el bassaire

samedi 28 décembre 2013

باب الرجعة



باب الرجعة
الرجعة إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد نكاح، بشرط الدخول والخلوة بها، وكون الطلاق عن نكاح صحيح، وكونه دون ما يملك، وكونه بلا عوض، فإن فقد بعضها لم تصح.
(قالت تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ{ خاطبه الله تشريفًا له، ثم خاطب الأمة تبعًا فقال: }إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ{ أي إذا أردتم تطلقهن }فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ{ أي لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن، وفي قراءة (في قبل عدتهن) وتقدم أمره ابن عمر لما طلق امرأته حائضًا أن يراجعها، فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك، وقرأ }إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ{ فلا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه }وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ{ أي احفظوها واعرفوا ابتدائها وانتهاءها، لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج.
 }وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ{ أي في ذلك ثم قال }لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ{ أي في مدة العدة لها حق السكنى والنفقة على الزوج ما دامت مقيدة منه، فليس للرجل أن يخرجها، ولها النفقة والكسوة فهي زوجة يملك منها ما يملكه ممن لم يطلقها، إلا أنه لا قسم لها (ولا يخرجن) أي لا يجوز لهن أن يخرجن من بيوتهن ما لم تنقض العدة، فإن خرجت لغير ضرورة أو حاجة أثمت }إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ{ أي إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة فتخرج من المنزل، والفاحشة تشمل الزنى والنشوز والبذاء على أهل بيت الرجل، فيحل إخراجها (وتلك حدود الله) يعني ما ذكر من سنة الطلاق وما بعده إلى قوله }فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ{ أي إذا بلغت المعتدات أجلهن أي شارفن على انقضاء العدة وقاربن ذلك، ولم تفرغ العدة بالكلية.
}فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ{ أي راجعوهن بمعروف محسنين إليهن في صحبتهن وذلك قوله: }لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا{ يعني الرجعة }أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ{ أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهن، فيبن منكم من غير مقابحة ولا مشاتمة }وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ{ أي على الرجعة إذا عزمتم عليها وعلى الطلاق، أمر منه تعالى بالإشهاد حتى قيل بوجوبه وجعله بعضهم شرطًا، فتبطل إن أوصى الشهود بكتمانه، قال الشيخ ولا تصح الرجعة مع الكتمان بحال، وقال أحمد: يفرق بينهما ولا رجعة له عليها، فيلزم إعلان الرجعة والإشهاد كالنكاح
والجمهور أنه سنة لأن الرجعة لا تفتقر إلى قبول ولا إلى ولي ولا صداق ولا رضي المرأة ولا علمها، وأجمعوا على مشروعيته، قال تعالى:
}وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلهِ{ أيها الشهود }ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ{ أي هذا الذي أمرناكم به إنما يأتمر به من يؤمن بالله واليوم الآخر، وأنه شرعه }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا *{ .
(وقال) تعالى: }وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ{ أي تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء ثم تتزوج إن شاءت، واستثنى أهل العلم الأمة لأنها على النصف من الحرة فتمكث قرءين }وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ{ أي لا يحل للمطلقات كتمان }مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ{ من حيض أو حمل وهو يريد أن يراجعها لتبطل حق الزوج من الرجعة والولد، وجعلها تعالى مؤتمنة على ذلك، ما لم تأت من ذلك ما يعرف به كذبها.
قال تعالى: }إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ{ تهديد لهن على خلاف الحق، وفيها أن المرجع إليهن في ذلك لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتهن، ويتعذر إقامة البينة عليه غالبًا، فرد الأمر إليهن وتعودهن فيه، لئلا يخبرن بغير الحق، إما استعجالا لانقضاء العدة أو رغبة في بطئها.
}وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ{ أي أولى برجعتهن في حال العدة بوطئها مع نية الرجعة، أو بلفظ راجعت امرأتي ونحوه، ما لم يغتسل من الحيضة الثالثة، وإن ادعت انقضاء عدتها في زمن يمكن انقضاؤها فيه أو بوضع الحمل الممكن وأنكره فقولها، وإلا فلا بد من بينة }إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا{ أي إن كان مرادهم بردها الإصلاح والخير، قال الشيخ: لا يمكن من الرجعة إلا من أراد إصلاحًا وإمساكًا بمعروف، وهذا في الرجعيات، وأما من طلق في نكاح فاسد أو خالع بعوض أو طلق قبل الدخول والخلوة فلا.
ونفى تعالى الإضرار عما كانوا يفعلونه في الجاهية من تطويل العدة، وذكر تعالى ما لهن وما عليهن بالمعروف وتقدم (إلى قوله: }الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ{ أي إذا راجعها فعليه أن يمسكها بالمعروف، والمعروف كل ما يعرف في الشرع من أداء حقوق النكاح وحسن الصحبة }أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ{ أي فيتركها حتى تنقضي عدتها وقبل الطلقة الثالثة فتبين منه ويطلق سراحها محسنًا إليها، لا يظلمها من حقها شيئًا ولا يضار بها، كما كانوا يفعلونه في الجاهلية يطلق أحدهم ثم يراجع لا يؤويها ولا يفارقها.
ثم قال: }فَإِنْ طَلَّقَهَا{ أي إن طلق الرجل زوجته طلقة ثالثة بعدما أرسل عليها الطلاق مرتين }فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ{ أي من بعد الثلاث بل تحرم عليه }حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ{ أي حتى يطأها زوج آخر في نكاح صحيح، قال العلماء كل موضع في القرآن ذكر فيه النكاح فالمراد به العقد، إلا هذه الآية، فالمراد به الوطء، واتفقوا على أنه شرط في جواز عودها إلى الأول، وأنه إنما يقع الحل في الوطء في النكاح الصحيح، وأنه إن كان الوطء في النكاح الفاسد فاتفقوا كلهم على أن الإباحة لا تحصل به، لأن النكاح الفاسد لا اثر له في الشرع، فلا يدخل في قوله تعالى }حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ{ .
وقال الشيخ النكاح الذي يبيحها له الذي يقران عليه بعد الإسلام، والمجيء به إلينا للحكم صحيحًا، فعلى هذا يحلها النكاح بلا ولي ولا شهود، وكذا لو تزوجها على أختها ثم ماتت الأخت قبل مفارقتها فأما لو تزوجها في عدة أو على أختها ثم طلقها مع قيام المفسد فموضع نظر، فإن هذا النكاح لا يثبت به التوارث، ولا نحكم فيه بشيء من أحكام النكاح فينبغي أن لا تحل له اهـ وإن وطئ في حال الحيض أو الإحرام وقع الحل عند الجمهور أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم }وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ{ أي هذه أوامر الله ونواهيه، وحدود الله ما منع الشرع من مجاوزته }فَلَا تَعْتَدُوهَا{ أي فلا تجاوزها }وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *{ .
وحكى ابن المنذر وغيره إجماع أهل العلم على أن الحر إذا طلق دون الثلاث والعبد دون اثنتين أن لهما الرجعة في العدة وحكاه الوزير وغيره اتفاق أهل العلم، وأنه إذا طلق الحر زوجته ثلاثًا لم تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وإذا طلق العبد اثنتين فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، ومن ادعت مطلقته ثلاثًا نكاح من أحلها وانقضاء عدتها منه وأمكن قبل، وإن لم يمكن فقال شيخ الإسلام: من كان لها زوج وادعت أنه طلقها لم تتزوج بمجرد دعواها باتفاق المسلمين.
(وعن عمر) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم طلق حفصة) هي بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين رضي الله عنهما روي أنه لما بلغ عمر هذا الخبر اهتم له، فأوحي إلى النبي صلى الله عليه و سلم راجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة (ثم راجعها) صلى الله عليه و سلم (رواه أبو داود) ورواه النسائي وابن ماجه وغيرهم، فدل الحديث على مشروعية الرجعية (وتقدم) قريبًا في موضعين حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه لما طلق امرأته وهي حائض قال النبي صلى الله عليه و سلم لعمر (مره فليراجعها) فدل على مشروعية المراجعة إذا طلق الرجل امرأته حائضًا حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر "ثم ليطلقها إن شاء طاهرًا أو حاملاً أو يمسكها".
(وعن عائشة أن امرأة رفاعة) القرظي سمتها امرأة باعتبار ما كان أولاً أو لاشتهارها بها وروي أنها تميمة بنت وهب (وكان طلقها آخر ثلاث تطليقات) وللترمذي وغيره، طلقني فبت طلاقي، يعني جزم البتة ولم يبق من الثلاث شيئًا وتقدم أنها تحرم عليه حتى تنكح زوجًا غيره (فتزوجت بابن الزبير) بفتح الزاي بن باطيًا القرظي (قالت والله يا رسول الله ما معه إلا مثل  هدبة الثوب) بفتح الهاء وضمها وسكون المهملة طرف الثوب الذي لم ينسج منه، أرادت أن ذكره يشبه الهدبة في الاسترخاء وعدم الانتشار.
(قال: تريدين أن ترجعي إلى رفاعة) القرظي (لا) أي لا ترجعين إليه «حتى تذوقي» يعني المرأة المطلقة ثلاثًا «عسيلته» بالتصغير أي لذة جماع الزوج الثاني «ويذوق عسيلتك» أي لذة جماعها (متفق عليه) وهو حديث مشهور وقع الإجماع عليه.
قال أهل العلم ذو العسيلة كناية عن الجماع، وهو تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة، والعرب تسمي كل شيء تستلذه عسلاً، ولأحمد والنسائي وغيرهما عن عائشة مرفوعًا «العسيلة هي الجماع» وعن ابن عمر: سئل نبي الله صلى الله عليه و سلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا ويتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل للأول؟ قال: «لا حتى يذوق عسيلته» رواه أحمد والنسائي، وقال: قال: «لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر».
وفيه أحاديث أخر نحو هذا، وهو مذهب جمهور العلماء وقالوا يكفي ما يوجب الحد، ويحصن الشخص ويوجب كمال الصداق، ويفسد الحج والصوم، فدل الحديث وما في معناه أنه لا بد فيمن طلقها زوجها ثلاثًا ثم تزوجها زوج آخر من الوطء في الفرج، فلا تحل للأول إلا بعده، قال ابن المنذر وغيره أجمع العلماء على اشتراط الجماع لتحل للأول إلا سعيد بن المسيب ولم يوافقه إلا طائفة من الخوارج، ولعله لم يبلغه الحديث، واشترطوا أن لا يكون في ذلك مخادعة من الزوج الثاني ولا إرادة تحليل للأول.
ومن طلق دون ما يملك ثم راجع لم يملك من الطلاق أكثر مما بقي له إجماعًا، ولو وطئها زوج غيره، لأنه غير محتاج إليه في الإحلال فلم يغير حكم الطلاق.
(وسئل عمران بن حصين) رضي الله عنه (عن الرجل يطلق ثم يراجع) أي يطلق امرأته ثم يقع بها، أي يجامعها للرجعة، هذا لفظه (ولا يشهد) أي على رجعتها (فقال: طلقت) أي امرأتك (لغير سنة) أي إشهاد (وراجعت لغير سنة) أي إشهاد (أشهد على طلاقها ورجعتها) ولا تعد (رواه أبو داود) ورواه ابن ماجه وغيرهما ولم يقل ولا تعد.
ورواه البيهقي والطبراني وزاد واستغفر الله، وسنده صحيح، واستدل به بعضهم على وجوب الإشهاد على الرجعة، والجمهور أنه مستحب لوقوع الإجماع على عدم وجوبه في الطلاق، والرجعة قرينته، فلا يجب فيها كما لا يجب فيه، إلا أنه يتأكد في الرجعة للآية وهذا الخبر وغير ذلك وخروجًا من الخلاف.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire