el bassaire

lundi 30 mai 2016

بابُ الحيضِ

بابُ الحيضِ
شرحُ عُمدةِ الأحكامِ
للشّيخِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُحسنِ التّويجريّ

http://al-bassair.blogspot.com

- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ قَالَ: لا، إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي».([1])
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ: فَاتْرُكِي الصَّلاةَ فِيهَا، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي».([2])
41- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اُسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ».([3])
...........................................
هذان الحديثان يتعلقان بأمر الحيض والاستحاضة، والحيض هو دم يخرج من قعر الرحم، مرة كل شهر غالبا ويكون ستة أيام إلى سبعة أيام في الغالب، وبعض النساء تكون أقل وبعضها أكثر، وهو أمر كتبه الله سبحانه وتعالى على بنات آدم ولعل فيه تطهير وتنظيف لجسد المرأة لأن هذا النوع من الدم فيه نتن وفيه رائحة، فهو ليس كبقية الدماء غالبا، فهذا هو الحيض المعتاد، فإن زاد عن القدر المعتاد سُمِّيَ استحاضة وهو استفعال من الحيض، والاستفعال زيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى وهو أن يستمر الدم بالمرأة أكثر من أيام حيضها، وهو دم فساد وهو نوع من النزيف، والنساء مع الحيض والاستحاضة على أربعة أحوال:
فمنهن المبتدئة: وهي التي لتوها ابتدأ بها الحيض لأول مرة لأنه قد يقع عندها مشكلة فيستمر خروج الدم، ومنهن المعتادة التي عرفت وقت نزول هذا الدم وعدد الأيام التي ينزل فيها، ومنهن المتحرية: التي مرة يزيد ومرة ينقص ومرة يتقدم ومرة يتأخر، ومنهن الآيسة التي بلغت سن الإياس، ولست في الحقيقة بصدد التفصيل لأن هذا ليس موضعه، المقام الآن يتعلق بالحيض والاستحاضة، فالحائض تجلس أيام حيضها لا تصلي ولا تصوم والحيض حدث أكبر ولا يجوز لها الجماع فيه، فإذا انتهت أيام هذا الحيض ورأت الطهر واضحا وجب عليها الاغتسال وقضاء الصوم دون الصلاة، وبالطبع النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر علامات الطُّهر، أما لو استمر الدم فإنه يكون دم استحاضة، طيب متى نعتبر الدم دم استحاضة؟ إذا تجاوز الحد الأقصى لدم الحيض، قالوا : والحد الأقصى لدم الحيض هو خمسة عشر يوما فإذا زاد عليها فإنه يعتبر دم استحاضة، وفي الحقيقة مع هذا التطور الذي حصل في مجال الطب فينبغي لمن تكرر معها مثل هذه الاحوال أن تراجع أهل الاختصاص طبيبة نساء وولادة لتُعَرِّفَهَا بدم الحيض ودم الاستحاضة الذي هو نوع من النزيف، لأن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن دم الحيض دم أسود يُعْرِف»([4]) وفي بعض الروايات (يُعْرَف)، ذكر له النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أكثر من علامة، فهو أسود ليس كالدماء المعتادة، و(يُعْرِف) بكسر الراء يعني له عَرْف له رائحة، وبفتح الراء (يُعْرَف) أي تعرفه النساء؛ تستطيع أن تميز بين دم الحيض وغيره، فإن أشكل عليها وتكرر هذا الإشكال فالذي ينبغي أن تراجع طبيبة نساء وولادة حتى تُعَرِّفَهَا بحالتها هل هو دم حيض يجب عليها أن تترك الصوم والصلاة والجماع أو هو دم استحاضة لا يمنعها من ذلك، دم الاستحاضة هذا ناقض كبقية النواقض مثل البول والمذي يجب لأجله الوضوء أما فعل الصحابية التي هي هنا أم حبيبة أنه أمرها أن تغتسل لا على سبيل الوجوب فكانت تغتسل لكل صلاة، قالوا: هذا على سبيل الاستحباب وإلا فالواجب في حقها هو الوضوء فقط ولا يجب عليها الغسل بالنسبة لدم الاستحاضة بخلاف دم الحيض.
42- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ - كِلانا جُنُبٌ - وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ. وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إلَيَّ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ».([5])
43- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ».([6])
...........................................
هنا أحكام تتعلق بالحائض وغيرها، فأول هذه الأحكام أن بَدَنَ الحائض ليس بنجس - كما أسلفت - كما أن بَدَنَ الجنب ليس بنجس، ولذا كان النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخرج رأسه وهو معتكف تقول: فأغسله وأنا حائض، فمباشرتها بيدها لبدن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورأسه لا يؤثر عليه، بل إنها قالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتكئ في حجري ويقرأ القرآن وأنا حائض» لكن في حديثها الأول مسألتان إضافيتان:
الأولى: قال: كنت أغتسل أنا والنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من إناء واحد - كلانا جنب - ففيه دلالة على جواز أن يتعرى الزوجان أمام كل منهما، فهما في حالة الاغتسال ليس هناك لباس، فكانا يغتسلان في مكان واحد ومن إناء واحد خلافا لما يظنه بعض الجهال أن هذا لا يسوغ أو لا يليق حتى بالمروءة، فهذا النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أكمل الناس مروءة وأكمل الناس دينا يغتسل هو وعائشة رضي الله عنها في مكان واحد ومن إناء واحد.
أما المسالة الثانية: فقولها «من إناء واحد» فيه دلالة على جواز الاغتسال بفضل وضوء المرأة وفضل الماء الذي تتطهر به المرأة، وأما ما ورد من النهي عن الاغتسال أو الوضوء بفضل اغتسال أو وضوء المرأة فحمله العلماء على ما إذا خلت به المرأة فإنه لا يتوضأ به أو لا يغتسل به، أما إذا لم تخل به المرأة كحال عائشة رضي الله عنها مع النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فهذا جائز ولا إشكال فيه.
أما المسألة الأخيرة وهي قولها «وكان يأمرني أن ائتزر ويباشرني وأنا حائض» إذًا يجوز للزوج أن يستمتع وأن يباشر زوجته فيما دون الفرج، لا يلزم أن يكون هناك إزار بل حتى لو أزال الإزار لكنه يكون فيما دون الفرج.
44- عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: "سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَلتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ فَقُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ؛ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. فَقَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلا نُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ".([7])
...........................................
هذه مسألة تتعلق بعض الأحكام التي تتعلق بالحائض، فالحائض تترك ضمن ما تترك فريضتان: الصوم والصلاة، حكمة تعبدية لأجلها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، قول عائشة لمعاذة رضي الله عنها (أحرورية) هذه نسبة إلى بلد يقال لها حروراء إليها ينسب الخوارج لأنهم أول ما خرجوا خرجوا من حروراء؛ يعني كأنها تقول لها أنت من الخوارج أو على مذهب الخوارج الذين يرون هذا الرأي؟ قالت: لا، ولكني أسأل عن العلة؛ عن الحكمة، فانظر إلى جواب عائشة رضي الله عنها: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة، خلاص المسألة تعبدية، والشرع توقيفي ليس بالضرورة أن نفقه العلة والحكمة - كما يظن من يريد أن يعرض الدين على عقله - هناك أشياء قد لا يدركها العقل البشري لكن مادامت أنها من الدين يجب أن نُسَلِّم لها، أهم شيء نتأكد أنها ثبتت أنها من الشرع، التمس بعض أهل العلم سببا أو علة لقضاء الحائض الصوم دون الصلاة لأنه يسير فهي قد تفطر خمسة أيام أو ستة أو سبعة؛ تصور كم فيها من الصلاة؟ ثلاثون صلاة وخمسة وثلاثون صلاة، يعني فيها مشقة قضاء مثل هذه الصلوات، وعلى كل حال الجواب الأقرب جواب عائشة رضي الله عنها ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾([8]) لا يلزم أن نعرف العلم أو الحكمة لأن الله سبحانه وتعالى أخفاها لسبب، لماذا صلاة المغرب ثلاث وصلاة الفجر اثنتين وصلاة الظهر أربع وصلاة العصر أربع؟ الله أعلم، حتى لو حاولنا أن نلتمس حكم فهي مجرد اجتهادات والتماسات ولا يتوقف عليها التسليم والانقياد ولذا عائشة رضي الله عنها أرادت أن تضع قاعدة؛ مادام أنه قد ثبت في الشرع فعليك الانقياد والتسليم، فكنا نؤمر ولا نؤمر وانتهى الأمر.



([1]) صحيح البخاري (325).
([2]) صحيح البخاري (306).
([3]) صحيح البخاري (327).
([4]) صحيح. النسائي (215). الإرواء (204).
([5]) صحيح البخاري (301).
([6]) صحيح البخاري (297).
([7]) صحيح مسلم (335).
([8]) آل عمران: 7.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire