el bassaire

dimanche 29 décembre 2013

باب النفقات

باب النفقات
جمع نفقة وهي كفاية من يمونه طعامًا وكسوة ومسكنًا، وتوابع ذلك من ماء شرب، وطهارة وغير ذلك من زوجة وأقارب ومماليك وغيرهم، وأحقهم في ذلك الزوجة، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على وجوب نفقتها على الزوج وكذا الولد الصغير والأب والرقيق وغيرهم مما سيأتي تفصيله.

(قال تعالى: }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ{ ) أي لينفق على المولود والده أو وليه بحسب قدرته وعموم الآية يدل على وجوب نفقة الزوج على زوجته وأقاربه بشرطه بحسب سعته }وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ{ ضيق عليه في المال }فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ{ على قدر ذلك فكل بحسبه }لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا{ أي لا يكلف الله نفسًا في النفقة إلا ما أعطاها من المال، كما قال تعالى: }لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا{ ثم قال تعالى:}سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا{ أي بعد ضيق وشدة غني وسعة، فدلت الآية على وجوب نفقة المولود على والده أو وليه بحسب قدرته. والآيات والسنة أيضًا دلت على أحقية نفقة الزوجة، فعموم الآية دال على وجوبها للزوجة والأقارب بقدر اليسر والعسر فيطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى بالمعروف، وعليه عمل المسلمين.
(وقال) تعالى }قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ{ أي أوجبنا على المؤمنين في أزواجهم من الأحكام، فدلت الآية الكريمة وغيرها على وجوب نفقة الزوجة ولا نزاع في ذلك، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على أن على العبد نفقة زوجته.
(وقال) تعالى: }وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ هو الاحتمال في القول والمبيت والنفقة، فدلت الآية على وجوب نفقة الزوجة وكان صلى الله  عليه  و سلم يتلطف بأهله ويوسعهم نفقة وقال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» ولا نزاع في مشروعية المعاشرة بالمعروف.
(وقال) تعالى }فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ{ المعروف كل ما يعرف في الشرع من أداء حقوق النكاح وحسن الصحبة (أو تسريح بإحسان) فلا يضار امرأته ولا يضاجرها لتفتدي منه بل يحسن عشرتها وينفق عليها كما في قوله }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ{ (وقال) تعالى }وَلَهُنَّ{ أي للزوجات على الأزواج من الحق }مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ{ للأزواج من الحق (بِالْمَعْرُوفِ) الذي لا ينكر في الشرع فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، ويدخل في ذلك جميع الحقوق التي للمرأة وعليها، وأن مرد ذلك إلى ما يتعارفه الناس بينهم ويجعلونه معدودًا.
وقال الشيخ في النفقة والكسوة والسكنى، وكغطاء وماعون الدار ونحو ذلك يكون بقدر الحاجة والعمل عليه، فمتى تسلمها أو بذلت نفسها ولو مع صغره وجبت نفقتها، ووجوب نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة لما تقدم والبائن بفسخ أو طلاق إن كانت حاملاً، والنفقة للحمل نفسه، ولا نفقة ولا سكنى لمتوفى عنها، لأن المال انتقل عن الزوج إلى الورثة، فإن كانت حاملاً فالنفقة من حصة الحمل من التركة أو على وارثه الموسر، ومن نشزت أو تطوعت بصوم أو صلاة أو حج بلا إذنه، أو سافرت لحاجتها ونحو ذلك سقطت نفقتها مدته لمنعها نفسها عنه بسبب من جهتها، بخلاف من أحرمت بحج فرض أو صوم فرض أو صلاة فرض أو صامت قضاء رمضان في شعبان، لوجوب ذلك بالشرعِ.
(وقال صلى الله  عليه  و سلم في خطبته) للناس بمنى (في حجة الوداع) سنة عشر سميت حجة الوداع لأنه ودع الناس فيها، قال لما ذكر النساء (ولهن عليكم) أي يجب لنسائكم عليكم (نفقتهن) بالمعروف }وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ الذي عرفه الشارع ويتعارفه الناس بينهم كل ينفق على قدر حاله، لما تقدم من قوله }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ{ (رواه مسلم) والحديث دليل على وجوب النفقة والكسوة للزوجة، ولا نزاع في ذلك، والواجب عند الجمهور طعام مصنوع، لأنه الذي يصدق عليه أنه نفقة، ولا تجب القيمة إلا برضى من يجب عليه الإنفاق.
قال ابن القيم أما فرض الدراهم فلا أصل له في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله صلى الله  عليه  و سلم، ولا عن أحد من الصحابة البتة ولا التابعين ولا تابعيهم، ولا نص عليه أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أئمة الإسلام، والله تعالى أوجب نفقة الأقارب والزوجات والرقيق بالمعروف، وليس من المعروف فرض الدراهم، بل المعروف الذي نص عليه الشرع أن يكسوهم مما يلبس ويطعمهم مما يأكل، وليست الدراهم من الواجب ولا عوضه ولا يصح الاعتياض عما لم يستقر ولم يملك، فإن نفقة الأقارب يومًا فيومًا، ولو كانت مستقرة لم تصح المعاوضة عنها بغير رضى الزوج والقريب.
فإن الدراهم تجعل عوضًا من الواجب الأصلي، وهو إما البر عند الشافعي أو المقتات عند الجمهور فكيف يجبر على المعاوضة على ذلك بدراهم من غير رضا ولا إجبار الشرع له على ذلك، فهذا مخالف لقواعد الشرع، ونصوص الأئمة ومصالح العباد ولكن إن اتفق المنفق والمنفق عليه جاز باتفاقهما انتهى. وللزوجة وكذا القريب نفقة كل يوم من أوله، وإن اتفقا على تعجيلها أو تأجيلها جاز، وكذا الكسوة ونحوها.

 (وعن أبي هريرة مرفوعًا «امرأتك تقول أطعمني أو فارقني» رواه أحمد وصححه المجد ووثقه الحافظ، (وللخمسة إلا الترمذي) وصححه ابن حبان والحاكم (عن حكيم بن معاوية) القشيري عن ِأبيه معاوية بن حيدة، ومعاوية صحابي روى عنه ابنه وحفيده بهز (قلت: يا رسول الله ما حق زوج أحدنا عليه) زوج بلا تاء هي اللغة الفصحى.
وجاء بالتاء (قال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت) فدل الحديث مع ما تقدم على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها وأن النفقة بقدر سعته لا يكلف فوق وسعه، لقوله «إذا طعمت» فمتى قدر على تحصيل النفقة وجب عليه أن لا يختص بها دون زوجته بما زاد على سد خلته لخبر «ابدأ بنفسك» ولا يلزمه تمليك الزوجة النفقة والكسوة.
قال الشيخ: بل ينفق ويكسو بحسب العادة، لقوله: «إن حقها عليك أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت» كما قال عليه الصلاة والسلام في المملوك اهـ، ويعتبر الحاكم ذلك بحالهما عند التنازع كما هو مذهب جمهور العلماء مالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم، فيفرض للموسرة تحت الموسر وهو من يقدر على النفقة بماله أو كسبه قدر كفايتها ومثل بعضهم خبزًا من أرفع خبز البلد وأدمه ولحمًا عادة الموسرين بمحلهما وما يلبس مثلها من حرير وغيره، وللنوم فراش ولحاف، ونحوه مما جرت العادة لمثلهما ويفرض للفقيرة تحت الفقير من أدنى خبز البلد ومن أدم يلائمهما، ومن الكسوة ما يلبس مثلها، ويجلس وينام عليه وللمتوسطة والغنية مع الفقير والفقيرة تحت الغني ما بين ذلك عرفًا.
(وعن ابن المسيب) سعيد بن المسيب رضي الله عنه (في الرجل لا يجد ما ينفق على أهله) قوتًا وكسوة ومسكنًا (قال السنة أن يفرق بينهما) قال بعض أهل العلم له حكم الرفع وله شواهد (رواه سعيد) ابن منصور في سننه عن سفيان عن أبي الزناد عن سعيد قال: قلت لسعيد سنة قال سنة.

قال الحافظ وهذا مرسل قوي ومراسيل سعيد معمول بها لما عرف من أنه لا يرسل إلا عن ثقة، قال الشافعي والذي يشبه أن يكون قول سعيد سنة سنه رسول الله صلى الله  عليه  و سلم، لأنه إنما سأل عما هو حجة وهو سنته صلى الله  عليه  و سلم، وللدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعًا في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: «يفرق بينهما» ومذهب جمهور العلماء مالك والشافعي وأحمد وغيرهم أنه متى أعسر الزوج بنفقة القوت أو بالكسوة أو بالمسكن أو ببعض ذلك فلها فسخ النكاح بإذن الحاكم، ولها الصبر مع منع نفسها وبدونه ولا يمنعها تكسبًا ولا يحبسها.
(وله) أي لسعيد بن منصور في سننه والشافعي بسند جيد وصححه أبو حاتم الرازي (أن عمر) ابن الخطاب رضي الله عنه (كتب إلى أمراء الأجناد) جمع جندي وجمعه جند أيضًا وجنود العسكر والأعوان (في رجال غابوا عن نسائهم) من الأجناد (أن يأخذوهم) فيلزموهم (بأن ينفقوا) على أزواجهم مدة غيابهم (أو يطلقوا) أي إن لم ينفقوا عليهن (فإن طلقوا) بعد غيابهم (بعثوا بنفقة ما حبسوا) أزواجهم وحكى إجماع الصحابة على ذلك للزوم نفقة ما مضى. ولو لم يفرضها الحاكم سواء ترك الإنفاق لعذر أو لا مع اليسار أو الإعسار. فإن فرضها الحاكم لزمت بالاتفاق. وكذا إن اتفقا على قدر معلوم. فتصير ديناً باصطلاحها.
ومتى غاب زوج موسر ولم يدع لها نفقة وتعذر أخذها من ماله أو من وكيله وتعذرت استدانتها عليه فلها الفسخ بإذن الحاكم. وكذا امرأة المفقود لها الفسخ إذا لم يكن له مال ينفق على زوجته منه. وإن أنفقت في غيبته من ماله فبان ميتا غرمها الوارث ما أنفقته بعد موته. وإن اختلفا في أخذ نفقة ونحوها فقول من يشهد له العرف. وهو مذهب مالك. ويخرج على مذهب أحمد في تقديم الظاهر على الأصل. وقال ابن القيم: وقول إنه لا يقبل قول المرأة إن زوجها لم يكن ينفق عليها ويكسوها فيما مضى هو الصواب. لتكذيب القرائن الظاهرة لها. وقولهم هو الذي ندين الله به. ولا نعتقد سواه والعلم الحاصل بإنفاق الزوج وكسوته في الزمن الماضي اعتمادا على الإمارات الظاهرة أقوى من الظن الحاصل باستصحاب الأصل.
(وعن عائشة) رضي الله عنها (أن هندًا) هي: بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها. وتوفيت سنة أربع عشرة (قالت يا رسول الله إن أبا سفيان) ابن حرب واسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس. من رؤسا قريش. أسلم عام الفتح حين أخذته جند النبي صلى الله  عليه  و سلم، وأجاره العباس ثم غدا به إلى رسول الله صلى الله  عليه  و سلم.
وتوفي سنة اثنتين وثلاثين (رجل شحيح) الشح البخل مع الحرص. فهو أخص من البخل. والبخل يختص بمنع المال والشح يعم كل شيء في جميع الأحوال أي هو بخيل حريص (لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي) أي مقدار ما يكفيني من النفقة ويكفي ولدي (إلا ما أخذت من ماله بغير علمه) أي بغير علم منه بذلك ولا إذن فهل عليَّ في ذلك من جناح؟.
(فقال خذي) أي: من مالِهِ (ما يكفيك وولدك بالمعروف) أي ما يعرفه الشرع يأمر به. وهو الوسط العدل. وقال الحافظ القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية (متفق عليه) وفي البخاري " لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف" وتقدم أنه الوسط العدل وما عرف أنه الكفاية.
فدل الحديث على وجوب نفقة الزوجة والأولاد على الزوج. وأن الواجب الكفاية من غير تقدير النفقة. وهو مذهب جمهور العلماء وأن من تعذر عليه استيفاء ما يجب له من نفقة: أن يأخذه، لأنه صلى الله  عليه  و سلم أقرها على الأخذ في ذلك لاسيما مع تمرد الأب. وأن للأم ولاية الإنفاق على أولادها. وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه. والمراد هنا جواز الأخذ من ماله إن لم يقم بكفايتها وولدها بالمعروف بلا إذنه. فإن لم تقدر أجبره الحاكم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire