el bassaire

samedi 4 janvier 2014

فصل في دية الأعضاء


فصل في دية الأعضاء
ودية منافعها والجروح وغيرها التالفة بالجناية عليها، فما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية وكذا اثنان فأكثر، وقيل في الآدمي خمسة وأربعون عضوًا (وفي كتاب عمرو بن حزم) الذي تقدم التنويه به، يعني أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال: «وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية» أي قطع جميعها فتجب فيه الدية كاملة أما إن استؤصل من أصل القصبة فحكي إجماعًا، قال الوزير: أجمعوا يعني الأئمة الأربعة على أن في الأنف إذا استوعب جدعه الدية، وفي المنخرين ثلثا الدية وفي الحاجز بينهما ثلثها اهـ، أي ثلث ديته إن كان حرًا مسلمًا أو حرة مسلمة فديتها وهكذا على ما يأتي.
وتجب الدية في الأنف ولو من أخشم أو مع عوجه، حكاه الوزير وغيره إجماعًا (وفي اللسان الدية) أي إذا قطع جميعه من أصله أو ما يمنع منه الكلام إجماعًا وكذا إن جنى على ما أبطل كلامه ففيه الدية، وإن أبطل بعضه فحصته وفي لسان
الأخرس حكومة، إذا لم يذهب الذوق بقطعه (وفي الشفتين) إذا أتلفهما (الدية) وهو مذهب جمهور العلماء وحكي إجماعًا وحد الشفتين من تحت المنخرين إلى منتهى الشدقين في عرض
الوجه.
(وفي الذكر) إذا قطع من أصله (الدية) بلا نزاع سواء كان من صغير أو كبير، وكذا إن قطع نصفه بالطول ففيه الدية كاملة لأنه ذهب بمنفعة الجماع، وصوبه في الإنصاف، وأما ذكر العنين والخصي فمذهب الجمهور أن فيه حكومة.

(وفي البيضتين الدية) وفي رواية "وفي الأنثيين الدية" وحكي إجماعًا ومعناهما واحد كما في الصحاح وغيره، وفي كل واحدة نصف الدية، وهو مذهب الجمهور، وفيه «وفي العينين الدية» ولا نزاع في ذلك، وفي اليدين الدية، وفي الرجلين الدية وفي كل عين نصف الدية، وفي اليد الواحدة نصف الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي الأجفان الأربعة الدية إجماعًا وفي كل جفن ربعها، وفي الأذنين الدية، وفي أشراف الأذنين وهو الجلد القائم بين العذار والبياض الذي حولها الدية اتفاقًا وفي اللحيين الدية، وفي ثديي المرأة الدية، وفي ثندوءتي الرجل الدية، وفي الإليتين الدية، وفي إسكتي المرأة الدية، حكاه ابن رشد قول الجمهور، والوزير إجماعًا وفي أحدها نصف الدية.
 (وفي الصلب الدية) وحكي إجماعًا والصلب بالضم عظم من لدن الكاهل إلى العجب، وقيل إنه المنحدر من الدماغ لما روي عن علي أنه قال: في الصلب الدية إذا منع من الجماع، فيعتبر مع كسر المتن الإفضاء إلى منع الجماع، لا مجرد الكسر مع إمكان الجماع، وكسر الصلب هو الخامس مما في الإنسان منه شيء واحد تجب فيه الدية، لأن في إذهاب أحد الخمسة إذهاب منفعة الجنس وإذهابها كالنفس فوجبت دية النفس.
(وفي الجائفة ثلث الدية) وهي الطعنة التي تبلغ الجوف أو تنفذه والجوف البطن من ثغرة النحر إلى المثانة حكاه أهل اللغة، وحكى ابن رشد الإجماع على ذلك، وفي الدامغة ثلث الدية، وهي أبلغ من المأمومة، والمأمومة فيها ثلث الدية، وحكاه الوزير إجماعًا فيهما (وفي المنقلة خمسة عشر من الإبل) إجماعًا والمنقلة الشجة التي تنقل العظام وتخرجها من أماكنها، ودونها الهاشمة وفيها عشر من الإبل، وهو مذهب جمهور العلماء أبي حنيفة والشافعي وأحمد وبعض أصحاب مالك، وروي عن زيد بن ثابت.
(وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل) ونحوه من حديث عمرو بن شعيب وغيره، وهذا مذهب جمهور العلماء، ويأتي أنها سواء، وفي كل أنملة ثلث عشر الدية، والإبهام مفصلان، وفيهما عشر الدية، وفي كل مفصل منها نصف عشرها، وفي أصابع اليدين الدية، وفي أصابع الرجلين الدية إجماعًا.
(وفي السن خمس من الإبل) ونحوه من حديث عمرو بن شعيب وغيره، ولا فرق بين الثنايا والأنياب والأضراس لأنه يصدق على كل منها أنه سن وهذا مذهب جمهور العلماء، وسواء كان سن كبير أو صغير ولم يعد أو عاد أسود أو أبيض ثم أسود بلا علة.
(وفي الموضحة خمس من الإبل) وهي التي توضح العظم وتكشفه بلا هشم وتبرزه، وللخمسة من حديث عمرو ابن شعيب نحوه، والمراد موضحة الرأس والوجه دون ما عداهما من البدن، وللبيهقي عن أبي بكر وعمر قالا في الموضحة في الوجه والرأس سواء خمس خمس، وهو مذهب جمهور الصحابة وغيرهم من أهل العلم، وحكاه ابن رشد عن جميع الفقهاء.
(صححه أحمد) وغيره وتقدم قريبًا ذكر اشتهاره عند أهل العلم.
والحديث دليل على وجوب الدية أو بعضها فيما تقدم، ووجوب الأرش في الموضحة إذا وقعت خطأ أو عفي عن القود فيها وأن أرشها خمس من الإبل، وأن الإبل: أصل الدية كما تقدم، ويلي الموضحة السمحاق بينها وبين العظم قشرة، ثم المتلاحمة الغائصة في اللحم، ودونها الباضعة الشاقة للحم، ودون الباضعة البازلة الدامية، ودون البازلة الحارصة قال الوزير وغيره: هذه الخمس ليس فيها تقدير شرعي بإجماع الأئمة الأربعة.
إلا ما روي عن أحمد من أنه ذهب إلى حكم زيد في ذلك، وهو أن زيدًا حكم في البازلة ببعير، وفي الباضعة ببعيرين وفي المتلاحمة بثلاثة، وفي السمحاق بأربعة، قال أحمد: فأنا أذهب إليه، وأجمعوا على أن في كل واحدة منها حكومة بعد الإندمال وكذا حكاه ابن رشد قال: وذلك لأن الأصل في الجراح الحكومة إلا ما وقتت فيه السنة حدًا والحكومة أن يقوم المجني عليه قبل الجناية كأنه كان عبدًا ويقال كم قيمته قبل الجناية وكم قيمته بعدها، فيكون بقدر التفاوت من ديته.
(وله) أي لأحمد في مسنده وأبي داود في سننه وابن ماجه والبيهقي وغيرهم (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه، عن جده (قضى النبي صلى الله  عليه  و سلم فيما إذا جدعت أرنبة الأنف) ولفظ أبي داود ثندوته، وهي الغضروف الذي يجمع المنخرين، وفي القاموس وغيره أن الأرنبة طرف الأنف، وفي النهاية الثندوة ورثة الأنف، وهي طرفه ومقدمه، وفيها (نصف العقل) أي نصف الدية، ولأبي داود والبيهقي "خمسون من الإبل أو عدلها من الذهب والورق، أو مائة بقرة أو ألف شاة" وإن أوعب جدع الأنف فتقدم أن فيه الدية كاملة، وفي المنخرين ثلثًا الدية، وفي
الحاجز ثلثها.
 (وفي العين نصف العقل) ولا خلاف في ذلك، ومذهب الحنفية والشافعية، وإن كانت عين أعور، وقضى عمر وعثمان وعلي وابن عمر فيها بدية كاملة لعماه بذهابها وأنه لا يقتص منه، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة، وهو مذهب مالك وأحمد، لأن القصاص يفضي إلى استيفاء جميع البصر من الأعور، وهو إنما أذهب بصر عين واحدة، وإن كان خطأ فنصف الدية، وإن قلع الصحيح عين الأعور، أقيد بشرطه وعليه نصف الدية (و) في (اليد نصف العقل) وفيه: وفي الرجل نصف العقل إذا قطعت من مفصل الساق وفي المأمومة ثلث العقل، وهي الجائفة التي تبلغ أم الرأس وهي الدماغ، أو تبلغ الجلدة الرقيقة عليها، وفي الجائفة مثل ذلك، وهي الطعنة تبلغ الجوف، وفي الأصابع في كل إصبع عشر من الإبل، كما تقدم في حديث عمرو بن حزم.
(وعن ابن عباس) رضي الله عنهما (مرفوعًا) أي أنه صلى الله  عليه  و سلم قال: (هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام) في الخنصر عشر والإبهام عشر (رواه البخاري) وأهل السنن وغيرهم، فدل على استوائهما في أرش الجناية عليهما عمدًا إن آل إلى الدية، أو شبه عمد أو خطأ (ودية أصابع اليدين والرجلين سواء) عشر من الإبل لكل أصبع (صححه الترمذي) فدل على استوائها في أرش الجناية.
و (لأبي داود) وابن ماجه (عنه مرفوعًا: الأسنان سواء الثنية والضرس) فدل أيضًا على استوائها، وفي السنن من حديث عمرو بن شعيب "الأصابع سواء، والأسنان سواء" وهذا ونحوه نص صحيح صريح يرد القول بالتفاضل بين الأصابع والأسنان، ولا خلاف في ذلك عن السلف إلا ما روي عن عمر وروي عنه الرجوع عنه، وفي كل أنملة من أصابع اليدين والرجلين ثلث عشر الدية، لأن في كل إصبع ثلاث مفاصل، والإبهام فيها مفصلان فتقسم دية الإصبع عليهما.
(وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه، عن جده أنه قال (قضى) النبي صلى الله  عليه  و سلم في العين العوراء السادة لمكانها) أي التي هي باقية لم يذهب إلا نورها (إذا طمست) أي ذهب جرمها (بثلث ديتها) لأنها كانت بعد ذهاب بصرها باقية الجمال، فإذا قلعت أو فقئت ذهب ذلك.
(وفي اليد الشلاء) أي التي لا نفع فيها (إذا قطعت بثلث ديتها) لذهاب الجمال بها (وفي السن السوداء إذا نزعت) أي قلعت (بثلث ديتها) لأن نفع السن السوداء باق، وإنما ذهب منها مجرد الجمال، فذهاب الجمال كذهاب النفع (رواه النسائي) ورواه أبو داود ورجال إسناد إلى عمرو ثقات.
(ولأحمد) وابن أبي شيبة وغيرهما (أن عمر) رضي الله عنه (قضى في رجل ضرب رجلاً فذهب سمعه وبصره ونكاحه وعقله بأربع ديات) فدل على أن في كل منفعة من هذه المنافع ونحوها الدية، مفردة كانت أو معها غيرها، ولأن كلا منها مختص بنفع أشبه السمع المجمع عليه وروي نحوه مرفوعًا وموقوفًا، وحكي أنه لم ينكره أحد من الصحابة، فكان إجماعًا، وحيث ورد النص بإيجاب الدية في بعض الحواس الخمس الظاهرة، يقاس عليه ما لم يرد فيها.
(وقضى) يعني عمر رضي الله عنه (في السمع الدية) ولا نزاع في ذلك وحكى الإجماع عليه غير واحد، ورواه البيهقي عن علي، وفي التلخيص، وفي حديث معاذ في السمع الدية، وقال الوزير: أجمعوا على أن في ذهاب السمع الدية (و) قضى (في المشام الدية) لأنه حاسة يختص بمنفعة فكان في ذهابه الدية ولا خلاف في ذلك، وفي منفعة المشي الدية، وفي منفعة الأكل الدية وفي منفعة النكاح الدية، وفي عدم استمساك البول الدية، وفي عدم استمساك الغائط الدية لأن في كل واحد من هذه الأشياء منفعة كبيرة ليس في البدن مثلها كالسمع والبصر وفي ذهاب بعض ذلك إذا علم بقدره.
ويجب في كل واحد من الشعور الأربعة الدية، شعر الرأس أو اللحية أو الحاجبين أو أهداب العينين، كما روي عن علي وزيد وغيرهما، ولأنه إذهاب جمال على الكمال فإن عاد فنبت سقط موجبه (و) قضى (في الإفضاء بثلث الدية) وهو خرق بين مخرج البول والمني أو ما بين السبيلين وإن لم يستمسك البول فدية كاملة إن كانت ممن لا يوطأ مثلها (و) قضى (في الضلع) إذا جبر كما كان (و) قضى في (الترقوة) وهو العظم المستدير حول العنق (جمل جمل) أي في الضلع جمل وفي الترقوة جمل، ولكل إنسان ترقوتان.
(و) قضى (في الزند) إذا جبر مستقيمًا (بعيران) ولم يظهر له مخالف من الصحابة فكان إجماعًا رواه البيهقي وسعيد وغيرهما، وكذا في الفخذ والساق بعيران، وإن انجبر غير مستقيم فحكومة، وتقدمت صفتها، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد، وما عذا ذلك من الجراح وكسر العظام
فحكومة، قال الموفق: لا نعلم فيه مخالفًا، لأن التقدير إنما يكون بتوقيف أو قياس صحيح، وحيث، وجب بعير أو بعيران فيجوز دفع قدره من غيره من بقية الأصول المتقدم ذكرها على ما تقدم.
(وروي عن ابن عباس) رضي الله عنهما (مرفوعًا) ورواه أحمد والبيهقي موقوفًا وهو المشهور (لا تحمل العاقلة عمدًا) محضًا لا شبهة فيه ولو لم يجب به قصاص كجائفة ومأمومة لأن العامد غير معذور، وقال الزهري: مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئا من دية العمد إلا أن يشاءوا، رواه مالك وحكاه أبو الزناد عن فقهاء المدينة، وقال ابن القيم: بلا نزاع وجاءت الأحاديث بحملها الخطأ ومفهومها عدم حمل العمد، ومفهوم هذا الأثر حملها الخطأ، ومذهب أحمد وغيره أن جناية العمد على نفس الجاني لما تقدم مضمونة على عاقلته وأن دية العمد حالة إلا أن يصطلحا على التأجيل.
وأجمعوا على أن دية الخطأ مؤجلة على العاقلة، والجمهور في ثلاث سنين، وروي مرفوعًا وحكي إجماع الصحابة، وقال الشافعي: لا أعلم خلافًا أنه صلى الله  عليه  و سلم قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين، ونقل الإجماع الترمذي وابن المنذر، والاتفاق الوزير وابن رشد، وتقدم أن عاقلة الإنسان عصباته من النسب والولاء، قريبهم كالإخوة وبعيدهم كابن ابن عم جد الجاني حتى عمودي نسبه، وإن اتسعت أموال الأقربين لم يتجاوزوهم، وإن لم يتسعوا دخل من هو أبعد منهم، وهكذا حتى يدخل فيهم أبعدهم درجة على حسب الميراث، ولا عقل على رقيق، ولا غير مكلف ولا فقير يعجز عنها، وتؤخذ من بيت المال، وقال الشيخ: تؤخذ من الجاني خطأ عند تعذر العاقلة في أصح قولي العلماء.
و (لا عبدًا) أي قيمة عبد قتله الجاني أو قطع طرفه، قال ابن القيم: لأنه سلعة من السلع ومال من الأموال (ولا صلحًا) أي ولا تحمل صلحًا عن إنكار لأنه إنما يثبت بفعله واختياره فلم تحمله (ولا اعترافًا) أي ولا تحمل اعترافًا لم تصدق به، وكذا لا تحمل إقرارًا، ونحوه عند الدارقطني وغيره عن عمر ولا مخالف لهما من الصحابة فكان إجماعًا. قال ابن القيم: فإن الجاني ظالم مستحق للعقوبة ليس أهلاً أن يحمل عنه بدل القتيل، وبخلاف شبه العمد لأنه قاصد للجناية متعمد لها فهو آثم معتد، ولا ريب أن من أتلف مضمونا كان ضمانه عليه }وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{ ولا تؤخذ النفس بجريرة غيرها، وبهذا جاء شرع الله وجزاؤه، وقال في الاعتراف: وذلك أن المدعي والمدعى عليه قد يتواطآن على الإقرار بالجناية، ويشتركان فيما تحمله العاقلة، ويتصالحان على تغريم العاقلة، فلا يسري إقراره ولا صلحه فلا يجوز إقراره في حق العاقلة، لا يقبل قوله فيما يجب عليها من الغرامة.
(وقال عمر) رضي الله عنه (لا تحمل) يعني العاقلة (شيئًا) أي مما دون ثلث دية ذكر حر مسلم (حتى يبلغ عقل المأمومة) أي ونحوها مما فيه ثلث الدية فأكثر، لأن ما دونها خفيف لقلته واحتمال الجاني حمله، فلا يجحف به ولأنه موجب جنايته، فكان عليه كسائر الجنايات وإنما خولف في الثلث تخفيفًا عليه، وهذا مذهب أحمد ومالك.
(إلا غرة جنين) أي إلا أرش غرة الجنين وهو حمل المرأة ما دام في بطن أمه (مات بعد أمه) بجناية واحدة فتحملها العاقلة.
(أو معها بجناية واحدة) أي أو إلا غرة جنين مات مع أمه بجناية واحدة فتحملها العاقلة لأن الجناية واحدة فتبعها ما زيادتها على الثلث كالدية الواحدة لا إن مات قبلها فلا تحملها العاقلة لنقصه عن الثلث ولا تبعية لموته قبلها.

 قال الشيخ: وإسقاط الحمل حرام بإجماع المسلمين ولو عاندت فأسقطت جنينها وجب عليها غرة لورثتها غير أمه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire