el bassaire

samedi 4 janvier 2014

كتاب العدد



كتاب العدد

واحدها عدة كبسر العين وهي التربص المحدود شرعًا مأخوذ من العدد لأن أزمنة العدد محصورة مقدرة، والعدة حرم لانقضاء النكاح لما كمل، والقصد منها: استبراء الرحم من الحمل لئلا يطأها غير المفارق لها قبل العلم، فيحصل الاشتباه وتضيع الأنساب، وتعظيم خطر هذا العقد وقضاء حق الزوج وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين، والقيام بحق الله، والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع في الجملة.

(قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ{ خرج مخرج الغالب، إذ لا فرق بين المؤمنة والكتابية في ذلك باتفاق أهل العلم }ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ{ أي تجامعوهن }فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا{ أي تحصونها بالأقراء والأشهر. فدلت الآية وأجمع أهل العلم على أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لا عدة عليها، وأن لها أن تذهب من فورها وتزوج من شاءت ولا يستثنى من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها، فإنها تعتد منه أربعة أشهر وعشرًا، وإن لم يدخل بها بإجماع العلماء، ودلت الآية على وجوب العدة بعد المسيس، ولا نزاع في ذلك. وقال الشيخ: تجب بعد المسيس باتفاق العلماء للآية اهـ (الآية) وتمامها }فَمَتِّعُوهُنَّ{ أي أعطوهن ما يستمتعن به، وذلك إن لم يكن سمي لها صداقًا وإلا فلها نصفه }وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا{ أي خلوا سبيلهن بالمعروف.

(وقال) تعالى }وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ{ أي ينتظرن بأنفسهن، وتمكث إحداهن بعد طلاق زوجها (ثلاثة قروء) أي حيض، ثم تتزوج إن شاءت وجعلها الشارع ثلاثة رعاية لحق الزوج، وهو اتساع زمن الرجعة له، وحق للزوجة وهو استحقاقها للنفقة والسكنى ما دامت في العدة، وحق للولد وهو الاحتياط لثبوت نسبه، وأخرج الأئمة الأربعة وغيرهم الأمة إذا طلقت، فإنها تعتد بقرءين، لأنها على النصف من الحرة، والقرء لا يتبعض فكمل لها قرءان، وروي عن عائشة وعمر وابنه ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة وأدخل بعض الفقهاء المفارقات بخلع أو فسخ.

والآية نص في المطلقات، وأما المفارقات بخلع أو فسخ فلم يدخلن في حكم المطلقات، ولم يأمر النبي صلى الله  عليه  و سلم المختلعة أن تعتد بثلاث حيض، بل روى أهل السنن من حديث الربيع أنه صلى الله  عليه  و سلم (أمرها أن تعتد بحيضة) وتلحق بأهلها، ولأبي داود وغيره من حديث ابن عباس (أمرت أن تعتد بحيضة) وقال الترمذي الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة، وقال ابن القيم: محال أن يكون الآمر غير رسول الله صلى الله  عليه  و سلم في حياته، والصريح يفسره، وقال النحاس هو إجماع من الصحابة.
وقال الشيخ: أصح الروايتين دليلاً عن أحمد أنها تعتد بحيضة، وهو مذهب عثمان وابن عباس، وقد حكى إجماع الصحابة، ولم يعلم لهما مخالف، ودلت عليه السنة الصحيحة، وعذر من خالفهما أنها لم تبلغه، وهذا القول هو الراجح في الأثر والنظر، قال ابن القيم: وأما النظر فإن المختلعة لم تبق لزوجها عليها عدة فلها أن تتزوج بعد براءة رحمها، كالمسبية والمهاجرة وكذا الزانية والموطوءة بشبهة اختاره الشيخ: وهو الراجح أثرًا ونظرًا.
(وقال) تعالى: }وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ{ فلا يرجين أن يحضن }إِنِ ارْتَبْتُمْ{ أي شككتم فلم تدروا ما عدتهن }فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ{ ولما نزلت }وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ{ قال خلاد بن النعمان أو أبي بن كعب يا رسول الله فما عدة من لا تحيض والتي لم تحض وعدة الحبلى، فأنزل الله }وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ{ يعني القواعد اللاتي قعدن عن الحيض }إِنِ ارْتَبْتُمْ{ في حكمهن }فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ{ }وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ{ يعني الصغار اللائي لم يحضن ويوطأ مثلهن فعدتهن أيضًا ثلاثة أشهر، وأما من لا يوطأ مثلها كبنت دون تسع أو ممن لا يولد لمثله كابن دون عشر فلا عدة عليها لبراءة الرحم بخلاف المتوفى عنها فتعتد مطلقًا.
 (وأولات الأحمال) مطلقة أو متوفي عنها (أجلهن) أي منتهى عدتهن }أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ{ قال ابن عباس وغيره عدة الحامل المتوفى عنها أبعد الأجلين اهـ، سواء كان الحمل واحدًا أو أكثر، كامل الخلقة أو ناقصها، إذا كان فيه صورة خلقة آدمي، سواء طلقها زوجها أو مات عنها، فوضع الحمل هو مقدم الأجناس كلها، فإذا وجد فالحكم له، ولا الالتفات إلي غيره، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة عند جمهور العلماء من السلف والخلف، لهذه الآية والأخبار الصحيحة الآتية وغيرها وروى الضياء وغيره عن أبي بن كعب قلت يا رسول الله هي المطلقة ثلاثًا؟ أو المتوفى عنها؟ قال: «هي طلقة ثلاثًا والمتوفى عنها».
وعن ابن مسعود وغيره نحوه، مما يدل على أن الآية على عمومها في جميع العدد، وأن عموم آية البقرة مخصص أو منسوخ بهذه الآية الكريمة، وقد حصل نزاع بين السلف في المتوفى عنها أنها تتربص أبعد الأجلين ثم حصل الاتفاق على انقضاء عدتها بوضع الحمل، وقال الوزير وغيره اتفقوا على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها أو المطلقة الحامل أن تضع حملها، بشرط أن يلحق به، قال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا{ يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة.
(وقال) تعالى: }وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا{ أي يتوفى عنهن أزواجهن يموتون، وتتوفى آجالهم ويتركون أزواجًا }يَتَرَبَّصْنَ{ أي ينتظرن }بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا{ ذكر العشر مؤنثة لإرادة الليالي، والمراد مع أيامها عند الجمهور، فلا تحل حتى تدخل الليلة الحادية عشرة، يعتددن بترك الزينة والطيب النقلة على فراق أزواجهن هذه المدة، وهذا الحكم شمل الزوجات المدخول بها وغير المدخول بها بالإجماع، إلا أن يكن حوامل فعدتهن بوضع الحمل، كما تقدم، وكانت عدة الوفاة في الابتداء حولاً كاملاً، ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر.
قال الوزير وغيره اتفقوا على أن عدة المتوفى عنها زوجها ما لم تكن حاملاً أربعة أشهر وعشر، ولا يعتبر فيها وجود الحيض إلا ما روي عن مالك، وقال ابن القيم تجب عدة الوفاة بالموت دخل بها أو لم يدخل بها، لعموم القرآن والسنة واتفاق الناس، وليس المقصود من عدة الوفاة استبراء الرحم ولا هي تعبد محض، لأنه ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة يعقله من عقله، ويخفى على من خفي عليه، وقيل إذا طلع فجر الليلة العاشرة، وقال: الصواب أنها لا تنقضي حتى تغيب شمس يوم العاشر.
وقيل حكمة التقدير بهذه المدة والله أعلم أن الولد تتكامل خلقته وينفخ فيه الروح بعد مضي مائة وعشرين يومًا، وهي زيادة على أربعة أشهر بنقصان الأهلة فجبر الكسر إلى العقد على طريق الاحتياط وأما الأمة فعدتها نصف عدة الحرة، لأن الصحابة أجمعوا على تنصيف عدة الأمة في الطلاق، فكذا عدة الموت، وإن مات زوج رجعية في عدة طلاق سقطت، وابتدأت عدة وفاة منذ مات، بخلاف المبانة فلا تنتقل، وفي مرض الموت الأطول منهما، وإن كانت البينونة منها أو كانت أمة أو ذمية فلطلاق فقط.
(وعن زرارة) ابن أوفى النخعي أبو عمرو توفي زمن عثمان رضي الله عنهما (قال قضى الخلفاء) الراشدون وروي أيضًا عن عمر وعلي وزيد بن ثابت (أن من أغلق بابًا) على زوجته فخلا بها (أو أرخى سترًا) عليهما وخلا بها (فقد وجب المهر) حيث خلا بها مطاوعة مع علمه بها (ووجبت العدة) حيث خلا بها (رواه أحمد) وغيره قال الموفق هذه قضايا اشتهرت فلم تنكر فكانت إجماعًا وضعف أحمد ما روي في خلافها، فدل الحديث أن العدة تلزم كل امرأة فارقت زوجها بطلاق أو خلع أو فسخ كما تقدم إذا كان خلا بها مطاوعة مع علمه بها وقدرته على وطئها.
ولو مع ما يمنعه منهما أو من أحدهما حسًا أو شرعًا إلا أن يكون ممن لا يولد لمثله، أو لا يوطأ مثلها، للعلم ببراءة الرحم ما لم تكن متوفى عنها، فتعتد مطلقاً، ولا تعتد مفارقة في نكاح مجمع على بطلانه، لأن وجوده كعدمه.
(وعن أم سلمة) رضي الله عنها (أن سبيعة) تصغير سبع الأسلمية هي بنت برزة الأسلمي إحدى المهاجرات (توفي عنها زوجها) هو سعد بن خولة العامري من بني عامر بن لؤي كان توفي في حجة الوداع (وهي حبلى) فوضعت فخطبها أبو السنابل و كانت مكثت قريبًا من عشر ليال ثم نفست، وللبخاري من حديث المسور: نفست بعد وفاة زوجها بليال، أي فخطبت (فقال أبو السنابل) قيل اسمه عمرو وقيل عامر وقيل أصرم بن بعكك بن الحارث من بني عبد الدار (ما يصح أن تنكحي) وفي لفظ ما يصلح أن تنكحي (حتى تعتدي آخر الأجلين) ثم جاءت إلى النبي صلى الله  عليه  و سلم وأخبرته.
قال البخاري: إنها كانت تحت سعد بن خولة فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها، فلما تعالت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل فقال مالي أراك تجملت للخطاب فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت فجمعت علي ثياب فأتيت رسول الله صلى الله  عليه  و سلم (فأفتاني النبي صلى الله  عليه  و سلم بأني قد حللت حين وضعت حملي) وفي رواية قال: «انكحي» (متفق عليه) ولفظ المسور: استأذنت أن تنكح فنكحت ولمسلم قال الزهري ولا أرى بأسًا أن تزوج وهي في دمها، غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر.
فدل الحديث على أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضع الحمل، وإن لم يمض عليها أربعة أشهر، وعشر، ويجوز بعده أن تنكح، وهو قول جماهير العلماء، وحكي إجماعًا، إلا ما نقل عن سحنون من القول باستكمال آخر الأجلين، لكن قال الحافظ هو مردود، لأنه إحداث خلاف بعد استقرار الإجماع، ولما تقدم، ولابن ماجه أن الزبير كانت عنده أم كلثوم بنت عقبة، فقالت وهي: حامل طيب نفسي بتطليقة فطلقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة وقد وضعت، فقال مالها خدعتني، ثم أتى النبي صلى الله  عليه  و سلم فقال: «سبق الكتاب أجله أخطبها إلى نفسها» فهذه الأحاديث وما في معناها مصرحة بأن قوله تعالى: }وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ{ عامة في جميع العدد وأن عموم آية البقرة مخصص بها كما تقدم واستقر الإجماع على ذلك.
(ولهما) أي البخاري ومسلم (عن أم عطية) رضي الله عنها (مرفوعًا لا تحد امرأة) ولو صغيرة وهو مذهب الجمهور وذكر المرأة خرج مخرج الغالب (على ميت) أب أو أم أو أخ أو غيرهم (فوق ثلاث) أي ثلاث ليال بأيامها (إلا على زوج) فتحد عليه إذا مات عنها (أربعة أشهر وعشرًا) أي فيجب الإحداد إذًا. فدل الحديث على أن عدة المتوفى عنها زوجها من غير حمل أربعة أشهر وعشر كما في الآية، إذ الإحداد ملازم لعدة الوفاة كما سيأتي، فتعتد بترك الطيب والزينة والنقلة ولها أن تحد على ميت من قريب ونحوه ثلاثًا فما دونها لغلبة الطباع البشرية ويأتي.
(وعن عائشة) رضي الله عنها قالت (أمرت بريرة) أي أمرها رسول الله صلى الله  عليه  و سلم (أن تعتد بثلاث حيض) كحرة الأصل حيث عتقت (رواه ابن ماجه) وقال الحافظ: رواته ثقات لكنه معلول، وقد ورد ما يؤيده.
 ودل على أن العدة تعتبر بالمرأة عند من يجعل عدة المملوكة دون عدة الحرة، وهو الجمهور كما تقدم.
(وله) أي لابن ماجه في سننه (عن ابن عمر) رضي الله عنهما (عدة الأمة حيضتان) إذا كانت ممن يحضن ورواه الدارقطني مرفوعًا وضعفه ونحوه لأبي داود والترمذي من حديث عائشة وصححه الحاكم، وخالفه الجمهور فضعفوه، وتقدم أن عدة الأمة نصف عدة الحرة، وحكي أنه إجماع الصحابة، وقال الوزير أجمعوا على أن عدة الأمة بالأقراء قرآن.
(وقال عمر) رضي الله عنه (عدة أم الولد حيضتان) كالأمة إذا كانت ممن يحضن ولو لم تحض فعن أحمد شهر ونصف، وهو قول أبي حنيفة ومالك، وعدة مبعضة بالحساب، ومن ادعت انقضاء عدتها بالأقراء قبل قولها إذا كان ممكنًا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة.
وقال الشيخ: المذهب المنصوب أنها إذا ادعت ما يخالف الظاهر كلفت البينة، لا سيما إذا أوجبنا عليها البينة فيما إذا علق طلاقها بحيضة فقالت حضت، فإن التهمة في الخلاص من العدة كالتهمة في الخلاص من النكاح، فيتوجه أنها إذا ادعت الانقضاء في أقل من ثلاثة أشهر كلفت البينة.
(وقال) أي عمر رضي الله عنه (فيمن ارتفع حيضها) أي انقطع بعد أن كانت تحيض (ولم تدر ما رفعه) أي لم تعلم سبب ارتفاعه تعتد (سنة) بين مدة الحمل ومدة العدة فقال (تسعة أشهر للحمل) إذ هي غالب مدته (وثلاثة) أشهر (للعدة)
وهي عدة من لم تحض أو انقطع حيضها، قال الشافعي هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكره منهم منكر علمناه اهـ.
وإن علمت المعتدة ما رفع الحيض من مرض أو رضاع أو غيرهما فمتى زال المانع ولم تحض فتعتد سنة، كالتي ارتفع حيضها ولم تدر سببه اختاره الشيخ، واختار أيضًا أنها إن علمت عدم عوده فكآيسة.
وقال في المرضعة: تبقى في العدة حتى تحيض ثلاث حيض، فإن أحبت أن تسترضع لولدها لتحيض هي، أو تشرب دواء أو نحوه تحيض به فلها ذلك.
(وقال) أيضًا عمر رضي الله عنه (في امرأة المفقود) أي في حكم امرأة المفقود، وهو الذي فقد من بين أهله ولم يعلم خبره، كما يأتي في القصة قال عمر (تتربص أربع سنين) أي تمكث من حين رفعت أمرها إليه أربع سنين (ثم تعتد) بعد الأربع سنين (أربعة أشهر وعشرًا) رواه مالك والشافعي وغيرهما (وقدم زوجها الأول) الذي حكم لها بالتربص والعدة منه، وقد تزوجت أي بعد المدة التي ضرب لها (فخيره) عمر بينها وبين الصداق الذي أصدقها إياه والأثر رواه أيضًا البيهقي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم وفيه قصة الذي فقد: قال دخلت الشعب فاستهوتني الجن فمكثت أربع سنين فأتت امرأتي عمر فأمرها أن تتربص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه، ثم دعا وليه فطلقها ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا، قال: ثم جئت بعدما تزوجت فخيرني عمر بينها وبين الصداق الذي أصدقتها وهذا مذهب مالك وأحمد وأحد قولي الشافعي وقول جماعة من السلف والخلف بدليل فعل عمر.
وروي عن علي تصبر حتى يأتيها يقين موته ولا يصح والله أعلم لما فيه من الحرج والضيق، وقال ابن القيم: حكم الخلفاء في امرأة المفقود كما ثبت عن عمر، وقال أحمد ما في نفسي شيء منه، خمسة من الصحابة أمروها أن تتربص، قال ابن القيم وقول عمر هو أصح الأقوال وأحراها بالقياس، وقال الشيخ: الصواب في امرأة المفقود مذهب عمر وغيره من الصحابة وهو أنها تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة ويجوز لها أن تتزوج بعد ذلك، وهي زوجة الثاني باطنًا وظاهرًا ثم إذا قدم زوجها الأول بعد تزوجها خير بين امرأته وبين مهرها، ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده.
وعلى الأصح لا يعتبر الحاكم، فلو مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم، وشبهه باللقطة من بعض الوجوه، وذكر أن وقف التصرف في حق الغير على إذنه يجوز عند الحاجة، وأن التخيير فيه بين المرأة والمهر هو أعدل الأقوال، وأن كل صورة فرق فيها بين الرجل وامرأته بسبب يوجب الفرقة ثم تبين انتفاء ذلك السبب فهو شبيه المفقود، ولو ظنت أن زوجها طلقها فتزوجت فهو كما لو ظنت موته اهـ.
وهذا فيما إذا كان ظاهر غيبته الهلاك، وإن كان ظاهر غيبته السلامة فمذهب أحمد وغيره من السلف ينتظر به تمام تسعين سنة منذ ولد، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا.
وأمة فقد زوجها كحرة في التربص أربع سنين أو تسعين سنة، وفي العدة للوفاة بعد التربص المذكور نصف عدة الحرة كما تقدم، وفي المدة الأخيرة أيضًا كالأولى إن قدم الأول خير وله أخذها زوجة، ولو لم يطلق الثاني، ولكن لا يطؤها قبل فرغ عدة الثاني، وله تركها مع الثاني من غير تجديد عقد للثاني، ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني في كلا الحالتين، ويرجع الثاني عليها بما أخذه الأول منه، ومن مات زوجها الغائب أو طلقها اعتدت منذ الفرقة، وإن لم تحد، وإن وطئت بشبهة أو نكاح فاسد فرق بينهما وأتمت عدة الأول، ثم اعتدت للثاني.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire