el bassaire

jeudi 14 novembre 2013

باب الفوات والإحصار




أي بيان أحكامها، وما يتعلق بذلك، والفوات مصدر فات إذا سبق فلم يدرك وهو هنا كذلك لغة واصطلاحًا، ولا يتأتى إلا في الحج إذ العمرة لا تفوت إلا تبعا لحج القارن والإحصار مصدر حصره إذا حبسه، وأصل الحصر المنع والحبس عن السفر وغيره.

قال تعالى: }فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ{ أي دون تمام الحج والعمرة فحللتم (ف)ـعليكم }فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ{ ما يهدى إلى البيت وأعلاه بدنه وأوسطه بقرة وأدناه شاة. قال ابن عباس شاة لأنه أقرب إلى اليسر قال الإمام العادل أبو المظفر الصحيح عندي ما ذهب إليه الشافعي في قوله الجديد وأحمد فإن قوله }فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ{ محمول على العموم في حق كل من أحصر سواء كان قبل الوقوف أو بعده،وبمكة أو غيرها، وسواء كان طاف بالبيت أو لم يطف وأن له أن يتحلل كما قال الله تعالى، وأطلق ذلك في قوله ولم يخصصه واختاره الشيخ.

وقال الزركشي لعلها أظهر لظاهر الآية. والآية نزلت رخصة أن يذبحوا ما معهم من الهدي وأن يحلقوا رؤوسهم ويتحللوا من إحرامهم. ومحل ذبح هدي المحصر حيث أحصر لأنه ثبت في الصحيح وغيره أن النبي صلى الله عليه و سلم ذبح الهدي عام الحديبية بها ثم قال تعالى }وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ{ أي مكانه الذي يجب أن يذبح فيه. وقال }وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ{ أي: وصدوا الهدي أن يبلغ محله، قال ابن القيم ولا يلزم نحره في الحرم. ولو قدر على أطرافه اهـ.

ومذهب أحمد الشافعي والجمهور يجب عليه الهدي ولا يتحلل إلا بهدي ينحره في محله في وقت حصره، وقال أبو حنيفة في الحرم. وفعل الرسول صلى الله عليه و سلم وأصحابه أولى بالاتباع. وحكى الوزير الإتفاق على أن الإحصار بالعدو يبيح التحلل وقال في المبدع وغيره بغير خلاف. والمراد وأردتم التحلل. إذ الأحصار بمجرده لا يوجب هديا. وقال ابن القيم ولا يلزم المحصر هدي ولا قضاء لعدم أمر الشارع.
وقال أبو حنيفة المحصر بالمرض كمن أحصر بالعدو سواء وهو رواية عن أحمد. وقول جماعة من السلف. واختاره الشيخ. وقال غير واحد من أهل اللغة لفظ الإحصار إنما هو للمرض. يقال أحصره المرض إحصار فهو محصور. قال الزهري هو كلام العرب. استفيد حصر العدو بطريق التنبيه فيكون حكمه حكم من حصره العدو. قال ابن قتيبة في الآية هو أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين الحج من مرض أو كسر أو عدو. يقال أحصره فهو محصر. وقال ابن القيم لو لم مات يأت نص يحل المحصر بالعدو يقتضيه فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدل عليه.

(ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من صلح الحديبية) أي من قضية الكتاب لأصحابه ويأتي (قال لأصحابه قوموا فانحروا) أي الهدي من الإبل، واذبحوا سواها من البقر والغنم (ثم احلقوا) رؤوسكم ويجزئ التقصير. فعند ذلك قال: "اللهم اغفر للمحلقين) وتقدم (رواه البخاري) وغيره عن المسور. ومروان في قصة عمرة الحديبية. وله عن ابن عمر وابن عباس أنه صلى الله عليه و سلم "نحر ثم حلق".

فدل على أن الحصر يقدم النحر على الحلق. وله أيضًا عن المسور أن النبي صلى الله عليه و سلم "نحر قبل أن يحلق. وأمر أصحابه بذلك " ولأحمد "ونحر بالحديبية قبل ان يحلق وأمر أصحابه بذلك". وقال أكثر أصحاب أحمد يجب الحلق وفاقا لأبي حنيفة ومالك والشافعي. واختاره القاضي وغيره. ولا فرق في ذلك بين كون الحصر عامًا أو خاصًا ولا بين كون الحج صحيحًا أوفاسدًا ولاقبل الوقوف أوبعده.

ولا قضاء على المحصر المتطوع بحصر خاص أوعام وإن اقترن به فوات الحج إذ لم يرد الأمر به والذين أحصروا مع النبي صلى الله عليه و سلم عام الحديبية لم يعتمر معه صلى الله عليه و سلم منهم في عمرة القضية إلاالبعض فعلم أنها لم تكن قضاء ولم ينقل أنه أمر الباقين بالقضاء لأنه تطوع جاز التحلل منه مع صلاح الزمان له فلم يجب قضاؤه وفارق الفوات لأنه منهما بخلاف المحصر وتقدم قول ابن القيم لايلزم المحصر هدي ولاقضاء لعدم أمر الشارع بهما وهو مذهب أبي حنيقة.

فأما الفرض فيجب إجماعًا لوجوبه في الذمة قبل الشروع فيه وقال بعض أهل العلم إن فقد الهدي صام عشر أيام ثم حل وهو مذهب أحمد وأحد قولي الشافعي والجمهور على جواز التحلل قبل الإتيان بالبدل من غير توقف على الصوم لتضرره ببقائه على إحرامه إلى فراغ الصوم ولا إطعام في الاحصار ومن له طريق إلى الحج وأمكنه سلوكه لزمه والأولى لمعتمر وحاج اتسع زمن إحرامه الصبر أن غلب على ظنه انكشاف العدو وإمكان الحج.

(وعن عكرمة) مولى عبد الله بن عباس كان من أعلم الناس ووثقه جماعة وتكلم فيه لرأيه لا لحفظه مات سنة مائه وخمس (عن الحجاج بن عمرو) بن أبي غزية الأنصاري المازني رضي الله عنه.

(قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من كسر) بضم الكاف وكسر السين أي أصابه كسر لايستطيع إكمال النسك معه (أو عرج) بفتح المهملة وكسر الراء أي أصابه شيء في رجله وليس بخلقه ولأبي داود وابن ماجه أومرض ولأحمد من حبس بكسر أومرض وهو محرم بحج أوعمرة (فقد حل) أي يصير حلالا بحصول ذلك المانع وممن يجوز له الحل بعد أن كان ممنوعًا منه.
وتقدم قول ابن القيم ولو لم يأت نص بحل المحصر بمرض لكان القياس على المحصر بالعدو ويقتضيه فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدل عليه اهـ. وكذا كل عذر حكمه حكمها كإعواز النفقة والضلال في الطريق وبقاء السفينة في البحر وهو قول كثير من الصحابة ومذهب الحنفية وغيرهم (وعليه حجة أخرى) يعنى من قابل كما يأتي (قال) عكرمة (فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا صدق) يعني الحجاج بن عمرو فيما أخبر به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم (رواه الخمسة) وغيرهم وأقره الذهبي وحسنه الترمذي.

وقال غير واحد هو حديث حسن يحتج بمثله وظاهر القرآن بل صريحه يدل على أن الحصر يكون بالمرض ونحوه كما تقدم واختار الشيخ أن الحائض لها التحلل كمن حصره عدو فإن الله لم يوجب على المحصر أن يبقى محرمًا حولاً بغير اختياره.
(وأمر عمر رضي الله عنه وغيره) يعني ابنه عبد الله وعبد الله بن الزبير وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم وغيرهم كما أخرجه مالك وغيره أنهم أمروا (من فاته الحج) وهو أن يفوته الوقوف بعرفة يوم عرفة (أن يحل) ولا بد (بعمرة) لأن قلب الحج عمرة جائز بلا حصر فمعه أولى وأجمعوا على أن من هذه صفته لايخرج من إحرامه إلا بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة.
 (ثم يحج قابلا) أي وأن عليه الحج السنة المقبلة إن كان فردًا إجماعا أو نفلاً لأنه مفرط وهو مذهب الجمهور وللدار قطني عن ابن عباس مرفوعا من فاته عرفات فاته الحج وليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل وعمومه متناول للفرض والنفل بخلاف المحصر (ويهدي رواه الشافعي) ومالك والبيهقي والأثرم وغيرهم فعمر أمر أبا أيوب وهبار بن الأسود حيث فاتهما الحج أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا ثم يحجا من قابل ويهديا.
والجمهور أن عليه الهدي للإجماع على أن من حبسه المرض حتى فاته الحج فعليه الهدي وحكي أنهم اتفقوا على أن من فاته الحج لايبقى محرمًا إلى العام القبل وحكاه ابن رشد قول جمهور العلماءوإن كان اشترط في ابتداء إحرامه أن محله حيث حبس فله التحلل بلا هدي ولا قضاء ثم إن تحلل المحصر وأمكنه الحج لزمه إن كان واجبًا على الفور وإن كان فاسدًا وتحلل منه قضاه في عامه إن أمكنه قال الموفق ولا يتصور في غيرها.
وإن أخطأ الناس فوقفوا فى الثامن أوالعاشر أجزأهم إجماعا وإن وقفوا في الثامن ثم علموا قبل فوت الوقت وجب الوقوف في الوقت وإن لم يعلموا أجزأ وإن كان الخطأ من الجمهور فقد ألحق الأكثر بالكل لقوله صلى الله عليه و سلم الحج يوم يحج الناس والمشقة القضاء عليهم مع كثرتهم مشقة عظيمة ولإنهم لا يأمنون وقوع مثله في القضاء ولو أخطؤا لغلط في العدد أو في الطريق ونحوه فوقفوا في العاشر لم يجزئهم قال الشيخ إجماعا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire