el bassaire

dimanche 29 décembre 2013

باب الحضانة

باب الحضانة
من الحضن وهو الجنب، ومصدر من حضن الصبي حضنًا جعله في حضنه أو رباه فاحتضنه، سميت بذلك لأن المؤوي يضم الطفل إلى حضنه، وهي حفظ صغير ونحوه عما يضره، وتربيته بعمل مصالحه، ووقايته عما يرضه، والأصل فيها السنة والإجماع.
(عن عبد الله بن عمرو) رضي الله عنهما (أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء) بكسر الواو والمد الظرف (وثديي له سقاء) ككساء جلد السخلة إذا جذع يكون للماء واللبن كما فيه أيضًا (وحجري له حواء) أي حضنها له حواء بزنة كساء اسم للمكان الذي يحوي الشيء، أي مكانًا يحويه ويضمه ويحرسه،
(وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني) أي يأخذه وأنا قد ساويته في الولادة وزدت عليه بهذه الخصوصيات: فهو آنس بي وأقرب رحمًا، فأنا أستحق التقديم (فقال النبي صلى الله  عليه  و سلم أنت أحق به) أي بحضانة ولدك «ما لم تنكحي» أي تزوجي فإذا تزوجت فأبوه أحق به منك لكونها كانت في حكم غير أبيه، وقد يشتد بغضها للمطلق ومن يتعلق به كما سيأتي (رواه أبو داود) ورواه أحمد والحاكم وصححه.
فدل الحديث على أن الأم أحق بحضانة ولدها إذا أراد الأب انتزاعه منها، وذكرت هذه المرأة صفات اختصت بها تقتضي استحقاقها، وأولويتها بحضانة ولدها وأقرها صلى الله  عليه  و سلم على ذلك وحكم لها، وقضى بذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وحكى ابن المنذر الإجماع عليه، وقال أبو بكر: ريحها وفراشها وحجرها خير له منك، حتى يشب ويختار لنفسه، وقيل لا خلاف فيما دل عليه هذا الحديث وقال الشيخ أما الصغير فالأم أصلح له من الأب، لأنها أوثق بالصغير وأخبر بتغذيته وحمله وتنويمه وتنويله وأصبر وأرحم به، فهي أقدر وأخبر وأرحم وأصبر في هذا الموضع، فتعينت في حق الطفل غير المميز بالشرع، وقال: تقديم الأم على الأب في حق الصغير متفق عليه.
ودل الحديث على أنها إذا نكحت سقط حقها من الحضانة وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه، والمراد مع طلب من تنتقل إليه الحضانة ومنازعته، وإلا فللأم المزوجة أن تقوم بولدها بالاتفاق، فإن خالة بنت حمزة مزوجة، وولد أم سلمة في كفالتها، وأنس وغيرهم مما هو أشهر من أن يذكر.
(وللخمسة) وصححه الترمذي وغيره (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال جاءت امرأة) وذلك أنه أتى إلى أبي هريرة امرأة فارسية قد طلقها زوجها وأراد أن يذهب بابنها قال فجاءت (إلى النبي صلى الله  عليه  و سلم فقالت إن زوجي يريد أن يذهب بابني) ويختص به دوني (وقد سقاني من بئر أبي عنبة) بكسر العين واحدة حبات العنب، بئر معروفة بالمدينة قالته إظهار لحاجتها إليه، ولعله بعد مدة الحضانة (وقد نفعني) أي بغير سقي فقال رسول الله صلى الله  عليه  و سلم «استهما عليه» فقال زوجها من يحاققني في ولدي (فقال) يعني رسول الله صلى الله  عليه  و سلم «يا غلام هذا أبوك» وأجلسه ناحية «وهذه أمك» ناحية «فخذ بيد أيهما شئت».
قال الخطابي هذا في الغلام الذي قد عقل واستغنى عن الحضانة (فأخذ بيد أمه) اختار أمه لعله لأجل رأفتها به وشفقتها عليه (فانطلقت به) فدل الحديث على أن الابن بعد استغنائه بنفسه يخير بين الأم والأب، وهو عمل الخلفاء ومذهب جمهور العلماء، وينبغي أنه إن كان عند الأب كان ليلاً ونهارًا، ولا يمنع زيارة أمه، وإن اختارها كان عندها ليلاً وعند أبيه نهارًا ليعلمه ويؤدبه، وإن عاد الصبي فاختار الآخر نقل إليه، وإن لم يختر أو اختارهما معًا أقرع، وقيل يقرع بينهما لما تقدم، ولما في السنن للبيهقي من حديث أبي هريرة أنه صلى الله  عليه  و سلم قال «استهما» فقال الرجل: من يحول بيني وبين ولدي فقال صلى الله  عليه  و سلم «اختر أيهما شئت» فاختار أمه فذهبت به، وإنما قدم الجمهور الاختيار للأخبار، ولعمل الخلفاء الراشدين به.

وقال الشيخ: تخيير شهوة حيث كل من الأبوين نظير  الآخر، ولا يمكن أن يعتبر أحدهما، فإنه قد يكون أصلح له من الآخر، وقال هو وابن القيم: التخيير والقرعة لا يكونان إلا إذا حصلت به، مصلحة الولد، فلو كانت الأم أصون من الأب وأغير منه قدمت عليه، ولا التفات إلى قرعة ولا اختيار الصبي في هذه الحالة، فإنه ضعيف العقل، يؤثر البطالة واللعب، فإذا اختار من يساعده على ذلك فلا التفات إلى اختياره، وكان عند من هو أنفع له، ولا تحتمل الشريعة غير هذا.
والنبي صلى الله  عليه  و سلم قال: «مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» والله تعالى يقول: }قُو أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{ فإذا كانت الأم تتركه في المكتب أو تعلمه القرآن والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه وأبوه يمكنه من ذلك فإنها أحق به، ولا تخيير ولا قرعة وكذلك العكس.
(وعن البراء) ابن عازب رضي الله عنه (أن عليًا) يعني ابن أبي طالب (وجعفرًا) يعني ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم (وزيدًا) يعني ابن حارثة بن شراحيل الكلبي مولى رسول الله صلى الله  عليه  و سلم وحبه (اختصموا في حضانة ابنة حمزة) عم النبي صلى الله  عليه  و سلم وذلك بعد أن دخل النبي صلى الله  عليه  و سلم مكة بعد صلح الحديبية، ثم خرج فتبعته ابنة حمزة، واسمها عمارة وتكنى أم الفضل تنادي: يا عم يا عم، فتناولها علي فأخذ بيدها، وقال لفاطمة دونك ابنة عمك احمليها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر (فقال علي) ابن أبي طالب أنا أخذتها وهي (ابنة عمي) حمزة بن عبد المطلب (وقال زيد) ابن حارثة (ابنة أخي) حمزة وكان صلى الله  عليه  و سلم آخى بينه وبينه (وقال جعفر) ابن أبي طالب (ابنة عمي) حمزة وتساوى مع علي (و) زاد (خالتها) أسماء (تحتي) يعني زوجة جعفر.
(فقضى بها رسول الله صلى الله  عليه  و سلم لخالتها) أسماء امرأة جعفر (وقال الخالة بمنزلة الأم) في الحنو و الشفقة ولأحمد من حديث علي «فإن الخالة والدة» ثم قال صلى الله  عليه  و سلم تطيبا لنفوسهم وبدأ بعلي فقال: «أنت مني وأنا منك» وقال لجعفر «أشبهت خلقي وخلقي» وقال لزيد «أنت أخونا ومولانا» (متفق عليه) فدل الحديث على ثبوت الحضانة للخالة وأنها كالأم، وابنة حمزة لم يكن لها أم ولا جدة، وأبوها قتل رضي الله عنه وقال الشيخ في قوله تعالى: }أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ{ إذا احتاجت مريم إلى من يكلفها ويحضنها حتى اقترعوا على كفالتها، فكيف بمن سواها من النساء وهذا أمر يعرف بالتجربة أن المرأة تحتاج من الحفظ والصيانة إلى ما لا يحتاج إليه الصبي، وكلما كان أصون لها وأستر كان أولى.
ورجح أن المميزة عند الأب، ومن عين الأم وهم الجمهور: لا بد أن يراعوا مع ذلك صيانتها لها، فإذا لم تكن في موضع حرز وتحصين، أو كانت غير مرضية فللأب أخذها منها بلا ريب، لأنه أقدر على حفظها وصيانتها من الأم، وهي مميزة لا تحتاج في بدنها إلى أحد، والأب له من الهيبة والحرمة ما ليس للأم، قال: وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها ضرر في ذلك، فلو قدر أنه عاجز عن حفظها وصيانتها ويهملها لاشتغاله عنها، والأم قائمة بحفظها وصيانتها، فإنها تقدم في هذه الحال، فمع وجود فساد أمرها مع أحدهما فالآخر أولى بها بلا ريب.
ودل الحديث على أن المرأة المزوجة أولى من الرجال، فإن عصبة ابنة حمزة طالبون للحضانة، وقضى بها رسول الله صلى الله  عليه  و سلم للخالة زوجة جعفر وحق المزوجة للزوج فلم تسقط حضانتها لأنها تشتغل بالقيام بحقه وخدمته، فإذا رضي بأنها تحضن من لها حق في حضانته وأحب بقاء الطفل في حجره لم يسقط حق المرأة من الحضانة بالتزويج وإنما يسقط حضانة الأم وحدها حيث كان المنازع لها الأب، ويؤيده أن المرأة المطلقة يشتد بغضها للزوج المطلق، ومن يتعلق به، فقد يبلغ بها الشأن إلى إهمال ولدها منه قصدًا لإغاضته، ومبالغة في التحبب عند الزوج الثاني لتوفير حقه.
وإلا فقوله صلى الله  عليه  و سلم «الخالة بمنزلة الأم» دليل على أن الأم لا تنازع في حضانة ولدها، وأنه لا حق لغيرها مع وجودها، قال الشيخ: وجنس النساء مقدم على جنس الرجال كما قدمت الأم على الأب، وقال: تقديم أخواته على إخوته وعماته على أعمامه وخالاته على أخواله هو القياس الصحيح وأما تقديم جنس نساء الأم على نساء الأب فمخالف للأصول والمعقول وقال: مجموع أصول الشرع تقديم أقارب الأب على أقارب الأم، فمن قدمهن في الحضانة فقد خالف الأصول والشريعة اهـ.
ثم لذوي الأرحام غير من تقدم، وإن كانت أنثى وتم لها سبع سنين فيعتبر أن يكون جنس الرجال من محارمها، ولو برضاع وإلا سلمها لثقة أو محرمه، ثم الحاكم لعموم ولايته، ويتوجه لمن سبقت إليه اليد كاللقيط كما في الاختيارات.

(وعن جعفر) ابن رافع (أن أبا رافع) ابن سنان الأنصاري رضي الله عنه (أسلم وأبت امرأته أن تسلم) وكان في أول الأمر، وأما في آخر الأمر فأسلم جميع نساء الأنصار، قال الشيخ فلم يكن فيهن إلا مسلمة، حتى قال النبي صلى الله  عليه  و سلم «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولنساء الأنصار» (فأقعد النبي صلى الله  عليه  و سلم الأم ناحية والأب ناحية والصبي بينهما فمال إلى أمه) وذلك قبل أن تسلم، وكان صلى الله  عليه  و سلم أول ما قدم المدينة لم يكن يكره أحدًا على الإسلام (فـ) لما مال الصبي على أمه ولم تكن تحت حكمه صلى الله  عليه  و سلم (قال اللهم اهده) وذلك لأنهم لم يكونوا إذ ذاك ملتزمين لحكم الإسلام.
قال الشيخ: إذ التزامه إنما يكون بالإسلام، أو بالعهد الذي التزموا فيه ذلك، ولهذا لم يلزم المرأة بحكم الإسلام بل دعا الله أن يهديه فاستحباب الله دعاءه وهداه أن يكون عند المسلم، لكن لم يمكنه ذلك بالحكم الظاهر، لعدم دخول حكم الكافرة تحت حكمه فطلبه بدعائه (فمال إلى أبيه فأخذه رواه أبو داود) وهذا يدل على أنه متى أمكن أن يجعل مع المسلم لا يجعل مع الكافر، وكان هذا حكم الله ورسوله بأهل الذمة الملتزمين جريان حكم الله ورسوله عليهم، يحكم بينهم بذلك نعم لو كان النزاع بين من هو مسلم ومن هو من أهل الحرب الذين لم يلتزموا جريان حكم الله ورسوله عليهم، فهنا لا يمكن الحكم فيهم بحكم الإسلام بدون رضاهم، فيسعى حينئذ في تغليب الإسلام بالدعاء، كما فعل رسول الله صلى الله  عليه  و سلم.
قال الشيخ فالحديث إن كان ثابتًا دليل على التخيير في الجملة، والقائلون بالتخيير لا يخيرون بين المسلم والكافر، وهو في الدين يتبع خيرهما دينًا اهـ والحديث (رواه) أحمد والنسائي و (أبو داود) وغيرهم لكن بلفظ الأنثى وتقدم الكلام في الأنثى ولأبيها وعصبتها منعها من الانفراد خشية الوقوع في المحرمات، وإن لم تمتنع إلا بالحبس حبسوها وإن احتاجت إلى القيد قيدوها، والمعتوه ولو أنثى عند أمه مطلقًا، لحاجته لمن يخدمه ويقوم بأمره والنساء أعرف بذلك.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire