el bassaire

vendredi 8 novembre 2013

فصل في الإفاضة

يعني من منى لطواف الإفاضة. ويسمى طواف الصدر. لأنه يصدر إليه من منى. وطواف الفرض لتعينه. وطواف الركن عند أهل الحجاز. وطواف يوم النحر وغير ذلك. والإفاضة الدفع في السير. وأصلها الصب فاستعير للدفع في السير. وأصله افاض نفسه أو راحلته.
قال تعالى: }ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ{ أي ليزيلوا أدرانهم وأوساخهم. والمراد منه الخروج عن الإحرام بالحلق وقص الشارب ونتف الإبط وقلم الأظفار والاستحداد. وليس الثياب. أو مناسك الحج كلها }وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ{ أي حجهم أو نذر الحج والهدي. وما ينذره الإنسان من شيء يكون في الحج أي ليتموها بقضائها }وَلْيَطَّوَّفُوا{ طواف الإفاضة الطواف الواجب }بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ{ سمي عتيقا لأنه أول بيت وضع للناس. أو لأن الله أعتقه من أيدي الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه. وروي مرفوعا. وذكره تعالى بصيغة المبالغة لأنه ركن الحج. ووقته يوم النحر بعد الرمي والحلق. والأطواف ثلاثة طواف القدوم وتقدم. وطواف الإفاضة يوم النحر ركن الحج. وطواف الوداع ويأتي.
 (وعن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قال: (وأفاض) أي ذهب (رسول الله صلى الله عليه و سلم) مسرعا من منى إلى البيت يوم النحر بعد أن رمى ونحر وحلق "فطاف" أي سبعة أشواط (بالبيت) طواف الإفاضة. وهو طواف الفرض. فيعينه بالنية. ولهما عن ابن عمر. أفاض رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم النحر وثبت عن عائشة وغيرها. فيسن طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق أول النهار. لما تواتر من فعله صلى الله عليه و سلم. وله تأخيره عن أيام منى.
وقال الشيخ ينبغي أن يكون في أيام التشريق. فإن تأخيره عن ذلك فيه نزاع اهـ. ومذهب أحمد والشافعي أن آخره غير مؤقت. وعند أبي حنيفة أيام التشريق ومالك ذي الحجة. والتعجيل أفضل إجماعا. ولا شيء عليه في تأخيره عند الجمهور. وثبت أن من لم يطف طواف الإفاضة لم يحل له أن ينفر حتى يطوف. وهو إجماع. وحكى النووي وغيره الإجماع على ان هذا الطواف وهو طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح الحج إلا به وكذا الإحرام والوقوف. قال ابن القيم وغيره هذه الثلاثة أركان الحج باتفاق المسلمين.
 (ثم حل من كل شيء) من محظورات الإحرام (حرم منه) بالإحرام حتى الوطء إجماعا (رواه مسلم) وهذا هو التحلل الثاني الذي يعود المحرم به حلالا من لبس وطيب ووطء وغير ذلك مما حرم عليه بالإحرام. ولهما عن ابن عمر قال "لم يحل النبي صلى الله عليه و سلم من شيء حرم عليه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر فأفاض بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه"وعن عائشة نحوه متفق عليهما. وقال الوزير وغيره اتفقوا على أن التحلل الثاني يبيح محظورات الإحرام جميعها ويعود المحرم حلالا. ومرادهم أن الحل متوقف على السعي إن كان ركنا أو قيل بوجوبه.
 (وله عن جابر لم يطف النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه) أي في حجهم وعمرتهم (بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول) أي مع طواف القدوم. فيجزئ عند جمهور العلماء إلا أبا حنيفة في القارن. وقال أحمد في المتمتع إن طاف طوافا واحدا فلا بأس وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي. وعنه فهو أجود وواحدا فلا بأس. قال الشيخ وهذا منقول عن غير واحد من السلف.
وعن أحمد يجزئ سعي واحد. وقال أيضا إن طاف طوافا وحدا فهو أعجب إلي واحتج بحديث جابر. فلأبي داود عن جابر قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم لأربع ليال خلون من ذي الحجة فلما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة قال "اجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي" فلما كان يوم التروية أهل بالحج فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة. قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه بنحوه مختصرا ومطولا. قال ابن القيم وفيه اكتفاء المتمتع بسعي واحد كما تقدم.
وقال ابن عباس يجزئ طواف بين الصفا والمروة. واختاره الشيخ. وقال هو أصح أقوال جمهور العلماء. وأصح الروايتين عن أحمد. فإن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي صلى الله عليه و سلم لم يطوفوا بني الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف. وفي صحيح مسلم عن جابر لم يطف النبي صلى الله عليه و سلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا. وأكثرهم كانوا متمتعين.وحلف على ذلك طاووس.و ثبت مثله عن ابن عمر وابن عباس وغيرهم. وهم أعلم الناس بحجه صلى الله عليه و سلم. قال ولم ينقل أن أحدا منهم طاف وسعى ثم طاف وسعى.ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فلما لم ينقله أحد علم أنه لم يكن.

وعمدة من قال بالطوافين ما روى أهل الكوفة عن علي وابن مسعود. وعن علي أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد خلاف ما رواه عنه أهل الكوفة. قال ابن حزم وما روي في ذلك عن الصحابة لم يصح منه ولا كلمة. قال الشيخ فإذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه كما يجزئ المفرد والقارن وهو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر. وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا طوافين. لكن هذه الزيادة قيل إنها من قول الزهري وقد احتج بها بعضهم وهذا ضعيف. والأظهر ما في حديث جابر.
ويؤيده "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" فالمتمتع من حين أحرم بالعمرة دخل بالحج لكنه فصل بتحلل ليكون أيسر على الحاج. وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة. وقال ابن القيم هذه اللفظة يعني أنهم طافوا طوافا آخر قد قيل إنها مدرجة في الحديث من كلام عروة اهـ. ولأنه لا يستحب التطوع بالسعي كسائر الأنساك. قال في المبدع بغير خلاف أعلمه. وقال النووي يكره ولا نزاع فيه في حق المفرد.
والجمهور أن السعي ركن وهو مذهب الشافعي وأحمد والمشهور عن مالك لفعله صلى الله عليه و سلم وقال "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" رواه أحمد. ولأنه نسك في الحج والعمرة فكان ركنا فيهما كالطواف. وقالت عائشة ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة. واختيار الموفق وغيره أنه واجب وليس بركن فيجبره بدم لأن دليل من أوجبه دل على مطلق الوجوب لا على أنه لا يتم الحج إلا به.
 (وله) من طريق مجاهد (عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها) وكانت تطهرت بعرفة. ومن رواية طاووس أنه قال لها يوم النفر (طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك) وهو مذهب الجمهور. وثبت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة الاكتفاء بطواف واحد. ولدخول العمرة في الحج فلا تحتاج إلى عمل آخر غير عمله.
 (وعن جابر) في حديثه الطويل (ثم أتى إلى بني عبد المطلب) وهم أولاد العباس (وهم يسقون) على زمزم لأن سقاية الحاج كانت وظيفتهم. فقال "انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم" ولما نزلت (أجعلتم ساقية الحاج) الآية قال العباس: ما أراني إلا أني تارك سقايتنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيرا (فناولوه) أي أعطوه (دلوا فشرب منه رواه مسلم) وذكر الواقدي وغيره أنه صلى الله عليه و سلم لما شرب صب على رأسه. وجاء أنه شرب وهو قائم فلا بأس به.
 (ولأحمد عن ابن عباس مرفوعا ماء زمزم) سميت بذلك لكثرة مائها. أو ضم هاجر له حين انفجرت وزمها إياه (لما شرب له) أي ينفع الشارب لأي أمر شرب لأجله. سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة لأن ما في قوله "لما شرب له" من صيغ العموم.والحديث أخرجه ابن ماجه وابن أبي شيبة وغيرهم. وصححه المنذري وحسنه الحافظ. وفيه دليل على استحباب الشرب منها. والتظلع منه. وللدارقطني عن ابن عباس مرفوعا "ماء زمزم لما شرب له. إن شربته تستشفي به شفاك الله. وإن شربته يشبعك أشبعك الله به. وإن شربته لقطع ظمئك قطعة الله" ولمسلم من حديث أبي ذر "إنها طعام طعم" أي تشبع شاربها كالطعام ولأبي داود: "وشفاء سقم".
ولابن ماجه عن ابن عباس مرفوعا "أن آية ما بيننا وبين المنافقين لا يتظلعون من ماء زمزم" وقال ابن عباس إذا شربت من زمزم فاستقبل القبلة. واذكر اسم الله وتنفس وتظلع منه.
فإذا فرغت فاحمد الله. ويقول إذا شرب اللهم اجعله لنا علما نافعا وزرقا واسعا وريا وشبعا وشفاء من كل داء. واغسل به قلبي واملأه من خشيتك وحكمتك. وروي عن عكرمة وغيره. لأنه لائق بالمحلل. وشامل لخير الدنيا والآخرة. فيرجى حصوله.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire