el bassaire

samedi 28 décembre 2013

باب ميراث القاتل و المبغض و الولاء


أي باب بيان الحال التي يرث القاتل فيها. والحال التي لا يرث فيها. وبيان ميراث المعتق بعضه. والميراث بالولاء. وهو بالمد. والمراد ولاء العتاقة. وهو لغة الملك. وشرعًا ثبوت حكم شرعي بعتق أو تعاطي سببه.
(عن عمر) -رضي الله عنه- (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ليس للقاتل من الميراث شيء رواه أحمد) ومالك وابن ماجه. وعن عمرو بن شعيب مرفوعًا "لا يرث القاتل شيئًا" رواه أبو داود والنسائي. ولهما شواهد. وإن كان فيها مقال فبمجموعها يحتج بها. وقضى بذلك عمر وعلي وشريح وغيرهم من قضاة المسلمين. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وأكثر أهل العلم. قالوا لا يرث القاتل من المال. ولا من الدية شيئًا سواء انفرد بقتل مورثه أو شارك فيه مباشرة أو سببًا بلا حق. إن لزمه قود أو دية أو كفارة. والمكلف وغيره في ذلك سواء. قال شيخ والآمر بقتل مورثه لا يرثه. ولو انتفى عنه الضمان.
وقال ابن القيم رحمه الله قتلًا مضمونًا بقصاص أو دية أو كفارة أو قتلًا مطلقًا. سواء قصد القاتل أن يتعجل الميراث أو لم يقصده فإن رعاية هذا القصد غير معتبرة في المنع اتفاقًا لأن توريث القاتل ذريعة إلى وقوع هذا الفعل. فسد الشارع الذريعة بالمنع، اهـ. أما إن قتل بحق قودًا كقصاص. أو حدًا كترك زكاة أو لزنا ونحوه أو لصيالة دفعًا عن نفسه. أو بشهادة وارثه عليه بما يوجب القتل. أو تزكية الشاهد عليه بحق. أو قتل العادل الباغي وعكسه. ورثه لأنه فعل مأذون فيه فلم يمنع الميراث. كما لو أطعمه وسقاه باختياره. فأفضى إلى تلفه. وكذا لو أدب ولده أو زوجته ولم يسرف ومات ورثه.
(وعنه) أي عن عمر -رضي الله عنه- (أنه صلى الله عليه و سلم ورث الزوجة من دية زوجها) أخبره بذلك الضحاك بن سفيان الكلابي أن النبي كتب إليه "أن ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها رواه أحمد وأبو داود وغيرهما. و (صححه الترمذي) فدل على أنه لا تختص به العاقلة.
(وفي السنن عن عمرو) بن شعيب عن أبيه عن جده (مرفوعًا قضى) يعني النبي صلى الله عليه و سلم (أن العقل) ميراث (بين ورثة القتيل) لا تختص به العاقلة (على فرائضهم) المقدرة لهم شرعًا. ورواه أحمد وغيره. والبخاري في تأريخه عن قرة بن دعموص قال أتيت النبي صلى الله عليه و سلم أنا وعمي فقلت يا رسول الله عند هذا دية أبي فمره يعطنيها. وكان قتل في الجاهلية فقال أعطه دية أبيه" فقلت هل لأمي فيها حق قال "نعم" وكانت ديته مائة من الإبل. فدلت هذه الأحاديث وغيرها أن الدية ميراث كسائر ماله لا يختص بها العاقلة بل ترث الزوجة من دية زوجها كما ترث من ماله وكذلك الأم وغيرها.
(وعن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (مرفوعا المكاتب يورث بقدر ما عتق منه) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم و (حسنه الترمذي) وقال الحافظ إسناده ثقات. وهو قول علي وابن مسعود وغيرهما. فيثبت له حكم الحرية فيما يتبعض من الأحكام حيًا وميتًا كالإرش والحد ويرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية. وكسب وارثه بحريته لورثته كما إذا كان نصفه حرًا وهاياه مالك نصفه بأخذ نصف كسبه فنصف كسبه له. يختص به ورثته. ومن كله رقيق لا يرث ولا يورث إجماعًا ولو كان مدبرًا أو مكاتبًا أو أم ولد لخبر "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم" واختاره الموفق وغيره. ولأنه لو ورث لكان لسيده وهو أجنبي ولا يورث لأنه لا مال له ومن قال يملك فملكه غير مستقر. ويرث الأسير عند الكفار إذا علمت حياته اتفاقًا.
(وقال صلى الله عليه و سلم إنما الولاء لمن أعتق) وهو حديث متفق عليه. فأثبت الولاء ومقتضاه نفيه عمن سواه. وولاء العتاقة عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق. فمن أعتق عبدًا أو أمة أو أعتق بعضه فسرى إلى باقيه أو عتق عليه برحم أو كتابة أو إيلاد فله عليه الولاء إجماعًا. وقيل ولو أعتقه في زكاة أو كفارة. وقال أبو عبيد ولاؤه لصاحب الصدقة. وهو قول الجمهور ومن له عليه الولاء فله الولاء على أولاده. وأولادهم وإن سفلوا من زوجة عتيقة أو سرية وعلى من له أو لهم ولاؤه، لأنه ولي نعمتهم، وبسببه عتقوا، ولأن الفرع يتبع أصله.
ويرث ذو الولاء مولاه عند عدم عصبة النسب، وعدم ذوي فرض تستغرق فروضهم المال لخبر "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر" ثم عصبة ذي الولاء بعده الأقرب فالأقرب، فمتى وجد عصبة النسب أو ذي فرض يستغرق المال فلا شيء للمولى ولا عصبته بلا خلاف.
(وقال) يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم (الولاء لحمة كلحمة النسب) أي يجري الولاء مجرى النسب. كما تخالط اللحمة سدى الثوب حتى يصير كالشيء الواحد (لا يباع ولا يوهب) وفي المتفق عليه "نهى عن بيع الولاء وعن هبته" (ولا يورث) ولا يوقف ولا يوصى به بل إنما يورث به (صححه الترمذي) وقال الشيخ معناه صحيح، وتكلم فيه بعضهم، فدل هو وغيره على عدم صحة بيع الولاء وهبته. فإن الولاء أمر معنوي كالنسب، لا يتأتى انتقاله، كالأبوة والأخوة لا يتأتى انتقالها.
وعلى هذا جماهير العلماء ولا فرق بين كون ذلك في دار الإسلام أو الحرب، لتشبيه الشارع له بالنسب، ولو اختلف دينهما في قول جمهور العلماء (ويروى) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ميراث الولاء للكبر من الذكور) بضم الكاف وسكون الموحدة أقرب عصبة السيد إليه يوم موت عتيقه ولا. يرث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن، أي باشرن عتقه، أو عتق عليهن بنحو كتابه، أو أعتقه من أعتقن، أي عتيق عتيقهن وأولادهم، ومن جروا ولاءه (قال أحمد وهو قول أكثر الناس) فمن أعتقن أو عتق عليهن ورثته بلا خلاف، لما تقدم من قوله صلى الله عليه و سلم "إنما الولاء لمن أعتق" وأن "المرأة تحوز إرث عتيقها" ولأنها منعمة بالإعتاق كالرجل، ما لم يوجد عصبة نسب أو ذي فرض يستغرق المال.
ولا يرث بالولاء ذو فرض إلا أب وجد يرثان السدس مع الابن أو ابنه. وإن مات السيد عن ابنين ثم مات أحدهما عن ابن ثم مات عتيقه فإرثه لابن سيده وحده، لأنه أقرب عصبة إليه، وهو معنى قوله "للكبر" ولو مات ابنا السيد وخلف أحدهما ابنًا والآخر تسعة، ثم مات العتيق فإرثه على عددهم كالنسب، وهو قول أكثر العلماء، ولو اشترى أخ وأخته أباهما فعتق عليهما، ثم ملك قنا فاعتقه، ثم مات الأب ثم العتيق، ورثه الابن بالنسب دون أخته بالولاء، وتسمى مسألة القضاة، فروي عن مالك أنه سأل عنها سبعين من قضاة العراق فأخطأوا فيها.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire