el bassaire

samedi 28 décembre 2013

فصل في القسم

فصل في القسم

أي العدل بين الزوجات في المبيت والنفقة والكسوة وغير ذلك مما يأتي تفصيله.
(قال تعالى: }فَلَا تَمِيلُوا{ أي إلى التي تحبونها }كُلَّ الْمَيْلِ{ أي لا تتبعوا أهواءكم وأفعالكم في القسم في المبيت والنفقة وغير ذلك }فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ{ أي إذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية فتدعوا الأخرى كالمعلقة لا أيما ولا ذات بعل، قال ابن عباس وغيره لا ذات بعل ولا مطلقة فدلت الآية وغيرها مما سيأتي على وجوب التسوية في القسم بين من كان تحته امرأتان فأكثر، فإن أبى عصى وعليه القضاء للمظلومة، والتسوية شرط في البيتوتة لا في الجماع، فلا يجب لأنه يدور على النشاط، وليس ذلك إليه، وفي الكسوة والنفقة اختاره الشيخ وغيره، وتمييز إحداهن ميل.
ويكون في القسم ليلة وليلة إلا أن يرضين بأكثر، ولزوج أمة مع حرة ليلة من ثلاث لأنها على النصف منها وعماد القسم الليل لمن معاشه النهار، ومن معيشته بالليل كحارس يقسم بين نسائه بالنهار ويكون النهار في حقه كالليل في حق غيره.
وله أن يأتيهن وأن يدعوهن إلى محله، وأن يأتي بعضًا ويدعو بعضًا إذا كان مسكن مثلها، ولا يدخل على غير ذات ليلة فيها إلا لضرورة كمنزول بها أو ما لا بد منه عرفًا، ولا في نهارها إلا لحاجة كدفع نفقة أو سؤال عن أمر يحتاجه، فإن لبث أو جامع لزمه القضاء لا قضاء قبلة ونحوها.
ويقسم لحائض ونفساء ومجنونة مأمونة وغيرها، وإن سافرت بلا إذن أو أبت السفر معه أو المبيت عنده في فراشه فلا قسم لها ولا نفقة، لأنها عاصية كالناشز، وكذا إن سافرت بإذنه في حاجتها فلا قسم لها أيضًا ولا نفقة لعدم الاستمتاع بها ولحاجته فلا يسقط حقها.
(وقال) تعالى }فَإِنْ خِفْتُمْ{ أي خشيتم }أَلَّا تَعْدِلُوا{ بين الأزواج أربع أو ثلاث أو اثنين }فَوَاحِدَةً{ أي فانكحوا واحدة لا تزيدوا عليها }أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ{ يعني السراري لأنه لا يلزم فيها من الحقوق ما يلزم في الحرائر بل يطأ من شاء متى شاء، ولا قسم لهن ولا وقف في عددهن، بخلاف الحرائر فيجب القسم بينهن بإجماع المسلمين.
}ذَلِكَ{ أي الاقتصار على زوجة واحدة أو ملك يمين }أَدْنَى{ أي أقرب }أَلَّا تَعُولُوا{ أي أن لا تجوروا يقال عال في الحكم إذا قسط وظلم وجار، وقال بعضهم أقرب أن لا تجاوزوا ما فرض الله عليكم وأصل العول المجاوزة، والمراد أن لا تميلوا إلى من تحبون منهن دون الأخرى، كما في الآية الأولى فتأثموا بذلك.
(وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «من له امرأتان» أي مثلا «فمال إلى إحداهما» أي فضل إحداهما فلم يعدل بينهما بل مال إلى إحداهما دون الأخرى «جاء يوم القيامة وشقه مائل» أي أحد جنبيه مفلوج ساقط (رواه الخمسة) وغيرهم، وقال الحافظ سنده صحيح، والحديث دليل على أنه يجب على الزوج التسوية بين الزوجات، وأنه يحرم عليه الميل إلى إحداهن كما تقدم في الآية. والمراد في القسم والإنفاق ونحو ذلك مما يملكه الزوج لا في المحبة ونحوها، لأنها مما لا يملكه، كما قال تعالى: }وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ{ قال ابن عباس في الحب والجماع، ويستحب أن يسوي بينهن بجميع الاستمتاعات من الوطء والقبلة والنظر وغير ذلك

(ولهم) أي للخمسة وصححه ابن حبان وغيره (عن عائشة) رضي الله عنها أنه صلى الله عليه و سلم (كان يقسم بين نسائه) فيبيت عند كل واحدة ليلة (ويعدل) أي يسوي بين نسائه في البيتوتة، وعماده الليل لأنه الوقت الذي يأوي فيه الإنسان إلى منزله ويسكن إلى أهله وينام على فراشه مع زوجته عادة، والأولى أن يكون لكل واحدة منهن مسكنًا يأتيها فيه لفعله صلى الله عليه و سلم؛ ولأنه أصون لها وأستر حتى لا يخرجن من بيوتهن، وإن دعاهن إلى محل يسكنه غير مساكن زوجاته جاز، وإن أقام عند واحدة ودعا الباقيات إلى بيتها لم تجب عليها الإجابة، ويقسم المريض كالصحيح، لقوله "أين أنا غدًا" رواه البخاري.
(ويقول اللهم هذا) أي هذا العدل (قسمي فيما أملك) أي فيما أقدر عليه (فلا تلمني) أي تعاتبني أو تؤاخذني (فيما تملك ولا أملك) يعني من زيادة المحبة وميل القلب فإنك مقلب القلوب، وقال الترمذي وغيره يعني به الحب والمودة، والحديث دليل على وجوب القسم فيما يملك الزوج، وأن المحبة وميل القلب أمر غير مقدور للعبد، بل هو من الله تعالى لا يملكه العبد قال تعالى: }وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ{.

(وعن أنس) بن مالك رضي الله عنه (قال من السنة) وله حكم الرفع ورواه جماعة عن أنس وقالوا فيه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (إذا تزوج الرجل البكر على الثيب) وذلك أن تكون عنده امرأة فيتزوج معها بكرًا (أقام عندها سبعًا) أي عند البكر أيام زفافها (ثم قسم) أي بين أزواجه (وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا ثم قسم متفق عليه) وقال ابن عبد البر الأحاديث المرفوعة على ذلك وليس مع من خالف حديث مرفوع والحجة مع من أدلى بالسنة، وللدارقطني عنه مرفوعًا "للبكر سبع وللثيب ثلاث" ويحمل المطلق على المقيد.
ولما تزوج صلى الله عليه و سلم أم سلمة رضي الله عنها أقام عندها ثلاثًا ثم قال: "ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي" والحديث وما في معناه يدل على أن البكر تؤثر بسبع والثيب بثلاث وتجب الموالاة في السبع والثلاث، وهو في حق من له زوجة قبل الجديدة، وقيل بسبب الزفاف، وقال النووي يستحب إذا لم يكن عنده غيرها وإلا فيجب، والإيثار يكون بالمبيت والقيلولة لا استغراق ساعات الليل والنهار.
(ولهما عن عائشة) رضي الله عنها (أن سودة بنت زمعة) ابن قيس بن عبد شمس بن عبد ود العامرية وكان صلى الله عليه و سلم تزوجها بمكة بعد موت خديجة وتوفيت بالمدينة سنة أربع وخمسين (وهبت يومها لعائشة) وللبخاري تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه و سلم وذلك حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت: يا رسول الله يومي لعائشة فقبل منها رواه أبو داود، ولابن سعد مرسلاً أنه صلى الله عليه و سلم طلقها فقعدت له فقالت أنشدك الله لما راجعتني فراجعها قالت: فإني جعلت يومي لعائشة حبة رسول الله صلى الله عليه و سلم (وكان صلى الله عليه و سلم يقسم) أي بين زوجاته لكل زوجة يوم (ولها) أي لعائشة (يومين يومها) أي يوم عائشة (ويوم سودة) الذي وهبته لعائشة وللبخاري وليلتها.
فدل الحديث على جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها، ولهما عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: }وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا{ هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج تقول أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري وأنت في حل من النفقة علي والقسم، وفي رواية هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرًا أو غيره فيريد فراقها فتقول أمسكني وأقسم لي ما شئت فلا بأس إذا تراضيا فدلت الآية أيضًا على ما دل عليه الحديث من جواز إسقاط نفقة أو قسم أو غير ذلك مما يدخل تحت عموم الآية، والحديث ويعتبر رضي الزوج إذا وهبت نوبتها لضرتها لأن له حقًا في الزوجة فليس لها أن تسقط حقها إلا برضاه ويصح الرجوع لها فيما وهبت من نوبتها لأن الحق يتجدد.
(وعنها) أي عن عائشة رضي الله عنها (قالت كان) يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم (إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه) لتعين القرعة من يسافر بها لتساويهن في الحق وعدم إمكان الجمع بينهن فوجب المصير إلى القرعة إن لم يرضين (فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه) أي خرج بها النبي صلى الله عليه و سلم بالمرأة التي خرج سهمها معه في السفر (متفق عليه) وقال أحمد يقرع بينهما فتخرج إحداهما برضى الأخرى ويأثم إن سافر بإحداهن بغير قرعة ولا رضى. ولا يقضي عند الجمهور واختراه الشيخ.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire