el bassaire

dimanche 29 décembre 2013

باب الديات

باب الديات
جمع دية مصدر مسمى بها المال المؤدى إلى المجني عليه أو وليه بسبب جناية، يقال وديت القتيل إذا أعطيت ديته، فكل من أتلف إنسانًا بمباشرة أو سبب لزمته ديته، فإن كانت عمدًا محضًا ففي مال الجاني حالة، وشبه العمد والخطأ على عاقلته.
(قال تعالى: }وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً{ لما ذكر تعالى تعمد القتل وأنه لا يقتل مؤمن مؤمنًا إلا خطأ ذكر الخطأ وما يجب فيه فقال: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) أي فعليه إعتاق رقبة مؤمنة كفارة وهو إجماع، وكذا تجب في شبه العمد عند الجمهور. }وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ{ كاملة }إِلَى أَهْلِهِ{ أي إلى أهل القتيل الذين يرثونه، فأوجب تعالى في قتل الخطأ هذين الواجبين أحدهما الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم وإن كان خطأ أو شبه عمد، ومن شرطها أن تكون الكفارة عتق رقبة مؤمنة فلا تجزئ الكافرة ويجزئ عند الجمهور المسلم صغيرًا كان أو كبيرًا، والواجب الثاني الدية على أهل المقتول عوضًا لهم عما فاتهم من قتيلهم وهذه إنما تجب أخماسًا على عاقلة القاتل.
قال الشافعي وغيره، لا نعلم خلافًا أن النبي صلى الله  عليه  و سلم قضى بالدية على العاقلة وهو أكثر من حديث الخاصة، ثم قال تعالى: }إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا{ أي إلا أن يتصدقوا بالدية فيعفوا ويتركوا الدية }فَإِنْ كَانَ{ أي القتيل }مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ{ أي في دار الحرب منفردًا مع الكفار }وَهُوَ مُؤْمِنٌ{ وقاتله لم يعلم بإسلامه فلا دية عليه، وعليه ما قال الله فيه }فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ{ أي إذا كان القتيل مؤمنًا ولكن أولياؤه من الكفار أهل حرب فلا دية لهم، وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير، ولا نزاع في ذلك، وكذا إن كان القتل شبه عمد لا عمدًا محضًا، فلا كفارة كما يأتي }وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ{ أي فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة }فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ{ أي فلهم دية قتيلهم كاملة، وقيل وإن كان كافرًا والجمهور أنه إنما يجب في الكافر نصف دية المسلم.
}وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ{ سواء كان المقتول مسلمًا أو معاهدًا، رجلاً كان أو امرأة حرًا كان أو عبدًا، وسواء كان القتل مباشرة أو تسببًا وسواء انفرد بالقتل أو شارك فيه، فعليه الكفارة قال الموفق هذا قول أكثر أهل العلم وأما القن فيكفر بصوم }فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ{ أي لا إفطار بينهما بل يسرد صومهما كما تقدم في كفارة الظهار.
قال الوزير وغيره: اتفقوا على أن كفارة القتل الخطأ عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين اهـ وإن أفطر من غير عذر استأنف (توبة من الله) أي هذه جعلت توبة للقاتل خطأ يعتق رقبة مؤمنة، فإذا لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصوم أطعم ككفارة ظهار{ }وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا{ بمن قتل خطأ }حَكِيمًا{ فيما حكم به عليكم.
فدلت الآية على وجوب عتق رقبة مؤمنة وأنه إن كان واجدًا للرقبة أو قادرًا على تحصيلها بوجود ثمنها فاضلاً عن نفقته ونفقة عياله، وحاجته عن مسكن ونحوه، عند جمهور العلماء، فعليه الإعتاق ولا يجوز أن ينتقل إلى الصوم، ولا يجزئ عنه، فإن عجز عن تحصيل الرقبة فعليه صوم شهرين متتابعين فإن أفطر يومًا متعمدًا أو ناسيًا أو نوى صومًا آخر وجب عليه استئناف الشهرين، وإن فصل يومًا فأكثر بعذر مرض أو سفر أو حاضت أو نفست ونحو ذلك أو تخلله يوم عيد أو أيام تشريق لم ينقطع التتابع فإن عجز عن الصوم أطعم ستين مسكينًا وهو قول أكثر أهل العلم، وإنما لم يذكر ههنا لأن هذا مقام تهديد وتخويف وتحذير، فلا يناسب أن يذكر فيه الإطعام لما فيه من التسهيل والترخيص، وقيس على الظهار غيره.
 والكفارة على من قتل حرًا مسلمًا خطأ أو مباشرة أو تسببًا، لا عمدًا عدوانًا فلا كفارة لقوله تعالى: }وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ{ قال الشيخ: لا كفارة في قتل العمد، ولا في اليمين الغموس، وليس ذلك تخفيفًا عن مرتكبها.
(وعن عمرو بن الأحوص) الجشمي من حشم بن سعد رضي الله عنه، كان شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله  عليه  و سلم وروى الحديث (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله  عليه  و سلم أنه قال: «لا يجني جان إلا على نفسه» لأن موجب الجناية أثر فعله فوجب أن يختص بضررها «لا يجني والد على ولده» أي لا يؤاخذ بجنايته «ولا مولود على والده» أي لا يؤاخذ بجنايته، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم و (صححه الترمذي) ولأحمد وابن ماجه من حديث الخشخاش العنبري قال: أتيت النبي صلى الله  عليه  و سلم ومعي ابن لي، فقال «ابنك هذا» فقلت نعم قال: «لا يجني عليك ولا تجني عليه» ونحوه عند أحمد وأبي داود من حديث أبي رمثة، ولأحمد والنسائي عن رجل من بني يربوع وفي حديثه لا تجني نفس على نفس، وللنسائي عن ابن مسعود يرفعه «لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه» وقال تعالى: }لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{ والمراد والله أعلم جناية العمد، ويأتي أن العاقلة لا تحمله.
وأما ضمان العاقلة لجناية الخطأ فحكى الحافظ وغيره الإجماع على ذلك، وأنها مخصصة بأحاديث وآثار من عموم هذه الآية، والأخبار، وحكى أن الأب والابن لا يحملان في الخطأ، وقال الشيخ: أبو الرجل وابنه من عاقلته عند جمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد في أظهر الروايتين عنه.
(وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال اقتتلت امرأتان) من هذيل وكانتا ضرتين تحت حمل بن النابغة الهُذلي (رمت إحداهما الأخرى بحجر) فأصاب بطنها وهي حامل (فقتلتها) وفي رواية فضربت الهذلية بطن العامرية فقتلتها (وما في بطنها) وفي رواية وجنينها (فقضى صلى الله  عليه  و سلم في جنينها بغرة) الجنين هو حمل المرأة ما دام في بطنها سمي بذلك لاستتاره فإن خرج حيًا فهو ولد وإلا فسقط، والغرة أصلا البياض في وجه الفرس، قال الجوهري: كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله كما قالوا: اعتق رقبة، وفي لفظ "عبد أو أمة" والجمهور أن أقل ما يجزئ من العبد والأمة ما سلم من العيوب التي يثبت بها الرد في البيع، لأن المعيب ليس من الخيار، وقيل قيمتها خمس من الإبل إن كان حرًا مسلمًا وإن كان مملوكًا فعشر قيمة أمه، وإن سقط حيًا فدية كاملة.
(وبدية المرأة على عاقلتها) أي قرابتها من قبل الأب وهم عصبتها وهم الذين كانوا يعقلون الإبل على باب ولي المقتول (متفق عليه) فدل الحديث على أن دية الخطأ على العاقلة،
وأجمع العلماء على ذلك حكاه الحافظ وغيره وحكاه الوزير وابن رشد اتفاقًا، وقال ابن القيم: إنما تحمل الخطأ لا العمد بلا نزاع، وفي شبه العمد نزاع الأظهر أنها لا تحمله وليس كالعمد، فإن العامد ظالم مستحق للعقوبة، والخطأ يعذر فيه الإنسان فإيجاب الدية في ماله ضرر عظيم به، من غير ذنب تعمده، ولا بد من إيجاب بدل المقتول، فالشارع أوجب على من عليهم موالاة القاتل ونصرته أن يعينوه على ذلك، فكان كإيجاب النفقات وفكاك الأسير اهـ.
وخصصت عموم قوله تعالى: }وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{ وأخبار: «لا يجني جانٍ إلا على نفسه» لما في ذلك من المصلحة لأن القاتل لو أخذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله، لأن تتابع الخطأ لا يؤمن، ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول، وجمهور العلماء على أن عاقلة الرجل عشيرته، وقال الشافعي لا أعلم إلا أنهم عصبته، وهم القرابة من قبل الأب، وفسر بالأقرب فالأقرب، فيبدأ بفخذه الأدنى فإن عجزوا ضم إليهم الأقرب فالأقرب، المكلف الذكر الحر من عصبة النسب، ثم السبب، ثم في بيت المال، وفرضها عمر في ثلاث سنين.
وقال الترمذي: أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث الدية، وإن أدب الرجل ولده أو سلطان رعيته، أو معلم صبيه ولم يسرف لم يضمن ما تلف به، لأنه فعل ما له فعله شرعًا ولم يتعد فيه، وإن أسرف أو زاد على ما يحصل به المقصود أو ضرب من لا عقل له من صبي أو غيره ضمن لتعديه، وإن أمر شخصًا مكلفًا أن ينزل بئرًا أو يصعد شجرة ونحو ذلك فهلك به لم يضمنه، كما لو استأجره لذلك.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire