el bassaire

samedi 4 janvier 2014

فصل في اللواط

فصل في اللواط

أي هذا فصل في بيان حكم الحد في اللواط، يقال لاط الرجل يلوط لوطًا عمل عمل قوم لوط، وكذا اللوطية، فلما أحدثوا هذا الفعل القبيح اشتق الناس من اسمه فعلاً لمن فعل فعل قومه، ولاط الشيء أخفاه، ولاط الشيء بالقلب أخفى إليه

(قال تعالى: }وَلُوطًا{ ) أي وأرسلنا لوطًا أو: اذكر يا محمد لقومك لوطًا، وهو لوط بن هارون بن تارخ يعني آزر، فهو ابن أخي الخليل عليهما السلام، وكان قد آمن مع إبراهيم وهاجر معه إلى أرض الشام، فنزل إبراهيم فلسطين، ونزل لوط الأردن، فبعثه الله إلى أهل سدوم وعامورا المؤتفكة، وما حولها، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من الفواحش }إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ{ وهم أهل سدوم }أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ{ يعني إتيان الذكور، توبيخ وتقريع على تلك الفعلة القبيحة.
}مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ{ من بني آدم ولا غيرهم، وهو إتيان الذكور دون الإناث، وهذا شيء لم تكن بنو آدم تعهده ولا تألفه ولا يخطر لهم ببال، حتى صنع ذاك أهل سدوم عليهم لعائن الله المتتابعة، قال غير واحد من السلف: ما نزا ذكر على ذكر قبل قوم لوط، وقال الوليد بن عبد الملك: لولا أن الله قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكرًا يعلو ذكرًا، ولهذا قال لوط عليه السلام }مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ{ أي في أدبارهم }شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ{ أي عدلتم عن النساء وما خلق لكم ربكم منهن، وهذا إسراف منكم وجهل وفي الآية الأخرى }أتأتون الرجال{ وفي الآية الأخرى }إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ{
}بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ{ مجاوزون الحلال إلى الحرام، اضرب عن الإنكار إلى الإخبار عن حالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها (وقال: }فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا{ يعني سدوم، فقلبناها عليهم، قيل إن جبرائيل أدخل جناحه تحت قرى قوم لوط، وهي المؤتفكات قال تعالى: }وَالْمُؤْتَفِكَةَ{ أي المنقلبة (أهوى) أي أهواها جبرائيل بهم بعدما رفعها إلى السماء فقلبها عليهم، ثم قال تعالى: }وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ{ قال الوزير وابن رجب وغيرهما الصحيح قتله محصنًا كان أو غير محصن لهذه الآية ووصفها في أخرى فقال: }مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ *{ وفي الآية الأخرى }وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا{ أي حجارة من سجيل }فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ{ أي من يجترئ على معاصي الله ويكذب رسله، وفي الآية الأخرى }لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ{ يريد السجيل فإنه طين متحجر ثم قال تعالى: }إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ{ أي المعتبرين بآثار هذه النقمة الظاهرة على تلك البلاد }وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ{ ثابت يسلكه الناس }إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ{ بالله ورسله.

(وعن ابن عباس مرفوعًا) أي أنه صلى الله عليه و سلم قال: «من وجدتموه» ظاهره مسلمًأ كان أو ذميًا (يعمل عمل قوم لوط) أي يأتي الرجال في أدبارها كما فعله قوم لوط (فاقتلوا الفاعل والمفعول به، رواه الخمسة) والحاكم والبيهقي وقال: رجاله موثقون، ولابن ماجه والحاكم من حديث أبي هريرة نحوه وفيه أحصنا أو لم يحصنا وفيه ضعف، لكن قال ابن القطان ثبت أنه صلى الله عليه و سلم قال: «اقتلوا الفاعل والمفعول به» واتفقوا على أن البينة لا تثبت عليه إلا بأربعة شهود كالزنى، إلا ما روي عن أبي حنيفة أنه يثبت بشاهدين وعن أحمد نحوه.

(ولأبي داود) وابن ماجه وغيرهما (فارجموا الأعلى والأسفل) وفيه ضعف (وقال علي: حده الرجم) وأخرج البيهقي عن علي أنه رجم لوطيًا قال الشافعي: وبهذا نأخذ: يرجم اللوطي محصنًا كان أو غير محصن، وللبيهقي أيضًا عن علي وكان أبو بكر جمع الناس في رجل كان ينكح كما تنكح النساء، فسأل الصحابة فقال علي: هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار، فاجتمع الصحابة على أن يحرقه بالنار، وفي رواية: يرجم ويحرق، وعن ابن عباس: ينظر أعلى بناء في القرية فيرمى به، ثم يتبع الحجارة، وكذا عن عمر وعثمان أنه يلقى عليه حائط، لأن الله قلب على قوم لوط بلادهم.

فدلت الأحاديث والآثار على قتل اللوطي محصنًا كان أو غير محصن، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين، وحكي في الشفاء إجماع الصحابة على القتل، ومذهب مالك والشافعي في أحد قوليه وأحمد في أصح الروايتين عنه حده القتل بكل حال بل أطبق الصحابة على قتله، فحق مرتكب هذه الجريمة العظيمة أن يعاقب بما عاقب الله به من سبق، بكرًا كان أو ثيبًا، وقال الشيخ: الصحيح الذي عليه الصحابة أنه يقتل الأعلى والأسفل إن كان محصنين أو غير محصنين، فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به وعن ابن عباس يرجم، وعن علي نحوه.

ولم يختلف الصحابة في قتله وأمر أبو بكر وغيره بتحريقه، وغيره بقتله، وعن بعضهم يلقى، وبعضهم يرفع على أعلى جدار في القرية فيرمى منه، ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط، وهو رواية عن ابن عباس، والثانية يرجم، وعليه أكثر السلف، قالوا لأن الله رجم قوم لوط، ورجم الزاني مشبهًا برجم قوم لوط، وقال أيضًا: ويجب قتل الفاعل والمفعول به رجمًا بالحجارة، سواء كان محصنين أو غير محصنين، فيرجم الاثنان سواء كانا حرين أو مملوكين أو كان أحدهما مملوكًا والآخر حرًا، إذا كان بالغين، وإن كان أحدهما بالغًا والآخر غير بالغ عوقب بما دون القتل ولا يرجم إلا البالغ.

(وعنه) أي عن ابن عباس رضي الله عنهما (مرفوعًا: ادرءوا الحدود بالشبهات) أي ادفعوا إيجاب إقامة الحدود بالشبهات: الإلباس، يقال: تشابهت الأمور واشتبهت التبست، لاشتباه بعضها ببعض، فلا تحدوا إلا بأمر متيقن لا يتطرق إليه التأويل (رواه البيهقي) وفيه ضعف، ويتأيد بخبر عائشة وغيره، فلابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا «ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعًا» وللترمذي من حديث عائشة «ادرءوا الحدود والقتل عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة».

وذكر الموفق أن الموقوف أصح قال: وروي عن غير واحد من الصحابة، أنهم قالوا مثل ذلك، مما يعتضد به مشروعية: ادرؤا الحدود بالشبهات المحتملة، لا المطلقة، وعذر عمر رجلاً زنا بالشام وادعى الجهل بتحريم الزنا، وكذا عثمان عذر جارية ادعت الجهل بتحريمه، وتقدم أن اتقاء الشبهة شرط من شروط إقامة الحد على الزاني، فلا يحد بوطء أمة له فيها شرك أو محرمة برضاع أو نحوه أو لولده فيها شرك أو وطئ امرأة ظنها زوجته أو سريته ونحو ذلك مما تقدم وغيره وكذا ملوط به أكره عليه بالجاء أو تهديد أو منع طعام أو شراب مع اضطرار إليه وكذا الزنا لو أكرهت أو وطئت بشبهة.

(وللحاكم) ومالك والبيهقي وغيرهم وصححه ابن السكن (عن ابن عمر) رضي الله عنهما (مرفوعًا: اجتنبوا هذه القاذورات) جمع قاذورة كل فعل أو قول يستقبح كالزنى والشرب والقذف سميت قاذورات لأن حقها أن تقذر فوصفت بما يوصف به صاحبها، وفيه: التي نها الله عنه (فمن ألم) بالتشديد أي نزل (بشيء) من القاذورات المنهي عنها (فليستتر بستر الله) الذي أسبله عليه ولا يظهره لنا (وليتب إلى الله) بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود قاله صلى الله عليه و سلم بعد رجم ماعز، وجلد بكرًا اعترف بالزنا، وقال هزال الأسلمي لما وقع ماعز على جارية له أخبر النبي صلى الله عليه و سلم فقال: «يا هزال لوسترته بردائك لكان خيرًا لك» أي من أمرك به بإخباري لما في الستر على المسلم من الثواب الجزيل، المذكور في كثير من الأحاديث.

(فإن من أدى لنا صفحته) أي فإن من يظهر لنا معاشر الحكام جانبه ووجهه وناحيته مما ستره الله عليه (نقيم عليه كتاب الله) أي الحد الذي حده في كتابه، والسنة من الكتاب، فعلى الشخص إذا فعل ما يوجب حدًا الستر على نفسه والتوبة، فهو أفضل من حد أو تعزير، فإن خالف واعترف عند الحاكم أقامه عليه، ويؤخذ من الحديث أنه لا ينبغي التجسس عليه، فلا يسترق السمع على داره ليسمع صوت الأوتار، ولا الدخول عليه لرؤية المعصية، إلا أن يظهر عليه ظهورًا يعرفه من هو خارج الدار، كصوت آلة اللهو والسكارى، ولا أن يستخبر جيرانه ليخبروه بما يجري في داره، وأنشد الغزالي.

لا تلتمس من مساوي الناس مستترًا     فيكشف الله سترً عن مساويكا
وقال الماوردي: ليس له أن يقتحم ويتجسس، إلا أن
يخبره من يثق بقوله أن رجلا خلا برجل ليقتله، أو امرأة ليزني بها، فيجوز له في مثل هذه الحال أن يتجسس ويقدم على الكشف والبحث حذرًا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم وارتكاب المحظورات.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire