el bassaire

lundi 30 mai 2016

آثَارِ الْوُضُوءِ

آثَارِ الْوُضُوءِ
شرحُ عُمدةِ الأحكامِ
للشّيخِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُحسنِ التّويجريّ

http://al-bassair.blogspot.com


عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِّرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ». فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ.([1])
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلَى السَّاقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرَّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ.([2])
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: سَمِعْتُ خَلِيلِي صلّى الله عليه وسلّم يَقُول ُ: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ».([3])
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سمي نُعيم المجمر لأنه كان يجمر المسجد أي يطيب المسجد رحمه الله.
هذا الحديث يشكل على ما كنا انتهينا إليه قبل قليل في حديث عثمان وهو أن المسلم يلتزم بالقدر والعدد الوارد في الأحاديث فلا يزيد، هنا حديث أبو هريرة رضي الله عنه فيه زيادة القدر وليس العدد، قبل أن آتي إلى هذا الموضوع هناك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًّا مُحجلين» وهذه علامة لهذه الأمّة يعرفهم بها صلّى الله عليه وسلّم، فهو يعرف أمته من بين الأمم بهذه الصفة، الغرة تكون في الوجه، وأما التحجيل فيكون في القدمين، أبو هريرة رضي الله عنه روى عن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قوله «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» فَهِمَ من هذا أنه يجوز بل يستجب الزيادة على قدر المغسول أو في مقدار المغسول من العضو، بالطبع قوله رضي الله عنه (سمعت رسول الله) ليستدل على فعله فيه دليل على أن المسألة فَهْمٌ لا أنه رأى النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفعل ذلك وإلا كان قال: رأيت النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يغسل يديه حتى يشرع في العضدين ورأيت الرسول يغسل قدميه حتى شرع في الساقين ولكنه لم يقل، قال: أنا سمعت الرسول يقول: «إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرًّا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل»، طيب لو جئنا نناقش فَهْمَ أبي هريرة رضي الله عنه؛ النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» الغرة الآن قلنا هي في الوجه والزيادة جاءت عند أبي هريرة أين؟ في العضدين والساقين، مع أن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: من استطاع منكم أن يطيل غرته، لم يقل: عضديه! نعم رواية «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» قد تكون نصا عاما يمكن أن يستند إليه حينئذ لكن حينئذ لا يخص القدمين والرجلين؛ تشمل كل أعضاء الوضوء، ولذا فهناك إشكال من هذا الفعل من أبي هريرة رضي الله عنه، والأحوط أن يلتزم المسلم ما ورد في صفة وضوء النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في رواية الصحابة رضوان الله عليهم كعثمان وعبد الله بن زيد وغيرهم رضي الله عنهم، وهذا اجتهاد من أبي هريرة رضي الله عنه في فهمه للنص أو يقال: إن المحذور الشرعي أن تكون الزيادة على سبيل اعتقاد الوجوب، أو أنه لا يصح الوضوء إلا بهذه الزيادة كحال الموسوسين؛ الذي يشرع في العضد لأنه لا يرى كفاية غسل المرفق، هذا الموسوس لو أنك ألزمته بأن يقف عند المرفق لا يرى أن هذه الطهارة صحيحة، فهذا التجاوز يعتبر دخولا في النهي والمخالفة، أما أبو هريرة رضي الله عنه فكان فهمه أن هذه الزيادة ليست لأجل الاحتياط أو لأن ذلك واجب، وإنما بحث عن الأفضل – زيادة في الفضل - بدليل قوله «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» يعني يبحث عن إطالة الغرة؛ إطالة مكان الوضوء؛ إطالة الحلية التي تكون بمقدار ما أصابه ماء الوضوء من الأعضاء، لا أنه يرى أن الوضوء لا يصح إلا بهذه الزيادة، ولا يرى أن هذا الفعل احتياط، وحاشاه من ذلك رضي الله عنه فهو أقرب الناس وأعلمهم بالسُّنَّة، لكن مع هذا الفهم الأولى التزام ما جاء عن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإذا خالف فهم الصحابي ما جاءت به الأحاديث فهو له فهمه رضي الله عنه لكن نحن لنا ما دلت عليه النصوص، إذا فلا يجوز الزيادة في العضو المغسول على ما جاء به النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا على سبيل الاحتياط ولا على سبيل اعتقاد أن الوضوء لا يصح إلا بهذه الصفة لأن هذا زيادة في الدين.



([1]) صحيح البخاري (136).
([2]) صحيح مسلم (246).
([3]) صحيح مسلم (250).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire