el bassaire

lundi 2 décembre 2013

أهمية العلم وقيمته في الإسلام



أهمية العلم وقيمته في الإسلام
بقلم: د. راغب السرجاني

قيمة العلم:
باتت الحقيقة الأولى التي ظهرت في الأرض عند نزول جبريل لأوَّل مرة على رسول الله أن هذا الدين الجديد )الإسلام(  دينٌ يقوم على العلم ويرفض الضلالات والأوهام جملةً وتفصيلاً؛ حيث نزل الوحي أوَّل ما نزل  بخمس آيات تتحدث حول قضية واحدة تقريبًا، وهي قضية العلم، قال تعالى:}اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ .]1/ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{]العلق: 5

أهمية العلم وقيمته في الإسلام:
إن هذا النزول الأول بهذه الكيفية ليُعَد عجيبًا؛ وذلك من عِدة وجوه: فهو عجيب لأن الله قد اختار موضوعًا معينًا من آلاف المواضيع التي يتضمنها القرآن الكريم وبدأ به، مع أن الرسول الذي يتنزل عليه القرآن أُمِّي لا يقرأ ولا يكتب، فكان واضحًا أن هذا الموضوع الأول هو مِفتاح فَهْمِ هذا الدِّين، ومفتاح فهم هذه الدنيا، بل
وفهم الآخرة التي سيئول إليها الناس كلهم. ثم هو عجيب كذلك لأنه نزل يتحدث عن قضية ما اهتم بها العرب كثيرًا في تلك الآونة، بل كانت الخرافات والأباطيل هي التي تحكم حياتهم من أولها إلى آخرها، فكانوا يفتقرون إلى العلم في كل المجالات، اللهم إلا في مجال البلاغة والشعر، فكان هذا هو الميدان الذي تفوق فيه العرب وبرعوا، ولذلك نزل القرآن -وهو الأعجب- يتحداهم في هذا الذي برعوا فيه، معلنًا لهم أنه ينادي بالعلم والتفوق فيه في كل الجوانب، بما فيها تلك التي يجيدونها.

الإسلام والعلم:
يعد ظهور الإسلام بمنزلة ثورة علمية حقيقية في بيئة ما أَلِفَتْ رُوح العلم وما تعودت عليه، لدرجة أن المرحلة السابقة لنزول أولى كلمات القرآن صارت تُعْرَف باسم )الجاهلية(! فصفة الجهل ترتبط بما هو قبل الإسلام، ثم جاء الإسلام ليبدأ العلم، ولِتُنَار الدنيا بنور الهداية الربانية، فقال تعالى:}أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ .] يُوقِنُونَ{]المائدة: 50 فليس هناك مكانٌ في هذا الدين للجهل أو الظنِّ أو الشكِّ أو الرِّيبَة.

القرآن والعلم:
أهمية العلم وقيمته في الإسلام لم تكن البداية فقط في هذا الكتاب المعجز )القرآن( هي التي تتحدث عن العلم وقيمته وأهميته في قوله سبحانه: }اقرأ{، بل كان هذا منهجًا ثابتًا في هذا الدستور الخالد، فلا تكاد تخلو سورة من سوره من الحديث عن العلم، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. و المفاجأة الكبرى عند بإحصاء عدد المرات التي جاءت فيها كلمة )العلم( بمشتقاتها المختلفة في كتاب الله ؛ تجد-بلا مبالغة- قد بلغت 779 مرة، أي بمعدل سبع مراتٍ -تقريبًا- في كل سورة! وهذا عن كلمة )العلم( بمادتها الثلاثية )ع ل م(، إلا أن هناك كلمات أخرى كثيرة تشير إلى معنى العلم ولكن لم تُذكر بلفظه؛ وذلك مثل: اليقين، والهدى، والعقل، والفكر، والنظر، والحكمة، والفقه، والبرهان، والدليل، والحجة، والآية، والبينة، وغير ذلك من معانٍ تندرج تحت معنى العلم وتحث عليه. أمّا السنة النبوية
فإحصاء هذه الكلمة فيها يكاد يكون مستحيلاً بل إن الملاحظ أن اهتمام القرآن بقضية العلم لم يتبد في أولى لحظات نزوله فقط، وإنما كان ذلك منذ بداية خلق الإنسان نفسه، كما حكى ذلك القرآن الكريم في آياته؛ فالله خلق آدم وجعله خليفة في الأرض، وأمر الملائكة أن تسجد له، وكرمه وعظَّمه ورفعه، ثم ذكر لنا وللملائكة سبب هذا التكريم والتعظيم والرِّفعة، فع أنه )العلم(؛ يقول تعالى في تقرير ذلك: }وَإِذْ قَالَ
رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَ عَجتَْلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
* وعَلمََّ آدمََ الأسَمَاء كُلهَّا ثمَُّ عَرضََهُمْ عَلىَ الْمَلائَكِةَ فَقَالَ أنَبْئُونيِ بأِسَمَاءِ هَؤُلاءَِ إنِْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانكََ لا عِلْمَ لَنَا إلِا مَا عَلَّمْتَنَا إنِكََّ أنَتَْ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أنَبْأهُمْ بأِسَمَائهِمْ قَالَ ألَمْ أقَلْ لَكُمْ إنِيِّ أعَلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ .]30/ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ{]البقرة: 34 ومن هنا لم يكن الأمر من باب المبالغة حين أشار الرسول في حديثه إلى أن الدنيا بكاملها لا قيمة لها -بل هي ملعونة- إلا إذا ازدانت بالعلم وذِكْر الله ، الدنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا  : فقد قال رسول الله إِلاَّ: ذِكْرَ اللهِ وَمَا وَالاَهُ، أَوْ عَا اِملً، أَوْ مُتَعَلمًا وقد كان لذلك كله أثر بعيد المدى في الدولة الإسلامية بعد ذلك، حيث ولَّد نشاطًا علميا واسعًا في مختلَف ميادين العلم والمعرفة، نشاطًا لم يعهد له التاريخ مثيلاً، مما جعله يحقِّق ازدهارًا حضاريا عظيمًا على أيدي علماء المسلمين، ويمد التراث الإنساني بذخيرة علمية رائعة، يظلّ العالم بأسره مدينًا لها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire