el bassaire

lundi 30 mai 2016

بابُ التَّيَمُّمِ

بابُ التَّيَمُّمِ
شرحُ عُمدةِ الأحكامِ
للشّيخِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُحسنِ التّويجريّ

http://al-bassair.blogspot.com

37- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه؛ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم رَأَى رَجُلاً مُعْتَزلاً، لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: يَا فُلانُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلا مَاءَ، فَقَالَ: عَلَيْك بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيَكَ».([1])
38- عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما قَالَ: «بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ - كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ - ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إنَّمَا كان يَكْفِيَكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا؛ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ».([2])
39- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْساً، لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً».([3])
...........................................
التيمم هو من وجوه اليسر في هذا الدين ولذا قال النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث جابر وغيره «أعطيت خمسا لم يعطن أحد من قبلي» وذكر منها أنه جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، فكان من قبلنا عليهم أغلال وآصار وكانوا لا يستطيعون الصلاة إلا في معابدهم وكنائسهم أما نحن فكما في الحديث الذي رواه البخاري «إن هذا الدين يسر»([4]) فمن سمات هذا الدين اليسر، فإذا فقد المسلم الماء فالأمر يسير الطهور جاهز وقريب منك الصعيد ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾([5])، فالتيمم مشروع بالكتاب والسُّنَّة وأجمع عليه العلماء، في حديث عمران رضي الله عنه ظن الرجل أن الجنابة لا بد لها من الغسل وربما كان يعرف أن الحدث الأصغر يكفيه التيمم لكن الجنابة لا بد لها من ماء أو يصنع مثل ما صنع عمار رضي الله عنه، فالنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبر هذا الرجل أنه إذا أنت فقدت الماء وحضرت الصلاة فيكفي أن تتيمم - وسآتي أنا إلى صفة التيمم إن شاء الله -، أما قوله النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «عليك بالصعيد» وقوله تعالى ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾ فقد اختلف في تفسير الصعيد، فقيل: إن الصعيد هو وجه الأرض، أي هو ما يواجهك من وجه الأرض تراب رمل حجارة سباخ أيا كان حتى لو كانت نبات أي الأرض مكسوة بالنبات، وقيل: إن الصعيد هو التراب وزاد بعضهم قيدا أن يكون له غبار يتصاعد ولأجل ذلك سمي صعيدا، والصحيح هو القول الأول أن الصعيد هو وجه الأرض، ولذا فيشرع للمسلم إذا فقد الماء أن يتجه إلى وجه الأرض ويتيمم، بالطبع إن تيسر له التراب فهو أفضل ليخرج من اختلاف أهل العلم؛ لأنهم كلهم متفقون على صحة التيمم بالتراب لكن اختلفوا في غيره.
نأتي إلى حديث عمار رضي الله عنه قال: أجنبت، هو يعرف أن التراب عوض عن الماء لكن في الوضوء، وأشكل عليه في الغسل فاجتهد رضي الله عنه وفي هذا دلالة على صحة الاجتهاد حتى في عهد النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد حصل الاجتهاد من الصحابة وهذا أحدها، ولذا النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم ينكر عليه الاجتهاد ولم يقل له: لماذا تجتهد في فهم النصوص وأنا موجود! لا، الذي أنكره عليه صلّى الله عليه وسلّم هو أنه خالف الشرع وأن المشروع في حقه أن يضرب بكفيه الأرض فبالتيمم رفع الحدث الأكبر والأصغر سواء ليس مثل الاغتسال بالماء يختلف رفع الحدث الأصغر عن الحدث الأكبر، قال: ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه، ظاهر الحديث يفيد أن الضربة واحدة وإلى هذا ذهب الجمهور مالك وغيره، والشافعي رحمه الله قال: لا بد من ضربتين ويحتج بحديث «التيمم ضربتان، ضربة للوجه وضربة للكفين»([6]) لكن الحديث فيه ضعف، وعلى كل حال إن ضرب المسلم ضربة أو ضربتان فالفعل له أصل لأن من العلماء من قال: بأنه إذا ضرب ضربتين زال آثار التراب الذي يمكن أن يمسح به وجهه، يعني احتاج إلى ضربة ثانية، لكن الأمر فيه سعة إن شاء الله، لكن المشروع في حقه ضربة واحدة، لكن هل يبدأ بالمسح باليدين قبل الوجه أم العكس الروايات وردت بهذا وهذا ويمكن أن يحمل هذا على التنوع، ولو بدأ بالوجه قبل اليدين - لأن هذا هو الترتيب بالوضوء - فحسن إن شاء الله، أما قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث جابر «أعطيت خمساً» فهذه التي يطلق عليها العلماء بالخصائص خصائص النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وخصائصه هذه التي ذكرها هنا فيها ما يشاركه بها الأمّة مثل الغنائم، فهذه يشترك فيها النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأمته، لكن «نصرت بالرعب مسيرة شهر» قيل: هذه خاصة بالنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقيل يشمل حتى أمته خصوصا من صدق في دين الله سبحانه وتعالى، وأيضا تشترك معه أمته في كون الأرض جعلت مسجدا وطهورا، أما الشفاعة فهي خاصة بالنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهي الشفاعة العظمى في أهل الموقف التي لا يشاركه فيها أحد لا نبي ولا ملك ولا أحد، هذه تسمى الشفاعة العظمى، يشفع لأهل الموقف أن يبدأ الحساب، وكذلك أيضا خصيصة كونه بعث إلى الناس عامة وكان النَّبيّ يرسل إلى قومه فقط.




([1]) صحيح البخاري (248).
([2]) صحيح مسلم (368).
([3]) صحيح البخاري (335).
([4]) صحيح البخاري (39).
([5]) النساء: 43.
([6]) ضعيف. الطبراني في الكبير (367/12). الضعيفة (3427).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire