el bassaire

samedi 28 décembre 2013

باب الظهار



باب الظهار

أي باب ما يذكر من حكم الظهار وكفارته، وما يتعلق بذلك، والظهار مشتق من الظهر لقول القائل أنت علي كظهر أمي، وخص بالظهر لأنه موضع الركوب، وشبهت الزوجة بذلك لأنها مركب الرجل، ويصح ظهار زوج يصح طلاقه، مسلم أو كافر أو قن من كل زوجة معجلاً ومعلقًا بشرط ومؤقتًا، والأصل في الظهار الكتاب والسنة والإجماع.
(قال تعالى: }الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ{ أي يقول أحدهم لامراته أنت علي كظهر أمي أو مثل أمي وما أشبه ذلك }مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ{ أي ما اللواتي يجعلونهن من زوجاتهم كالأمهات، لسن كأمهاتهم }إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ{ أي ما أمهاتهم }إِلَّا اللائِي وَلَدْنَهُمْ{ أي لا تصير أمه بقوله أنت كأمي ونحو ذلك إنما أمه التي ولدته.
}وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ{ أي المظاهرون من نسائهم }مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا{ أي كلامًا فاحشًا باطلاً لا يعرف في الشرع، بل كذبًا بحتًا وحرامًا محضًا منكرًا من القول في الإنشاء، وزورًا في الخبر أبطله الشارع وجعله منكرًا لأنه يقتضي تحريم ما لم يحرمه الله، وزورًا لأنه يقتضي أن تكون زوجته مثل أمه، وهذا باطل وذكر بعض أهل العلم أنه إذا قال لامرأته أنت علي حرام فهو ظهار.
قال ابن القيم: لما صح عن ابن عباس وابي قلابة وسعيد بن جبير وغيرهم، ومذهب أحمد وغيره، وذلك لأن الله تعالى جعل التشبيه بمن تحرم عليه ظهارًا، فالتصريح منه بالتحريم أولى، وذكر أقوالاً، وقال هذا أقيس الأقوال، ويؤيده أن الله لم يجعل للمكلف التحليل والتحريم بل ذلك إليه تعالى، وإنما جعل له مباشرة الأقوال والأفعال التي يترتب عليها التحليل والتحريم، فإذا قال أنت علي كظهر أمي أو أنت علي حرام فقد قال منكرًا من القول وزورًا، وكذب علي الله فإن الله لم يجعلها عليه كظهر أمه، ولا جعلها عليه حرامًا.
فقد أوجب بهذا القول المنكر والزور أغلظ الكفارتين وهي كفارة الظهار، وقال الموفق: أكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينوبه الظهار فليس بظهار، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي }وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ *{ عفا عنهم وغفر لهم بإيجاب الكفارة عليهم، نزلت هذه الآية في خولة وأوس بن الصامت، وكان الظهار طلاقًا في الجاهلية، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه دخل عليها يومًا فراجعته بشيء فغضب، فقال أنت علي كظهر أمي، ثم أرادها فامتنعت منه، وأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته.
فأنزل الله في حكمها صدر هذه السورة }وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا{ قال أحمد ومالك وغيرهما من السلف هو أن يعود المظاهر إلى الجماع، فيحرم قبل أن يكفر، أو يعزم عليه، فلا تحل له حتى يكفر بما ذكر الله في هذه الآية، وكذا قاله غير واحد من أهل التفسير هو أن يعودوا إلى الجماع الذي قد حرموه على أنفسهم فإن وطئ فيه كفر لظهاره. قال تعالى: }فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ{ أي إعتاق رقبة كاملة مؤمنة كما في الآية الأخرى }مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا{ المراد بالمماسة هنا الجماع فلا يحل للمظاهر وطء امرأته التي ظاهر منها ما لم يكفر، سواء أراد التكفير، بالإعتاق أو لم يجد فكفر بالصيام أو لم يستطع فكفر بالإطعام، وهذا مذهب جمهور العلماء وحكاه الوزير اتفاقًا.
وأنه لا يحرم سوى الوطء في الفرج، قال ابن رشد يحرم عليه الوطء، وقال الجمهور لا يحرم ما عداه، وإن جامع قيل التكفير عصى الله تعالى والكفارة في ذمته ولا يجب عليه كفارة ثانية، ورتب تبارك وتعالى الكفارة فقدم تحرير الرقبة، ولا تلزم إلا من ملكها أو أمكنه ذلك بثمن مثلها فاضلاً عن كفايته ومن يمونه، وما يحتاجه كما في الحج، ولا يجزئ إلا رقبة مؤمنة، كما في كفارة القتل ولما سأل معاوية السلمي رسول الله صلى الله عليه و سلم عن إعتاق جارية عن الرقبة التي عليه لم يستفصل، وقال لها «أين الله» قالت في السماء قال: «من انا» قالت أنت رسول الله، قال: «اعتقها فإنها مؤمنة».
قال الشيخ المراد مطلق الإيمان، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وأن تكون سليمة من عيب يضر بالعمل ضررًا بينًا، وتجب النية في التكفير فلا يجزئ ع تق ولا صوم ولا إطعام إلا بنية }ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ{ أي تزجرون به }وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{ أي بما يصلحكم عليم بأحوالكم }فَمَنْ لَمْ يَجِدْ{ أي الرقبة أو كان له رقبة، إلا أنه محتاج إلى خدمته أو له ثمن رقبة لكن محتاج إليه لنفقته ونفقة عياله. }فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ{ فإن تخلله رمضان أو فطر يجب كعيد وأيام تشريق وحيض ونفاس وجنون ومرض مخوف ونحوه، أو أفطر ناسيًا أو نكرهًا أو أفطر لعذر يبيح الفطر لم ينقطع التتابع، لأنه فطر لسبب لا يتعلق باختياره.
وإن أصاب المظاهر منها ليلاً أو نهارًا انقطع التتابع، هذا مذهب الجمهور أبي حنيفة، ومالك وأحمد، وقال الشافعي، إن وطئ نهارًا، وصحح الوزير أن الوطء في هذه المدة عمدًا سواء كان ليلاً أو نهارًا يوجب الاستئناف بنص القرآن وهو قوله تعالى }فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ{ وعن أحمد إن وطئ ناسيًا لا يفطر ولا ينقطع التتابع وهو قول الشافعي وابن المنذر وظاهر اختيار الشيخ لأنه فعل المحظور ناسيًا أشبه ما لو أكل ناسيًا }مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا{ أي يجامعها وظاهر الآية وكذا الأحاديث أن حكم العبد حكم الحر في ذلك، وحكي الإجماع على أنه إذا ظاهر لزمه وأن كفارته بالصيام شهران، وقال مالك إن أذن له سيده بالإطعام أجزأ.
}فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ{ الصوم لمرض أو فرط شهوة لا يصبر عن الجماع (فـ) يجب عليه }فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا{ ويجزئه إجماعًا لكل مسكين مدبر أو نصف صاع من غيره عند الجمهور لكل واحد ممن يجوز دفع الزكاة إليه لحاجتهم، واقتصر ابن القيم على الفقراء والمساكين لنص القرآن، واختار الشيخ، أن ما يُخرج في الكفارة المطلقة غير مقدر بالشرع بل العرف قدرًا أو نوعًا من غير تقدير ولا تمليك، وهو قياس مذهب أحمد في الزوجة والأقارب والمماليك والضيف والأجير والمستأجر بطعامه إن كان يطعم أهله بإدام وإلا فلا، وعادة الناس تختلف في ذلك في الرخص والغلاء واليسار والإعسار، وتختلف بالشتاء والصيف اهـ.
فكفارة الظهار على الترتيب وهو إجماع، فلو أعسر موسر قبل التكفير لم يجزئه صوم وتبقى الرقبة في ذمته، ولو أيسر معسر لم يلزمه عتق ويجزئه، فلو شرع في الصيام ثم وجد الرقبة فمذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد لا يلزمه الخروج منه والعتق، وقال مالك إن كان قد مضى فيه }ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا{ أي لتصدقوا }بِاللهِ وَرَسُولِهِ{ في قبول ما أتى به الرسول صلى الله عليه و سلم من الله عز وجل }وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ{ يعني ما وصف لكم محارمه فلا تعتدوها والكفارات في لظهار فلا تتركوها فدلت الآية على وجوب الكفارة إن وطئ قبل فراغ المدة، وأنه يلزم إخراجها قبله عند العزم عليه، ولا تثبت في الذمة إلا بالوطء، ولا تجب قبله، وإنما يؤمر بها من أراده ليستحله.
(وعن خولة) بنت مالك بن ثعلبة رضي الله عنها (قالت ظاهر مني) زوجي (أوس) بن الصامت (فجئت رسول الله صلى الله عليه و سلم أشكو إليه ويجادلني) فيه ويقول: «اتقي الله فإنه ابن عمك» فما برحت حتى نزل القرآن وكان الظهار في الجاهلية طلاقًا فحلفت لرسول الله صلى الله عليه و سلم أنه ما ذكر طلاقًا، «فقال حرمت عليه» فقالت: أشكو إلى الله، وجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه و سلم وترفع رأسها إلى السماء. وتشكو إلى الله ما نزل بها. وأبي صبيتها وفي بعض أخبارها تقول أشكو فاقتي وشدة حالي وأن لي صبية صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوًا وإن ضممتهم إلي جاعوا، وجعلت ترفع رأسها وتقول. اللهم إني أشكو إليك (حتى نزلت) }قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا{ أي تخاصمك وتحاورك وتراجعك في شأنه، وما نزل به }وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا{ مراجعتكما الكلام }إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ{ لما تناجيه }بَصِيرٌ{ بمن يشكو إليه.
قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها إن المرأة لتحاور رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها ويخفي علي بعضه وهي تشتكي إلى الله وتقول: أكل مالي وافنى شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، حتى أنزل الله }قَدْ سَمِعَ اللهُ{ الآيات (قال يعتق رقبة) وفي رواية «يحرر رقبة» (قلت لا يجد) أي ما يعتق به رقبة (قال فيصوم شهرين متتابعين) ففيه وجوب التتابع في الصيام (قلت إنه شيخ كبير) أي لا يطيق الصيام فسرت ذلك بقولها (ما به من صيام) أي ليس فيه قوة على الصيام.
(قال: }فيطعم ستين مسكينًا{ كفارة لظهاره (قلت ما عنده من شيء) أي يطعم به ستين مسكينًا (فأتي) يعني النبي صلى الله عليه و سلم (بعرق) بفتحتين هو السفيفة المنسوجة من الخوص أو الزنبير، ويقال له المكتل يسع نحوًا من خمسة عشر صاعًا، كما جاء عن أبي سلمة وصححه الترمذي وعن سليمان بن يسار وغيرهما وهو مذهب أحمد وغيره، والمشهور عرفًا، فيكون لكل مسكين مد.
(فقلت سأعينه بآخر) قال قد أحسنت أي في تلك الإعانة (قال فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا) كفارة لظهاره (وارجعي إلى ابن عملك رواه أبو داود) وأحمد والترمذي وحسنه وصححه الحاكم وتكلم فيه بعضهم، ولأبي داود عن عروة أن جميلة كانت تحت أوس وكان به لمم فإذا اشتد لممه ظاهر من امرأته فنزلت الآية وله عن عائشة نحوه.
(وعن سلمة بن صخر) البياضي وبنو بياضة بطن من بني زريق من ولد جشم بن الخزرج الأنصاري رضي الله عنه (قال دخل رمضان) قال: وكنت امرءًا أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، كناية عن كثرة شهوته (فخشيت أن أصيب امرأتي) وقال يتابع بي حتى أصبح، أي يلازمين ملازمة الشر، والتتابع الوقوع في الشر من غير فكر (فظاهرت منها) أي قال هي كظهر أمي حتى ينسلخ شهر رمضان، ففيه أن الظهار المؤقت كالمطلق، وإن كان دون أربعة أشهر له حكمه إذا أصابها قبل انقضاء المدة.
(فانكشف لي شيء منها) وفي لفظ فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء (فوقعت عليها) أي جامعها وفيه فما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر، وقلت امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا: لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن، أو يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم فيا مقالة يبقى فينا عارهًا، ولكن اذهب أنت، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال: «أنت بذاك أنت بذاك» ثلاثًا، ثم قلت نعم ها أنا فأمض في حكم الله فأنا صابر له (فقال) رسول الله صلى الله عليه و سلم «حرر رقبة» وفي لفظ «اعتق رقبة» ظاهره صغيرًا كان أو كبيرًا ذكرًا أو أنثى إلا ما يمنع دليل الإجماع منه.
 (فقلت) والذي بعثك بالحق (ما أملك إلا رقبتي) ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي بيدي (قال: فصم شهرين متتابعين قلت، وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام) أي بسبب الصيام (قال أطعم فرقًا من تمر) وفي لفظ «وسقا من تمر» والوسق ستون صاعًا وفي رواية «عرقا من تمر» وتقدم أنه: خمسة عشر صاعًا، وأمره أن يطعم }سِتِّينَ مِسْكِينًا{ قال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين أي جائعين ما لنا طعام، قال: "فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فاطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها".
فرجعت إلى قويم فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند النبي صلى الله عليه و سلم السعة وحسن الرأي وقد أمر لي بصدقتكم (حسنه الترمذي) وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه ابن خزيمة والحاكم، وظاهرها أن حكم العبد حكم الحر في ذلك ونقل ابن بطال الإجماع على أن العبد إذا ظاهر لزمه وأن كفارته بالصيام شهران كالحر وأجمعوا على أن الكفارة في الظهار على الترتيب وفيه أنها لا تسقط لأنه أعانة بما
يكفر به.
(وللخمسة) وغيرهم من طرق (وصححه) أي الترمذي (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (أن رجلاً ظاهر من امرأته) وفي رواية فرأى بريق ساقها في القمر وفي لفظ بياض ساقها في القمر (ثم وقع عليها) جامعها بعد ظهاره منها (فأتى رسول
الله
صلى الله عليه و سلم) يسأله عما فعل معها (فقال إني وقعت عليها قبل أن أكفر) أي كفارة الظهار (قال فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به) وفي رواية فأمره أن يكفر، وفي رواية "فاعتزلها حتى تكفر" أي عن ظهارك.
ودل الحديث على أنه يحرم وطء الزوجة المظاهر منها قبل التكفير، وهو إجماع ولما تقدم من قوله: }مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا{ ولو وطئ ولم يسقط التكفير، ولا يتضاعف لقوله «حتى تكفر» ولما رواه الترمذي وابن ماجه من حديث سلمة في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال: "كفارة واحدة، قال الترمذي والعمل عليه عند أكثر أهل العلم وقال ابن دينار سألت عشرة من الفقهاء عن المظاهر يجامع قبل التكفير فقالوا كفارة واحدة، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم من الفقهاء، ودل على ثبوت الكفارة في الذمة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire