el bassaire

vendredi 1 mars 2013

باب الحيض



والاستحاضة والنفاس وما يتعلق بذلك. والحيض مصدر حاضت المرأة تحيض حيضًا ومحيضًا فهي حائض وحائضة إذا جرى دمها من حاض الوادي إذا سال وأخر هذا الباب وأفرد لاختصاصه بالأنثى ولما يختص به من الأحكام. وفي الصحيحين مرفوعًا "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم" خلقه الله لحكمة غذاء الولد وتربيته.

قال تعالى: }وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ{  أي الحيض ما يفعل النساء فيه }قُلْ هُوَ أَذًى{ أي قذر والأذى ما يكره من كل شيء فمتى رأت دمًا اسود أو أحمر أو صفرة أو كدرة يصلح أن يكون حيضًا ولو قبل تسع سنين أو بعد ستين فحيض. قال شيخ الإسلام فلا حد لأقل سن ولا أكثره. ولا تسمى آيسة حتى ينقطع لكبر أو تغير لقوله }وَاللاَّئِي يَئِسْنَ{ وعليه العمل ولا يسع الناس غيره قال الدارمي المرجع فيه إلى الوجود فأي قدر وجد في أي حال وسن كان وجب جعله حيضًا وما سوى هذا القول خطأ.

وقال مالك والشافعي والشيخ وغيرهم ليس له حد. وإنما الرجوع فيه إلى العادات في البلدان. قال النووي وفي الـدم الذي تـراه الحامل قولان أصحهما أنه حيض وصوبه في الإنصاف وغيره وهو مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد واختاره الشيخ وغيره. وقال الحافظ هو دم بصفات دم الحيض وفي زمان إمكانه فله حكم دم الحيض فمن ادعى خلافه فعليه البيان ولأنه دم لا يمنعه الرضاع فلا يمنعه الحمل. }فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ{ أي اجتنبوا مجامعتهن في الفرج قال ابن عباس نكاح فروجهن. وقال الشيخ المراد اعتزال ما يراد منهن في الغالب وهو الوطء في الفرج لأنه قال  }هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ{ فذكر الحكم بعد الوصف بالفاء فدل على أن الوصف هو العلة لا سيما وهو مناسب للحكم. فأمر بالاعتزال في الدم للضرر والنجس وهو مخصوص بالفرج فيختص الحكم بمحل سببه. ولهذا لما نزلت هذه الآية قال النبي –r- "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" رواه مسلم والخمسة.

}وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ{ أي لا تجامعوهن بالوطء في الفرج توكيدًا لقوله }فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ{ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ{ من الحيض وهو تفسير لقوله}فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ{ نهى سبحانه عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودًا وهو حرام إجماعًا }فَإِذَا تَطَهَّرْ{ يعني اغتسلن بالماء من حيضهن أو تيممن مع العذر }فَأْتُوهُنَّ{ أي جامعوهن }مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ{ أي من حيث أمركم الله أن تعتزلوهن وهو الفرج. قال ابن كثير وغيره اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع دمها لا يحل وطؤها حتى تغتسل بالماء أو تتيمم إن تعذر ذلك عليها بشرطه إلا أبا حنيفة فيقول تحل بمجرد الانقطاع والكتاب والسنة حجة عليه. قال الشيخ وقول الجمهور هو الصواب وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن والآثار فيتوقف الوطء على الاغتسال لأن حدثها لا يزول إلا به. وحكى إسحاق إجماع التابعين عليه.والله تعالى ذكر غايتين حتى يطهرن غاية للتحريم الحاصل بالحيض وهو تحريم لا يزول بالاغتسال ولا غيره وإنما يزول بانقطاع الدم ثم بقي بالوطء جائزًا بشرط الاغتسال ولهذا قال }فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ{ من الذنوب }وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين{ من الأحداث والنجاسات.
(وعن عائشة أن أم حبيبة) بنت جحش أخت زينب وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف (شكت إلى النبي صلى الله عليه و سلم الدم) أي كثرة جريانه. ولأبي داود استحيضت سبع سنين فاستفتت رسول الله صلى الله عليه و سلم (فقال: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك) يعني قبل استمرار جريان الدم (ثم اغتسلي) أي غسل الخروج من الحيض فكانت تغتسل لكل صلاة من غير أمر منه صلى الله عليه و سلم لها لذلك (رواه مسلم) وفي رواية البخاري "وتوضئي لكل صلاة" وهي لأبي داود وغيره من وجه آخر. وعـن أم سلمة أنها استفتت رسول  الله صلى الله عليه و سلم في امرأة تهراق صلى الله عليه و سلم الدم فقال "لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيض وقدرهن من الشهر فتدع الصلاة ثم لتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل رواه أحمد وأبو داود والنسائي. (ولهما عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش) القرشية الأسدية زوج عبد الله بن جحش (كانت تستحاض) والاستحاضة جريان الدم في غير أوانه على سبيل النزف من عرق يقال له العاذل فجاءت إلى النبي – صلى الله عليه و سلم - تستفتيه فقالت إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة (فقال – صلى الله عليه و سلم - إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة) ولأبي داود "فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة"، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم" ويحرمان عليها بإجماع المسلمين. وفيهما عن عائشة "فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" وهو إجماع (فإذا ذهب قدرها) أي قدر الحيضة.

قال الشيخ فالأصل في ذلك عدم التقدير من الشارع فإنه لم يقدر ذلك بقدر بل وكله إلى ما تعرفه من عادتها ومذهب مالك ولو دفعة فقط وقال الشيخ ولو ساعة، ولا حد لأكثره ما لم تصر مستحضاة وهو مذهب جمهور السلف. قال والمرجع في ذلك إلى العادة، ولم يثبت عن النبي – صلى الله عليه و سلم - ولا عن أصحابه في ذلك شيء، وما أطلقه الشارع عمل بمقتضى مسماه ووجوده ولم يجز تقديره وتحديده. قال ابن رشد: وإنما أجمعوا على أن الدم إذا تمادى أكثر من مدة أكثر الحيض أنه استحاضة لهذا الخبر اهـ ولهذا قال النبي – صلى الله عليه و سلم - "فإذا ذهب قدرها (فاغسلي عنك الدم وصلي)، وفي رواية "ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي".

فدلت هذه الأحاديث على أن المستحاضة المعتادة وهي التي تعرف شهرها ووقت حيضها وطهرها منه تجلس عادتها ثم تغتسل بعدها وتصلي ويباح وطؤها اتفاقًا؛ لأن حمنة وأم حبيبة وغيرهما استحضن وزوج كل واحدة منهن يغشاها.

وليست المستحاضة كالحائض من كل وجه فتقاس عليها بل فرق الشارع بينهما لأن دم الحيض أعظم وأدوم وأضر من دم الاستحاضة، ودم الاستحاضة دم عرق وهو في الفرج بمنزلة الرعاف في الأنف وخروجه مضر وانقطاعه دليل الصحة ودم الحيض بعكس ذلك ولا يستوي الدمان حقيقة ولا حكمًا ولا سببًا. قال النووي وغيره يجوز في الزمن المحكوم بأنه طهر ولا كراهة في ذلك ولا يثبت لها شيء من أحكام الحيض بلا خلاف. ونقل ابن جرير الإجماع على أنها تقرأ القرآن وأن عليها جميع الفرائض التي على الطاهر. وحكى غيره أيضًا نحو ذلك لأنها كالطاهر في الصلاة والصوم وغيرهما فكذلك في الجماع.

وقال ابن عباس يأتيها زوجها، الصلاة أعظم. وللبخاري "ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت" ولأبي داود وغيره "ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير".

وعند الجمهور ليس لها الوضوء قبل دخول الوقت لأن طهارتها ضرورية فليس لها تقديمها قبل وقت الحاجة. وتغسل فرجها قبل الوضوء وتحشوه بقطنة أو خرقة دفعًا للنجاسة وتقليلًًا لها فإن لم يندفع شدت مع ذلك على فرجها وتلجمت واستثفرت كما هو معروف عند أهل العلم لقوله عليه الصلاة والسلام "انعت لك الكرسف فتحشين به المكان قالت، إنه أكثر من ذلك قال تلجمي" وكذا به من سلس البول أو ريح أو جرح لا يرقى دمه أو رعاف دائم.

(ولأبي داود) والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم وابن حزم واستنكره أبو حاتم. وقال ابن الصلاح يحتج به (فقال لها) يعني قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - لفاطمة (إن دم الحيض دم أسود يعرف) بضم الياء وكسر الراء أي له عرف ورائحة وقيل بفتح الراء أي تعرفه النساء "فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي". ففيه رد المستحاضة إلى صفة الدم بأنه إذا كان بتلك الصفة فهو حيض، ولا مانع من اجتماع المعرفين في حقها وحق غيرها.

وإذا اتفقت العادة والتمييز جلستهما بلا نزاع. وإن كانت المعتادة مميزة جلست عادتها. قال الزركشي وهو اختيار الجمهور. وقال الشيخ هو أظهر الروايتين عن أحمد وهو ظاهر الحديث اهـ ولظاهر حديث أم حبيبة والتي استفتت لها أم سلمة ولم يستفصل عن كونها مميزة ولأن العادة أقوى لكونها لا تبطل دلالتها بخلاف اللون إذا استمر بها الدم.

فإن لم يكن لها عادة أو كانت ونسيتها عملت بالتمييز الصالح للحيض. قال في الإنصاف بلا نزاع. قال شيخ الإسلام رحمه الله ، الدم باعتبار حكمه لا يخرج عن خمسة أقسام مقطوع بأنه حيض كالدم المعتاد الذي لا استحاضة معه. ودم مقطوع بأنه استحاضة كدم صفرة ودم يحتمل الأمرين لكن الأظهر أنه حيض وهو دم المعتادة والمميزة ونحوهما من المستحاضات الذي يحكم بأنه حيض ودم يحتمل الأمرين والأظهر أنه دم فساد وهو الدم الذي يحكم بأنه استحاضة من دماء هؤلاء ودم مشكوك فيه لا يترجح فيه أحد الأمرين ويقول به طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما فيوجبون على أصحابها أن تصوم وتصلي ثم تقضي الصوم.

والصواب أن هذا القول باطل لوجوه منها أن الله بين لنا ما نتقيه فكيف يقال: إن الشريعة فيها شك ولا يقولون نحن شككنا فإن الشاك لا علم عنده فلا يجزم. وهؤلاء يجزمون بوجوب الصيام وإعادته لشكهم.

والثاني أن الشريعة ليس فيها إيجاب الصلاة مرتين ولا الصيام مرتين إلا بتفريط والصواب ما عليه جمهور المسلمين أن من فعل العبادة كما أمر بحسب وسعه فلا إعادة عليه. (وعن حمنة) بنت جحش أخت أم حـبيبة وزيـنب أم المؤمنين وهي امرأة أبي طلحة (قالت كنت استحاض حيضة كبيرة شديدة) ولأبي داود إنما أثج ثجا "قالت فأتيت النبي – صلى الله عليه و سلم استفتيه  فقال – صلى الله عليه و سلم - فقال – صلى الله عليه و سلم - (إنما هي ركضة من الشيطان) أي أن الشيطان قد وجد سبيلاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها عادتها وصارت في التقدير كأنها ركضة منه والركضة ضرب الرجل في الأرض حال العدو ولا ينافي أنه عرق كما تقدم يقال له العاذل فيحمل على أن الشيطان ركضه حتى انفجر. (فتحيضي) أي اقعدي عن الصلاة ايام حيضك (ستة أيام أو سبعة) أيام وكلمة "أو" ليست شكًا من الراوي ولا للتخيير بلا للإعلام بأن للنساء أحد العددين فترجع إلى الأقرب منهما (ثم اغتسلي) كما تغتسل الحائض إذا انقطع دمها (فإذا استنقأت) أي بالغت في التنقية (فصلي أربعة وعشرين) إن كانت أيام الحيض ستة (أو ثلاثة وعشرين) إن كانت أيام الحيض سبعة (وصومي وصلي) ما شئت من فريضة وتطوع (فإن ذلك يجزئك) أي الصوم والصلاة يجزئ من غير إعادة ولو مع سيلان الدم (وكذلك فافعلي) فيما يستقبل من الشهور ولأبي داود "فافعلي كل شهر " (كما تحيض النساء) ولأبي داود " وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن" (رواه الخمسة وصححه الترمذي) وأحمد والبخاري وغيرهم. والحاصر أن المعتادة ترد إلى عادتها. والمميزة تعمل بالتمييز. والفاقدة لهما تحيض ستًا أو سبعًا. ومن محاسن مذهب أحمد جمعه بين السنن الثلاث. قال شيخ الإسلام للعلماء نزاع في الاستحاضة فإن أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة فلا بد من فاصل والعلامات التي قيل بها ست. أما العادة فإن العادة أقوى العلامات لأن الأصل مقام الحيض دون غيره. وأما التمييز لأن الدم الأسود والثخين أولى أن يكون حيضًا من الأحمر. وأما اعتبار غالب النساء لأن الأصل الحاق الفرد بالأعم الأغلب.

فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنة والاعتبار. ومن الفقهاء من يجلسها ليلة وهو أقل الحيض ومنهم من يجلسها الأكثر لأن الأصل دم الصحة. ومنهم من يلحقها بعادة نسائها وأصوب الأقوال اعتبار العلامة التي جاءت بها السنة وإلغاء ما سوى ذلك اهـ. وفي حديثها "وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلين الظهر والعصر جميعًا ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وتغتسلين مع الصبح وتصلين. قال وهو أعجب الأمرين إلي" وهذا للندب لقوله "وإن قويت" فإنه يشعر أنه ليس بواجب عليها، وإنما الواجب الوضوء لكل صلاة بعد الاغتسال عن الحيض وهو إجماع. (وعن أم عطية) نسيبة بنت الحارث الأنصارية من المبايعات وغزت معه سبع غزوات (قالت كنا) يعني زمن النبي – صلى الله عليه و سلم - (لا نـعد الصفرة) وهـو الماء الـذي تراه المـرأة كالصديد (والكدرة) أي ما هو بلون الماء الكدر (بعد الطهر) أي بعد رؤية القصة البيضاء والجفوف (شيئًا) أي لا نعده حيضًا (رواه أبو داود) ورواه البخاري بدون لفظ الطهر وله حكم الرفع عند أهل الحديث وغيرهم لكونه تقريرًا منه – صلى الله عليه و سلم - فما ليس بدم غليظ أسود يعرف فلا يعد بعد الطهر حيضًا. ولأحمد وأبي داود وغيرهما في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر قال " إنما هو عرق أو عروق" قال البغوي وهو قول أكثر الفقهاء.

ومفهومه أن الصفرة والكدرة قبل الطهر حيض وهو إجماع لقوله (حتى يطهرن) وهو يتناولها ولأن النساء يبعثن إلى عائشة بالدرج فيها الصفرة والكدرة فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء يعني الطهر فعلامة انقطاعه والحصول في الطهر أن ينقطع خروج الدم والصفرة والكدرة سواء خرجت رطوبة بيضاء. أو لم يخرج شيء أصلاً. ولا حد لأقل الطهر فمتى طهرت اغتسلت وصلت قال الشيخ ولو ساعة.

(وعن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يواكلوها) وكانوا لا يساكنونها في بيت واحد ولا يجتمعون بها (فقال النبي – صلى الله عليه و سلم - اصنعوا كل شيء) من أنواع الاستمتاع (إلا النكاح) أي الوطء في الفرج. وفي رواية "إلا الوطء" يعني في الفرج حال جريان الدم (رواه مسلم) ورواه الخمسة وغيرهم. وهذا الحديث مبين للمراد من الآية أن المأمور به من الاعتزال والمنهي عنه من القربان هو النكاح وأما المواكلة والمجالسة والمضاجعة ونحو ذلك فجائز. وعن عائشة: "كان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض". وعن معاذ سئل ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال ما فوق الإزار، رواه أبو داود بسند ضعيف.

فأباح الاستمتاع بما فوق الإزار ولا نزاع فيه. ومطلقًا سوى الجماع كما هو نص حديث أنس وحديث عائشة: "كنت أبيت أنا ورسول الله –r- في الشعار الواحد وأنا حائض" والشعار هو ما يلي الجسد من الثياب وهو مذهب الجمهور إذا كان يملك نفسه عن الوطء في الفرج وإلا فلا اتفاقًا لقوله "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه". ويعضده الأمر بالاتزار. وقال ابن القيم حديث أنس ظاهر في أن التحريم إنما وقع على موضع الحيض خاصة وهو النكاح وأباح كلما دونه وأحاديث الاتزار لا تناقضه لأن ذلك أبلغ في اجتناب الأذى. وقرر الشيخ قاعدة وهي إنما كان مظنة الفساد خفي علق الحكم به ودار التحريم عليه، وعن ابن عباس في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال يتصدق بدينار أو نصف دينار رواه الخمسة وصححه الحاكم.

وقال الشيخ وابن القيم هو موجب القياس على الوطء في الصيام والإحرام فالصحيح وجوبه ولو لم تأت به الشريعة فكيف وقد جاءت به مرفوعًا وموقوفًا وهو إحدى الروايتين عن أحمد وقال الحافظ الخبر مضطرب وقال أحمد لو صح لكنا نرى عليه الكفارة فعنه لا كفارة وفاقًا، بل من تعمد ذلك أثم وليس عليه إلا الاستغفار. قال الترمذي وهو قول علماء الأمصار وقال ابن كثير وغيره قال أكثر العلماء لا شيء عليه ويستغفر الله والذمة بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها فالله أعلم.

(وعن أم سلمة: كانت النفساء) بضم النون ونفست بضمها لا غير إذا ولدت والمصدر النفاس (تقعد) أي تكف نفسها عما تفعله الطاهرة (على عهد رسول – صلى الله عليه و سلم - بعد نفاسها) أي ولادتها سميت به لأنه يصحبها خروج النفس وهو الدم ثم سمى الدم نفاسًا لأنه خارج بسبب الولادة (أربعين يومًا رواه الخمسة إلا النسائي) وأما ابن ماجه فمن حديث أنس وأثنى عليه البخاري وله شاهد عند الحاكم وصححه من حديث عثمان بن أبي العاص ومعناه أكثر ما تجلس إذ محال اتفاق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض. وقيل أكثره أربعون.

وقال الترمذي أجمع أهل العلم عن أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي وقال أبو عبيد وعلى هذا جماعة الناس. وقال إسحاق هو السنة المجمع عليها. قال ابن رشد وغيره لا خلاف أن الدم الذي يهراق بعد الولادة نفاس وابتداؤه خروج بعض الولد حكاه أحمد وغيره عن عمر وغيره ولم يعرف لهم مخالف. وقال الشيخ لأحد لأكثره ولو زاد على السبعين وانقطع لكن إن اتصـل فهـو دم فساد وحينئذ فالأربعون منتهي الغالب ولا حد لأقله اتفاقًا فيرجع فيه إلى الوجود وقد وجد قليلاً وكثيرًا.

ويثبت حكم النفاس بشيء فيه خلق الإنسان والنقاء زمنه طهر فمتى طهرت تطهرت وصلت. وأحكامه أحكام الحيض إجماعًا فيما يحل من الاستمتاع ونحوه وفيما يحرم كالوطء في الفرج والصوم والصلاة وفيما يجب كالغسل ويسقط كوجوب الصلاة فلا تقضي. ولأبي داود وغيره فلم يأمرها بقضاء صلاة النفاس.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire