el bassaire

mardi 10 janvier 2017

باب في أحكام الوصايا

باب في أحكام الوصايا
 كتاب المواريث
قسم المعاملات وغيرها تلخيص
صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

 

https://www.facebook.com/groups/elbassaire
https://twitter.com/hadithecharif

https://www.youtube.com/user/hadithecharif

 

* الوصية لغة مأخوذة من وصيت الشيء إذا وصلته , سميت بذلك لأنها وصل لما كان في الحياة بما بعد الموت ; لأن الموصي وصل بعض التصرف الجائز له في حياته ليستمر بعد موته .
* والوصية في اصطلاح الفقهاء : هي الأمر بالتصرف بعد الموت , أو بعبارة أخرى : هي التبرع بالمال بعد الموت .
* والدليل على مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع . - قال الله تعالى :Description : B2 كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَDescription : B1 وقال تعالى :Description : B2 مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍDescription : B1 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكمDescription : H1.
- وأجمع العلماء على جوازها .
* والوصية تارة تكون واجبة وتارة مستحبة - فتجب الوصية بما له وما عليه من الحقوق التي ليس فيها إثباتات لئلا تضيع , قال النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين ; إلا ووصيته مكتوبة عندهDescription : H1 فإذا كان عنده ودائع للناس أو في ذمته حقوق لهم , وجب عليه أن يكتبها ويبينها .
- وتكون الوصية مستحبة بأن يوصي بشيء من ماله يصرف في سبل البر والإحسان ليصل إليه ثوابه بعد وفاته ; فقد أذن له الشارع بالتصرف عند الموت بثلث المال , وهذا من لطف الله بعباده ; لتكثير الأعمال الصالحة لهم .
* وتصح الوصية حتى من الصبي العاقل كما تصح منه الصلاة , وتثبت بالإشهاد وبالكتابة المعروفة بخط الموصي.
* ومن أحكام الوصية أنها تجوز بحدود ثلث المال فأقل , وبعض العلماء يستحب أن لا تبلغ الثلث ; فقد ورد عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم : - فقد قال أبو بكر رضي الله عنه :Description : H2 " رضيت بما رضي الله به لنفسه "Description : H1 يعني : في قوله تعالى :Description : B2 وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُDescription : B1 - وقال علي رضي الله عنه :Description : H2 " لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أوصي بالربع "Description : H1 - وقال ابن عباس رضي الله عنهما : " لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع ; فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :Description : H2 الثلث , والثلث كثيرDescription : H1
* ولا تجوز الوصية بأكثر من الثلث لمن له وارث ; إلا بإجازة الورثة ; لأن ما زاد على الثلث حق لهم , فإذا أجازوا الزيادة عليه , صح ذلك , وتعتبر إجازتهم لها بعد الموت .
* ومن أحكام الوصايا أنها لا تصح لأحد من الورثة ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 لا وصية لوارثDescription : H1 رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه , وله شواهد , وقال الشيخ تقي الدين : " اتفقت الأمة عليه " , وذكر الشافعي أنه متواتر , فقال : " وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح :Description : H2 لا وصية لوارثDescription : H1 ويأثرونه عمن لقوه من أهل العلم ; إلا إذا أجاز الورثة الوصية للوارث ; فإنما تصح ; لأن الحق لهم , وتعتبر صحة  إجازتهم الوصية بالزيادة على الثلث لغير الوارث وإجازتهم الوصية للوارث إذا كانت الإجازة صادرة منهم في مرض موت الموصي أو بعد وفاته . .. "
* ومن أحكام الوصية أنها إنما تستحب في حق من له مال كثير ووارثه غير محتاج , لقوله تعالى :Description : B2 كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُDescription : B1 والخير هو المال الكثير عرفا ; فتكره وصية من ماله قليل ووارثه محتاج ; لأنه يكون بذلك قد عدل عن أقاربه المحاويج إلى الأجانب , ولقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص :Description : H2 إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناسDescription : H1 وقال الشعبي : " ما من مال أعظم أجرا من مال يتركه الرجل لولده ويغنيهم به عن الناس " , وقال علي لرجل :Description : H2 " إنما تركت شيئا يسيرا , فدعه لورثتك "Description : H1 وكان كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصوا .
* وإذا كان قصد الموصي المضارة بالوارث ومضايقته فإن ذلك يحرم عليه ويأثم به ; لقوله تعالى :Description : B2 غَيْرَ مُضَارٍّDescription : B1 وفي الحديث :Description : H2 " إن الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة , ثم يحضره الموت , فيضار في الوصية , فتجب له النار "Description : H1 وقال ابن عباس :Description : H2 " الإضرار في الوصية من الكبائر "Description : H1 قال الإمام الشوكاني رحمه الله : " قوله :Description : B2 غَيْرَ مُضَارٍّDescription : B1 أي : يوصي حال كونه غير مضار لورثته بوجه من وجوه الضرار , كأن يقر بشيء ليس عليه , أو يوصي بوصية لا مقصد له فيها إلا الضرار بالورثة , أو يوصي لوارث مطلقا أو لغيره بزيادة على الثلث ولم تجز الورثة , وهذا القيد - أعني قوله :Description : B2 غَيْرَ مُضَارٍّDescription : B1 راجع إلى الوصية والدين المذكورين ; فهو قيد لها , فما صدر من الإقرارات بالديون أو الوصايا المنهي عنها أو التي لا مقصد لصاحبها إلا المضارة لورثته , فهو باطل مردود , لا ينفذ منه شيء , لا الثلث ولا دونه " انتهى كلام الشوكاني رحمه الله .
* ومن أحكام الوصايا جواز الوصية بكل المال لمن لا وارث له ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم :Description : H2 إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناسDescription : H1 وورد جواز ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه , وقال به جمع من العلماء ; لأن المنع من الوصية بما زاد عن الثلث لأجل حق الورثة , فإذا عدموا ; زال المانع ; لأنه لم يتعلق به حق وارث ولا غريم ; فأشبه ما لو تصدق بماله في حال صحته
. قال الإمام ابن القيم : " الصحيح أن ذلك له ; لأنه إنما منعه الشارع فيما زاد على الثلث إذا كان له ورثة , فمن لا وارث له لا يعترض عليه فيما صنع في ماله . .. " انتهى كلام ابن القيم .
* ومن أحكام الوصايا أنه إذا لم يف ثلث مال الموصي بها ولم تجز الورثة الزيادة على الثلث , فإن النقص يدخل على الجميع بالقسط فيتحاصون , ولا فرق بين متقدمها ومتأخرها ; لأنها كلها تبرع بعد الموت , فوجبت دفعة واحدة , تساوى أصحابها في الأصل وتفاوتوا في المقدار , فوجبت المحاصة , كمسائل العول في الفرائض إذا زادت على أصل المسألة .
مثال ذلك : لو أوصى لشخص بمائة ريال , ولآخر بمائة ريال , ولثالث بخمسين ريالا , ولرابع بثلاثين ريالا , ولخامس بعشرين ريالا , وثلث ماله مائة ريال فقط , ومجموع الوصايا ثلاث مائة ريال , فإذا نسبت مبلغ الثلث إلى مبلغ مجموع الوصايا ; بلغ ثلثه , فيعطى كل واحد ثلث ما أوصى له به فقط .
* ومن أحكام الوصايا أن الاعتبار بصحتها وعدم صحتها بحالة الموت , فلو أوصى لوارث , فصار عند الموت غير وارث كأخ حجب بابن تجدد ; صحت الوصية اعتبارا بحال الموت ; لأنه الحال الذي يحصل به الانتقال إلى الوارث والموصى له , وبعكس ذلك , لو أوصى لغير وارث , فصار عند الموت وارثا ; فإنها لا تصح الوصية ; كما لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية , ثم مات ابنه , فإنها تبطل الوصية إن لم تجزها الورثة ; لأن أخاه صار عند الموت وارثا .
ويترتب على هذا الحكم أيضا أنه لا يصح قبول الوصية ولا يملك الموصى له العين الموصى بها إلا بعد موت الموصي ; لأن ذلك وقت ثبوت حقه , ولا يصح القبول قبل موت الموصي . قال الموفق : " لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن اعتبار الوصية بالموت , وإن كانت الوصية لغير معين كالفقراء كالمساكين أو من لا يمكن حصرهم كبني تميم أو على مصلحة كالمساجد ; لم تفتقر إلى قبول , ولزمت بمجرد الموت , أما إذا كانت على معين , فإنها تلزم بالقبول بعد الموت " .
* ومن أحكام الوصية أنه يجوز للموصي الرجوع فيها ونقضها أو الرجوع في بعضها لقول عمر :Description : H2 " يغير الرجل ما شاء في وصيته "Description : H1 وهذا متفق عليه بين أهل العلم , فإذا قال : رجعت في وصيتي , أو : أبطلتها . .. ونحو ذلك ; بطلت ; لا سبق من أن الاعتبار بحالة موت الموصي من حيث القبول ولزوم الوصية ; فكذلك للموصي أن يرجع عنها في حياته , فلو قال : إن قدم زيد ; فله ما وصيت به لعمرو . فقدم زيد في حياة الموصي ; فالوصية له , ويكون الموصي بذلك قد رجع عن الوصية لعمرو , وإن لم يقدم زيد إلا بعد وفاة الموصي ; فالوصية لعمرو ; لأنه لما مات الموصي قبل قدومه استقرت الوصية للأول وهو عمرو .
* ومن أحكام الوصية أنه يخرج الواجب في تركة الميت من الديون والواجبات الشرعية كالزكاة والحج والنذور والكفارات أولا , وإن لم يوص به ; لقوله تعالى :Description : B2 مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍDescription : B1 ولقول علي رضي الله عنه : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية , رواه الترمذي وأحمد وغيره , فدل على تقديم الدين على الوصية , وفي " الصحيح " :Description : H2 " اقضوا الله ; فالله أحق بالوفاء "Description : H1  فيبدأ بالدين , ثم الوصية , ثم الإرث ; بالإجماع .
والحكمة في تقديم ذكر الوصية على الدين في الآية الكريمة , وإن كانت تتأخر عنه في التنفيذ : أنها لما أشبهت الميراث في كونها بلا عوض ; كان في إخراجها مشقة على الوارث , فقدمت في الذكر , حثا على إخراجها , واهتماما بها , وجيء بكلمة ( أو ) التي للتسوية , فيستويان في الاهتمام , وإن كان الدين مقدما عليها
* ومن هنا ; فإن أمر الوصية مهم , حيث نوه الله بشأنها في كتابه الكريم , وقدمها في الذكر على غيرها ; اهتماما بها , وحثا على تنفيذها , ما دامت تتمشى على الوجه المشروع , وقد توعد الله من تساهل بشأنها أو غير فيها وبدل من غير مسوغ شرعي , فقال سبحانه :Description : B2 فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌDescription : B1 قال الإمام الشوكاني في تفسيره : " والتبديل التغيير , وهذا وعيد لمن غير الوصية المطابقة للحق التي لا جنف فيها ولا مضارة , وأنه يبوء بالإثم , وليس على الموصي من ذلك شيء , فقد تخلص مما كان عليه بالوصية به . .. " انتهى .
* ومن أحكام الوصية صحتها لكل شخص يصح تملكه , سواء كان مسلما أو كافرا ; لقوله تعالى :Description : B2 إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًاDescription : B1 قال محمد ابن الحنفية :Description : H2 " هو وصية المسلم لليهودي والنصراني "Description : H1 وقد كسا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخا له وهو مشرك , وأسماء وصلت أمها وهي راغبة عن الإسلام , وصفية أم المؤمنين أوصت بثلثها لأخ لها يهودي , ولقوله تعالى :Description : B2 لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَDescription : B1
وإنما تصح وصية المسلم للكافر المعين كما ورد , وأما الكافر غير المعين ; فلا تصح الوصية له ; كما لو أوصى لليهود أو النصارى أو فقرائهم , وكذا لا تصح الوصية للكافر المعين بما لا يجوز تمليكه إياه وتمكينه منه , كالمصحف , والعبد المسلم , أو السلاح .
وتصح الوصية لحمل تحقق وجوده قبل صدور الوصية ويعرف ذلك بأن تضعه أمه قبل تمام ستة أشهر من صدور الوصية إذا كان لها زوج أو سيد , أو تضعه لأقل من أربع سنين إن لم تكن ذات زوج أو سيد ; لأن مثل هذا الحمل يرث , فالوصية له تصح من باب أولى , وإن وضعته ميتا , بطلت الوصية .
ولا تصح الوصية لحمل غير موجود حينها , كما لو قال : أوصيت لمن تحمل به هذه المرأة ; لأنها وصية لمعدوم
وإذا أوصى بمبلغ كبير من المال يحج به عنه فإنه يصرف منه حجه بعد أخرى حتى ينفد , وإن كان المبلغ قليلا ; حج به من حيث بلغ , وإن نص على أن المبلغ الكثير كله يصرف في حجة واحدة ; صرف في حجة واحدة ; لأنه قصد بذلك نفع من يحج , ولا يصح حج الوصي أو الوارث عنه في تلك الصور ; لأن الموصي قصد غير ما في الظاهر .
ولا تصح الوصية لمن لا يصح تمليكه ; كالجني , والبهيمة , والميت
 ولا تصح
الوصية على جهة معصية : كالوصية للكنائس ومعابد الكفرة والمشركين , وكالوصية لعمارة الأضرحة وإسراجها أو لسدنتها , سواء كان الموصي مسلما أو كافرا
. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " لو حبس الذمي من مال نفسه شيئا على معابدهم ; لم يجز للمسلمين الحكم بصحته ; لأنه لا يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله , ومما أنزل الله أن لا يتعاونوا على شيء من الكفر والفسوق والعصيان ; فكيف يعاونون بالحبس على المواضع التي يكفر فيها ؟ ! "
ولا تصح الوصية على طباعة الكتب المنسوخة , كالتوارة والإنجيل , أو طباعة الكتب المنحرفة ; ككتب الزندقة والإلحاد
ومن أحكام الوصية أنه يشترط أن يكون الموصى به مالا أو منفعة مباحة
ولو كان مما يعجز في تسليمه ; كالطير في الهواء , والحل الذي في البطن , واللبن الذي في الضرع , أو كان معدوما ; كما لو أوصى بما يحمل حيوانه أو شجرته أبدا أو مدة معينة كسنة , فإن حصل شيء من المعدوم ; فهو للموصى له , وإن لم يحصل شيء ; بطلت الوصية ; لأنها لم تصادف محلا .
وتصح الوصية بالمجهول كما لو أوصى بعبد أو شاة , ويعطى الموصى له حينئذ ما يقع عليه الاسم حقيقة أو عرفا .
ومن أحكام الوصايا أنه : لو أوصى بثلث ماله , فاستحدث مالا بعد الوصية دخل في الوصية ; لأن الثلث إنما يعتبر عند الموت في المال الموجود حينه .
ومن أحكام الوصايا أنه : لو أوصى لشخص بشيء معين من ماله , فتلف ذلك المعين قبل موت الموصي أو بعده ; بطلت الوصية ; لزوال حق الموصى له بتلف ما أوصي له به .
ومن أحكام الوصايا أنه :  إذا لم يحدد مقدار الموصى به , كما لو أوصى بسهم من ماله فإنه يفسر بالسدس ; لأن السهم في كلام العرب هو السدس , وبه قال علي وابن مسعود ; ولأن السدس أقل سهم مفروض , فتنصرف الوصية إليه , وإن أوصى بشيء من ماله , ولم يبين مقداره ; فإن الوارث يعطي الموصى له ما شاء مما يتمول ; لأن الشيء لا حد له في اللغة ولا في الشرع , فيصدق على أقل شيء يتمول , وما لا يتمول لا يحصل به المقصود , والله أعلم .
أحكام الموصى إليه ( الناظر على الوصية وغيرها )
الموصى إليه : هو المأمور بالتصرف بعد الموت في المال وغيره مما للموصي التصرف فيه حال الحياة , وتدخله النيابة ; لأن الموصى إليه نائب عن الموصي في ذلك .  
ودخول الموصى إليه في تلك النيابة وقبوله لها مندوب إليه وقربة يثاب عليها , لكن ذلك يشرع لمن عنده المقدرة على العمل ويجد من نفسه توفر الأمانة ; لقوله تعالى :Description : B2 وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىDescription : B1 وقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيهDescription : H1 ولفعل الصحابة رضي الله عنهم ; فقد أوصى إلى الزبير رضي الله عنه جماعة من الصحابة , وأوصى أبو عبيدة إلى عمر رضي الله عنهما , وأوصى عمر إلى بنته حفصة رضي الله عنها ثم إلى الأكابر من ولده . أما من لا يقوى على القيام على الوصية , أو لا يأمر نفسه على حفظها , فلا يجوز له الدخول في الوصاية .
ويشترط في الموصى إليه أن يكون مسلما ; فلا يصح الإيصاء إلى كافر
ويشترط فيه أيضا أن يكون مكلفا ; فلا يصح
الإيصاء إلى صبي ولا إلى مجنون , ولا إلى أبله ; لأن هؤلاء ليسوا من أهل الولاية والتصرف , لكن يصح تعليق الإيصاء إلى صبي ببلوغه ; لقوله صلى الله عليه وسلم :Description : H2 أميركم زيد , فإن قتل , فجعفرDescription : H1
ويصح
الإيصاء إلى المرأة إذا كان فيها كفاءة للقيام بشئون الوصية ; لأن عمر رضي الله عنه أوصى إلى حفصة رضي الله عنها ; ولأن المرأة من أهل الشهادة , فيصح الإيصاء إليها كالرجل .
وتصح الوصية إلى من لا يقدر على مزاولة العمل لكن عنده تفكير سليم , ويضم إليه قادرا أمينا يتعاون معه .
ويصح أن يوصي إلى أكثر من واحد , سواء أوصى إليهم دفعة واحدة أو أوصى إليهم واحدا بعد واحد , إذ لم يعزل الأول .
وإذا
أوصى إلى جماعة فإنهم يشتركون في العمل , وليس لأحدهم التصرف في الوصية دون الآخر , وإن مات أحدهم أو غاب ; أقام الحاكم مقامه من يصلح .
ويصح قبول الموصى إليه الوصية في حياة الموصي وبعد موته وله عزل نفسه متى شاء في حياة الموصي وبعد موته , وللموصي أيضا عزل الموصى إليه متى شاء ; لأنه وكيل .
ولا يجوز للموصى إليه أن يوصي إلى غيره ; إلا أن يجعل ذلك إليه ; بأن يأذن له الموصي بالإيصاء إلى غيره متى شاء ; كأن يقول : أذنت لك أن توصي إلى من شئت .
ويشترط لصحة الإيصاء أن يكون في تصرف معلوم ليعلم الموصى إليه ما أوصي به إليه حتى يقوم بحفظه والتصرف فيه .
ويشترط أيضا أن يكون التصرف الموصى به مما يصح للموصي فعله كقضاء دينه , وتفرقة ثلثه , والنظر لصغاره . .. ونحو ذلك ; لأن الموصى إليه يتصرف بالإذن , فلم يجز له التصرف إلا فيما يملكه الموصي ; كالوكالة ; ولأن الموصي أصل والوصي فرع , ولا يملك الفرع ما لا يملكه الأصل ; فلا تصح الوصية بما لا يملكه الموصى ; كتوصية المرأة بالنظر في حق أولادها الأصاغر ; لأنه لا ولاية عليهم لغير الأب .
وتتحدد الوصية بما عينت فيه ; فمن وصى في شيء ; لم يكن وصيا في  غيره , فلو أوصى إلى شخص في قضاء ديونه ; لم يكن وصيا على أولاده ; لأن تصرفه يقتصر على ما أذن له فيه كالوكيل .
وتصح وصية الكافر إلى مسلم إذا كانت تركته من المباح , فإن كانت من المحرم كالخمر والخنزير ; لم تصح ; لأن المسلم لا يجوز له أن يتولى ذلك .
وإن قال الموصي للموصى إليه : ضع ثلثي حيث شئت ; أو : تصدق به على من شئت لم يجز للوصي أن يأخذ منه شيئا ; لأنه لم يأذن له بذلك , ولا يجوز له أيضا أن يعطيه لولده وورثته ; لأنه متهم في حقهم .
ومن أحكام الوصايا أن من مات بمكان لا حاكم فيه ولا وصي كمن مات في برية ; جاز لبعض من حضره من المسلمين تولي تركته , وعمل الأصلح من بيع وغيره ; لأنه موضع ضرورة , إذ في تركه إتلاف له , وحفظه من فروض الكفايات , ويكفنه ويجهزه من تركته .



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire