el bassaire

jeudi 14 novembre 2013

باب زكاة بهيمة الأنعام



وهي الإبل والبقر والغنم سميت بهيمة لما في صوتها من الإبهام. بدئ بها اقتداء بالشارع صلى الله عليه و سلم وأصحابه. لأن أكثر العرب إذ ذاك أهل نعم وأجمع المسلمون على وجوب الزكاة فيها. وفي الصحيحين من حديث أبي ذر "ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت أسمته تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها".
 (عن أنس أن أبا بكر) الصديق رضي الله عنهما (كتب له) هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين عاملا عليها. ولأبي داود وعليها ختمه صلى الله عليه و سلم (بسم الله الرحمن الرحيم) (هذه فريضة الصدقة) أي هذه نسخة فريضة الصدقة. حذف المضاف للعلم به. وفيه جواز إطلاق الصدقة على الزكاة (التي فرضها رسول الله صلى الله عليه و سلم) على المسلمين أي قدر أنواعها وأجناسها، والقدر المخرج منها. وإلا فالإيجاب ثابت بالقرآن (والتي أمر الله بها) رسوله. وفي لفظ "التي أمر الله بها ورسوله" فمن سألها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سأل فوق ذلك فلا يعط.
 (في أربع وعشرين من الإبل) بخات أو عراب ذكور أو إناث إجماعا (فما دونها) أي دون الأربع والعشرين من الإبل فزكاتها من الغنم (في كل خمس) ذود من الإبل (شاة) من الغنم بصفة الإبل إجماعا. ففي خمس إلى تسع كرام سمان شاة كريمة سمينة. وفي معيبة شاة صحيحة تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل وفي العشر إلى أربع عشرة شاتان وفي خمس عشرة إلى تسع عشرة ثلاث شياه. وفي العشرين إلى أربع وعشرين أربع شياه بصفتها.
 (فإذا بلغت) الإبل (خمسا وعشرين) إلى أن تنتهي (إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض) بفتح الميم. أي بنت ناقة مخاض إجماعًا. وهي ما تم لها سنة. سميت بنت مخاض لأن أمها قد حملت غالبًا والماخض الحامل. وليس شرطا (فأن لم تكن) أي توجد عنده بنت مخاض (فإبن لبون) ذكر ويجزئ عنها إجماعًا. وهو ما استكمل السنة الثانية. ودخل في الثالثة إلى تمامها. سمي بذلك لأن أمه ذات لبن غالبًا.
وجاز العدول إلى ابن اللبون عند عدم ابنة المخاض. قال بعضهم ولا يجزئ عنه بغير ولاهما ولا البقرةولا نصفا شاتين عن شاة. وقيل يجزئ إذا كان أكثر قيمة من الواجب.وهو مذهب أبي حنيفة، لحديث أبي بن كعب: مررت برجل فلم أجد عليه إلا بنت مخاض فقال لا لبن فيها ولا ظهر. ولكن هذه ناقة سمينة فخذها. فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم "ذاك الذي عليك  وإن تطوعت بخير قبلناه منك وآجرك الله فيه" رواه أبو داود بسند صحيح.
وقال النووي وغيره لو بذل الحامل ونحوها قبلت منه عند أهل العلم كافة إلى داود. وقال في الخمس واجبها الشاة. فإن أخرج بعيرًا أجزأ. وهو قول جمهور العلماء وحكى الموفق وغيره الإجماع على جواز إخراج سن أعلى من الفرض الواجب (فإذا بلغت) الإبل (ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون) إجماعًا. وهي ما تم لها سنتان (فإذا بلغت الإبل ستًا وأربعين إلى ستين ففيها حقة) طروقة الجمل إجماعًا. وهي ما تم لها ثلاث سنين.سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل.وأن يحمل عليها وتركب.
 (فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة) أجماعًا. وهي ما تم لها أربع سنين ودخلت في الخامسة. سميت بذلك لأنها تجذع إذا سقط سنها. وهي آخر أسنان الزكاة. وأعلى سن يجب فيها. وغاية كماله. والأسنان المذكورة باتفاق أهل اللغة والأئمة (فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون) إجماعًا (فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان) إجماعًا حكاه ابن المنذر والوزير والشيخ وغيرهم ممن يحكي إجماع أهل العلم.
 (فإذا زادت) أي الإبل (على عشرين ومائة) أي  واحدة فصاعدًا (ففي كل أربعين) منها (بنت لبون وفي كل خمسين حقة) وهذا قول الزهري وأبي ثور وأبي عبيد وأحمد والشافعي وسائر أئمة الحجاز. وصححه الوزير وغيره. وفي المبدع وغيره هو المختار للعمة. وقال الشيخ وهو أولى عند العلماء لهذا الخبر وخبر عمر ولفظه "فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون" رواه أبو داود وحسنه الترمذي. وقال العمل على هذا الحديث عند عامة العلماء.
وبهذه الفرائض اشتهرت كتب الصدقات عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلفائه. وفي مائة واحدى وعشرين ثلاث بنات لبون. وليس فيما لا يبلغ الشعرة منها شيء حتى تبلغ العشرة. وفي مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون. وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون. وهكذا. ولأبي داود عن عمر معناه مرسلا. وهو مقتضى حديث أنس. وقال مالك إذا زادت واحدة على عشرين ومائة فالساعي بالخيار بين أن يأخذ حقتين أو ثلاث بنات لبون عند الكوفيين يستقبل الفريضة، وحجة الجمهور هذه الأحاديث. وما خالفها لا تقوم به حجة.
قال الشيخ أحمد وأهل الحديث متبعون في الزكاة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم وخلفائه. آخذون بأوسط الأقوال أو بأحسنها. فأخذوا في أوقاص الإبل بكتاب الصديق. ومتابعته المتضمن. إن في الإبل الكثيرة في كل أربعين بنت لبون. وفي كل خمسين حقة. لأنه آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه و سلم. بخلاف الكتاب الذي فيه استئناف الفريضة. بعد مائة وعشرين. فإنه متقدم على هذا. لأن استعمال عمرو بن حزم على نجران قبل موته صلى الله عليه و سلم بمدة. وأما كتاب الصديق فإنه كتبه ولم يخرجه إلى العمال حتى أخرجه أبو بكر رضي الله عنه.
فإذا تباينت أسنان الإبل في فرائض الصدقات فقد قال صلى الله عليه و سلم (ومن بلغت عنده) من الإبل (صدقة الجذعة) وتقدم أنها تجب في إحدى وستين إلى خمس وسبعين (وليست) الجذعة (عنده) في ملكه أو عنده وكانت معيبة (وعنده حقة فإنها تقبل منه) الحقة عوضًا عن الجذعة (ويجعل معها) أي مع الحقة توفية لها (شاتين إن استيسرنا له) أي تسهلتا له (أو عشرين درهمًا) إذا لم تتيسر له الشاتان. ويجب على المصدق قبوله جبرا لتفاوت ما بين الحقة والجذعة. وليس له تكليفه غير ما وجد اتفاقا ويجزئ شاة وعشرة دراهم.
 (ومن بلغت عنده صدقة الحقة) وهي تجب في ست وأربعين إلى ستين (وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه) وإن كانت زائدة على ما يلزمه فلا يزلمه تحصيل ما ليس عنده (ويعطيه المصدق) أصله المتصدق. أي يعطيه العامل على أخذ الزكاة (شاتين أو عشرين درهما) مقابل ما زاد عنده.
ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما. قال الخطابي وغيره يشبه أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم إنما جعل الشاتين أو عشرين درهما تقديرا في جبران الزيادة والنقصان. ولم يكل الأمر في ذلك إلى اجتهاد الساعي ولا غيره. لأن الساعي إنما يأخذ منهم الزكاة عنده المياه غالبا. وليس هناك حاكم ولا مقوم يفصل بينهما إذا اختلفا. فضبطت بقيمة شرعية قطعا للنزاع. ولا دخل لجبران في غير إبل لأن النص إنما ورد فيها فيقتصر عليه.
 (ومن لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها شيء) أي ليس فيها زكاة واجبة إجماعا. وفي الصحيحين "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" (إلا أن يشاء ربها) أي إلا أن يتطوع (رواه البخاري) ورواه مالك وغيره من حفاظ الإسلام واعتمدوه. وعدوه من قواعد الإسلام. وقالوا إنه أصل عظيم يعتمده. وقال أحمد لا أعلم في الصدقة أحسن منه.
وفيه دليل على أنه ليس في الأوقاص شيء. وأخرج الدارقطني عن عبيد بن صخر قال "عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عماله أهل اليمن أنه ليس في الأوقاص شيء" وفي السنن نحوه من حديث ابن عباس. والوقص ما بين الفريضتين كما بين خمس وعشر يستعمل فيما لا زكاة فيه كأربع.
(ولأبي داود والنسائي، وأحمد وغيرهم) (من حديث بهز) بن حكيم عن أبيه عن جده سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول (في كل سائمة إبل) والسائمة الراعية. قال الجوهري وغيره سامت الماشية رعت واسمتها أخرجتها للمرعي. وتكلم بعضهم في بهز. وقال ابن معين سنده صحيح وحكى الحاكم الاتفاق على تصحيح حديث بهز عن أبيه عن جده ونص عليه أحمد وغيره. ويأتي خبر أنس في سائمة الغنم والإبل في معناها.
قال شيخ الإسلام إذا كانت راعية أكثر الحول في أظهر قولي العلماء. فلا تجب في معلوفة أكثر الحول. ولا إذا اشترى لها ما تأكل. أو جمع لها من المباح ما تأكله. وعن علي: "ليس في العوامل صدقة" رواه أبو داود. وجاء عن جماعة من الصحابة. ولا مخالف لهم منهم. هو قول أهل الحديث وفقهاء الأمصار. فإن المراد بها إذا الانتفاع بظهرها لا الدر والنسل. أشبهت البغال والحمير. وإنما تجب الزكاة فيها إذا كانت للدر والنسل والنماء. لأنها تكثر منافعها ويطيب نماؤها فتجب فيها المواساة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire