el bassaire

samedi 28 décembre 2013

فصل في النشوز



فصل في النشوز
وهو معصية الزوجة زوجها فيما يجب عليها مأخوذ من النشز وهو ما ارتفع من الأرض فأكنها ارتفعت وتعالت عما فرض الله عليها من المعاشرة بالمعروف.

قال تعالى: }وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ{ لما ذكر تعالى الصالحات القانتات يعني المطيعات أزواجهن الحافظات للغيب في غيبة زوجها في نفسها وماله بين حكم اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن أي يرتفعن ويتعالين عليهم فالناشز هي المرتفعة على زوجها التاركة لأمره المعرضة عنه قال تعالى }فَعِظُوهُنَّ{ أي متى ظهر منها إمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه ويذكرها ما أوجب الله عليها من الحق والطاعة وما يلحقها من الإثم بالمخافة. فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والوعظ بالقول.
}وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ{ إن لم ينزعن عن ذلك بالقول وعصين بعد وعظهن ويليها ظهره في الفراش ولا يكلمها وقال بعضهم لا يضاجعها وللبيهقي يعني النكاح ما شاء حتى تنزع فلم يقدر بمدة وفي الكلام ثلاثة أيام فإن أصررن بعد الهجر المذكور فقال تعالى: }وَاضْرِبُوهُنَّ{ أي إن لم ينزعن مع الهجران فاضربوهن والمراد ضربًا غير مبرح للخبر والضرب المبرح هو الشاق الذي لا تحمله النفس فبدأ تعالى بالموعظة فإن لم ترتدع فبالهجر فإن لم ترتدع فبالضرب. قال الوزير اتفقوا على أنه يجوز للزوج أن يضرب زوجته إذا نشزت بعد أن يعظها ويهجرها في المضجخ ويجتنب الوجه والمواضع المخوفة. وله تأديبها على ترك الفرائض. قال الشيخ وتهجر زوجها في المضجع لحق الله بدليل قصة الذين خلفوا.
}فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ{ أي إذا أطاعت زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله له منها }فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا{ أي لا سبيل له عليها بعد إتيانها لما يريده منها لا ضربها ولا هجرانها }إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا{ أي متعاليًا من أن يكلف العباد ما لا يطيقونه }كَبِيرًا{ لا أكبر منه ولا أعظم انتقامًا منه لمن ظلم.
وقال تعالى: }وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ{ أي علمت }مِنْ بَعْلِهَا{ أي زوجها }نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا{ أي بغضًا ونفورًا عنها }فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا{ أي لا حرج على الزوج ولا المرأة }أَنْ يُصْلِحَا{ أي يتصالحا. وقرأ أهل الكوفة أن يصلحا من الصلاح }بَيْنَهُمَا صُلْحًا{ يعني في القسم والنفقة وغير ذلك، وذلك بأن تسقط عنه حقها أو بعضها من قسم أو نفقة أو كسوة ومبيت وغير ذلك من حقوقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها فلا حرج عليها في بذلها ذلك له، ولا حرج عليه في قبوله منها.
قيل: نزلت في سودة لما عزم رسول الله صلى الله عليه و سلم على فراقها صالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة، فقبل ذلك منها، وقيل في امرأة لها من زوجها أولاد فقالت: لا تطلقني ودعني أقوم على أولادي واقسم لي من كل شهرين إن شئت، وإن شئت فلا تقسم لي، وقال البغوي: هو أن يقول الزوج لها إنك قد دخلت في السن وإني أريد أن أتزوج شابة أوثرها عليك، فإن رضيت بهذا فأقيمي وإلا خليت سبيلك، فإن رضيت كانت هي المحسنة ولا تجبر على ذلك، وإن لم ترض كان عليه أن يعرفها حقها أو يسرحها.
ثم قال تعالى: }وَالصُّلْحُ خَيْرٌ{ أي من الفراق فإن إقامتها بعد تخييره إياها والمصالحة على ترك بعض حقها من القسم والنفقة خير من المفارقة بالكلية بل أبغض الحلال إلى الله الطلاق (وأحضرت الأنفس الشح) أي شح كل واحد من الزوجين بنصببه من الآخر (وإن تحسنوا) أي تصلحوا (وتتقوا) الجور، أو خطاب مع الأزواج بأن يحسنوا بالإقامة معها على الكراهية (وتتقوا) ظلمها (فإن الله) سبحانه (كان بما تعملون خيبرا) فيجزيكم بأعمالكم.
(وقال) تعالى: }وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا{ أي الزوجين، وقد تقدم في الآية الأولى ذكر نفور الزوجة، وفي الآية الثانية ذكر نفور الزوج، وفي هذه الآية إذا وقع بينهما الشقاق واشتبه حالهما الزوجة لم تؤد الحق عليها ولم تقتنع والزوج لم يصفح ولم يفارق وخرجا إلى ما لا يحل قولاً وفعلاً وتفاقم أمرهما وطالت خصومتها، والخوف هنا بمعنى اليقين أي ظهر الشقاق بينهما }فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ{ إليه }وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا{ إليها رجلين عدلين ليستطلع كل واحد من الحكمين رأي من بعث إليه إن كان رغبته في الصلح أو الفرقة ثم يجتمعان فينظران في أمرهما ويفعلان ما فيه المصلحة مما يريانه من التوفيق أو التفريق.

ولهذا قال تعالى: }إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا{ يعني الحكمين فعليهما أن ينويا الإصلاح، وأن يطلفا القول وينصحا ويرغبا، ويخوفا ولا يخصان بذلك أحدهما دون الآخر (يوفق الله بينهما) يعني بين الزوجين. والتوفيق أن يخرج كل واحد منهما من الوزر، وذلك تارة يكون بصلاح حالهما في الوصلة، وتارة بالفراق (إن الله كان عليمًا) بما يصلح لهما (خبيراً) بأحوالهما وما انطويا عليه.

وقال الوزير اتفقوا على أنه إذا وقع الشقاق بين الزوجين وخيف عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان أن يبعث الحاكم حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، وقال الشيخ دلت الآية على وجوب كونهما من الأهل، واشترطه الخرقي، كما اشترط الأمانة وهذا أصح، فإنه نص القرآن، ولأن الأقارب أخبر بالعلل
الباطنة وأقرب إلى الأمانة والنظر في المصلحة فإنه نظر في الجمع والتوفيق، وهو أولى من ولاية عقد النكاح، لا سيما إن جعلناها حكمين، كما هو الصواب فهو نص القرآن اهـ
وأجمعوا على أن الحكمين إذا اختلف قولهما فلا عبرة بقول الآخر، وعلى أن قولهما نافذ في الجمع، وإن لم يوكلهما الزوجان والجمهور على أن قولهما نافذ في التفرقة بينهما إذا رأياه من غير توكيل، وأنهما إن رأيا الأصلح الطلاق بعوض أو بغير عوض جاز، وإن رأيا الخلع جاز، وإن رأى الذي من جهة الزوج الطلاق طلق، ولا يحتاج إلى إذن الزوج.
قال الوزير بناء على أنهما حكمان، وهو الصحيح عندي. لأن الله سماهما ذلك فقال: }فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا{ فسماهما حكمين في نص القرآن.
(وفي حديث حكيم) بن معاوية القشيري عن أبيه قال يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ وفيه قال: (ولا تقبح) أي لا تقل لامرأتك قبحك الله (ولا تهجر) أي لا تترك امرأتك (إلا في البيت) لا تحول عنها إلى دار أخرى أو تحولها إليها بل إذا أردت منها أمرًا فهجرها في البيت.
وفي الآية الشريفة }وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ{ (رواه أبو داود) ورواه أحمد وابن ماجه وغيرهم وصححه ابن حبان والحاكم وفيه "ولا تضرب الوجه" فيجتنب الوجه والمواضع ا لمستحسنة لئلا يشوها، والأولى ترك ضربها إبقاء للمودة.

 (وعن عمرو بن الأحوص) من بني جشم بن سعد شهد حجة الوداع واليرموك زمن عمر رضي الله عنهما (مرفوعًا: إن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم) ما يفرش من متاع البيت من بساط ونحوه (أحدًا تكرهونه) ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، فلا تأذن في بيته إلا بإذنه كما رواه مسلم من حديث أبي هريرة، وإن علمت رضاه بذلك فلا حرج عليها، كمن جرت عادته بإدخال الضيوف موضعًا معدا لهم.
سواء كان حاضرًا أو غائبًا فلا يفتقر ذلك إلى إذن الزوج (فإن فعلن) أي أوطأنها من تكرهونه «فاضربوهن ضربًا غير مبرح» أي غير شديد لا تحتمله النفوس (رواه مسلم) ورواه أهل السنن وغيرهم.
فدل الحديث على أن له أن يضربها ضربًا غير شديد تأديبًا لها إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل، لما في الوقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله، وللنسائي عن عائشة: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة له ولا خادمًا قط، ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا في سبيل الله، أو تنتهك محارم الله فينتقم لله.
(وعن عبد الله بن زمعة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد» وتمامه (ثم يجامعها) وفي رواية ولعله أن يضاجعها (رواه البخاري) ورواه مسلم وغيره وفيه دليل على جواز ضرب المرأة ضربًا خفيفا.
ولأبي داود "ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك" وللبخاري "ضرب الفحل أو العبد" وكلها دالة على جواز الضرب إلا أنه لا يبلغ ضرب الحيوانات والمماليك وتقدم قوله تعالى: }وَاضْرِبُوهُنَّ{ بعد أن ذكر الموعظة والهجر، وفيه دليل على جواز ضرب غير الزوجات فيما ذكر ضربًا شديدًا، ولا ريب أن عدم الضرب والاغتفار والسماحة أشرف كما هو خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم ولعل علة النهي أن ضرب من يجامعها لا يستحسن لأن الجماع والمضاجعة إنما تليق مع ميل النفس والرغبة في العشرة والمجلود غالبًا ينفر عمن جلده، بخلاف التأديب المستحسن فإنه لا ينفر الطباع.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire