el bassaire

samedi 28 décembre 2013

باب ميراث أهل الملل


جمع ملة بكسر الميم وهي الدين والشريعة. وتقدم أن اختلاف الدين من موانع الإرث.
(وعن أسامة بن زيد) -رضي الله عنه- (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" متفق عليه) ورواه الخمسة وغيرهم. وفي رواية قال يا رسول الله أتنزل غدًا في دارك بمكة قال "وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور" وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب. ولم يرث جعفر ولا علي شيئًا. لأنهما كانا مسلمين. وكان عقيل وطالب كافرين. فدل الحديثان وغيرهما أن الكافر لا يرث المسلم. وهذا بإجماع المسلمين. وأن المسلم لا يرث الكافر وهو مذهب جمهور العلماء. وقال الموفق عند عامة الفقهاء. وعليه العمل والمرتد لا يرث أحدًا من المسلمين. وقال لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم. لأنه لا يقر على ما هو عليه. وإن مات فقال شيخ الإسلام المرتد إن قتل في ردته أو مات عليها فماله لوارثه المسلم. وهو رواية عن أحمد وهو المعروف عن الصحابة. ولأن ردته كمرض موته.
وقال ابن القيم القول الراجح أنه لورثته من المسلمين. وهو الصواب. قال الشيخ. والزنديق منافق يرث ويورث. لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأخذ من تركة منافق شيئًا. ولا جعله فيئًا. فعلم أن التوارث مداره على النظرة الظاهرة. واسم الإسلام يجري عليه في الظاهر إجماعًا اهـ. واستثنى بعض الأصحاب الولاء. لما رواه الدارقطني. إلا أن يكون عبده أو أمته. فقالوا لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر إلا بالولاء. وجمهور العلماء أنه لا يرثه مع اختلاف دينهما. لخبر أسامة ولأنه ميراث فيمنعه اختلاف الدين كميراث النسب. وأولى. وميراث النسب أقوى. وإذا منع الأقوى فالأضعف أولى.
(وللخمسة) وغيرهم فلأحمد وأبي داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر وللترمذي وغيره من حديث جابر -رضي الله عنهما- (أنه صلى الله عليه و سلم قال لا يتوارث أهل ملتين شتى) أي متفرقين في أديانهم. ورواه الحاكم وغيره وللبزار وغيره لا ترث ملة ملة. وقال علي -رضي الله عنه- الكفر ملل شتى. وقال الموفق لا نعلم له مخالفًا في الصحابة فكان إجماعًا فدل على أنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين بالكفر. أو بالإسلام والكفر وهو مذهب مالك وأحمد وغيرهما.
وذهب جماعة إلى أن المراد بالملتين الكفر والإسلام. فيكون كالحديث المتقدم. ولفظ الحديث ظاهر في عدم التوارث بين أهل ملل الكفر. ولأن كل فريق منهم لا موالاة بينهم. ولا اتفاق في دين. فلم يرث بعضهم بعضًا كالمسلمين والكفار. ويرث المجوسي وكل من يرى كل نكاح ذوي المحارم بقرابتين
إن أسلموا. أو تحاكموا إلينا قبل إسلامهم. لقوله تعالى:
}فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ{ وكذا حكم المسلم يطأ ذات رحم محرم منه بشبهة نكاح أو تسر. يثبت به الميراث والنسب. لا بنكاح ذات رحم محرم فلا يرثها ولا ترثه. ولو بعقد لا يقر عليه لو أسلم كمطلقته ثلاثًا قبل أن تنكح زوجًا غيره.
(ولأبي داود عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (كل قسم في الجاهلية) أي كل ميراث قسم في الجاهلية (فهو على ما قسم) لا يرجع على من أخذ نصيبه. لاعتقاده ملكًا له أو استولى عليه وتملكه في جاهليته ومنع مالكه منه بحيث أيس منه ثم أسلم وهو في يده لا ينازعه فيه فله. (وكل قسم أدركه الإسلام) قبل أن يقسم (فإنه على قسم الإسلام) المنصوص عليه في شريعة الإسلام.
فدل الحديث على أنه لو أسلم كافر قبل قسم ميراث مورثه المسلم ورث لهذا الخبر. ولقوله صلى الله عليه و سلم "من أسلم على شيء فهو له" رواه سعيد.
وقضى به عمر وعثمان. واشتهر فلم ينكر فكان إجماعًا. ولأن الناس أسلموا في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلفائه الراشدين ولم ينطروا في أنكحة الجاهلية. ولا في عقودهم قال ابن جريج لعطاء أبلغك أن النبي صلى الله عليه و سلم أقر أهل الجاهلية على ما كانوا عليه.
قال لم يبلغنا إلا ذلك. وأفتى أهل هذه الدعوة بأن المواريث التي قسمت في الشرك وتملكها أهلها ثم أسلموا لا تعاد. وأنه إذا منع الوارث شريكه من نصيبه في الإرث وأسلم والمال في يده فالمال له دون شريكه. سواء كان الممنوع رجالًا أو نساء. وإن كان لم يقسم قسم على فراض الله.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire