el bassaire

samedi 4 janvier 2014

باب حد المسكر

باب حد المسكر

أي الذي ينشأ عنه السكر، وهو أن يخلط في كلامه خلاف عادته، هذا مذهب الشافعي وأحمد، وقال مالك لا يعرف الحسن من القبيح، وقال أبو حنيفة: لا يعرف المرأة من الرجل وما أسكر فخمر، والخمر محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، واتفقوا على أن الخمرة حرام كثيرها وقليلها، وفيها الحد، واتفقوا على أنها نجسة، وأجمعوا على أن من استحلها حكم بكفره.

(قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ{ وهو كل ما خامر العقل }وَالْمَيْسِرُ{ وهو القمار }وَالْأَنْصَابُ{ يعني الأوثان }وَالْأَزْلَامُ{ وهي القداح كانوا يستقسمون بها }رِجْسٌ{ أي خبيث مستقذر، وإثم وشر }مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ{ من تزين الشيطان }فَاجْتَنِبُوهُ{ أي اتركوه }لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ }إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ{ يعني في الخمر إلى قوله }فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ{ أي عن إتيانها فأخبر تعالى: أن ذلك من الشيطان بتزيينه وتسويله، أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر، وذلك أنه إذا شرب سكر فعربد وشاجر؛ وأما الميسر فالعداوة فيها والبغضاء أنه إذا قامر بقي حزينًا مسلوب المال مغتاظًا على حرمانه }وَيَصُدَّكُمْ{ يعني الخمر والميسر والأنصاب والأزلام }عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ{ وذلك أن من اشتغل بشرب الخمر وفعل القمار ألهاه عن ذكر الله وشوش عليه صلاته }فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ{ وهذا تهديد وترهيب عن شرب الخمر وهو ما أسكر كما يأتي «كل مسكر خمر وكل خمر حرام»

(وعن أنس) بن مالك رضي الله عنه (مرفوعًا) يعني إلى النبي r أنه قال «كل مسكر خمر» ورجح الراغب وغيره أن كل شيء يستر العقل يسمى خمرًا، لأنها سميت بذلك لمخامرتها للعقل وسترها له، وهو قول جمهور أهل اللغة، وحكى ابن عبد البر عن أهل الحجاز وأهل الحديث وغيرهم أن كل مسكر خمر، وذكر القرطبي أن الأحاديث تبطل قول الكوفيين أن الخمر لا يكون إلا من العنب، وأنه قول مخالف للغة العرب وللسنة الصحيحة وللصحابة، فإنهم فهموا من الأمر بالاجتناب تحريم كل ما يسكر، قال r «وكل خمر حرام» فحده r بحد يتناول كل فرد من أفراد المسكر (رواه مسلم) وهو أيضًا في الصحيحين من غير وجه بهذا اللفظ وبلفظ: «كل مسكر خمر» «كل مسكر حرام» «كل شراب أسكر فهو حرام» فكل مسكر يقال له خمر ويحكم بتحريمه، ولا يباح شربه للذة ولا لتداو ولا عطش ولا غيره، واستثنى بعضهم دفع لقمة غص بها ولم يحضره غيره (وللخمسة عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه (مرفوعًا: ما أسكر كثيره) من عنب أو غيره (فقليله حرام) لعلة سكره، قال تعالى: }إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ{ قال الوزير وغيره: اتفقوا على أن كل شراب يسكر قليله وكثيره: حرام، ويسمى خمرًا وفيه الحد وسواء كان ذلك من عصير العنب النيء، أو مما عمل من التمر والزبيب والحنطة والشعير والذرة والأرز والعسل والجوز ونحوها، مطبوخًا كان ذلك أو نيئًا، إلا أبا حنيفة فيسمى بعضها نقيعًا وبعضها نبيذًا لا خمرًا، ويحرم المسكر منه، ويجب به الحد، واتفقوا على أن المطبوخ من عصير العنب، إذا ذهب أقل من ثلثيه فإنه حرام، وإذا ذهب ثلثاه فإنه حلال، إلا ما أسكر فإنه إذا كان يسكر حرام قليله وكثيره، وأن عصير العنب إذا اشتد وقذف بالزبد فهو خمر.
(وعن عائشة) رضي الله عنها (قال) يعني رسول الله r ما أسكر كثيره (فملء الكف منه حرام) أي شربه إذا كان فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه لقلته، وفيه أيضًا تحريم كل مسكر سواء كان من عصير العنب أو غيره، وقال المازري: أجمعوا على أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال، وعلى أنه إذا اشتد وقذف بالزبد حرم قليله وكثيره، ثم لو تخلل بنفسه حل إجماعًا، فغلب التحريم الإسكار، وكل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناوله قليله  وكثيره، والحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

(وقال عمر) رضي الله عنه في تعريف الخمر (الخمر ما خامر العقل) أي ستره وغطاه وخالطه حتى غلب عليه، والخمر في الأصل الستر، ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها والتغطية ومنه «خمروا آنيتكم» أي غطوها، والمخالطة ومنه «خامره داء» أي خالطه، ومنه اختمر العجين، قال: ابن عبد البر، الأوجه كلها موجودة في الخمر لأنها تركت حتى خمرت وسكتت فإذا شربت خالطت العقل حتى تغلب عليه وتغطيه.

(وعن ابن عمر) رضي الله عنهما (مرفوعًا لعن الله الخمر) اللعن الطرد والإبعاد وبالقول كما تقدم (وشاربها) أي ولعن الله شاربها (وساقيها) أي لغيره (وبائعها) فيحرم بيع المسكر (ومبتاعها) أي مشتريها (وعاصرها) له أو لغيره (ومعتصرها) أي من عصرت له (وحاملها) لمشتر أو شارب (والمحمولة إليه) وآكل ثمنها، وكذا بائع العنب من العاصر (رواه أبو داود) والحاكم، ورواه ابن ماجه عن أنس، وقال المنذري رواته ثقات، وتحريم الخمر جاء عن النبي r من وجه بلغت حد التواتر وأعظمهم إثمًا الشارب، ثم الآكل ثمنها، ثم البائع، ثم الساقي، ودل الحديث على تحريم بيع المسكر، وفيه النبي عن التسبب إلى الحرام، قال الشيخ: ويحرم بيع الحشيشة ويعزر بائعها وآكلها.

 (وله عنه) أي عن ابن عمر رضي الله عنهما (مرفوعًا) إلى النبي r أنه قال: «من شرب الخمر فاجلدوه» أي إذا شربه المسلم مختارًا عالمًا أن كثيره يسكر، فدل الحديث على وجوب جلد شارب الخمر، ويثبت بإقراره مرة أو بشاهدين عدلين، قال ابن القيم: وحكم عمر وابن مسعود بوجوب الحد برائحة الخمر في الرجل، أو في قيئه، ولم يعلم لهما مخالف، وقال الشيخ: فمن قامت عليه شواهد الحال بالجناية كرائحة الخمر أولى بالعقوبة ممن قامت عليه شهادة به، أو إخباره عن نفسه التي تحتمل الصدق والكذب، وهذا متفق عليه بين الصحابة.

(وللترمذي) والنسائي (عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه (مرفوعًا إن شرب الخمر فاجلدوه) أي حدوا شارب الخمر، وقال: «إن شرب الثانية فاجلدوه، وإن شرب الثالثة فاجلدوه» أي حد الشارب (فإن عاد في الرابعة فاقتلوه) ولأحمد وأبي داود وابن ماجه من حديث معاوية نحوه، ولأحمد أيضًا نحوه من حديث عبد الله بن عمرو، ولأبي داود من حديث قبيصة مثله، ففي هذه الأحاديث الأمر بقتله، بعد الرابعة (قال ثم أتى النبي r بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة فضربه ولم يقتله) ولأحمد وغيره من حديث أبي هريرة نحو ما تقدم، وزاد: قال الزهري: فأتي رسول الله r بسكران في الرابعة فخلى سبيله، أي لم يقتله.

وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يقتل، وأن القتل منسوخ، وقال الشافعي منسوخ بهذا الحديث وغيره، وذكر أنه لا خلاف في ذلك بين أهل العلم، و حكى المنذري عن بعض أهل العلم أنه قال: أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر، وأجمعوا على أنه لا يقتل إذا تكرر منه، إلا طائفة شاذة قالت يقتل بعد حده أربع مرات للحديث، وهو عند الكافة منسوخ، وذكر الترمذي أنه لا يعلم في ذلك اختلافًا بين أهل العلم، وقال الشيخ: يقتل شارب الخمر في الرابعة عند الحاجة إلى قتله إذا لم ينته الناس بدونه.

(وعد علي) بن أبي طالب رضي الله عنه (أربعين) جلدة وذلك أنه أتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأها، فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها، ثم قال عثمان: يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ولِّ حارها من تولى قارها، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك (ثم قال: جلد النبي r أربعين) فلمسلم عن أنس نحو أربعين. (و) جلد (أبو بكر أربعين) وهو في الصحيحين من حديث أنس (و) جلد (عمر ثمانين) بعد أن استشار فيه الناس (والكل سنة) أي كل واحد من الأربعين والثمانين سنة.

(وهذا أحب إلي رواه مسلم) وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، وقد قيل الإشارة إلى فعل عمر وهو الثمانون وظاهر قوله أمسك بعد الأربعين دال على أنه لم يفعل الأحب إليه، وفي صحيح البخاري: أن عليًا جلد الوليد ثمانين، والقصة واحدة، وكأنه بعد أن قال: وهذا أحب إلي، أمر عبد الله بتمام الثمانين، فهو أحب إليه مع جرأة الشاربين، لا أن فعل عمر أولى من فعل النبي r وأبي بكر.

(ولهما) أي البخاري ومسلم (عن أنس) رضي الله عنه (أن النبي r أتى برجل قد شرب الخمر) وتقدم أن الخمر كل مسكر (فجلده بجريدتين) والجريد سعف النخل ويجوز بالعود غير الجريد، فجلده بها (نحو أربعين) وفي رواية لأبي داود وغيره أن النبي r جلد في الخمر بالجريد والنعال، وقد استقر الإجماع على ثبوت حد الخمر (وفعله أبو بكر) أي ضرب أبو بكر في الخمر أربعين، وهو مذهب جماهير العلماء (فلما كان عمر) رضي الله عنه (استشار الناس) وقال: إن الناس قد دنوا من الريف، وغالب الناس قد انهمكوا في الخمر، وتحاقروا العقوبة، وعنده المهاجرون والأنصار، فسألهم (فقال عبد الرحمن بن عوف) نرى أن تجعله كأخف الحدود، وقال: (أخف الحد ثمانون) ولأبي داود: فأجمعوا على أن يضرب ثمانين، وهو أخف الحدود (فأمر به عمر) تغليظًا عليهم وزجرًا لهم عن شرب الخمر.

فدل الحديث أولاً على ثبوت الحد على شارب الخمر بالجريد ونحوه، وهو مذهب الجمهور، وقال النووي: أجمعوا على جواز الاكتفاء بالجريد والنعال وأطراف الثياب، والأصح جوازه بالسوط، وقال الوزير: اتفقوا على أنه يقام بالسوط، إلا ما روي عن الشافعي، وإن مات من ضربه فقال مالك وأحمد لا ضمان على الإمام، وقال الشافعي، إذا كان بأطراف الثياب ونحوها لا يضمن واتفقوا على أن الواجب المقدر لا تضمن سرايته، لأنه واجب عليه ويأتي تمام الكلام فيه، وأما أمر عمر بالثمانين فلانهماك أكثر الناس فيه وتهالكهم عليه، فرآه رضي الله عنه عقوبة، وزجرًا ليرتدعوا عنه.

(ولأبي داود) نحو ما تقدم (عن ابن أزهر) هو عبد الرحمن بن أزهر القرشي، وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، وفيه قال: (ثم أثبته معاوية) بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله عنه، أي عين الحد ثمانين وأقره ولم ينكر عليه، وفي رواية لأبي داود عنه: لما كان عمر كتب إليه خالد: إن الناس قد انهمكوا في الشرب، وتحاقروا العقوبة وعنده المهاجرون والأنصار، فسألهم فأجمعوا على أن يضربه ثمانين.

(وللبخاري) في صحيحه بسنده (عن السائب) بن يزيد رضي الله عنه (حتى إذا عتوا فيها) أي انهمكوا وبالغوا في شرب الخمر (وفسقوا) أي خرجوا عن الطاعة، وأول الخبر قال السائب: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله r وإمرة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا (جلد عمر) رضي الله عنه (ثمانين) وجمهور العلماء أبو حنيفة ومالك وأحمد وأحد قولي الشافعي أنه يجب الحد على السكران ثمانين جلدة، وقالوا: لقيام الإجماع عليه في عهد عمر، فإنه لم ينكر عليه أحد.

وقال ابن القيم: الحق عمر حد الخمر بحد القذف، وأقره الصحابة وقال الشيخ: الصحيح أن الزيادة على الأربعين إلى الثمانين ليست واجبة على الإطلاق، ولا محرمة على الإطلاق بل يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام، كما جوزنا له الاجتهاد في صفة الضرب فيه بالجريد والنعال وأطراف الثياب، بخلاف بقية الحدود واستظهر أن الأربعين الأخر في حد الشرب تعزير للإمام أن يفعله، وهو قول الشافعي وأحمد في الرواية الثانية، وقال أيضًا: حد الشرب ثابت بالسنة وإجماع المسلمين أربعين، والزيادة يفعلها الإمام عند الحاجة إذا أدمن الناس الخمر. وكان ممن لا يرتدع بدونها ونحو ذلك وأما مع قلة الشاربين وقرب أمر الشارب فتكفي الأربعون، وهذا أثبت القولين (وقال ابن شهاب) الزهري رحمه الله (بلغني أن عمر وعثمان) بن عفان في حال واليتهما (وابن عمر جلدوا عبيدهم) أي بأنفسهم (نصف الحد في الخمر رواه مالك) وأجمعوا على أنهم على النصف من حد الأحرار على أصل كل منهم.

(وعن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال كان رسول الله r ينبذ له الزبيب) أي يترك عليه الماء (في السقاء) ليصير نبيذًا، وانتبذ اتخذ نبيذًا 0فيشربه يومه ذلك) أي اليوم الذي ينبذ فيه (والغد) أي من اليوم الثاني (وبعد الغد) أي مساء اليوم الثاني، وأول اليوم الثالث (فإذا كان مساء الثالثة) من نبذه في السقاء (شربه وسقاه فإن فضل منه شيء أهرقه) أي يصب، وفي رواية سقاه الخادم، أو أمر بصبه، وذلك بأنه بدأ فيه بعض تغير في طعمه من حموضة أو نحوها فيسقيه الخادم مبادرة لخشية الفساد ما لم يشتد وإن اشتد أمر بإهراقه.

(رواه مسلم) ونحوه في السنن، وفي لفظ من حديث عائشة ينبذ في سقاء يوكأ أعلاه ينبذ غدوة فيشربه عشاء، وينبذ عشاء فيشربه غدوة، وله ألفاظ أخر فدل الحديث على جواز الانتباذ، ولا نزاع في جوازه، وأنه لا يجوز متى اشتد، وأجمعوا على جواز شرب عصير العنب ما لم يشتد ويقذف بالزبد، فإذا اشتد حرم شربه للعلة التي لأجلها حرم الخمر.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire