el bassaire

mercredi 3 février 2016

اسئلة في صميم


السؤال: هل الطالب غير المصرَّح له بالعمل إذا دَرَّس حلقة تحفيظ وحصل على شيء من المال هل يُعتبر هذا من العمل؟
الجواب: إذا كان فقيرًا يُعطَى لفقْره لا لتدريسه، كابن السبيل تقطَّعت به السُّبُل، والله قد ذَكَرَ ابن السبيل في القرآن، فيُعطَى لفقْره، وإن عَمِلَ بالتحفيظ يُعطَى من الصدقات لا من الزَّكَوَات، يُحَفِّظ أولادَ الناس ويدفعون زَكَوَاتِهم لتعليم أبنائهم؟ لا يَصلُح هذا، هل آتي بمعلِّم يُعلِّم أبنائي وأبناء جيراني وأدفع له زَكَوَاتِي؟ لا يَصلُح؛ لأن الله قال: ﴿وَالْعَامِلِينَ([1])، فأخْرَجَ العاملين على غيرها، وهذه نقطة مهمة وخصوصًا من يقوم بتعليم وعمل الخير، ولذلك تجد أن الزَكَوَات صُرِفت عن أصحاب السجون وهم أَحْوَج الناس لدُيُونِهم وأُعطِيَت لمدارس التحفيظ، فأي الصِّنفيْنِ أَوْلَى؛ الفقراء في السجن، وغالب من في السجن فقراء. ما من أحد يَرضَى أن يبقى في السجن وعنده ماله، فيَفدِي عمرَه بماله، الله المستعان.
السؤال: ما معنى «لَمْ يَحْمِلْ الخَبَثَ»؟
الجواب: حديث القُلَّتَيْن: «إِذَا كَانَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ»([2]) يَعنِي دون القُلَّتَيْن يَحْمِل، أي تظهر عليه، تَطْفَح عليه، تَرَى النجاسة، فالحديث مفهومُه ظاهر المعنى.
السؤال: ما مقدار القُلَّتَيْن؟
الجواب: قلت: القُلَّتَيْن مائتي لِتْر تقريبًا، وهذه كُتِبَ فيها رسائل. وأقرب ما رأيت أنها البَرامِيل التي في الشوارع. وبَرَامِيل الزيوت مائتي لتر. وهذه البراميل المنتشرة في الأحياء تقريبًا إذا امتلأت يمكن أن تزيد على مائتي لتر، ومائتي لتر في البراميل المعبأة بالزيوت.
السؤال: قلتم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ذكر أصناف الربا، وقد أُوتِيَ جوامع الكلم، فكان أوْلَى تعميمُ القول، فلماذا لم يُعَمِّم؟
الجواب: لا، لا ليس من حقِّنا أن نعترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقول: لماذا لم يقل كذا، ليس هذا لنا، نحن نَجْمَع بين كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نقول: لماذا الرسول لم يقل كذا، إذا لم يقل كذا ما قلنا كذا، لا نقل هذا، ليس لنا اعتراض على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن نتفقَّه هل الرِّبا في الستة فقط أو فيما هو أعمُّ مما يجتمع معه في العِلَّة، ولذلك ابن حَزْم يَنْفِي القياسَ ولا يراه ولا يُدخِل في هذه الستة غيرها؛ لأنه ليس عنده قياس ففاته كثيرٌ من الأحكام، تعطَّلتْ كثيرٌ من الأحكام في الشريعة عنده بسبب عدم أخذه بالقياس، ولذلك بعض أهل العلم لا يَعُدُّ قولَ ابن حزم يَخرِقُ الإجماع؛ لأنه خالَفَ في أمر مُجمَع عليه، وهو العمل بالقياس، فمَن لا يَرَى القياس المجمع عليه الوارد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعامَل به الصحابة كيف يكون حُجَّة على الجمهور، فالنبي عليه الصلاة والسلام يُحدِّد ويأتي بأقوال وبألفاظ، متى؟ لما سُئل صلى الله عليه وسلم ما يلبس المُحْرِم؟ قال: «لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلاَ العِمَامَةَ»([3]) ولا كذا ولا كذا، أنواع محددة؛ هل ذِكْرُ الأمثلة هذه للحَصْر أو للتمثيل، إِنْ قلنا: للحَصْر صِرْنا ظاهريَّة لا نقيس، وإن قلنا: للتمثيل فكلُّ صناعة يأتي بها ألبسة من اليابان أو غيرها، وألبسة لا نعرفها، يعرفها غيرنا، معناه أنها تدخل في كل مَخِيط، ولذلك نَصَّ الأئمة على تحريم كل المَخِيط، وهو ما خِيطَ على البدن، أو على جُزء من أجزائه، فتأتي أمثلة للتمثيل كما في قول الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ([4]) كم ذَكَرَ الله مِن الذي يَحِلُّ؟ ثلاثة: الجماع والأكل والشرب، هل الأكل والشرب والجماع فقط، أو يحلُّ لكم كل ما في ليلة الصيام من سائر المفطِّرات؟ نعم الكُل، ولهذا اختلفوا في الأمر الثاني وهو ماذا يصوم عنه المسلم؟ هل فقط يصوم عن الأكل والشرب وما كان بمعناه؟ أو يصوم عن الأكل والشرب وكل مُدْخَلٍ إلى البدن؟ فالجمهور على أن الصيام بمعنى الإمساك ولا يحدِّدونه بالأكل والشرب، بل هو أعم من ذلك، فذِكْر الأكل والشرب قالوا: للتمثيل لا للتحديد؛ ولأن الله ذَكَرَ هذه الثلاثة دليلاً للإباحة لا للحَظْر، ولا يكون دليلُ الإباحة عَيْنَ دليل الحَظْرِ. انتبه لهذه المسألة ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ دليل إباحة، هل هذا المباح بالليل هو أيضًا مُحرَّم في النهار؟ قاله ابن حزم، وخالفه جمهور الأئمة الأربعة فقالوا: بل الصوم نأخذه من لفظ الصيام لا من الأمثلة المذكورة في الليل، فقالوا: الصيام هو الإمساك سواء كان بمعنى الأكل والشرب. إمساك تُمْسِك بَدَنَك، فالصوم كله تَرْكٌ.
واختلفوا في الحُقْنَة الشَّرَجِيَّة؛ فيَرَى ابنُ حزم ومعه جماعة أن الحُقْنَة الشَّرَجِيَّة يجوز استخدامها؛ لأنها ليست أكلًا ولا شُربًا، ولا بمعنى الأكل والشرب، فجَعَلَ الأمثلة الثلاثة للحَصْرِ، والجمهور قالوا: لا، للتمثيل، والصوم هو الإمساك عن الإدخال سواء أدخل الإنسان من بدنه في أعلاه أو في أسفله، ولذلك صار الجماع وهو إدخالٌ مفطِّر وليس أكلًا ولا شربًا.
ولذلك اختلفوا في المفطِّرات من الحُقَن الطبِّيَّة، فبعضُهم قال: إذا كانت مُغَذِّية تُفطِّر، وإذا كانت غير مُغَذِّية لا تُفطِّر، بينما تعريف الصيام عند جمهور العلماء: يُفطِّر كلُ ما يَدخُلُ داخلَ البدن؛ لأنهم تمسَّكوا بقول الله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ([5]) فالعبرة بكلمة صَوْم، لا ذِكْرُ الأكل والشرب، فإنَّ ذِكْرَ الأكل والشرب جاء على سبيل التمثيل للمباح، ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ([6])، وذِكْرُ الصوم في القرآن جاء في ثنتي عشر موضعًا، ولم يرد ذِكْرُ الأكل والشرب إلا مرةً واحدة، وجاء على سبيل الإباحة لا على سبيل الحَظْرِ، وجاء الصومُ على سبيل الحَظْرِ لا على سبيل الإباحة. فلابد من التفريق بين ما وَرَدَ للتمثيل وما وَرَدَ للتحديد، وهنا يأتي الفَرْقُ بين فِقْهِ جمهور العلماء وفِقْهِ ابن حَزْمٍ.
والله أعلم، وصلَّى الله وسَلَّم على نبيِّنا محمد.




([1]) سورة التوبة: 60.
([2]) تقدم تخريجه.
([3]) أخرجه البخاري في كتاب العلم- باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله (134)، ومسلم في كتاب الحج- باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح (1177).
([4]) سورة البقرة: 187.
([5]) سورة البقرة: 185.
([6]) سورة البقرة: 187.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire