el bassaire

mardi 26 novembre 2013

ذكاءُ عُمر في فنِّ قيادة الرّجال




ذكاءُ عُمر في فنِّ قيادة الرّجال


أُعجبت كثيرا بقيادة عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه للرجال الذين كانوا تحت مسؤوليته، فقد ظهر على هذا الرجل ذكاء خارقا وهو يتعامل مع ولاّته الذين كان يعينهم في الأمصار، العجيب أنه كان يعطيهم فرصة سنة واحدة ليلتقي بهم ويقيّم أداءهم، فقد ورد أن: سيدنا عمر عين والياً على عمل، وأعطاه كتاباً، قال فيه: خذ عهدك، )أي كتاب التعيين(:  وانصرف إلى عملك، واعلم أنك مصروفٌ رأس سنتك، وأنك تصير إلى أربع خِلال:
إن وجدناك أميناً، ضعيفاً، استبدلناك لضعفك، وسلّمتك من معرفتنا أمانتك.
وإن وجدناك خائناً قوياً، استهنّا بقوّتك وأوجعنا ظهرك وأحسنا أدبك،
وإن جمعت الجُرمين، جمعنا عليك المضرّتين العزل والتأديب.
وإن وجدناك أميناً قوياً، زدناك في عملك ورفعنا لك ذكرك وأوطأنا لك عقبك.

هكذا كان عمر يفعل مع ولاّته، كان يراقبهم يتابعهم، يدقق معهم في كل كبيرة وصغيرة، لم يترك الحبل على الغارب، لم يترك ولاته سنوات يفسدون في الأرض ولا يصلحون ثم يعزلهم أو ينقلهم من منصب إلى منصب بل كان يعطيهم فرصة سنة ليبينوا قدراتهم في إدارة شؤون الأمة، ويشترط ) الأمانة والقوة(. وما يزيدنا دهشة أن هذا الرجل أسس علم الإدارة بكل المعايير العالمية الراقية التي يتغنى بها العالم المتقدم الذي لا يخجل أحد علمائه في دولة من الدول الاسكندنافية الذي أسس منظومة الرعاية الاجتماعية لدولته أن يجيب على سؤال طرح عليه  من أين استلهمت أسس هذه المنظومة الراقية؟ فقال مجيبا: من رجل عظيم مسلم اسمه عمر ابن الخطاب.

إن درجة إحساس عمر رضي الله عنه بثقل المسئولية دفعه إلى أن ينقل فهمه لها إلى أحد ولاّته حين دار بينهما هذا الحوار سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه  والياً له فقال: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال الوالي أقطع يده قال عمر: إذاً فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك. إن الله قد استخلفنا على خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفّينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها

. إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها .» بالطاعة قبل أن تُشغلك بالمعصية.

إنها دروس إدارة الرجال، الذين يحتاجون إلى القائد القدوة الذي يذكّرهم بأهمية وخطورة المسئولية الملقاة على عاتقهم، وضرورة متابعتهم الشخصية لأحوال الناس، بل أنه يعطي هذا الدرس بشكل عملي حيث ورد: أن عمر بن الخطاب مرّ لي بأعرابية، وهي تُعلِّل صغارها بالموقد وضعت عليه قدرًا بماء خالص لا شيء فيه؛ لأنَّها ليس عندها طعام تطعمه أولادها، وهي تُعلِّل صغارها بالموقد، ولما دنا منها سيدنا عمر وسألها ماذا تصنعين يا امرأة؟ وما بال الصبية يتضاغون، أجابته بأنهم يتضورون وعًا، وهي تعللهم؛ فيناموا على ذلك، فقال لها: لم لا تذهبين إلى عمر ليساعد على إطعامهم؟ فقالت: الله بيننا وبينه، فخاف عمر خوفًا شديدًا، وقال لها: وما يدري عمر بكم؟ فقالت: يتولى أمرنا، ويَغفَلُ عنا.

إن الجملة الأخيرة التي قالتها هذه المرأة الأعرابية التي لم تدرس علم الإدارة وليس لها نصيب من العلم الذي عند عمر هزّ عمر هزّا وجعله ينقل هذا الخوف والجزع من الموقف يوم القيامة إلى حلول عملية لتجنّب الوقوف المخزي بين يدي الله يوم القيامة.

فهل من متعظ من دروس عمر في فن إدارة الرجال وقيادتهم؟ هل من متعظ لعلنا نرى رجالا صالحين يتولون أمرنا، ويحسون بنا وبآلامنا وآمالنا وانشغالاتنا، ومشاكلنا، لتكون همّهم وشغلهم لا يهدأ لهم بال حتى يجدون حلا لها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire