el bassaire

dimanche 21 février 2016

أحكام الحج المترتبة على طلوع الفجر الثاني




 أحكام العبادات المترتبة علي الطلوع الفجر الثاني
دراسة فقهية تأصيلية الموازنة
الدكتور ناصر بن محمد بن المشري الغامدي


يتوقف على طلوع الفجر الثاني جملة من  أحكام الحج، نبينها في المسائل الآتية:
الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم الذي لا يتم الحج إلا به بإجماع أهل العلم؛ لما روى عبد الرحمن بن يعمر، رضي الله تعالى عنه: "أن ناسًا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بعرفة، فسألوه، فأمر مناديًا، فنادى: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج
وله وقت ابتداء، ووقت فضيلة، ووقت انتهاء:
فأما وقت الانتهاء: فيأتي بيانه، إن شاء الله، في المسألة التالية.
وأما وقت الفضيلة: فهو من بعد زوال الشمس يوم عرفة، حتى غروبها، بإجماع أهل العلم  لفعله صلى الله عليه و سلم الثابت عنه في صحيح مسلم، من حديث جابر رضي الله عنه المشهور في صفة حجة النبي صلى الله عليه و سلم وفيه قال: «حتى إذا زاغت الشمس»، أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس.. ثم أذن ثم أقام؛ فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا ثم ركب صلى الله عليه و سلم حتى أتى الموقف ، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت ا لصفرة قليلا حتى غاب القرص.
وأما وقت الابتداء: فقد اختلف أهل العلم في أول وقت الوقوف بعرفة على قولين:
القول الأول: إن أول وقت الوقوف بعرفة يبدأ من طلوع الفجر يوم عرفة؛ وإليه ذهب الحنابلة، وهو من مفردات المذهب.
والقول الثاني: إن أول وقت الوقوف بعرفة يبدأ بعد زوال الشمس من يوم عرفة؛ وإليه ذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام.
والاعتماد عند مالك رحمه الله في الوقوف هو الليل، والنهار تبع له، فلا بد من الوقوف في الليل ولو لحظة، فإن لم يقف في جزء من الليل لم يجزه ذلك الوقوف.
استدل الحنابلة على أن وقت الوقوف يبدأ بطلوع الفجر بما يلي:
1- حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وهو بالمزدلفة، فقلت: يا رسول الله ! إني أقبلت من جبلي طييء لم أدع جبلاً إلا وقفت عليه؛ فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «من صلى هذه الصلاة معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه، وقضى تفثه)».
والوجه منه: أنه حجة في أنَّ نهار عرفة كله وقت للوقوف؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم بين له أن من وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه، ولم يقيده بما بعد الزوال؛ لأن النهار اسم من انفجار الصبح إلى غروب الشمس.
2- ولأن ما بعد طلوع الفجر من يوم عرفة، فكان وقتًا للوقوف؛ كبعد الزوال، وترك الوقوف فيه لا يمنع كونه وقتًا للوقوف؛ كبعد العشاء، وإنما وقف النبي صلى الله عليه و سلم وخلفاؤه من بعده وقت الفضيلة، ولم يستوعبوا جميع وقت الوقوف.
واستدل الجمهور على أن أول وقت الوقوف بعرفة يكون بعد الزوال بما يلي:
1- فعله صلى الله عليه و سلم الثابت عنه؛ حيث وقف بعد زوال الشمس؛ كما في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه و سلم ، وكان صلى الله عليه و سلم يقول للصحابة الذين حجوا معه بين الحين والآخر «خذوا عني مناسككم»
2- ما رواه الإمام البخاري في صحيحه: عن سالم بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كتب عبد الملك إلى الحجاج: أن لا يخالف ابن عمر في الحج؛ فجاء ابن عمر رضي الله عنهما وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس، فصاح عند سرادق  الحجاج، فخرج وعليه ملحفة معصفرة ؛ فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح إن كنت تريد السنة، قال: هذه الساعة؟! قال: نعم! قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة، وعجل الوقوف، فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله، قال: صدق.
والوجه منه: أن ابن عمر رضي الله عنهما أشار بذلك إلى ما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، وعمل به خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهما من بعده؛ فعلم منه أن ما قبل الزوال لم تأت به السنة، ولا شرعه رسول الله صلى الله عليه و سلم.
3- ولأنه صلى الله عليه و سلم نزل بوادي نمرة في عرنة، وهي ليست من عرفة، ولو كان ما قبل الزوال وقتًا للوقوف لنزل في مكان الوقوف لا في غيره؛ لأن حضوره ونزوله في موضع الطاعة والقربة، أفضل وأكثر ثوابًا من نزوله في غيره.
وحملوا حديث عروة، الذي استدل به الحنابلة، على أن المراد منه: أنه وقف نهارًا فيما يصح الوقوف فيه؛ فيكون قوله صلى الله عليه و سلم في حديث عروة مطلقًا، قيدته السنة الفعلية منه صلى الله عليه و سلم.
أو أن المراد بالنهار في حديث عروة المذكور: خصوص ما بعد الزوال؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه و سلم والخلفاء الراشدين، بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال، ولم ينقل عن أحد أنه وقف قبله؛ ففعله صلى الله عليه و سلم وفعل خلفائه من بعده مبين للمراد من قوله صلى الله عليه و سلم: «أو نهارًا».
واستدل المالكية: على تخصيص الإجزاء بالليل: بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «من وقف بعرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج، فليحل بعمرة، وعليه الحج من قابل».
والذي يظهر، والله تعالى أعلم: أن كلا الرأيين؛ رأي الحنابلة، ورأي الجمهور: له حظ من النظر:
لأن النهار في حديث عروة اسم من انفجار الصبح إلى غروب الشمس وقد أطلق النبي صلى الله عليه و سلم أن من كان وقف بعرفة قبل طلوع الفجر من يوم العيد، ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه، وهذا يشمل ما بعد الفجر من يوم عرفة قطعًا، وقوله صلى الله عليه و سلم أبلغ في الدلالة من فعله. وكونه صلى الله عليه و سلم لم يقف إلا بعد الزوال؛ لا يدل على أن ما قبله ليس وقتًا للوقوف وإنما فعل صلى الله عليه و سلم الأفضل. على أن الأحوط عدم الاقتصار على أول النهار.
أما تشدد المالكية: رحمهم الله، في تخصيص الإجزاء بجزء من الليل: فإنه ضعيف لا يثبت له دليل، ثم هو مردود بفعله صلى الله عليه و سلم وقوله.
أجمع أهل العلم على أن وقت الوقوف بعرفة ينتهي بطلوع الفجر من يوم النحر؛ فمن طلع عليه الفجر يوم النحر وهو لم يقف بعرفة بليل أو نهار فقد فاته الحج.
ومما يدل على هذا:
1- حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله تعالى عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه و سلم: «أمر مناديًا، فنادى: الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج».
2- حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «من صلى هذه الصلاة معنا، وقد  وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه»
3- قول جابر رضي الله عنه: «لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر ليلة جمع» قال أبو الز
فمن لم يقف بعرفة قبل طلوع الفجر يوم النحر، أو لم يصل إليها إلا بعد طلوعه، فقد فاته الحج، وعليه أن يتحلل من حجه بطواف وسعي وحلاق.
قال الإمام الترمذي رحمه الله: "والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم؛ من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم؛ أنه من لم يقف بعرفات قبل طلوع الفجر، فقد فاته الحج، ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر، ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل؛ وهو قول الثوري والشافعي، وأحمد وإسحاق.. وسمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا أنه ذكر هذا الحديث، فقال: هذا الحديث أم المناسك.
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: إن آخر وقت الوقوف آخر ليلة النحر، فمن لم يدرك الوقوف حتى طلع الفجر يومئذ فاته الحج لا نعلم فيه خلافًا.. ثم ساق قول جابر المتقدم ثم قال: ومن فاته الحج يتحلل بطواف وسعي وحلاق، هذا الصحيح من المذهب؛ وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابنه، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن الزبير، ومروان بن الحكم، وهو قول مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.. ثم ذكر  الرواية الأخرى في المذهب، وقال: ولنا: "قول من سميَّنا من الصحابة، ولم نعرف لهم مخالفًا، فكان إجماعًا(.
وأما إيجاب الهدي عليه، وإلزامه الحج من قابل: فمحل خلاف بين أهل العلم على قولين؛ الجمهور على أن الهدي يلزم من فاته الحج، خلافًا للحنفية، وإحدى الروايتين عن أحمد؛ والجمهور كذلك على أنه يلزمه الحج من قابل سواء كان الفائت واجبًا أو تطوعًا، خلافًا لإحدى الروايتين عن مالك وأحمد
المبيت بمزدلفة لمن وافاها قبل طلوع الفجر واجب من واجبات الحج، من تركه فعليه دم، في قول أكثر أهل العلم
ولا خلاف بين أهل العلم، رحمهم الله، في أن السنة للحاج الذي وصل المزدلفة ليلة النحر أن يبيت بها حتى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر صلاه في أول وقته، ثم وقف بها، عند المشعر الحرام، أو حيث تيسر له ذلك، حتى يسفر الصبح جدًا، ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس
والدليل على هذا: فعله صلى الله عليه و سلم في حجه ؛ فقد روى جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم "أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا ثم اضطجع صلى الله عليه و سلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبره، وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، فدفع قبل أن تطلع الشمس.
مع قوله صلى الله عليه و سلم: «خذوا عني مناسككم».
وعن عمرو بن ميمون الأودي رحمه الله قال: «شهدت عمر رضي الله عنه صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير([1]) وأن النبي صلى الله عليه و سلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس»([2]).
وعلى هذا فالسنة للحاج ألا يدفع من مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه و سلم.
ولا خلاف بين أهل العلم: في جواز تقديم الضعفة وكبار السن والنساء، ودفعهم من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر؛ قال ابن قدامة رحمه الله: "وبه قال عطاء، والثوري، والشافعي، وأبو ثور،  وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفًا، ولأن فيه رفقًا بهم، ودفعًا لمشقة الزحام عنهم، واقتداء بفعل نبيهم " ([3]).
واختلف أهل العلم ، رحمهم الله، في جواز الدفع من مزدلفة قبل طلوع الفجر لغير الضعفة والنساء ومرافقيهم ([4]) على قولين:
القول الأول: يجوز للحاج مطلقًا، قويًا كان أو ضعيفًا رجلاً كان أو امرأة، الدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل. وإليه ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة في قول ([5]).
والقول الثاني: لا يجوز الدفع من مزدلفة قبل طلوع الفجر، إلا لمن كان معذورًا كالضعفة وكبار السن والنساء الذين وردت الرخصة لهم بذلك. وإليه ذهب الحنفية، والحنابلة في قول، وطائفة من كبار أهل العلم المحققين؛ كابن المنذر وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشنقيطي، والألباني وغيرهم رحمة الله على الجميع ([6]).
استدل أصحاب القول الأول بأدلة منها:
1- ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كنت فيمن قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم في ضعفة أهله» وفي لفظ قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم في الثقل أو قال: في الضعفة، من جمع بليل»([7]).
2- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه و سلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم تعني عندها»([8]).
3- وعنها رضي الله عنها قالت: كانت سودة (بنت زمعة) امرأة ضخمة ثبطة ([9]) فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تفيض من جمع بليل، فأذن لها، فقالت عائشة: فليتني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه و سلم كما استأذنته سودة، وكانت عائشة لا تفيض إلا مع الإمام ([10]).
قالوا: هذه الأدلة تدل على جواز انصراف الحاج ودفعه من مزدلفة قبل الفجر بعد انتصاف الليل ومضي أكثره في مزدلفة، فإذا مضى أكثر الليل أجزأه الدفع إلى منى ([11]).
ولكن هذا الاستدلال مردود: بأن الترخيص إنما هو في حق الضعفة ومن في حكمهم، وأما من عداهم فالأصل عدم الترخيص لهم بالدفع من مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر؛ كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم وقياسهم على الضعفة، قياس مع الفارق ([12]).
ولأجل هذا كانت عائشة تتمنى لو أنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه و سلم كما استأذنته سودة، ولو كان الدفع من مزدلفة قبل طلوع الفجر جائزًا للجميع لما كان لاستئذان سودة، ولا لتمني عائشة معنى.
واستدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها:
1- أدلة القول الأول؛ حيث قالوا: هي نص في الإذن للضعفة والنساء ومن في حكمهن، والإذن يقتضي أن يكون الأصحاء والأقوياء ملزمين بالبقاء في مزدلفة إلى طلوع الفجر، وإلا لم يكن للإذن للضعفة والنساء معنى ([13]).
2- أن النبي صلى الله عليه و سلم بات بالمزدلفة، ولم يتعجل، ولم يدفع منها إلا بعد طلوع الشمس، وقال: «خذوا عني مناسككم»([14]).
3- وعن أسماء رضي الله عنها: «أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة، فقامت تصلي، فصلت ساعة ثم قالت: يا بني! هل غاب القمر؟ قلت: لا! فصلت ساعة ثم قالت: يا بني! هل غاب القمر؟ قلت: نعم! قالت: فارتحلوا فارتحلنا ومضينا، حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هنتاه ([15]) ما أرانا إلا قد غلسنا ([16])! قالت: يا بني! إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أذن للظعن ([17])»([18]).
ووجه الدلالة منه من وجهين:
أحدهما: أن غلامها أنكر عليها تبكيرها بغلس، مما يدل على أن المستقر عندهم أن المبيت بالمزدلفة إلى الفجر واجب، وأنه لا يجوز الدفع منها لمنى إلا بعد طلوع الفجر.
وثانيهما: أنها لم تنكر عليه ذلك، وإنما أخبرته أن المصطفى صلى الله عليه و سلم قد أذن للظعن والضعفة بذلك، وهذا يدل على أن غيرهم لا يجوز له الدفع منها إلى منى إلا بعد طلوع الفجر.
والذي يظهر: والله  تعالى أعلم، القول الثاني: أنه لا يجوز الدفع من مزدلفة قبل الفجر إلا للظعن والضعفة من الرجال والنساء، ومن كان مرافقًا لهم، فيدفعون من مزدلفة إلى منى آخر الليل، بعد مغيب القمر، كما فعلت أسماء رضي الله عنه.
وأما من ليس ضعيفًا، ولا تابعًا لضعيف؛ فإنه يبقى بمزدلفة حتى يصلي الفجر في أول وقتها، ثم يدفع بعده؛ كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم.
وذلك لقوة أدلة هذا القول؛ وصراحتها في الدلالة على المراد، ولأن هذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة؛ فإن النبي صلى الله عليه و سلم بات بالمزدلفة هو وأصحابه الأقوياء  الأصحاء إلى الفجر وقال لهم: «لتأخذوا عني مناسككم»([19])
وأذن صلى الله عليه و سلم للظعن والضعفة ومرافقيهم في الانصراف من المزدلفة بآخر الليل؛ ولو كان الحكم واحدًا للجميع، لما كان في الإذن للظعن والضعفة معنى، ولما قالت عائشة رضي الله عنها: "فليتني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه و سلم كما استأذنته سودة ([20])([21]).
المسألة الرابعة: ابتداء وقت الوقوف بالمزدلفة لمن وجب عليه المبيت بها:
هذه المسألة فرع عن المسألة السابقة، والكلام فيها مبني على الخلاف في المسألة السابقة؛ فمن أجاز الدفع من مزدلفة قبل طلوع الفجر أجاز الوقوف فيها قبل ذلك، ومن لمن يجز الدفع منها قبل طلوع الفجر، لم يجز الوقوف قبله.
والذي سبق بيانه: أن الفقهاء متفقون على جواز تقديم دفع الظعن والضعفة ومرافقيهم من مزدلفة إلى منى بآخر الليل، فهؤلاء يجوز لهم الوقوف بالمزدلفة قبل طلوع الفجر ([22]).
لما ثبت في الصحيحين من حديث سالم مولى ابن عمر قال: «كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام؛ بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم مني لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه و سلم» ([23]).
وأما من ليس من الظعن والضعفة ولا مرافقًا لهم فإنه يبيت بالمزدلفة إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، صلى الفجر في أول وقتها؛ لفعله صلى الله عليه و سلم: فقد روي ابن مسعود رضي الله عنه قال: «ما رأيت النبي صلى الله عليه و سلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها»([24]).
وقوله: "قبل ميقاتها" المراد منه؛ قبل وقتها المعتاد، لا قبول طلوع الفجر؛ فإنه لا تجوز صلاة الفجر إلا بعد التحقق من طلوع الفجر الثاني بإجماع المسلمين. وهذا الفعل منه صلى الله عليه و سلم مبالغة في التغليس بصلاة الفجر يوم النحر؛ ليتفرغ الحاج لما بعدها من أعمال الحج([25]).
ثم إذا صلى الفجر وقف عند المشعر الحرام ([26]) إن تيسر له ذلك، وإلا فالمزدلفة كلها موقف، كما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه و سلم أنه وقف عند المشعر الحرام ([27])، و قال: «وقفت ههنا، وجمع  كلها موقف»([28]).
وفي رواية: «وارتفعوا عن بطن محسر ([29])»([30]).
فيدعو ويذكر الله حتى يسفر الصبح جدًا؛ لقول الحق تبارك وتعالى: }فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ{ [البقرة: 198] ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس ([31]).
والوقوف بالمزدلفة من جملة واجبات الحج عند الحنفية، من تركه من غير عذر وجب عليه دم ([32])، لقوله صلى الله عليه و سلم لعروة بن مضرس، رضي الله تعالى عنه: «من صلى هذه الصلاة معنا، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه»([33]).
والجمهور: على أن الوقوف بالمزدلفة سنة وليس واجبًا ([34]) لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «الحج عرفة»([35]).
فإذا طلعت الشمس يوم النحر فات وقت الوقوف بالمزدلفة بإجماع أهل العلم ([36]).
المسألة الخامسة: ابتداء وقت رمي جمرة العقبة يوم النحر:
رمي جمرة العقبة يوم النحر واجب من واجبات الحج، يجبر بدم، في قول جمهور أهل العلم، وهي تحية مني؛ وهي آخر الجمرات مما يلي مني، وأولها مما يلي مكة شرفها الله تعالى ([37]).
ولرمي هذه الجمرة وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء ([38]).
فأما وقت الفضيلة: لرمي هذه الجمرة: فهو بعد طلوع الفجر بإجماع أهل العلم ([39]). لأن النبي صلى الله عليه و سلم إنما رماها ضحى يوم النحر؛ قال جابر رضي الله عنه: «رمى رسول الله صلى الله عليه و سلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس»([40]).
وأما وقت الجواز لرمي هذه الجمرة: فمحل خلاف بين أهل العلم على أربعة أقوال ([41]) بيانها على النحو التالي:
القول الأول: يبدأ وقت الجواز لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الفجر الثاني يوم النحر، مطلقًا للقادر والعاجز. وإليه ذهب الحنفية، والمالكية والحنابلة في إحدى الروايتين ([42]).
القول الثاني: يبدأ وقت الجواز لرمي جمرة العقبة بعد منتصف ليلة النحر، مطلقًا للقادر والعاجز، وإليه ذهب الشافعية، والحنابلة في الروايات الأخرى؛ وهي الصحيح من المذهب وعليها جماهير الأصحاب ([43]).
القول الثالث: لا يجوز رمي جمرة العقبة مطلقًا إلا بعد طلوع الشمس. وإليه ذهب طائفة من فقهاء السلف؛ منهم: مجاهد، والثوري، والنخعي، وعزاه الترمذي لأكثر أهل العلم ([44]).
القول الرابع: التفريق بين الضعفة والعجزة وغيرهم؛ فيجوز الرمي بعد غياب القمر من ليلة النحر لمن له عذر أو يشق عليه مزاحمة الناس؛ كالمرضى والضعفة والعجزة، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له الرمي إلا بعد طلوع الشمس. وهو اختيار طائفة من المحققين من أهل العلم؛ منهم: ابن قيم الجوزية، والشوكاني، ومال إليه الشنقيطي ([45]).

استدل أصحاب القول الأول: على أن وقت الجواز لرمي جمرة العقبة يبدأ بعد طلوع الفجر الثاني يوم النحر، مطلقًا للقادر والعاجز، بأدلة؛ منها:
1- فعله صلى الله عليه و سلم فإنه إنما رماها ضحى يوم النحر؛ قال جابر رضي الله عنه: "رمى رسول الله صلى الله عليه و سلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس ([46]).
مع قوله صلى الله عليه و سلم لأمته: «خذوا عني مناسككم»([47]).
وهو صلى الله عليه و سلم قد رمى في النهار، والنهار يبدأ من طلوع الفجر الثاني.
2- ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قدمه في ضعفة أهله، وقال: «لا ترموا الجمار حتى تصبحوا»([48]).
فثبت الجواز بالإصباح، والصبح لا يكون إلا بعد طلوع الفجر الثاني([49]). قال الإمام مالك رحمه الله: "لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أرخص لأحد أن يرمي قبل طلوع الفجر، ولا يجوز رميها قبل الفجر، فإن رماها قبل الفجر أعادها" ([50]).
3- ما روى ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر، فرموا الجمرة مع الفجر" ([51]).
فهو دليل على جواز رمي جمرة العقبة بعد الفجر؛ لأن ابن عباس ليس من الضعفة الذين رخص لهم ([52]).
ولكنه مردود بأنه حديث ضعيف الإسناد من جهة، ومخالف لما صح عن ابن عباس، من طرق عدة أنه صلى الله عليه و سلم: «أمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس» من جهة ثانية ([53]).
4- حديث أسماء رضي الله عنها السابق: «أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة.. فارتحلوا، حتى رمت الجمرة ثم رجعت، فصلت الصبح في منزلها، فقال لها مولاها: يا هنتاه! ما أرانا إلا قد غلسنا! قالت: يا بني! إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أذن للظعن»([54]).
5- حديث سالم مولى ابن عمر قال: «كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام، بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه و سلم»([55]).
فحديث أسماء وفعلها، وحديث ابن عمر وفعله بأهله: دليلان صريحان على جواز الرمي بعد طلوع الفجر، وقبل طلوع الشمس، مطلقًا للضعفة وغيرهم، لا سيما وفيهم من ليس من الضعفة والعجزة ([56]).
واستدل أصحاب القول الثاني: على أن وقت الجواز لرمي جمرة العقبة يبدأ بعد منتصف ليلة النحر، مطلقًا للقادر والعاجز بأدلة، منها.
1- ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه و سلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ تعني عندها»([57]).
2- ما روته أم سلمة رضي الله عنها قالت: «قدمني رسول الله صلى الله عليه و سلم فيمن قدم من أهله ليلة المزدلفة، فرميت بليل، ثم مضيت  إلى مكة، فصليت بها الصبح، ثم رجعت إلى منى»([58]).
فدل هذان الحديثان على جواز رمي جمرة العقبة قبل فجر يوم النحر بليل ([59]).
3- حديث أسماء السابق في الصحيحين ([60])؛ ولفظه عند أبي داود ؛ عن أسماء: «أنها رمت الجمرة، قال مولاها، إنا رمينا الجمرة بليل ! قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم»([61]).
فهو دليل على جواز رمي جمرة العقبة بليل قبل طلوع الفجر يوم النحر ([62]).
4- ولأن نصف الليل الأخير من ليلة النحر وقت للدفع من مزدلفة فكان وقتًا للرمي، كبعد طلوع الشمس ([63]).
واعترض على الاستدلال بهذه الأدلة جميعًا من وجهين:
الأول: ضعف بعضها؛ فحديث عائشة أنكره الإمام أحمد، وابن قيم الجوزية، والبيهقي وابن التركماني، وضعفه الألباني وغيره؛ للاضطراب في متنه وسنده ([64]).
وحديث أم سلمة الآخر ضعفه الإمام ابن قيم الجوزية ([65]).
ولكن هذا الاعتراض مردود: بأنهما حديثان صحيحان، وقد صححهما جمع من الأئمة، كما تقدم في تخريجهما، واحتجوا بهما.
الثاني: أن غاية ما تفيده هذه الأدلة: الإذن في رميها في ذلك الوقت للضعفة والنساء ومن رخص لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، وأما من عداهم من الأصحاء القادرين فلا ([66]).
ولا يلزم، من كون نصف الليل وقتًا للدفع من مزدلفة أن يكون وقتًا للرمي، حتى للضعفة ونحوهم، بدليل أن النبي صلى الله عليه و سلم قدم ابن عباس في ضعفة أهله من جمع بليل، و: "أمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس" ([67]).
واستدل أصحاب القول الثالث؛ على أنه لا يجوز رمي جمرة العقبة مطلقًا إلا بعد طلوع الشمس، بأدلة؛ منها:
1- فعله صلى الله عليه و سلم فإنه إنما رمي جمرة العقبة ضحى يوم النحر ([68]) وقال صلى الله عليه و سلم لأمته «خذوا عني مناسككم»([69]).
2- ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه و سلم قدم ضعفة أهله وقال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس».
وفي رواية قال: فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: «أُبَيْنِيَّ ([70]) لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» زاد سفيان: "قال ابن عباس: ما إخال أحدًا يعقل يرمي حتى تطلع الشمس، قال أبو داود: اللطخ: الضرب اللين ([71]).
فهذان الحديثان: نصان صريحان في أن وقت رمي جمرة العقبة يوم النحر بعد طلوع الشمس لفعله صلى الله عليه و سلم، ولنهيه عن رميها قبل طلوع الشمس، حتى لمن جاز لهم الدفع من المزدلفة قبل طلوع الفجر ([72]).
قال الإمام الترمذي رحمه الله: "حديث ابن عباس: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم لم يروا بأسًا أن يتقدم الضعفة من المزدلفة بليل، يصيرون إلى منى، وقال أكثر أهل العلم بحديث النبي صلى الله عليه و سلم: «أنهم لا يرمون حتى تطلع الشمس»([73]).
وأجيب عن هذه الأدلة من وجهين:
الأول: أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم إذا عارض قوله، كان محمولاً على الاستحباب، وكان قوله مقدمًا على فعله؛ لاحتمال أن يكون الفعل خاصًا به، أو من باب الأفضلية ([74]).
الثاني: قوله صلى الله عليه و سلم لابن عباس محمول على الاستحباب، وحديث عائشة في قصة أم سلمة محمول على الجواز؛ جمعًا بين الأدلة ([75]).
واستدل أصحاب القول الرابع؛ على التفريق بين الضعفة والعجزة وغيرهم بأدلة منها:
أ- استدلوا على جواز رمي جمرة العقبة مع الفجر للضعفة والنساء والعجزة ومن معهم؛ بإذنه صلى الله عليه و سلم لهم في رمي الجمرة بغلس، آخر ليلة النحر؛ كما هو ثابت عنه صلى الله عليه و سلم في أحاديث كثيرة منها:
1- حديث عائشة رضي الله عنهما: «في إذنه لأم سلمة أن تدفع إلى منى ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت»([76]).
2- وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر، فرموا الجمرة مع الفجر»([77]).
3- حديث سالم مولى ابن عمر قال: «كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام؛ بالمزدلفة بليل... فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه و سلم ([78]).
4- حديث أسماء رضي الله عنها: أنها رمت الجمرة قال مولاها: إنا رمينا الجمرة بليل! قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ([79]).
فهذه الأدلة الثابتة حجة ظاهرة على جواز رمي الضعفة والعجزة والظعن ونحوهم جمرة العقبة آخر ليلة النحر؛ بعد غياب القمر، أو بغلس الصبح؛ لإذن النبي صلى الله عليه و سلم لهم في ذلك ولا ينبغي التوقف في جواز ذلك لهم بعد طلوع الفجر ([80]).
ب- واستدلوا على أن الأقوياء وغير الضعفة والظعن لا يجوز لهم رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس يوم النحر بما يلي.
1- مفهوم الأدلة السابقة وهو أن الإذن برمي الجمرة قبل طلوع الشمس إنما هو للظعن والضعفة ونحوهم، ولا يشمل غيرهم من الأقوياء الذكور والأصحاء ([81]).
2- فعله صلى الله عليه و سلم فإنه إنما رمي جمرة العقبة ضحى يوم النحر؛ ([82])، وقال صلى الله عليه و سلم لأمته «خذوا عني مناسككم»([83]).
3- ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه و سلم قدم ضعفة أهله، و قال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس»([84]).
فهذه الأدلة الصحيحة تدل دلالة ظاهرة على أن الأصحاء الأقوياء لا يجوز لهم أن يرموا جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس من يوم النحر، وأن الرخصة في رميها قبل لا تشملهم ([85]).
والذي يظهر، والله تعالى أعلم، أن الراجح من هذه الأقوال هو القول الرابع؛ التفريق بين الضعفة والعجزة وغيرهم من الأقوياء الأصحاء؛ فيجوز الرمي بعد غياب القمر من ليلة النحر لمن له عذر أو يشق عليه مزاحمة الناس؛ كالمرضى والضعفة والعجزة، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له الرمي إلا بعد طلوع الشمس، لما يلي:
أولا: أن الإذن في رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس للضعفة والعجزة ثابت صحيح مشهور، لا مدفع له، ولا ينبغي التوقف في الإذن لهؤلاء في الرمي بعد الصبح قبل طلوع الشمس.
ثانيًا: أن الأقوياء ثبت، كما في حديث ابن عباس، نهيهم عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس.
ثالثًا: أن هذا القول هو القول الذي تجتمع به الأدلة وتتفق، والقاعدة المقررة عند أهل العلم: أن يجمع بين النصين إن أمكن، وإلا فالترجيح بينهما هو المتعين ([86]).
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: «ثم تأملنا فإذا أنه لا تعارض بين هذه الأحاديث؛ فإنه صلى الله عليه و سلم أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس، فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي، أما من قدمه من النساء، فرمين قبل طلوع الشمس للعذر ، والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم، وهذا الذي دلت عليه السنة؛ جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أو كبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك»([87]).
وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله: «إن الذي يقتضي الدليل رجحانه في هذه المسألة: أن الذكور الأقوياء لا يجوز لهم رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، وأن الضعفة والنساء لا ينبغي التوقف في جواز رميهم بعد الصبح قبل طلوع الشمس لحديث أسماء، وابن عمر المتفق عليهما الصريحين في الترخيص لهم في ذلك».
وأما رميهم ؛ أعني الضعفة والنساء، قبل طلوع الفجر، فهو محل نظر، فحديث عائشة عند أبي داود يقتضي جوازه، وحديث ابن عباس عند أصحاب السنن يقتضي منعه. والقاعدة المقررة في الأصول: هي أن يجمع بين النصين إن أمكن الجمع، وإلا فالترجيح بينهما، وقد جمعت بينهما جماعة من أهل العلم؛ فجعلوا لرمي جمرة العقبة وقتين: وقت فضيلة ووقت جواز، وحملوا حديث ابن عباس على وقت الفضيلة، وحديث عائشة على وقت الجواز؛ وله وجه من النظر، والعلم عند الله تعالى ([88]).
طواف الإفاضة ويسمى: طواف الزيارة، وطواف الفرض؛ ركن من أركان الحج التي لا يتم الحج إلا بها بإجماع أهل العلم ([89]).
قال الله تعالى: }ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ{ [الحج: 29].
فهو أمر للحجيج بالطواف بالبيت؛ قال مجاهد رحمه الله: «يعني: الطواف الواجب يوم النحر»([90]).
ولهذا الطواف وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء ([91]).
فأما وقت الفضيلة: فضحى يوم النحر، بعد الرمي والحلق؛ لفعله صلى الله عليه و سلم في حجته؛ حيث روى مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما رمى جمرة العقبة ضحى، وذبح، وحلق: «ركب فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر»([92]).
ولا خلاف في هذا بين أهل العلم ([93]).
وأما وقت الجواز: فمحل خلاف بين أهل العلم والخلاف فيه مبني على الخلاف في مسألتي: الدفع من مزدلفة، ورمي جمرة العقبة([94])؛ وقد مضى الكلام في ذلك مفصلا في المسألتين السابقتين، مما يغني عن إعادة يطول بها البحث.
ولكن من باب الاختصار الذي يحصل به المقصود دون إطالة.
ذهب الشافعية والحنابلة: إلى أن أول وقت لطواف الإفاضة: هو بعد نصف الليل من ليلة النحر ([95]) استدلالا بالأدلة الدالة على أن الدفع من مزدلفة يجوز بعد نصف ليلة النحر؛ وأصرحها في هذا: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه و سلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم تعني عندها»([96]).
وذهب الحنفية والمالكية: إلى أن أول وقت لطواف الإفاضة: هو طلوع الفجر من يوم النحر ([97])؛ استدلالا بأن الدفع من مزدلفة إنما هو بعد طلوع الفجر؛ لما سبق من الأدلة ([98]).
والذي تقتضيه الأدلة الصحيحة: التي سبق بيانها في مسألتي الدفع من مزدلفة، ورمي جمرة العقبة: التفريق بين الضعفة والنساء، والأقوياء الأصحاء:
فالضعفة والنساء: يجوز لهم أن يطوفوا بالبيت بعد طلوع الفجر؛ لإذنه صلى الله عليه و سلم لضعفه أهله وللظعن بالدفع من مزدلفة آخر الليل([99]).
وأما الأصحاء الأقوياء: فلم يدل الدليل على الإذن لهم بالدفع من مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر، ولم يؤذن لهم في رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس؛ بل دل الدليل على أن الذي ينبغي لهم هو البقاء في المزدلفة حتى يصلوا الفجر بها، ثم يقفوا بها كما وقف المصطفى صلى الله عليه و سلم ثم يدفعوا إلى منى قبل طلوع الشمس، ويرموا الجمرة ضحى يوم النحر، ثم يحلقوا، وينحر من معه الهدي هديه، ثم يفيضوا إلى مكة لطواف الإفاضة.
هذا هو الذي دل عليه الدليل الصحيح، وفعله النبي صلى الله عليه و سلم وقال لأمته «خذوا عني مناسككم»([100])


([1]) ثبير: اسم جبل معروف بمكة، من أعظم جبالها، بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى، وعلى يمين الداخل من مني إلى مكة، سمي ثبيرًا برجل من هذيل اسمه ثبير مات في ذلك الجبل فعرف الجبل به، كانت الشمس تشرق من ناحيته، فخاطبوه بهذا القول؛ كأنهم يقولون أدخل أيها الجبل في شروق الشمس؛ أي: طلوعها لنسرع إلى النحر. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/202) معجم البلدان (2/85، 86) (ثبر) تهذيب الأسماء واللغات (2/1/ 46) المسالك في المناسك (1/549، 550).
([2]) أخرجه البخاري في صحيحه (407) كتاب الحج، باب متى يدفع من جمع (1684).
([3]) المغني (5/286) وانظر: أضواء البيان (5/274) المسالك في المناسك (1/542، 543) البيان (4/324) المجموع (8/156) وما بعدها، مناسك ابن جماعة (74) منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (76).
([4]) وهذا الخلاف إنما هو على مذهب الجمهور الذين يرون أن المبيت بمزدلفة واجب؛ وهم كما سبق: المالكية والشافعية والحنابلة؛ وكذا عند من يرى أن المبيت بها ركن؛ وهو منسوب لبعض فقهاء السلف كالشعبي والنخعي والأوزاعي. وأما الحنفية وأحد القولين عند الشافعية والحنابلة، فالمبيت عندهم سنة لا واجب.
انظر: ما سبق تقريره في بداية المسألة الثالثة .
([5]) انظر: عقد الجواهر الثمينة (1/409) بداية المجتهد (2/277) البيان (4/324-326) كتاب الحج من الحاوي الكبير (2/688) المغني (5/284) الإنصاف (4/32) الشرح الممتع (7/339) وما بعدها.
([6]) والحنفية، رحمهم الله، يرون أن المبيت بالمزدلفة سنة، والوقوف بها واجب، والوقوف لا يكون إلا بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر إلى طلوع الشمس منه، فمن وقف بها قبل طلوع الفجر، أو بعد طلوع الشمس فوقوفه لا يعتد به.
انظر: أضواء البيان (5/274) فتح الباري (3/616) المبسوط (4/63) رد المحتار على الدر المحتار (2/511) المسالك في المناسك (1/542، 544) المغني (5/284) شرح العمدة في الفقه (3/516، 522، 523) منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (76) مجموع الفتاوى (26/135) الإنصاف (4/32) مناسك الحج والعمرة للألباني (32) الحج أحكامه وصفه (99).
([7]) أخرجه البخاري في صحيحه (406) كتاب الحج، باب من قدم ضعفه أهله بليل (1677، 1678) ومسلم في صحيحه (510، 511) كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن (1293).
([8]) أخرجه أبو داود في سننه (284) كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع (1942) والبيهقي في السنن الكبرى (5/217) كتاب الحج وصححه النووي في المجموع (8/177) وابن كثير في إرشاد الفقيه (1/339) والزيلعي في نصب الراية (3/83) وابن قيم الجوزية في زاد المعاد (2/284) والشوكاني في نيل الأوطار (5/82) والشنقيطي في أضواء البيان (5/276).
([9]) ثبطة: أي ثقيلة بطيئة من التثبيط؛ وهو التعويق والشغل عن المراد. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/202) (ثبط).
([10]) أخرجه البخاري في صحيحه (406) كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل (1680، 1681) ومسلم في صحيحه (510) كتاب الحج، باب استحباب دفع الضعفة من النساء وغيرهن، (1290).
([11]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/415) كتاب الحج من الحاوي (2/690) البيان (4/326) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/339).
([12]) انظر: خالص الجمان (218، 219) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/339، 340).
([13]) انظر: أضواء البيان (5/274) المغني (5/284-285).
([14]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
وانظر في الاستدلال به: المغني (5/284) مناسك الحج والعمرة، ابن عثيمين (82).
([15]) يا هنتاه: أي: يا هذه ، وتفتح النون وتسكن، وتضم الهاء الآخرة وتسكن، وفي التثنية: هنتان، وفي الجمع: هنوات وهنات، وفي المذكر: هن وهنان وهنون. وهي لفظة تختص بالنداء.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/241) هنا.
([16]) التغليس: ضد الإسفار، وهو ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح: أي: لقد سرنا إلى منى في ذلك الوقت.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/339) (غلس).
([17]) الظُّعُن، والظُّعْن والظعائن، والأظعان، واحدة الظعينة، وهي المرأة وأصل الظعينة: الراحلة التي يرحل ويظعن عليها: أي: يسار، وقيل للمرأة: ظعينة؛ لأنها تظعن مع الزوج حيث ظعن، أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت، وقيل: الظعينة؛ المرأة في الهودج، ثم قيل للهودج بلا امرأة، وللمرأة بلا هودج: ظعينة.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/143) (ظعن).
([18]) أخرجه البخاري في صحيحه (406) كتاب الحج باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة يدعون، ويقدم إذا غاب القمر، (1679) ومسلم في صحيحه (510) كتاب الحج باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس (1291).
([19]) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([20]) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([21]) انظر: أضواء البيان (5/272) فتح الباري (3/616) المغني (5/284، 285) زاد المعاد (2/252) خالص الجمان (218، 219) مناسك الحج والعمرة، ابن عثيمين (82، 83) الحج أحكامه وصفته (99).
([22]) انظر: ما سبق من هذا البحث .
([23]) أخرجه البخاري في صحيحه (406) كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة يدعون، ويقدم إذا غاب القمر، (1676) ومسلم في صحيحه (511) كتاب الحج باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس (1295).
([24]) أخرجه البخاري في صحيحه (407) كتاب الحج، باب متى يصلي الفجر بجمع (1682) ومسلم في صحيحه (509) كتاب الحج، باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر بالمزدلفة (1289).
([25]) انظر: أضواء البيان (5/272) شرح النووي على صحيح مسلم (3/413).
([26]) المشعر الحرام: اسم لقزح خاصة؛ وهو جبل بالمزدلفة، وهذا مذهب الفقهاء. ومذهب المفسرين وأهل السير: أنه جميع المزدلفة، وقد جاء في الأحاديث ما يدل لكلا المذهبين. وذكر بعض أهل العلم: أن مسجد مزدلفة مبني عليه الآن.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/429) (شعر) شرح النووي على صحيح مسلم (3/416، 417) المسالك في المناسك (1/540) البيان (4/325) مفيد الأنام (2/52) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/346).
([27]) انظر: تخريجه (3) من هذا البحث وانظر (66) من هذا البحث.
([28]) أخرجه مسلم في صحيحه (485) كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف (149) (1218).
([29]) محسر: واد بين يدي موقف المزدلفة مما يلي منى، وهو مسيل قدر رمية بحجر بين المزدلفة ومنى، انظر: المصباح المنير (74) (حسر) معجم البلدان (5/74) النهاية في غريب الحديث والأثر (4/275).
([30]) أخرجه ابن ماجة في سننه (436) كتاب المناسك باب الموقف بعرفات (3012) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (3/43) (2457).
([31]) انظر: المسالك في المناسك (1/530، 539-542) البيان (4/324، 325) منسك ابن جماعة (75) المغني (5/282، 283) منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (76، 77) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/346-350).
([32]) انظر: المبسوط (4/63) المسالك في المناسك (1/542).
([33]) انظر: تخريجه والحكم عليه فيما سبق من هذا البحث .
([34]) انظر: عقد الجواهر الثمينة (1/418) الاستذكار (11/246، 247) البيان (4/325) المغني (5/282، 283) منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (76، 77).
([35]) انظر: تخريجه والحكم عليه فيما سبق من هذا البحث .
([36]) انظر: الاستذكار (11/261).
([37]) انظر: أضواء البيان (5/293) مناسك ابن جماعة (77) البيان (4/330) (8/168) المغني (5/291) مجموع الفتاوى (26/135) خالص الجمان (225) مناسك الحج والعمرة لابن عثيمين (105، 107).
([38]) انظر أضواء البيان (5/280) عقد الجواهر الثمينة (1/411، 412) المغني (5/294).
([39]) انظر: أضواء البيان (5/275، 276) المسالك في المناسك (1/567) الاستذكار (11/261) بداية المجتهد (2/278، 279، 280) الإجماع (22) البيان (4/330) المجموع (8/168) المغني (5/294) حاشية ابن قاسم على الروض المربع (4/154).
([40]) أخرجه مسلم في صحيحه (513) كتاب الحج، باب بيان وقت استحباب الرمي (314) (1299).
([41]) والخلاف في هذه المسألة له تعلق وثيق بالخلاف في الدفع من مزدلفة، انظر ما سبق من هذا البحث .
([42]) انظر: المبسوط (4/68) المسالك في المناسك (1/567) الاستذكار (11/261) مواهب الجليل (3/136) المغني (5/295) زاد المعاد (2/252).
([43]) انظر: البيان (4/331) المجموع (8/177) المغني (5/295) الفروع (6/54) زاد المعاد (2/252) الإنصاف (4/37) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/361).
([44]) انظر: الجامع الصحيح (3/240) الاستذكار (11/262) البيان (4/331) المغني (5/295).
([45]) انظر: أضواء البيان (5/280) الاستذكار (11/262) نيل الأوطار (5/79) البيان (4/331) المغني (5/295) زاد المعاد (2/252).
([46]) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([47]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([48]) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/123) (3503) وحسنه لغيره محققه الشيخ شعيب الأرنؤوط وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/132) كتاب الحج، باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس.
([49]) انظر: شرح معاني الآثار (2/217) المجموع (8/177).
([50]) ولعل مقصوده بذلك: من ليس له عذر، انظر: الاستذكار (11/261) بداية المجتهد (2/279).
([51]) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/207) وفيه (قبل الفجر) ، وأحمد في مسند بني هاشم (2935) وهو حديث ضعيف الإسناد ثم هو مخالف لما صح من طرق عن ابن عباس؛ أن رسول الله r أمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس. انظر: مسند الإمام أحمد وتعليق المحققين عليه (5/100) وسيأتي بإذن الله تخريج هذه الطريق في أدلة القول الثالث (109).
([52]) انظر: الاستذكار (11/263).
([53]) انظر: تعليق محققي مسند الإمام أحمد (5/100) وانظر ما سيأتي من هذا البحث (109) وما بعدها.
([54]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([55]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([56]) انظر فتح الباري (3/616، 617).
([57]) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث (93).
([58]) أورده الإمام ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (2/249، 250) ، وعزاه للخلال بسنده، قال: أنبأنا علي بن حرب حدثنا هارون بن عمران عن سليمان بن أبي داود، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أخبرتني أم سلمة، فساقه، ثم ضعفه بسليمان بن داود الخوليان. قال ابن حبان: "سليمان بن داود الخولاني من أهل دمشق، ثقة مأمون، وقد أثنى على سليمان هذا: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد وجماعة من الحفاظ. وقال الحافظ ابن حجر: "أما سليمان بن داود الخولاني فلا ريب في أنه صدوق" انظر: تهذيب التهذيب (2/93).
وقال الشنقيطي في أضواء البيان (5/277، 278) ولا شك أن هذه الرواية عن أم سلمة تقوى الرواية الأولى عن عائشة.. وسليمان المذكور، وثقه، وأثنى عليه غير واحد.. وبذلك كله يعلم أن روايته لا تقل عن أن تكون عاضدًا لغيرها. اهـ.
([59]) انظر: أضواء البيان (5/277، 278) الاستذكار (11/260، 263، 264) البيان (4/331) المغني (5/295).
([60]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([61]) سنن أبي داود (284) كتاب المناسك باب التعجيل من جمع (1943) وصحح هذه الرواية الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/546) (1943).
([62]) انظر: الاستذكار (11/264) فتح الباري (3/ 617) بداية المجتهد (2/280 المغني (5/295).
([63]) انظر: البيان (4/331) المغني (5/295).
([64]) انظر: سنن البيهقي ومعها الجوهر النقي (5/132، 133) زاد المعاد (2/249) إرواء الغليل (4/278، 279) (1077) ضعيف سنن أبي داود (152) (1942)
والعجيب أن ابن القيم رحمه الله صححه في زاد المعاد بعد ذلك (2/284)
فلعله وهم أو تغير اجتهاده وثبتت لديه صحته.
([65]) انظر: زاد المعاد (2/250).
([66]) انظر: شرح السنة (4/104) نيل الأوطار (5/79، 82).
([67]) سيأتي تخريجه .
([68]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([69]) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([70]) أُبَيْنِيَّ: اسم مفرد يدل على الجمع، وهو تصغير أبني، كأعمى وأعيمى وقيل: هو تصغير بني، جمع ابن مضافاً إلى النفس.
وقيل: هو تصغير بني؛ جمع ابن مضافًا إلى النفس
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/21) (أبَنَ).
([71]) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح (3/240) كتاب الحج باب ما جاء في تقديم الضعفة من جمع بليل (893) وأبو داود في السنن (284) كتاب المناسك باب التعجيل من جمع (1940) وابن ماجة في السنن (438) كتاب المناسك، باب من تقدم من جمع إلى منى لرمي الجمار (3025) وأحمد في مسند بني هاشم، (2082) وصححه محققو مسند الإمام أحمد (3/504) وصححه الترمذي في الجامع الصحيح (3/240) والنووي في المجموع (8/177) وابن حجر في فتح الباري (3/617) وابن قيم الجوزية في زاد المعاد (2/251) والشوكاني في نيل الأوطار (5/81، 82) والشنقيطي في أضواء ا لبيان (5/278) والألباني في صحيح سنن أبي داود (1/545، 546) (1940، 1941), وأصله في الصحيحين من غير النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس انظر (92) من هذا البحث.
([72]) انظر: أضواء البيان (5/278) ، الاستذكار (11/262) ، المغني (5/294).
([73]) الجامع الصحيح (3/240).
([74]) انظر: كتاب الحج من الحاوي الكبير (2/722) المجموع (8/177).
([75]) انظر: أضواء البيان (5/280) البيان (4/330) المغني (5/295).
([76]) انظر: تخريجه وكلام أهل العلم عليه فيما سبق.
([77]) انظر: تخريجه وكلام أهل العلم عليه فيما سبق.
([78]) انظر: تخريجه وكلام أهل العلم عليه فيما سبق.
([79]) انظر: تخريجه وكلام أهل العلم عليه فيما سبق.
([80]) انظر: أضواء البيان (5/279، 280) الاستذكار (11/264) فتح الباري (3/617) بداية المجتهد (2/280) البيان (4/331) المغنى (5/295) زاد المعاد (2/252).
([81])انظر: أضواء البيان (5/279، 280) زاد المعاد (2/252) .
([82])انظر: تخريجه فيما سبق .
([83])انظر: تخريجه فيما سبق .
وانظر: أضواء البيان (5/278) الجامع الصحيح (3/240) الاستذكار (11/262) المغني (5/294).
([84])انظر: تخريجه والحكم عليه فيما سبق.
([85])انظر: أضواء  البيان (5/279، 280) زاد المعاد (2/252).
([86]) انظر: أضواء البيان (5/280).
([87]) زاد المعاد (2/252).
([88]) أضواء البيان (5/279، 280).
([89]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/347) الإجماع (23) البيان (4/354) المجموع (8/196-198) المغني (5/311) .
([90]) تفسير القرآن العظيم (5/418).
([91]) انظر: البيان (4/345) المغني (5/312، 313).
([92]) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([93]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/347) المسالك في المناسك (1/592) البيان (4/345) المغني (5/312).
([94]) أقوالاً وأدلة؛ كما ذكر ذلك جمع من أهل العلم منهم: العمراني في البيان (4/345) وابن قدامة في المغني (5/313).
([95]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/347) البيان (4/345، 346) المغني (5/313).
([96]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث .
([97]) انظر: هذه الأدلة وبيان القول الراجح في المسألة فيما سبق من هذا البحث .
([98]) انظر: البحر الرائق (2/247، 330) رد المحتار (2/518) مواهب الجليل (2/829 أسهل المدارك (1/292).
([99]) انظر: ما سبق من هذا البحث .
([100]) انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث ، وانظر: أضواء البيان (5/279، 280) زاد المعاد (2/252).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire