el bassaire

dimanche 15 mai 2016

شرحُ عُمدةِ الأحكامِ

شرحُ عُمدةِ الأحكامِ
للشّيخِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُحسنِ التّويجريّ

http://al-bassair.blogspot.com

بابُ الصومِ في السَّفرِ وغيرهِ
185- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ " أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ للنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ - فَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ".([1])
186- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ قَالَ: " كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ؛ وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ".([2])
187- عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه؛ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي شَهْرِ رَمَضَانَ - فِي حَرٍّ شَدِيدٍ -، حَتَّى إنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إلاَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ".([3])
188- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ، قَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ".([4])
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ".([5])
189- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ، وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ، وَأَكْثَرُنَا ظِلاً: صَاحِبُ الْكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوْا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ».([6])
...........................................
لا خلاف في جواز الفطر للمسافر، هذا لا خلاف فيه، لكن اختلف في حكم الفطر وفي أيهما أفضل الصيام أم الفطر فيها أقوال كثيرة، منهم من قال: إن الفطر واجب وهم الظاهرية رحمهم الله، لأن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس من البرّ الصيام في السفر» يعني الصيام إثم إذا كان ليس من البرّ، ومنهم من قال: الصيام أفضل، ومنهم من قال: الفطر أفضل، وأعدل الأقوال من قال: إن كان هناك مشقة فالفطر أفضل، ولذا قال النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ذهب المفطرون بالأجر» لأنه ليس من البرّ الصيام في السفر إلى غير ذلك من الأحاديث يعني الأحاديث التي فيها حثّ على الفطر يكون محمولا على المشقة أما إذا لم يكن هناك مشقة فالصيام أفضل لأنه إيقاع للعبادة في وقتها وفيه براءة للذمة لأنه لا يبقى هذا الصيام معلقا بذمته.
190- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلاَّ فِي شَعْبَانَ".([7])
...........................................
فيه دلالة على جواز تأخير القضاء، خلافا لمن قال: إن القضاء على الفور، ولو كان على الفور ما أقرّه النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على تأخير هذا القضاء إلى شعبان قبيل رمضان.
191- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"([8]). وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ: " هَذَا فِي النَّذْرِ"، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ .([9])
192- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ؛ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى".([10])
وَفِي رِوَايَةٍ: " جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ؛ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ".([11])
...........................................
هذا الحديث يتعلق بالصيام عن الميت، وبالطبع اختلف العلماء في ذلك منهم من يرى أنه لو مات الميت وعليه صيام واجب وَجَبَ على وليه أن يقضيه، لكن الصواب ما ذهب إليه الإمام أحمد وغيره من العلماء هذا جاء مفسرا في الرواية أن هذا خاص بالنذر الذي التزمه المسلم من دون إلزام - هو الذي ألزم به نفسه - فهو مثل الدَّيْن الذي هو للخلق، فدَيْنُ الله تعالى - وهو الخالق - أحق بالوفاء، فيصوم عنه وليه - وهو أقرب الأولياء إليه -، ومنه من قال: إن صيام الولي يكون على سبيل التبرع وليس على سبيل الإيجاب، ومنهم من قال: إنه على سبيل الإلزام والإيجاب، والأظهر عدم الإيجاب وإنما من باب التبرع، لأن هذه عبادة متعلقة بالميت ليس مكلفا بها الحي.
193- عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ».([12])
194- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا؛ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا؛ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».([13])
...........................................
هذان الحديثان وما أشبههما فيها دلالة على مشروعية الفطر وعلى مشروعية الاستعجال فيهما خلافا ما يصنعه أهل الكتاب من تأخير حتى تشتبك النجوم - وقد تابعهم في ذلك بعض المبتدعة كالرافضة، الآن الرافضة يؤخرون الفطر، النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، كما أن في هذا الحديث مسألة تتعلق بالفطر وهو أنه إذا حضر وقت الإفطار وليس عند المسلم ما يفطر عليه، أحيانا يدركك الإفطار وأنت في الطريق فيفوت على بعض الناس هذه الفضيلة فيقول: ماذا أصنع؟ يكفي نيّة الإفطار، المسلم إذا نوى الإفطار أفطر حتى ولو لم يتناول طعاما، ولذا لو نوى نية جازمة في أثناء النهار أفطر ويحتاج أن يقضي هذا اليوم إن كان واجبا، ولكن إن كان مستحبا فيجوز له أن يعود عن نيته ما دام أنه لم يأكل ويشرب ويتم صومه.
195- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ الْوِصَالِ. قَالُوا: إنَّكَ تُوَاصِلُ! قَالَ: إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أُطْعَمَ وَأُسْقَى". وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ([14]).
196- وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه؛ " فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ".([15])
...........................................
الوصال هو أن يستمر الإنسان في صيامه إلى ما بعد وقت الإفطار وقد يستمر إلى السحر وقد يستمر إلى اليوم اللاحق وما بعده، وقد اختلف العلماء في حكمه فمنهم من قال: لا يجوز؛ لأن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الوصال، ومنهم من قال: إنه جائز لكن مع الكراهة، والدليل على ذلك أن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم واصل بهم كالمُنَكِّل بهم - لمّا أنهم لم يستجيبوا - يوما أو يومان حتى شق عليهم، قالوا: لو كان امرًا محرمًا لم يواصل بهم، قالوا: ومما يدلّ على جوازه فعلُ بعض الصحابة بعد وفاة النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كابن الزّبير الذي كان يواصل الصيام([16])، كان يواصل أحيانا سبعة أيام، والقول الثالث أنه يجوز إلى السحر، يعني لا يجوز أكثر من يوم وليلة، والصواب: هو القول الأول، وهو أن النّهي للتحريم لأن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ذلك، أمّا كون ابن الزبير فعل فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه أنه يرى أن الوصال ينهى عنه من لا يستطيعه أما من يستطيعه فيجوز اقتداء بالنَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.



([1]) صحيح البخاري (1943).
([2]) صحيح البخاري (1947).
([3]) صحيح مسلم (1122).
([4]) صحيح مسلم (1115).
([5]) صحيح مسلم (1115).
([6]) صحيح مسلم (1119).
([7]) صحيح البخاري (1950).
([8]) صحيح البخاري (1952).
([9]) سنن أبي داود (2400).
([10]) صحيح البخاري (1953).
([11]) صحيح مسلم (1148).
([12]) صحيح البخاري (1957).
([13]) صحيح البخاري (1954).
([14]) صحيح البخاري (1922).
([15]) صحيح البخاري (1967).
([16]) مستدرك الحاكم (6334).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire