el bassaire

samedi 28 décembre 2013

باب الإيلاء



باب الإيلاء

الإيلاء لغة الحلف، وشرعًا الامتناع باليمين من وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر، بشرط أن يكون ممن يمكنه الوطء، وأن يحلف بالله، أو صفة من صفاته، وأن يكون على ترك الوطء في القبل، وأن يحلف على أكثر من أربعة أشهر وأن تكون ممن يمكن وطؤها، وهو محرم في ظاهر كلام الأصحاب لأنه يمين على ترك واجب.
(قال تعالى: }لِلَّذِينَ{ أي للأزواج الذين }يُؤْلُونَ{ أي يحلفون والألية اليمين }مِنْ نِسَائِهِمْ{ أي يحلف أحدهم على ترك وطء زوجته مدة تزيد على أربعة أشهر }تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ{ أي إن حلف أن لا يجامع زوجته أكثر من أربعة أشهر فلا يتعرض له قبل مضيها، وبعد مضيها يوقف ويؤمر بالفيء أو الطلاق بعد مطالبة المرأة، وهذه الآية نزلت لإبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من إطالة مدة الإيلاء، فإنه كان الرجل يولي من امرأته السنة والسنتين، فأبطل الله ذلك، وانظر المولي أربعة أشهر فإما أن يفيء وإما أن يطلق.
قال تعالى: }فَإِنْ فَاءُوا{ أي رجعوا عن اليمين بالوطء }فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ عما جناه من التقصير في حقهن بسبب اليمين، فهو محظور وعليه كفارة يمين عند الجمهور، وإن كان يمينه أقل من أربعة أشهر فله أن ينتظر انقضاء المدة، ثم يجامع، وعليها أن تصبر وليس لها مطالبتها بالفيئة في هذه المدة، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه r «آلى من نسائه شهرًا فنزل لتسع وعشرين» وهو مذهب الجمهور }وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ{ أي فإن حلف لا يجامع زوجته أكثر من أربعة أشهر ولم يفيء بل عزم وحقق إيقاع الطلاق وقع، فإنه بعد مضي الأربعة يوقف إما أن يفيء وإما أن يطلق، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور المتأخرين، وأنه لا يقع عليها الطلاق، بمجرد مضي الأربعة قال تعالى: }فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ لقولهم }عَلِيمٌ{ بنياتهم، وفيه أنها لا تطلق إلا بقول يسمع.
فدلت الآية: على أن من آلى من زوجته أكثر من أربعة فإن فاء وإلا طلق، وقال الوزير وغيره، اتفقوا على أنه إذا حلف بالله أن لا يجامع زوجته أكثر من أربعة أشهر كان موليًا فإن حلف أن لا يقربها أقل من أربعة أشهر لم يتعلق به أحكام الإيلاء، وإذا حلف أن لا يقربها أربعة أشهر فقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه لا يكون موليًا، يعني لا يوقف إلا بعد مضي الأربعة.
(وعن عائشة) رضي الله عنها (قالت آلى) أي حلف (رسول الله r) على ترك وطء نسائه شهرًا واعتزلهن، فلذا قالت آلى (من نسائه وحرم) أي حرم مارية أو شرب العسل، وهو في الصحيحين (فجعل الحرام حلالاً) لأن كل حلال حرم لم يحرم، وعن ابن عباس أقسم أن لا يدخل عليهن شهرًا (وجعل في اليمين الكفارة) وهي كفارة اليمين لما تقدم من الآية (رواه  الترمذي) ورجح إرساله، وقال الحافظ رجاله ثقات.

وتقدم أنه حرم مارية أو العسل، وقال: "ما حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يمين" وتقدم أن الإيلاء: هو الحلف بالله، أو صفة من صفاته، فلا إيلاء بحلف بنذر أو عتق أو طلاق ونحوه، ولا بحلف على ترك وطء سريته ونحو رتقاء، ويصح من كل من يصح طلاقه من مسلم وكافر وقن وبالغ ومميز وممن لم يدخل بها.
(وعن ابن عمر) رضي الله عنهما (قال إذا مضت أربعة أشهر) ممن حلف على مدة تزيد عليها فهو مول (يوقف المولي) أي يطالب بأحد أمرين حتى يفيء أو (حتى يطلق ولا يقع الطلاق حتى يطلق) فلا يقع الطلاق بمضي المدة (رواه البخاري وهذا الحديث كالتفسير للآية التي هي الأصل في حكم الإيلاء (وذكره) أي ذكر البخاري أنه يذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة وأثنى عشر رجلاً فالمعنى (عن بضعة عشر من أصحاب النبي r) والبضعة بكسر الباء ما بين الثلاثة إلى التسعة، فذكره عن ستة عشر، وقال سليمان بن يسار أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله r كلهم يقفون المولي، ونحوه عن أبي صالح.
وقال أحمد بن حنبل قال عمر وعثمان وعلي وابن عمر يوقف المولي بعد الأربعة فإما أن يفيء وإما أن يطلق، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وهو ظاهر الآية وإن لم يفيء بوطء  من آلى منها ولم تعفه ولم يطلق أمره الحاكم بالطلاق إن طلبت ذلك منه. ويطلق عليه واحدة أو يفسخ لقيامه مقام المولي عند امتناعه، قال الشيخ: وإن لم يفيء وطلق بعد المدة أو طلق الحاكم عليه لم يقع إلا طلقة رجعية، وهو الذي يدل عليه القرآن ونص عليه أحمد، وإن ادعى بقاء المدة أو أنه وطئها وهي ثيب صدق مع يمينه، وإن كانت بكرًا أو ادعت البكارة وشهدت بذلك امرأة عدل صدقت، وإن ترك وطأها إضرارًا بها بلا يمين ولا عذر فكمول، أو ظاهر ولم يكفر ضرب له أربعة أشهر، فإن فاء وإلا أمر بالطلاق، وإن كان بأحدهما عذر أمر أن يفيء بلسانه ثم متى قدر وطئ أو طلق.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire