el bassaire

dimanche 29 décembre 2013

باب الرضاع

باب الرضاع
هو لغة مص اللبن من الثدي، وشرعًا مص من دون الحولين لبنًا ثاب عن حمل أو شربه أو نحوه، والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع.
(قال تعالى: }وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ{ أمك هي التي ولدتك وكما حرمها عليك حكم تعالى بتحريم المرضعة وسماها أما، ويدخل فيهن الجدات، وإن علون من قبل الأم، ومن قبل الأب، كما تقدم في باب المحرمات في النكاح ويأتي «أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة» }وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ{ جمع أخت سواء كانت من قبل الأب والأم.
أو من قبل أحدهما سماهن أخوات وحكم بتحريمهن، فدلت الآية على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، واتفق عليه أهل العلم، وحكمه حكم التناكح بشرطين، أن تكون قبل استكمال المولود حولين، وأن يوجد خمس رضعات، والسعوط والوجور محرم لما يأتي، وقال الوزير: اتفقوا على أنه يتعلق التحريم بالسعوط والوجور إلا في إحدى الروايتين عن أحمد، وأنه مقصور على الآدميات.
(وعن عائشة) رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال: «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة» متفق عليه، وفي لفظ  «يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة» وقال الترمذي: العمل عليه عند عامة أهل العلم، فدل الحديث على أن محارم المرتضع محارم المرضعة والواطئ وبه استدل العلماء على أنه يحرم من الراضع ما يحرم من النسب وذلك بالنظر إلى أقارب المرضع لأنهم أقارب للرضيع وأما أقارب الرضيع فلا قرابة بينهم وبين المرضع.
(ولهما عن ابن عباس) رضي الله عنهما (مرفوعًا: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) أي مثله في التحريم. وذلك أن النبي صلى الله  عليه  و سلم أريد على ابنة حمزة، فقال: «إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» وإنما كانت ابنة أخيه لأنه رضع من ثويبة أمة أبي لهب، وقد كانت أرضعت عمه حمزة.
قال الشيخ: هو حديث صحيح متلقى بالقبول، متفق على صحته، فدل مع ما تقدم على أن محارم المرضعة كآبائها وأمهاتها وأجدادها، وجداتها وإخوتها وأخواتها وأولادهم وأعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها محارم المرتضع وأن محارم الواطئ محارم المرتضع كذلك، ولا نزاع في ذلك يعتد به، فإن أقاربهما أقارب الرضيع لما تقدم وغيره، وأما أقارب الرضيع ما عدا أولاده فلا علاقة بينهم وبين المرضع فلا يثبت لهم شيء من الأحكام فتباح المرضعة لأبي المرتضع وأخيه من النسب وتباح أمه وأخته من النسب لأبيه وأخيه من رضاع إجماعًا، كما يحل لأخيه من أبيه، وأخته من أمه.
(وعن عائشة) رضي الله عنها (أن أفلح) أخا أبي القعيس واسمه وائل بن أفلح الأشعري مولى لرسول الله صلى الله  عليه  و سلم (جاء يستأذن عليها) أي على عائشة رضي الله عنها بعد الحجاب (قالت فأبيت) أي أن تأذن له (فلما جاء رسول الله صلى الله  عليه  و سلم أخبرته) بالذي صنعت وهو أنه استأذن عليها فأبت أن تأذن له (فأمرني أن آذن له علي) أي إذا استأذن ولا تحتجب منه (وقال إنه عمك) أي من الرضاعة (متفق عليه) ولأبي داود قلت دخل علي أفلح فاستترت منه فقال أتستري مني وأنا عمك، قلت من أين؟ قال أرضعتك امرأة أخي، قالت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل.
فدل الحديث مع ما تقدم على ثبوت حكم الرضاع في حق زوج المرضعة وأقاربه كالمرضعة وذلك لأن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معًا فوجب أن يكون الرضاع منهما كالجد لما كان سبب ولد الولد أوجب تحريم ولد الولد به لتعلقه بولده، وكذلك قال ابن عباس اللقاح واحد، فإن الوطء يدر اللبن فللرجل منه نصيب، وهذا مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، حكاه عنهم غير واحد من أهل العلم، وقال الوزير اتفقوا على أن لبن الفحل محرم، وهو أن ترضع المرأة صبية فتحرم هذه الصبية على زوج المرضعة وآبائه وأبنائه ويصير الزوج الذي در اللبن علاقة أبا للمرضعة.
(ولمسلم عنها) أي ولمسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن) أي إذا ارتضع الطفل من المرأة عشر رضعات (ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن) أي إذا ارتضع الطفل من المرأة خمس رضعات (وتوفي رسول الله صلى الله  عليه  و سلم وهي فيما يقرأ من القرآن) أي أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدًا أنه توفي صلوات الله وسلامه عليه وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا متلوا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أنه لا يتلى.
وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم، كما هو معلوم مقرر في مواضعه، وهو أحد أنواع النسخ المعلومة المتفق عليها بين أهل العلم، وهذا الخبر مبين لما أجمل من الآية والأحاديث السابقة ويشهد له، حديث سهلة وغيره فإنها أرضعت سالمًا خمس رضعات، والرضعة هي المرة من الرضاع فمتى التقم الصبي الثدي وامتص منه ثم تركه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر ونحو ذلك باختياره من غير عارض كان ذلك رضعة، فإن عاد ولو قريبًا فرضعتان كما هو المعهود، فإذا حصل خمس رضعات على هذه الصفة حرم إذا كان في الحولين قبل الفطام وحكاه الوزير وغيره اتفاقًا.
(وله) أي ولمسلم في صحيحه (عنها) أي عن عائشة رضي الله عنها (أن سهلة) بنت سهيل القرشية العامرية (قالت يا رسول الله إن سالمًا) قيل ابن معقل (مولى أبي حذيفة) بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس (معنا في بيتنا) وقالت نراه ولدًا يأوي معي ومع أبي حذيفة ويراني فضلاً (وقد بلغ ما يبلغ الرجال) يعني الحلم وذلك أن أبا حذيفة قد تبنى سالمًا وزوجه، وكان سالم مولى لامرأة من الأنصار فلما أنزل الله }ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ{ الآية كان من له أب معروف نسب إلي أبيه، ومن لا أب له معروف كان مولى وأخا في الدين فعند ذلك جاءت سهلة تذكر ذلك لرسول الله صلى الله  عليه  و سلم (فقال: «ارضعيه تحرمي عليه) فلا تحتجبي عنه رخص لها لما في ذلك من مشقة الاحتجاب.
فدل الحديث على أن إرضاع الكبير يحرم عند الحاجة ولهذا كانت عائشة رضي الله عنها تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، ويروى عن علي، ويدل: عموم قوله تعالى: }وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ{ فإنه مطلق غير مقيد بوقت، ولما قالت أم سلمة لعائشة إن الحكم خاص بسالم، قالت عائشة أما لك في رسول الله أسوة حسنة؟ فسكتت أم سلمة ولو كان خاصً لبينه صلى الله عليه و سلم ولما قالت سهلة لرسول الله صلى الله  عليه  و سلم كيف أرضعه وهو رجل كبير؟ قال لها صلى الله  عليه  و سلم «ارضعيه تحرمي عليه وإن كان الجمهور أنه لا يحرم لما يأتي.
فهذا الحديث صحيح غير منسوخ، لما عرفت من قول سهلة وعائشة، وأنه متقرر عندهم أن الإرضاع للصغير وإنه إنما يعتبر الصغر إلا إذا دعت الحاجة لرضاع الكبير الذي لا
 يستغنى أهل البيت عن دخوله عليهم، وأنه يشق احتجاب المرأة عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة فمثل هذا يحرم رضاعه لهذا الخبر، وقال الشيخ: ينشر الحرمة بحيث يبيح الدخول والخلوة إذا كان قد تربى في البيت، بحيث لا يحتشمون منه للحاجة، لقصة سالم، وما عداه فلا بد أن يكون الرضاع في حال الصغر.
(ولأبي داود) من حديث عائشة في قصة سالم وسهلة، قال صلى الله  عليه  و سلم لها «ارضعيه خمس رضعات» فدل على اعتبار الخمس كما تقدم، وأن ما دونها لا ينشر الحرمة، وهو مذهب جماهير العلماء، وإن شك في الرضاع أو شك في كماله، أو شكت المرضعة ولا بينة فلا تحريم، لأن الأصل عدم الرضاع المحرم، وإن قال الزوج لزوجته أنت أختي لرضاع بطل النكاح، وإن قالته وأكذبها فهي زوجته حكمًا، وأما بينها وبين الله تعالى فلا يحل لها مساكنته إن كانت صادقة، ولا تمكنه من وطئها ولا من دواعيه، لأنها محرمة عليه وعليها أن تفتدي منه وتفر عنه.
(وله) أي لأبي داود وغيره (عن ابن مسعود) رضي الله عنه (مرفوعًا «لا رضاع إلا ما أنشز») أي شد وقوى (العظم وأنبت اللحم) وإنما يكون ذلك لمن هو في سن الصغر فإنه ينمو باللبن، ويقوى به عظمه وينبت عليه لحمه.
(وعن ابن عباس) رضي الله عنهما (مرفوعًا لا يحرم من الرضاع) يعني الذي تقدم أنه يحرم منه ما يحرم منه ما يحرم من النسب (إلا ما فتق الأمعاء) أي شق أمعاء الصبي ووقع موقع الغذاء فوصل إليها فلا يحرم القليل الذي لا ينفذ إليها، وتقدم أن المحرم خمس رضعات (وكان قبل الفطام) أي قبل أوان فطام الرضيع (صححه الترمذي) والحاكم ولأبي داود وغيره عن ابن مسعود نحوه، وفيه «وأنشز العظم» وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا رضاع إلا في الحولين، وروي عن عمر وابن مسعود قال الترمذي والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله  عليه  و سلم وغيرهم.
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الصغر، وقالوا مهما كان في الحولين فإن رضاعه يحرم، ولا يحرم ما كان بعدهما لقوله تعالى: }حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ{ فتمام الرضاعة الحولان وما بعدهما لا يحرم وفي الاختيارات، الارتضاع بعد الفطام لا ينشر الحرمة وإن كان دون الحولين، واختار الشيخ أيضًا ثبوت الحرمة بالرضاع إلى الفطام ولو بعد الحولين أو قبلهما. (وفي الصحيحين من حديث عائشة) رضي الله عنها يعني أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال: «إنما الرضاعة» أي المعتبرة المغنية أو المطعمة (من المجاعة) وذلك أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه فقالت إنه أخي فقال «انظر من إخوانكن» أي تحققن في أمر الرضاعة هل هو رضاع صحيح «فإنما الرضاعة من المجاعة» أي الواقعة في زمن الإرضاع بحيث إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع وهو كما قال أبو عبيدة وغيره تعليل لإمعان التحقق في شأن الرضاع، وأن الرضاع الذي تثبت به الحرمة وتحل به الخلوة هو حيث يكون الرضيع طفلاً يسد اللبن جوعه، لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمه، فيصير جزءًا من المرضعة فيشترك في الحرمة مع أولادها ومحارمها، وتعليل أيضًا لمقدار الإرضاع، فإن الحكم الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع بشرطه من وقوعه في زمن الرضاع، ومقدار الإرضاع كما تقدم.
وفيه دليل على أن التغذي بلبن المرضعة محرم، سواء كان شربًا أو وجورًا أو سعوطًا أو حقنة حيث كان يسد جوع الصبي وهذا مذهب جمهور العلماء وتقدم ذكر الاتفاق عليه، ومن أفسدت نكاح نفسها بسبب رضاع ونحوه قبل الدخول فقيل لا مهر لها، وبعد الدخول مهرها بحاله، وقال ابن القيم: يتوجه سقوطه بإفسادها وكان الشيخ يذهب إليه وهو منصوص أحمد واقوى دليلاً ومذهبًا وإن أفسده غيرها فلا نصفه قبله، وجميعه بعده يرجع به الزوج على المفسد، جزم به الشيخ وغيره.
(وعن عقبة بن الحارث) بن عامر القرشي النوفلي أسلم يوم الفتح (أنه تزوج بنت أبي إهاب) يقال لها أم يحيى (فجاءت امرأة) وفي الترمذي امرأة سوداء قال الحافظ لا أعرف اسمها  (فقالت قد أرضعتكما) قال وهي كاذبة مرارًا وهو يعرض عنه (فسأل رسول الله صلى الله  عليه  و سلم) عن تزوجه بها وقول تلك المرأة إنها أرضعتهما (فقال: كيف وقد قيل) أي كيف تباشرها وتفضي إليها وقد قيل بأنك وهي قد ارتضعتما من ثدي واحد، ولفظ الترمذي وغيره «كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك» (ففارقها) عقبة رضي الله عنه فنكحت زوجًا غيره (رواه البخاري).
فدل الحديث وما في معناه على قبول شهادة المرضعة وحدها، وهو مذهب أحمد وجماعة من السلف، لهذا الحديث وقد تكرر سؤال النبي صلى الله  عليه  و سلم لعقبة أربع مرات وأجابه بقوله: «كيف وقد قيل» وفي لفظ «دعها» وللدارقطني «لا خير لك فيها» وذلك قلما يطلع الرجال على ذلك فالضرورة داعية إلى اعتبارها قال ابن القيم: إذا شهدت امرأة عدل بأنها قد أرضعته وزوجته فقد لزمت الحجة من الله في اجتنابها، ونوجب عليه مفارقتها لقوله صلى الله  عليه  و سلم «دعها عنك» وليس لأحد أن يفتي غيره، وقال الشيخ: إذا كانت المرأة معروفة بالصدق وذكرت أنها أرضعت طفلاً خمس رضعات قبل ذلك، وثبت على الصحيح اهـ، وإن شك في الرضاع أو كماله أو شكت المرضعة ولا بينة فلا تحريم، لأن الأصل عدم الرضاع المحرم.
(ولأبي داود) والبيهقي (عن زياد) السهمي (نهى صلى الله  عليه  و سلم أنه تسترضع الحمقاء) أي خفيفة العقل فإن اللبن يشبه وذلك لأن للرضاع تأثيرًا في الطباع، فيختار للطفل حسنة الخلق، ويكره استرضاع سيئة الخلق والفاجرة، وكذا الجذماء والبرصاء، وروى البيهقي عن عمر وابنه وعمر بن عبد العزيز أن اللبن يشبه وحكى القاضي أن من ارتضع من امرأة حمقاء خرج الولد أحمق ومن ارتضع من سيئة الخلق تعدى إليه ومن ارتضع من بهيمة كان بليدًا كالبهيمة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire