علوم
الحديث
في
ضوء تطبيقات المحدثين النقاد
بقلم
د. حمزة عبد الله
المليباري
وترتيب أنواعها و شرح مسائلها ومصطلحاتها
الوحدة الأولى وترتيب أنواعها
لعب
من الأفضل إلقاء نظرة سريعة على موضوعات هذه الوحدة ، وما يطلق عليها من المصطلحات
.
تضم
الوحدة الأولى ثلاثة موضوعات رئيسة ، وتدور عليها المصطلحات الآتية :
صحيح
، حسن ، حسن صحيح ، جيد ، لا بأس به ، زيادة الثقة ، العلة ، الشاذ ، المنكر،
المقلوب ، المدرج ، المصحف ، المضطرب ، الموضوع .
والموضوعات الثلاثة هي :
1- الحديث الذي ثبتت صحته .
2- الحديث له الذي ثبت خطؤه .
3- الحديث الذي لم يثبت فيه هذا ولا ذاك .
وفيما
يلي بيان كيف تدور تلك المصطلحات على هذه الموضوعات الثلاثة :
أما
الموضوع الأول فيطلق عليه عادة مصطلح " صحيح " ، وقد يطلق عليه مصطلح
"حسن" ، بينما يصطلح عليه بعضهم كلمة "حسن صحيح" .
وأما الموضع الثاني فيطلق عليه : (ضعيف) ،
(معلول) ، (شاذ) ، (منكر) ، (مقلوب) ، (مدرج) ، (مصحف) ، (مضطرب) ، (موضع) . وإلى
جانبها ألفاظ صريحة يستعملها النقاد كثيراً ؛ وهي :
(حديث غريب) ، (غير محفوظ) ، (باطل) ، (وهم) ،
0خطأ) (تفرد به فلان) ، (لا يشبه حديث فلان) (لا يجيء) وغيرها من العبارات الصريحة
التي تزخر بها كتب العلل وكتب الضعفاء وغيرها .
والموضوع الثالث يقول فيه : (ضعيف) ، (مرسل) ، (مدلس) ، (مدلس) ، (منقطع)، (معضل) ،
(معلق) وإذا تقوى نوع من هذه الأنواع بعواضد بالشروط التي سيأتي ذكرها، ولم يصل
إلى حد شعور الناقد بأنه ثابت يقال : (حسن) ، (جيد) ، (لا بأس به) ، وقد يطلق عليه
أيضاً (صحيح) تجوزاً ، ولا يريد به الموضوع الأول .
وجه تقسيم هذه الأنواع تقسيماً ثلاثياً
لقد قسمنا هذه المصطلحات على ثلاثة أقسام –
كما رأيت آنفاً - ، وذلك حسب شعور النقاد تجاه الحديث . وإلا ففي الواقع لا ينقسم
الحديث سوى قسمين :
صحيح وخطأ .
لكن لن يكون بمقدور الناقد أن يعرف دوماً ماذا
في الواقع ، خطأ أو صواب ، لأنه قد لا يتوافر لديه من المعلومات ما يساعده على
معرفة ذلك ؛ فإذا علم الناقد بصحة الحديث يعبر عن ذلك بما يدل عليه من الألفاظ ،
وإذا علم بخطئه يعبر عنه بما يدل عليه من العبارات ، وإذا لم يعمل هذا ولا ذاك
فتعبيره عن ذلك يكون بقدر شعوره تجاه الحديث .
وعليه فإن الحديث ينقسم إلى ثلاثة أقسام
بالنسبة إلى شعور الناقد ، وأما في واقع الأمر فلا يكون له إلا قسمان : خطأ ،
وصواب .
وإذا
رجعنا إلى أنفسنا نجد هذا التقسيم واقعياً ، إذ الخبر الذي نسمعه لا يكون في
الواقع إلا صواباً ، أو خطأ ، لكن ليس بمقدورنا أن نعرف هذا الواقع دائماً ،
وبالتالي ينقسم هذا الخبر بالنسبة إلى شعور المخاطب إلى تلك الأقسام الثلاثة ؛
لأنه قد يعرف أن الخبر صواب، أو أنه طأ ، أو لا يعرف شيئاً ، وإن كان يتنوع ما
يعبر به المخاطب عما يجول في خلده تجاه الخبر الذي سمعه ، بيد أنه لا يخرج عن قسم
من هذه الأقسام .
وإذا
كان الموضوع الأول يضم جميع المسائل المتعلقة بمعرفة صحة الحديث وثبوته ، فإن
الموضوع الثاني باعتباره مقابل الأول يشمل جميع الأنواع التي تكون لها صلة بمعرفة
الخطأ في الحديث – سواء أكان الراوي معتمداً في خطئه أم غير متعمد – والأنواع هي :
العلة
، والشاذ ، والمنكر ، والمقلوب ، والمدرج ، والمصحف ، والمضطرب ، والموضع. غير أن
نوع (الموضوع) يجب أن يكون ذكره في باب خاص ، لكون روايه كذاباً ووضاعاً . ويلحق
به ما رواه المتروك بسبب فسقه ، لأنه مثل الوضاع في عدم جواز الرواية عنه .
ومن
الجدير بالذكر أن مصطلح (العلة) أو (المعلول) يشكل موضوعاً عاماً يندرج تحته بقية
الأنواع المذكورة ، وليس نوعاً قسيماً ، وهي : الشاذ ، والمنكر ، والمقلوب ،
والمدرج ، والمصحف ، والمضطرب .
وأما
الموضوع الثالث فيمثل درجة متوسطة بين هذين الموضوعين ، وعريضة ، إذ يجذبها
أحياناً أحد الطرفين : الصحيح أو المعلول ، بقدر ما تتوافر في الحديث من العواضد
الخارجية ، غير أنه لا يرقي إلى الصحيح ، كما لا ينزل إلى الضعيف الذي تبين خطؤه .
ومن هنا قد يكون موقف النقاد تجاه الحديث الذي يندرج تحت هذا النوع مضطرباً ، كما
اضطرب المتأخرون في تحديد معنى مصطلح (الحسن) الذي يكون أساسه هذه الدرجة المتوسطة
، وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث الحسن .
والعنوان
الذي يطابق هذا الموضوع هو "الضعيف المنجبر" ، ويشمل الأنواع التالية :
المرسل
، والمعلق ، والمدلس ، والمنقطع ، والمعضل ، وما رواه الضعيف غير المتروك بشرط أن
لا يظهر للناقد ما يدل على صحته ولا خطئه ، وأما إذا تقوى نوع من هذه الأنواع
بالوجوه التي سيأتي تفصيلها فيقال عنه : (حسن) وتستعمل فيه ألفاظ أخرى ، مثل (جيد)
و (لا بأس به) و (صالح) و (مقبول) .
وبقي لنا تصنيف مسألة زيادة الثقة ، فإن
زيادة الثقة من حيث كونها مسألة لا تشكل نوعاً خاصاً مستقلاً عن مسائل الصحيح
والحسن والمعمول ، ولا خارجة من حدودها ؛ إما أن تكون صحيحة ، أو حسنة ، أو معلولة
، ويكون كل ذلك تبعاً لدلالة القرائن المحتفة بها . وأما من حيث كونها كلمة
اصطلاحية فتظل نوعاً يحتاج إلى تعريف ، ولتوضيح ذلك سنخصص لها فصلاً خاصاً .
وعلى هذا الترتيب الموضوعي ستكون دراستنا
لأنواع الوحدة الأولى إن شاء الله تعالى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire