باب
في أحكام الوقف
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان
https://al-bassair.blogspot.com
* الوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ,
والمراد بالأصل : ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدور والدكاكين والبساتين
ونحوها , والمراد بالمنفعة : الغلة الناتجة عن ذلك الأصل كالثمرة والأجرة وسكنى
الدار ونحوها .
* وحكم الوقف أنه قربة مستحب في الإسلام , والدليل على ذلك السنة
الصحيحة : - ففي " الصحيحين " : أن عمر رضي الله عنه قال : يا رسول الله
! إني أصبت مالا بخيبر لم أصب قط مالا أنفس عندي منه ; فما تأمرني فيه ; قال : " إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها , غير أنه لا يباع أصلها
ولا يوهب ولا يورث " فتصدق بها عمر في الفقراء وذوي القربى والرقاب وفي سبيل الله وابن
السبيل والضيف .
- وروى مسلم في " صحيحه " , عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال : إذا مات ابن آدم , انقطع عمله ; إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به من بعده , أو ولد صالح يدعو له
- وقال جابر : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ذو مقدرة إلا وقف " - وقال القرطبي رحمه الله : ولا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد , واختلفوا في غير ذلك .
- وروى مسلم في " صحيحه " , عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال : إذا مات ابن آدم , انقطع عمله ; إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به من بعده , أو ولد صالح يدعو له
- وقال جابر : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ذو مقدرة إلا وقف " - وقال القرطبي رحمه الله : ولا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد , واختلفوا في غير ذلك .
* ويشترط أن يكون الواقف جائز التصرف , بأن يكون بالغا حرا رشيدا ;
فلا يصح الوقف من الصغير والسفيه والمملوك
* وينعقد الوقف بأحد أمرين
الأول : القول الدال على الوقف ; كأن يقول : وقفت هذا المكان , أو
جعلته مسجدا .
الأمر الثاني : الفعل الدال على الوقف في عرف الناس - كمن جعل داره
مسجدا , وأذن للناس في الصلاة فيه إذنا عاما - , أو جعل أرضه مقبرة , وأذن للناس
في الدفن فيها
* وألفاظ التوقيف قسمان :
القسم الأول : ألفاظ صريحة , كأن يقول : وقفت , وحبست , وسبلت ,
وسميت . .. هذه الألفاظ صريحة ; لأنها لا تحتمل غير الوقف , فمتى أتى بصيغة منها ;
صار وقفا , من غير انضمام أمر زائد إليها .
والقسم الثاني : ألفاظ كناية ; كأن يقول : تصدقت , وحرمت , وأبدت .
.. سميت كناية لأنها تحتمل معنى الوقف وغيره , فمتى تلفظ بواحد من هذه الألفاظ ;
اشترط اقتران نية الوقف معه , أو اقتران أحد الألفاظ الصريحة أو الباقي من ألفاظ
الكناية معه , واقتران الألفاظ الصريحة ; كأن يقول : تصدقت بكذا صدقة موقوفة أو
محبسة أو مسبلة أو محرمة أو مؤبدة , واقتران لفظ الكناية بحكم الوقف ; كأن يقول :
تصدقت بكذا صدقة لا تباع ولا تورث .
* ويشترط لصحة الوقف شروط
وهي :
أولا : أن يكون الواقف جائز التصرف كما سبق .
ثانيا : أن يكون الموقوف مما ينتفع به انتفاعا مستمرا مع بقاء عينه ,
فلا يصح وقف ما لا يبقى بعد الانتفاع به ; كالطعام .
ثالثا : أن يكون الموقوف معينا ; فلا يصح وقف غير المعين ; كما لو
قال : وقفت عبدا من عبيدي أو بيتا من بيوتي .
رابعا : أن يكون الوقف على بر ; لأن المقصود به التقرب إلى الله
تعالى ; كالمساجد والقناطر والمساكين والسقايات وكتب العلم والأقارب ; فلا يصح
الوقف على غير جهة بر , كالوقف على معابد الكفار , وكتب الزندقة , والوقف على
الأضرحة لتنويرها أو تبخيرها , أو على سدنتها ; لأن ذلك إعانة على المعصية والشرك
والكفر
خامسا : ويشترط لصحة الوقف إذا كان على معين أن يكون ذلك المعين يملك
ملكا ثابتا ; لأن الوقف تمليك ; فلا يصح على من لا يملك , كالميت والحيوان .
سادسا : ويشترط لصحة الوقف أن يكون منجزا ; فلا يصح الوقف المؤقت ولا
المعلق , إلا إذا علقه على موته ; صح ذلك ; كأن يقول إذا مت ; فبيتي وقف على
الفقراء ; لما روى أبو داود : " أوصى عمر إن حدث به حدث , فإن سمعا ( أرض له
) صدقة , , واشتهر , ولم ينكر , فكان إجماعا , ويكون الوقف المعلق على الموت من
ثلث المال ; لأنه يكون في حكم الوصية .
* ومن أحكام الوقف أنه يجب العمل
بشرط الواقف إذا كان لا يخالف الشرع , لقوله صلى الله عليه وسلم : المسلمون على شروطهم , إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا ولأن عمر رضي الله عنه وقف وقفا وشرط فيه شرطا , ولو لم يجب اتباع شرطه
; لم يكن فيه فائدة , فإذا شرط منه مقدارا معينا أو شرط تقديما لبعض المستحقين على
بعض أو جمعهم أو اشترط اعتبار وصف في المستحق أو اشترط عدمه أو شرط النظر على
الوقف وغير ذلك ; لزم العمل بشرطه , ما لم يخالف كتابا ولا سنة . فإن لم يشترط
شيئا , استوى في الاستحقاق الغني والفقير والذكر والأنثى من الموقوف عليهم .
* وإذا لم يعين ناظرا للوقف , أو عين شخصا ومات
فالنظر يكون للموقوف عليه إن كان معينا , وإن كان الوقف على جهة كالمساجد , أو من
لا يمكن حصرهم كالمساكين ; فالنظر على الوقف للحاكم , يتولاه بنفسه , أو ينيب عنه
من يتولاه .
* ويجب على الناظر أن يتقي الله ويحسن الولاية على الوقف ; لأن ذلك
أمانة اؤتمن عليها .
* وإذا وقف على أولاده استوى
الذكور والإناث في الاستحقاق ; لأنه شرك بينهم , وإطلاق التشريك يقتضي الاستواء في
الاستحقاق ; كما لو أقر لهم بشيء ; فإن المقر به يكون بينهم بالسوية ; فكذلك إذا
وقف عليهم شيئا , ثم بعد أولاده لصلبه ينتقل الوقف إلى أولاد بنيه دون ولد بناته ;
لأنهم من رجل آخر , فينسبون إلى آبائهم , ولعدم دخولهم في قوله تعالى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ومن العلماء من يرى دخولهم في لفظ الأولاد ; لأن البنات أولاده ;
فأولادهن أولاد أولاده حقيقة , والله أعلم.
ولو قال : وقف على أبنائي , أو : بني فلان , اختص الوقف بذكورهم ;
لأن لفظ البنين وضع لذلك حقيقة , قال تعالى : أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ إلا أن يكون الموقوف عليهم قبيلة , كبني هاشم وبني تميم ; فيدخل فيهم
النساء ; لأن اسم القبيلة يشمل ذكرها وأنثاها .
* لكن إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم
وجب تعميمهم والتسوية بينهم , وإن لم يمكن حصرهم واستيعابهم , كبني هاشم وبني تميم
, لم يجب تعميمهم ; لأنه غير ممكن , وجاز الاقتصار على بعضهم وتفضيل بعضهم على بعض
.
* والوقف من العقود اللازمة بمجرد القول ; فلا يجوز فسخه ; لقوله
عليه الصلاة والسلام : لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث قال الترمذي : " العمل على هذا الحديث عند أهل العلم " . فلا
يجوز فسخه ; لأنه مؤبد , ولا يباع , ولا يناقل به ; إلا أن تتعطل منافعه بالكلية ,
كدار انهدمت ولم تمكن عمارتها من ريع الوقف , أو أرض زراعية خربت وعادت مواتا ولم
يمكن عمارتها بحيث لا يكون في ريع الوقف ما يعمرها ; فيباع الوقف الذي هذه حاله ,
ويصرف ثمنه في مثله ; لأنه أقرب إلى مقصود الواقف , فإن تعذر مثله كاملا , صرف في
بعض مثله , ويصير البديل وقفا بمجرد شرائه .
* وإن كان الوقف مسجدا , فتعطل ولم ينتفع به
في موضعه كأن خربت محلته ; فإنه يباع ويصرف ثمنه في مسجد آخر , وإذا كان على
مسجد وقف زاد ريعه عن حاجته ; جاز صرف الزائد إلى مسجد آخر ; لأنه انتفاع به في
جنس ما وقف له , وتجوز الصدقة بالزائد من غلة الوقف على المسجد على المساكين .
* وإذا وقف على معين ; كما لو قال : هذا وقف على زيد , يعطى منه كل
سنة مائة , وكان في ريع الوقف فائض عن هذا القدر ; فإنه يتعين إرصاد الزائد , وقال
الشيخ تقي الدين رحمه الله : " إن علم أن ريعه يفضل دائما , وجب صرفه ; لأن بقاءه
فساد له " .
* وإذا وقف على مسجد , فخرب , وتعذر الإنفاق
عليه من الوقف صرف في مثل من المساجد
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire