el bassaire

samedi 4 janvier 2014

باب حد القذف

باب حد القذف

القذف هو الرمي بزنى أو لواط، فهو في الأصل الرمي ثم استعمل في السب والرمي بالزنى أو ما كان في معناه حتى غلب عليه، وقد دل على تحريمه الكتاب والسنة والإجماع، وإيجاب الحد دون الكفر تكذيبًا له وتبرئة للمقذوف، لا سيما إن كان امرأة، وأما الكفر فإن شاهد حال المسلم كاف في تكذيبه.

(قال تعالى: }وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ{ ) أي: والذين يقذفون بالزنى المحصنات المسلمات الحرائر العاقلات العفيفات }ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ{ أي ثم لم يأتوا على ما رموهن به بأربعة شهداء يشهدون عليهن بما رموهن به }فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً{ أي فاجلدوا كل واحد من الرامين ثمانين جلدة، ولا فرق بين الذكر والأنثى، وإنما خصهن لخصوص الواقعة، ولأن قذفهن أغلب وأشنع }وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا{ في أي واقعة كانت }وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{ عند الله }إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{.

قال ابن رشد وغيره: اتفقوا على أن القذف الذي يجب به الحد أن يرمي القاذف المقذوف بالزنى، أو ينفيه عن نسبه إذا كانت أمه حرة مسلمة، وأن القذف إذا كان بهذين المعنيين أنه إذا كان بلفظ صريح أوجب الحد واتفقوا على أن حد القذف ثمانون جلدة للقاذف الحر والعبد على النصف للآية وغيرها، ولأن الله لم يجعله كالحر من كل وجه، واتفقوا على أنه يثبت بشاهدين عدلين حرين ذكرين، ولا خلاف أن الإمام يقيمه، وأنه يجب على القاذف مع الحد سقوط شهادته ما لم يتب.
واتفقوا على أن التوبة لا ترفع الحد وقال الشيخ: إذا تاب قبل علم المقذوف هل تصح توبته؟ الأشبه أنه يختلف باختلاف الناس، وقال أكثر العلماء إن علم به المقذوف لم تصح توبته وإلا صحت، ودعا له واستغفر، وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله فعرض ولو مع استحلافه لأنه مظلوم، وتصح توبته وفي تجويز التصريح بالكذب المباح هنا نظر، و مع عدم توبته وإحسان تعريضه كذب ويمينه غموس، واختيار أصحابنا لا يعلمه، بل يدعو له في مقابلة مظلمته

(وقال) تعالى }إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ{ أي يقذفون بالزنى }الْمُحْصَنَاتِ{ العفائف }الْغَافِلَاتِ{ عما قذفن به من الفواحش، لم يقع فعلها في قلوبهن }الْمُؤْمِنَاتِ{ بالله ورسوله وما يجب الاعتقاد به }لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ{ يلعنهم المؤمنون في الدنيا والملائكة في الآخرة، }وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{ لعظيم ذنوبهم، فعظم العذاب بالكم والكيف، وسجل عليهم }يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ{ أي جزاءهم الواجب الذي هم أهله }وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{ حيث حقق لهم الجزاء الذي يشكون فيه.

(وقال r اجتنبوا السبع الموبقات) أي المهلكات، سميت موبقات لأنها تهلك فاعلها في الدنيا، لما يترتب عليها من العقوبات وفي الآخرة من العذاب (وذكر) من السبع (قذف المحصنات الغافلات المؤمنات) القذف الرمي البعيد، وفي الشرع الشتم والعيب والبهتان، والمحصنات هن اللاتي أحصنهن الله وحفظهن من الزنى، والمراد الحرائر العفيفات، ولا يختص بالمتزوجات، بل حكم البكر كذلك إجماعًا إلا من دون تسع، وقذف غير المحصن يوجب التعزير، والقذف الرمي بزنى أو لواط، وكذا من شتم شخصًا فقال: أنت ملعون ولد زنى، وعليه الحد إن لم يقصد بهذه الكلمة ونحوها ما يقصده كثير من الناس من أنه المشتوم فعله خبيث كفعل ولد الزنا.

(وعن عائشة) رضي الله عنها (قالت: لما نزل عذري) أي الآيات الدالة على براءتها، شبهتها بالعذر الذي يبرئ المعذور، وأولها }إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ{ (قام رسول الله r على المنبر) فذكر ذلك (وتلا القرآن) أي تلا الآيات الواردة في شأنها (فلما نزل أمر برجلين) وهما حسان ومسطح (وامرأة) وهي  حمنة بنت جحش (فضربوا الحد) أي حد القذف ثمانين جلدة.

(رواه الخمسة) وحسنه الترمذي. قال ابن رشد: اتفقوا على أن من شرط المقذوف أن يجتمع فيه خمسة أوصاف البلوغ والحرية والعفاف والإسلام، وأن يكون معه آلة الزنى فإن انخرم من هذه الأوصاف وصف لم يجب الحد، والجمهور بالجملة على اشتراط الحرية في المقذوف، واتفقوا على أن من شرط القاذف البلوغ والعقل، سواء كان ذكرًا، أو أنثى حرًا أو عبدًا، مسلمًا أو غير مسلم، ويسقط بالعفو، ولا يستوفى بدون الطلب، ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه.

قال شيخ الإسلام: وقذف نساء النبي r كقذفه، لقدحه في دينه، وإنما لم يقتلهم لأنهم تكلموا قبل علمه ببراءته، اهـ، وقذف نبي من الأنبياء كفر، وكذا قذف أمه لأنه ردة عن الإسلام وخروج عن الملة ويقتل ولو تاب، وكذا السب بغير القذف يسقط الإسلام إلا أنه من الكافر يسقط بالتوبة لإسلامه فتقبل التوبة كمن سب الله ثم تاب.

(وعن أنس) رضي الله عنه (أن شريك بن سحماء) سحماء هي أمه، وأبوه عبدة بن معتب العجلاني البلوي، حليف الأنصار (قذفه هلال بن أمية) أي قال هلال إن شريكًا زنى (بامرأته) أي امرأة هلال، ولا بينة له (فقال له النبي r: البينة) أي أقم البينة أربعة شهداء كما نص عليه القرآن (وإلا فحد) أي وإلا فعقوبة قذفك حد (في ظهرك) ثمانين جلدة رواه أبو يعلى و (حسنه الحافظ) وفي الصحيح نحوه من حديث ابن عباس، فدل الحديث على وجوب الحد على من قذف مسلمًا، وأن الزوج يجب عليه الحد على ما ادعاه، إذا عجز عن إقامة البينة، أو يشهد أربع شهادات بالله مقام البينة، كما تقدم في اللعان قال ابن رشد.

وإن قذف جماعة فقالت طائفة: ليس عليه إلا حد، جمعهم في القذف، أو فرقهم وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم، وحجتهم قصة هلال، لاعن بينهما ولم يجد لشريك وذلك إجماع، وقال: اتفقوا على أنه إذا قذف شخصًا واحدًا مرارًا فعليه حد واحد، إذا لم يحد لواحد منها، وأنه إن قذفه فحد ثم قذفه ثانية حد ثانيًا.
(وحد عمر) رضي الله عنه (الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة) وهم أبو بكرة، وشبل بن معبد، ونافع بن الحارث وزياد لم يشهد بما شهدوا وحيث لم يكمل النصاب على الفعل حدوا، ولم يحد المغيرة، فدل على أن من قذف مسلمًا ولم يكمل على أنه إذا لم يكن شهود الزنا أربعة فإنهم قذفة يحدون إلا ما روي عن الشافعي في أحد قولية أنهم لا يحدون.

(وتقدم) في باب اللعان (أن من رمى ولد الملاعنة) أي قال إنه ولد زنية ونحو ذلك (فعليه الحد) أي حد القذف ثمانين جلدة، وفي رواية: ومن دعاه ولد زنى جلد ثمانين، فدل على أن ولد الزنى كغيره إذا قذف حد قاذفه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire