el bassaire

vendredi 8 novembre 2013

باب صيد الحرم




أي حكم صيد حرم مكة وحكم نباته وحرم المدينة وما يتعلق بذلك  قال تعالى: }أَوَلَمْ يَرَوْا{ خطاب منه جل وعلا لأهل مكة }أَنَّا جَعَلْنَا{ أي صيرنا }حَرَمًا آمِنًا{ من الخوف فلا يرعب ولا يقاتل أهله يمتن تعالى على قريش فيما أحلهم من حرمه الذي جعله للناس امنا سواء العاكف فيه والباد ومن دخله كان امنا فهم في أمن عظيم والأعراب حوله وسائر العرب ينهب بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا

ويذكرهم هذه النعمة الخاصة بهم ويوبخهم بقوله أفبالبطل الذي هم عليه يؤمنون أي أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به وعبدوا معه غيره من الأصنام والأنداد

 (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوم فتح مكة) سنة ثمان (إن هذا البلد) والمراد البقعة لأنه لم يكن بلدا يوم خلقها الله (حرمه الله) أي حكم بتحريمه وقضاه (يوم خلق السموات والأرض) وإبراهيم عليه السلام أظهر تحريمها بأمر الله لاباجتهاده لقوله ولم يحرمها الناس (فهو حرام بحرمة الله) أي بتحريمه لا يقاتل أهله ويحرم صيده وقطع شجره ولا يحدث فيه حدث (إلى يوم القيامة) فتحريمها مستمر إلى قيام الساعة.

ولهما من حديث أبي هريرة قال لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه و سلم قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد قبلي وإنما أحلت لي ساعة من نهار" أي إراقة الدم دون الصيد والشجر " وإنها لا تحل لأحد بعدي فلا ينفر صيدها " الخ فمكة وما حولها كانب حرما قبل الخليل عليه السلام في قوله أكثر أهل العلم لهذين الخبرين وغيرهما. وما جاء أن الخليل حرم مكة فالمراد أظهر تحريمها وبينه.
وحد حرمها من طريق المدينة ثلاثة أميال عند بيوت السقيا إضاءة بني غفار ويقال بيوت نفار دون التنعيم تعرف بمساجد عائشة. ومن اليمن عند إضاءة لبن من جهة الجنوب. ومن العراق كذلك على ثنية رجل جبل بالمقطع قطعت منه حجارة الكعبة زمن ابن الزبير. ومن الطائف وبطن نمرة كذلك في شعب عبد الله بن خالد بن أسيد علامة له من جهة عرفة. ومن جدة عشرة عند منقطع الأعشاش دون الشميسي. وهو الحديبية وليست داخلة فيه. ومن بطن عرنة أحد عشر ميلا.


وعلى تلك أنصاب الحرم من جهاتها الأربع وغيرها لم تزل معلومة. وأول من نصبها الخليل عليه السلام ثم قصى وقيل ثم النبي صلى الله عليه و سلم ثم عثمان ثم معاوية ثم عبد الملك. ثم الراضي الذي بالتنعيم. ثم المظفر الذي بجهة عرفة. ثم صاحب اليمن ثم العثماني وغيرهم. وفيه أنها فتحت عنوة وعليه الجمهور. ولا يعرف فيه خلاف إلا رواية عن الشافعي وأحمد.

ومن خصائص الحرم أن يعاقب المريد للمعصية فيه إذا كان عازما عليها. وإن لم يوقعها. لقوله تعالى: }وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{ وأن يستحل من الحرم ما حرمة الله عليه (لا يعضد) أي لا يقطع (شوكه) وهو كالصريح في تحريم قطع الورق. قال ابن القيم وهو المذهب والأصح لظاهر النص والقياس. فإن منزلته من الشجر منزلة ريش الطائر منه اهـ.ـ. وفي لفظ لا يعضد شجرها أي يقطع بالمعضد وهو آلة كالفأس.

فدل على تحريم قطع الشوك وهو قول جمهور أهل العلم وأفاد تحريم قطع ما لا يؤذي بالأولى واتفق أهل العلم على تحريم قطع أشجارها التي لم ينبتها الآدميون في العادة كشجر الحرم البري إجماعا وفي البخاري لا يعضد بها شجرة وأما ما يزرعه الآدميون من أنواع الحبوب وغيرها والبقول والرياحين ويغرسونه من غير شجر الحرم فإنه يباح أخذه والانتفاع به كنخل وجوز إجماعا وعمل المسلمين عليه

 (ولا يختلى) أي لا يؤخذ ويقطع (خلاه) أي النبات الدقيق الرطب من الكلأ والعشب الرطب منه قال أحمد وغيره لا يحش الحرم ويعم الأراك والورق وفي رواية ولا يحش حشيشها وتخصيص التحريم بالرطب إشارة إلى جواز اختلاء اليابس كأخذ المنكسر ولم يبن كظفر منكسر (ولا ينفر صيده) أي لا يزعجه أحد ولا يهيجه ولا ينحيه عن موضعه من غير ضرورة فإن فعل عصى تلف أو لا وإن تلف ضمنه ويستفاد من النهي عن التنفير تحريم الإتلاف بطريق الأولى وتقدم الإجماع على تحريمه ووجوب الفدية فيه مطلقا

 (ولا تلتقط لقطته) أي ساقطته (إلا لمعرف) ولفظ أبي هريرة ولا تحل ساقطتها إلا المنشد أي معرف ليردها على صاحبها ففيه أنها لا تحل لقطتها ألا لمن يعرف بها أبدا وهو خاص بها ولا يتملكها وذكر ابن القيم عن الشيخ وغيره أن الفرق بين لقطة مكة وغيرها أن الناس يتفرقون من مكة فلا يمكن تعريف اللقطة في العام فلا يحل لأحد يلتقط لقطتها إلا مبادر إلى تعريفها قبل تفرق الناس بخلاف غيرها من البلاد وروي والمدينة فيجوز بنية التملك بعد التعريف سنة ويأتي في باب اللقطة إن شاء الله تعالى

 (قال العباس) بن عبد المنطلب بن هاشم عم النبي صلى الله عليه و سلم يا رسول الله (إلا الإ ذخر) فإنه لقينهم وبيوتهم كأنه يقول هذا ما تدعو الحاجة إليه وقد عهد من الشريعة عدم الحرج فقررصلى الله عليه و سلم كلامه وقبل شفاعته فيه والإذخر نبت معروف عند أهل مكة طيب الرائحة له أصل مند فن وقضبان دقاق ينبت في السهل والحزن كان يسقف به أهل مكة بيوتهم من بين الخشب و يسددون به الخلل بين اللبنات في القبور

 (فقال) يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم (إلا الإ ذخر متفق عليه) وفيه دليل على المنع من احتشاش غيره لا رعيه عند الجمهور لأ ن الهدايا وغيرها كانت تدخل الحرم فتكثر فيه ولم ينقل سد أفواهها وللحاجة إليه أشبه قطع الإذخر بخلاف الاحتشاش لها منه فيحرم وتضمن شجرة صغيرة عرفا بشاة عند الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة بالقيمة وما فوقها ببقرة قال ابن عباس في الدوحة بقرة وفي الجزلة شاة فالمتوسطة بقدرها

أمر عمر بقطع شجرة في المطاف وفدى ويفعل به كجزاء الصيد ويضمن حشيش وورق بقيمته عند الجمهور الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم لأن الأصل وجوب القيمة ترك فيما تقدم لقضاء الصحابة فبقى ما عداه على مقتضى الأصل

 (ولهما عن علي) رضي الله عنه (مرفوعا) إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (المدينة) هي علم بالغلبة لمدينته صلى الله عليه و سلم التي هاجر إليها فلا يتبادر عند إطلاق اللفظ إلا إليها ولها اسماء كثيرة منها طيبة ويثرب فهي (حرام) وفي لفظ حرم ويكون الحرم والحرام كزمن وزمان أي المدينة حرم محرمة (ما بين عير) بفتح فسكون جبل كبير مشهور بها مستطيل مرتفع في قبلتها قال الشيخ عند الميقات يشبه العير وهو الحمار إلى ثور).

وتمامه من أحدث فيها حدثا أواوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وثور جبل صغير لونه إلى الحمرة فيه تدوير ليس بالمستطيل خلف أحد من جهة الشمال قاله شيخ الإسلام وغيره وذكر المراغي وابن مزروع البصري أنه معروف عند أهل المدينة والعرب من بني هتيم وغيرهم قال الطبري فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وبحثهم عنه

فأحد حرم لأن ثورا حده من جهة الشمال كما أن عيرا حده من جهة الجنوب وهذا الحديث مفسر لما في الصحيحين عن أبي هريرة حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بين لابتي المدينة وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى ولا بتيها حرتان منكتنفتان لها ولأحمد من حديث جابر حرام ما بين حرتيها وحماها كلها ولمسلم عن أبي سعيد أنه صلى الله عليه و سلم قال إني حرمت المدينة حرام ما بين مأزميها ولهما عن أنس ما بين جبليها

فما بين عير إلى ثور حد لحرمها من جهة الجنوب والشمال وما بين حرتيها حد لحرمها من جهة المشرق والمغرب وقال شيخ الإسلام لها حرم عند الجمهور كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم وليس في الدنيا حرم لا بيت المقدس ولا غيره إلا هذين الحرمين. يعني حرمي مكة والمدينة. ولا يسمى غيرهام حرما. كما يسمي الجهال: فيقول حرم القدس. وحرم الخليل فإن هذين وغيرهما ليسا يحرم باتفاق المسلمين.

ولم بتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في وج. وهو واد بالطائف وهو عند بعضهم حرم. وعند الجمهور ليس بحرم. قال الوزير وغيره اتفقوا على أنه غير محرم الأصطياد ولا القطع إلا الشافعي. فقال يمنع من صيدها وقتله ولم يثبت فيه شئ.

 (ولهما عن أبي هريرة) يعنى مرفوعات إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (إن إبراهيم) يعني الخليل عليه السلام (حرم مكة) وفي رواية "إن الله حرم مكة" ولا منافاة فالمراد أن الله حكم بحرمتها وإبراهيم أظهر هذا الحكم على العباد (ودعا لها) أي دعا لأهلها حيث قال (رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات) وغيرها من الأيات (وإني) يعنى نفسه الشريفة صلوات الله وسلامه عليه (حرمت المدينة) أي جعلتها حراما يحرم صيدها وقطع شجرها. وقد أستفاض عنه من غير وجه.

 (كما حرم إبراهيم مكة) ولهما من حديث عباد بن تيمم نحوه (ودعا) يعني النبي صلى الله عليه و سلم للمدينة (بمثلي ما دعا إبراهيم) أي ضعف ما دعا إبراهيم وفي لفظ "بمثل ما دعا إبراهيم. ومثله معه". وفي لفظ "وبارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مديتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك في مدنا. اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبد ونبيك وإنه دعا لمكة وإني أدعو للمدينة بمثل ما دعا لمكة". ولهما من حديث عبد الله بن زيد "أن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة. وإني دعوت في صاعها ومدها" البركة هنا.معنى النماء والزيادة. أو في نفس الكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها.

ولمسلم من حديث جابر يعني أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها" وتواردت بهذا الأخبار (لا يقطع عضاهما) وهو كل شجر عظيم له شوك وللبخاري من حديث أنس " لا يقطع شجرها" ولمسلم عنه "لا يختلي خلاها فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" ولأحمد من حديث أبي هريرة سمعته " يحرم شجرها أن يخبط أو يعضد" أي يقطع ولا يصاد صيدها ولمسلم عن عامر بن سعد عن أبيه مرفوعا "إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها".

وتحريم قتل صيدها من طرق كتحريم قطع شجرها. وهو مذهب جمهور أهل العلم مالك والشافعي وأحمد وغيرهم كرم مكة. ألا يعلف الرجل بعيره ونحوه. ولا جزاء فيما حرم من صيدها وشجرها وحشيشها. قال أحمد وغيره: لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه و سلم ولا أحدا من أصحابه حكموا فيه بجزاء. وهو مذهب مالك والشافعي ,ابي حنيفة وجماهير العلماء.

قال الشيخ: وإذا دخل عليه صيد لم يكن عليه إرساله. لخبر أنس "يا أبا عمير ما فعل النغير" قيل عصفور كان يلعب به متفق عليه. وقيل يسلب من العادي ونتصدق به. لفعل سعد بمن وجده يقطع شجرا فسلبه. وقال "نفلنيه رسول الله صلى الله عليه و سلم" رواه مسلم. قال القاضي عياض ولم يقل به أحد بعد الصحابة إلا السافعي في قوله القديم. وروى عن أحمد.

 (ولأحمد) من حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم "لما حرم المدينة قالوا يا رسول الله إنا أصحاب عمل وأصحاب نضح وإنا لا نستطيع أرضا غير أرضنا فرخص لنا فـ (ـرخص) لهم صلوات الله وسلامه عليه (في آلة الحرث ونحوه) كآلة الرحل. ولفظه فقال " القائمتان والوسادة والعارضة والمسند وأما غير ذلك فلا يخبط منه شئ".

قال شيخ الإسلام: ولا يقلع شجره إلا لحاجة كآلة الركوب والحرث. ويؤخذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف. فإن النبي صلى الله عليه و سلم رخص لأهل المدينة في هذا لحاجتهم إلى ذلك. إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه. ولأحمد من حديث على "لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاذ بها. ولا يصلح لرجل أن يجمل فيها السلاح لقتال. ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره" وله من حديث جابر "لا يقطع شجرة إلا أن يعلف منها".

وتستحب المجاورة بمكة عند الجماهير مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وهي أفضل من المدينة. وأحب البلاد إلى الله لما في الحديث عنه صلى الله عليه و سلم "وإنك لأحب البقاع إلى" صححه الترمذي. والعمل فيها أفضل للنصوص. وقيل: المدينة أفضل من مكة لأنها مهاجر المسلمين ولترغيب النبي صلى الله عليه و سلم في المجاورة فيها. ولعل الخلاف في المجاورة فقط. وأما الأفضلية فالنصوص فاصلة في ذلك.


وقال الشيخ: المجاورة بمكان بكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان. واختار أن الحسنة والسيئة تضاعف بالمكان الفاضل الحسنة بالكمية. والسيئة بالكيفية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire