت وحكي إجماعا. وهو قول الجمهور. وقال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم يرون أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة يوم النحرو ذبح وحلق أو قصر فقد حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء. وقال الشيخ فإذا رمى وحلق أو قصر فقد تحلل باتفاق المسلمين. التحلل الأول. فيلبس الثياب ويقلم أظفاره. وكذلك له على الصحيح أن يتطيب ويتزوج ويصطاد يعني خارج الحرم. ولا يبقى عليه من المحظورات إلا النساء.
وفي المبدع والأكثر على أنه لا يحصل التحلل الأول إلا بالرمي والحلق أو التقصير. لأمره صلى الله عليه و سلم من لم يكن معه هدي أن يطوف ويقصر ثم يحل. ودل الحديث على أنه بمجموع الأمرين يحل كل محرم على المحرم إلا النساء. فلا يحل وطؤهن إلا بعد طواف الإفاضة إجماعا. وحكى الوزير وغيره اتفاقهم علىأن للمحرم تحليلين: أولهما رمي جمرة العقبة. وآخرهما طواف الإفاضة.
 (وعن عبد الله بن عمرو) أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقف في حجة الوداع يوم النحر بعد الزوال. وهو على راحلته. يخطب الناس عند الجمرة (قال) عبد الله (فجعلوا يسألونه فقال رجل) قال الحافظ لم أقف على اسمه (لم أشعر) أي لم أفطن ولم أعلم ترتيب أعمال الحج (فحلقت قبل أن أذبح) أي الهدي (قال اذبح ولا حرج) أي لا إثم ولا فدية (وقال آخر لم أشعر فنحرت) أي الهدي (قبل أن أرمي) يعني جمرة العقبة (فقال ارم ولا حرج).
وفي رواية وأتاه رجل فقال حلقت قبل أن أرمي قال "ارم ولا حرج" وأتاه آخر فقال أفضت إلى البيت قبل أن أرمي قال "قال ارم ولا حرج" وجاء بألفاظ من غير وجه. قال عبد الله "فما سئل يومئذ) أي يوم النحر حال خطبته الناس (عن شيء قدم) من الأربعة الرمي والنحر والحلق والطواف (ولا آخر) منها يعني الأربعة (إلا قال افعل) ما بقي منها. أو ما فعلته منها. مقدما له أو مؤخرا له (ولا حرج) أي لا ضيق ولا إثم ولا فدية. فقوله لا حرج يقتضي رفع الإثم والفدية معا. ومعناه افعل ما بقي عليك وقد أجزأك ما فعلته. ولا حرج عليك في التقديم والتأخير. ونفي الحرج نفي للضيق (متفق عليه) قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم.
وقال الموفق والشارح لا نعلم خلافا أن الإخلال بالترتيب لا يخرج هذه الأفعال عن الأجزاء. وترتيب أفعال يوم النحر الأربعة رمي جمرة العقبة. ثم الذبح. ثم الحلق. ثم طواف الإفاضة. هو فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم في حجته ففي الصحيحين أنه أتى منى فأتى الجمرة فرماها.ثم أتى منزله بمنى فنحر. وقال للحلاق خذ. ولا نزاع في هذا للحاج مطلقا. وسنة إجماعا. وقيل واجب. والحديث يدل على جواز تقديم هذه الأمور الأربعة بعضها على بعض. وحكي إجماعا. إلا أنه اختلف في وجوب الدم في بعض المواضع.
وجمهور أهل الحديث والفقهاء على الجواز وعدم وجوب الدم. لأن قول الشارع لا حرج مقتض لرفع الإثم. والفدية معا. لأن المراد بنفي الحرج نفي الضيق. وإيجاب الدم ضيق. ولو كان واجبا لبينه رسول الله صلى الله عليه و سلمص وينبغي للإمام أن يخطب يوم النحر بمنى لهذا الخبر ولقول ابن العباس "خطب النبي صلى الله عليه و سلم يوم النحر" رواه البخاري. وعن نافع عن ابن عمر "رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب الناس بمنى حيث ارتفع الضحى" ولأبي داود "فطفق يعلمهم مناسكهم" وهو يوم الحج الأكبر. لأن فيه تمام الحج ومعظم أفعاله ولأبي داود "افضل الأيام عند الله يوم النحر" فهو أفضل أيام العام. ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع. وليس بمنى صلاة عيد بل رمي الجمرة لهم كصلاة العيد لأهل الأمصار.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire