el bassaire

samedi 4 janvier 2014

فصل في نفقة الأقارب

فصل في نفقة الأقارب
من أم وأب وولد وأخ وأخت وغيرهم بشرطين. حاجة المنفق عليه من الأقارب.وغنى المنفق. قال تعالى: }وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ أي: وأحسنوا بالوالدين إحسانًا، برًا بهما وإعطافًا عليهما.لأن الله تعالى جعلهما سببا لخروجك من العدم إلى الوجود وربياك. وكثيرًا ما يقرن تعالى حقه وحقهما في غير موضع من كتابه. فقال: }وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{، }أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ{ وغير ذلك. فحق الله أوكد الحقوق. وهو عبادته وحده وأعظمها. ثم بعد حقه تعالى حقوق المخلوقين وأوكدها حق الوالدين فثنى به. وعطف بذي القربى غير ما آية ووصى بذلك سبحانه وتعالى فقال: }قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ إلى قوله }ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ{ .
ووصى به بني إسرائيل. بل أخذ عليهم الميثاق: }لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى{ الآية. ومن أعظم الإحسان بالوالدين إذا كانا أو أحدهما لا يملك نفقة. أن ينفق ولده عليه. ويأتي " ابدأ بمن تعول أمك وأباك" قال شيخ الإسلام: وعلى الولد الموسر أن ينفق على أبيه المعسر وزوجة أبيه. الآية دلت مع ما يأتي كعلى أنها تحب النفقة أو تتمتها للوالدين وإن علوا مع حاجتهم وغنى الولد.
(وقال) تعالى: }وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ{ أما إذا كن مع الأزواج. فقال الشيخ: إرضاع الطفل واجب على الأم. بشرط أن تكون مع الزوج. وهو قول غير واحد من السلف. ولا تستحق أجرة المثل زيادة على نفقتها وكسوتها.

وهو اختيار القاضي والحنفية. ولم يوجب لهن إلا الكسوة والنفقة. وهو الواجب بالزوجية كما قال في الحامل. فدخلت نفقة الولد في نفقة أمه وكذا المرتضع. فتكون النفقة هنا واجبة بشيئين: حتى لو سقط الوجوب بأحدهما ثبت بالآخر. وقال: لا تستحق شيئًا إذا كانت تحته. وقال الشيرازي لو استأجرها لرضاع ولده لم يجز لأنه استحق نفعها. وكذا قال القاضي وغيره.
وأما الوالدات المطلقات اللاتي لهن أولاد من أزواجهن }يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ{ خبر بمعنى الأمر. وهو أمر استحباب.
لأنه لا يجب عليهن الإرضاع إذا كان يوجد من يرضع الولد. لقوله تعالى: }فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ{ فمتى رغبت الأم في الإرضاع فهي أولى من غيرها. والحولين السنتين. وذكر الإكمال للتأكيد. وفيها دليل على أنه لا يعتبر الإرضاع بعد كمال السنتين. وهو مذهب الجمهور كما تقدم }لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ{ أي هذا منتهى الرضاعة. وليس فيما دون ذلك حد محدود. وإنما هو على مقدار صلاح الصبي وما يعيش به.
}وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ{ أي الأب }رِزْقُهُنَّ{ أي طعام الوالدات }وَكِسْوَتُهُنَّ{ أي لباسهن }بِالْمَعْرُوفِ{ أي بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن على قدر الميسرة من غير إسراف ولا إقتار فالمقتدر بحسب فقدرته والمتوسط بحسبه والفقير بحسبه }لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا{ أي طاقتها. قال تعالى: }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا{ }لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا{ بأن تدفعه عنها لتضر أباه بتربيته. وليس لها دفعه إذا ولدته حتى تسقيه اللبأ الذي لا يعيش بدون تناوله غالبا. ثم بعد هذا لها دفعه عنها إذا شاءت. و إن كان مضارة لأبيه فلا يحل لها ذلك.
}وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ{ أي لا يحل له انتزاعه منها لمجرد الضرار لها. وقيل لا تكره على إرضاعه. فليس لكل واحد منهما أن يضار صاحبه بسبب الولد. ولا يضاران الصبي. }وَعَلَى الْوَارِثِ{ أي وعلى وارث الصبي الذي لو مات الصبي. وله مال ورثه. }مِثْلُ ذَلِكَ{ أي مثل ما على والد الطفل من الإنفاق على الطفل وكسوته، وعلى والدة الطفل، والقيام بحقوقها وعدم الإضرار بها. وهذا قول جمهور العلماء. واستدل بهذه الآية الحنابلة والحنفية وغيرهم على وجوب نفقة الأقارب بعضهم على بعض ممن يرثهم بفرض أو تعصيب. وهو قول عمر وجمهور السلف والخلف.
واستأنسوا بحديث الحسن عن سمرة مرفوعًا " من ملك ذا رحم محرم عتق عليه " وغيره من الأحاديث الآتية وغيرها. وقالوا إذا لم يكن للصبي ونحوه مال ينفق عليه أجبر ورثته الذين يرثونه على أن يسترضعوه. كل منهم على قدر ميراثه نساًء كانوا أو رجالاً. عصبة أو غيرهم فيعتبر كون المنفق غنيا وارثا.
سوى عمودي النسب فتجب سواء كان وارثا أو لا، ويعتبر كون المنفق عليه فقيرا من عمودي النسب وغيرهم من الأقارب. وقال الشيخ: تجب النفقة لكل وارث ولو كان مقاطعا من ذوي الأرحام وغيرهم. لأنه من صلة الرحم. وهو عام. كعموم الميراث في ذوي الأرحام. وهو رواية عن أحمد. والأوجه وجوبها مرتبًا.
وإن كان الموسر القريب ممتنعا فينبغي أن يكون كالمعسر. كما لو كان للرجل مال وحيل بينه وبينه لغصب أو بعد. لكن ينبغي أن يكون الواجب هنا القرض. رجاء الاسترجاع. وعلى هذا فمتى وجبت عليه النفقة وجب علية القرض إذا كان له وفاء. }فَإِنْ أَرَادَا{ يعني الوالدين }فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا{ أي اتفاق على فطام قبل الحولين }وَتَشَاوُرٍ{ أي يشاورون أهل العلم به حتى يعلموا أن الفطام في ذلك الوقت لا يضر بالولد.

 أو تشاورا في ذلك، وأجمعا عليه، والمشاورة استخراج الرأي }فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا{ أي لا حرج عليهما في الفطام قبل الحولين إذا رأيا ذلك مصلحة للولد.
}وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ{ أي تجعلوا لأولادكم مراضع غير أمهاتهم إذا أبت أمهاتهم إرضاعهم، أو تعذر لعلة بهن أو انقطاع لبن، أو أردن النكاح }فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ{ أي لا جناح على الوالد والوالدة إذا اتفقا على أن يستلم منها الولد في بذله، ولا عليه في قبوله منها إذا أسلمها أجرتها الماضية بالتي هي أحسن، دون إضرار، واسترضع لولده غيرها بالأجرة.
}وَاتَّقُوا اللهَ{ في جميع أحوالكم }وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ *{ فلا يخفى عليه خافية وهذه كقوله تعالى: }فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ{ أي أرضعن أولادكم فآتوهن أجورهن على إرضاعهن }وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ{ فأمرهم أن يأتمروا بالمعروف وبما هو الأحسن، ولا يقصدوا المضارة فلها أن تعاقد أباه أو وليه على ما يتفقان عليه من أجرة بالمعروف، ولها طلب أجرة المثل لرضاع ولدها، ولو أرضعه غيرها مجانًا لأنها أشفق من غيرها ولبنها أمرى لولدها.
(وقال) تعالى }وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ{ أي في الإرضاع والأجرة بأن طلبت أم الطفل في أجرة الرضاع كثيرًا ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل لها قليلاً ولم توافقه عليه (فسترضع له أخرى) أي فليسترضع له غيرها، وليس له إكراهها على إرضاعه، وإن رضيت الأم بما استؤجرت به الأجنبية فهي أحق بولدها لما تقدم من قوله }وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ{ ولا يلزمها إرضاع ولدها إلا لضرورة ثم قال تعالى: }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا *{ .
فدلت الآيات على وجوب النفقة لولده، وإن سفل، ذكرًا كان أو أنثى، وفي قوله }وَذِي الْقُرْبَى{ وقوله: }وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ{ دليل على أن للقريب حقًا على قريبه، وأنه مع حاجته وغنى قريبه تجب عليه النفقة ومع عدمها فحقه البر والإكرام ويأتي تفصيل ذلك في السنة.
(وقال صلى الله  عليه  و سلم لهند) لما قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي وتقدم (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فدل على وجوب نفقة الولد، وأنه يختص بها الأب ولأحمد "يقول إلى من تتركني" وهو في الصغير إجماع وأما الكبير فبشرطه، ومن وجبت نفقته على شخص ومنعه فقال الشيخ، ومن كان له عند إنسان حق ومنعه إياه جاز له الأخذ من ماله بغير إذنه إذا كان سبب الحق ظاهرًا لا يحتاج إلى إثبات.
مثل استحقاق المرأة النفقة على زوجها واستحقاق الأقارب النفقة على أقاربهم واستحقاق الضيف الصيافة على من نزل به، وإن كان سبب الحق خفيًا يحتاج على إثبات لم يجز وهذه الطريقة المنصوصة عن أحمد، وهي أعدل الأقوال اهـ، ومع عدم الأب فعلى القريب كما تقدم.
(وقال) صلى الله  عليه  و سلم في حديث طارق المحاربي، وكان قدم المدينة فإذا رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قائم على المنبر يخطب الناس ويقول: "يد المعطي العليا و (ابدأ بمن تعول) أي تمون بمعنى بمن تلزمك مؤونته وفيه وجوب النفقة على القريب المحتاج، وفصله بقوله (أمك وأباك) فبدأ بذكر الأم قبل الأب فدل على أن الأم أحق من الأب، وفي الصحيح من أبر؟ قال «أمك» ثلاثًا ثم ذكر الأب معطوفًا بثم، فمن لم يجد إلا كفاية أحدهما بدأ بالأم، وقال تعالى: }وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا{ الآية قال القاضي عياض هو مذهب جمهور العلماء.
ثم الأب، فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلاً أتى النبي صلى الله  عليه  و سلم فقال إن لي مالا وإن والدي يحتاج على مالي قال: «أنت ومالك لأبيك» «إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم» وفيه: وجوبها على الولد إذا كان واجدًا لها.
ثم قال صلى الله  عليه  و سلم «وأختك وأخاك» فيعم الإخوة لأبوين أو لأب أو لأم، فدل على وجوب الإنفاق على القريب المعسر، لجعله صلى الله  عليه  و سلم الأخت والأخ ممن يعول، وهو قول جمهور العلماء أبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم قال صلى الله  عليه  و سلم «ثم أدناك أدناك» الأقرب فالأقرب فيحصل بذلك الأجر بالمواساة وصلة الرحم (رواه النسائي) وصححه ابن حبان والدراقطني وللنسائي وغيره من حديث جابر ابدأ بنفسك أي بما تحتاجه من مؤونة وغيرها فإن فضل فلأهلك فإن فضل فلذي قرابتك، فإن حمل على التطوع شمل كل قريب أو الواجب اختص به من تجب نفقته من أصل وفرع.
وهذان الحديثان وما في معناهما مفسران لقوله تعالى: }وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ{ وغيرها، فيجب الإنفاق للقريب المعسر على قريبه الغني على الترتيب في الحديث، ونحوه والزوجة تقدم ذكرها، وأنها لا تسقط نفقتها بمضي الزمان، وأما الأقارب فهي إنما شرعت للمواساة لأجل إحياء النفس، وقد انتفى بالنظر إلى الماضي.
قال ابن القيم: تسقط النفقة بمضي الزمان عند الأكثر في نفقة الأقارب، واتفقوا عليه في نفقة العبد والحيوان البهيم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire