el bassaire

lundi 14 octobre 2013

فصل في كفن الميت



فصل في كفن الميت
أي: كفن الميت ومؤونة تجهيزه وما يتعلق بذلك. أجمع العلماء على أنه فرض كفاية على من علم به وأمكنه. وقال غير واحد: وحنوطه وطيبه وهو مذهب مالك وأحمد وقول للشافعي.
 (عن خباب) بن الأرت بن جندلة بن سعد بن زيد مناة أسلم قديما وشهد المشاهد وتوفي بالكوفة سنة سبع وثلاثين (أن مصعبا) يعني ابن عمير بن هاشم بن عبد مناف أحد السابقين هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة (قتل يوم أحد ولم يترك إلا نمرة) هي شملة لها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف (فأمرنا رسول الله صلى الله  عليه  و سلم أن نغطي بها رأسه ونجعل على رجليه شيئا من الإذخر) وفيه قال: فكنا، إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسه (متفق عليه).
وظاهره أنه لم يكن له مال غيرها. وفي رواية البخاري أن عبد الرحمن بن عوف قال: قتل مصعب بن عمير وكان خيرا مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة. وقتل حمزة أو رجل آخر فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة. ولأحمد عن خباب أن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر فدلت هذه الأحاديث على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس لشرفه وجعل النقص مما يلي الرجلين. قال النووي فإن ضاق عن ذلك سترت العورة، فإن فضل شيء جعل فوقها، وإن ضاق عن العورة سترت السوأتان لأنهما أهم، وهما الأصل في العورة وهذا قول جمهور أهل العلم.
وفيه أن الواجب ثوب يستر جميعه مع القدرة وفيه. وفي قصة المحرم الذي وقصته دابته فقال رسول الله صلى الله  عليه  و سلم: "كفنوه في ثوبيه" دليل على أنه يجب تكفين الميت في ماله مقدما على دين وغيره وكذا مؤونة تجهيزه اتفاقا. غير حنوط وطيب فمستحب. وقال ابن المنذر وغيره قال بذلك جميع أهل العلم ولأن المفلس يقدم بالكسوة على الدين فكذا الميت يقدم عليه بل أولى. ولأن سترته واجبة في الحياة فكذا بعد الموت.
واتفق الجمهور على وجوب ثوب لا يصف البشرة يستر جميع بدن الميت ذكرا كان أو أنثى ما لم يكن محرما. ويكون من ملبوس مثله في الجمع والأعياد ما لم يوص بدونه فيجوز إجماعا.
ونقل أبو البركات الإجماع على جواز الوصية بالثوب الواحد والجديد أفضل من العتيق كما فعل به صلى الله  عليه  و سلم وللأمر بتحسينه رواه مسلم وغيره ما لم يوص بغيره فيمتثل لقول الصديق كفنوني في ثوبي هذين لأن الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هما للمهلة والتراب رواه البخاري.
فإن لم يكن للميت مال فكفنه ومؤونة تجهيزه على من تلزمه نفقته لأن ذلك يلزمه حال الحياة فبعد الموت أولى إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته وفاقا لأحد القولين عند أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك ولو كان غنيا لأن الكسوة وجبت عليه بالزوجية والتمكن من الاستمتاع وقد انقطع ذلك بالموت فأشبهت الأجنبية. وعن أحمد يلزمه كفنها وفاقا لمالك وأحد القولين لأصحاب أبي حنيفة والشافعي ورجحوه لأن من لزمته كسوتها في الحياة لزمه كفنها بعد الوفاة كالأمة مع السيد. 
وإن عدم مال الميت ومن تلزمه نفقته فكفنه ومؤونة تجهيزه في بيت المال إن كان مسلما اتفاقا لأنه للمصالح وهذا من أهمها فإن لم يكن بيت مال فعل المسلمين العالمين بحاله كنفقة الحي وكسوته. قال الشيخ تقي الدين: من ظن أن غيره لا يقوم به تعين عليه. وقال النووي وغيره لو مات إنسان ولم يوجد ما يكفن به إلا ثوب مع مالك له غير محتاج إليه لزمه بذله بقيمته كالطعام للمضطر.
 (ولهما عن عائشة كفن رسول صلى الله  عليه  و سلم في ثلاثة أثواب بيض) ولابن ماجه "أحسن ما زرتم الله به في قبوركم ومساجدكم البياض) وتقدم قوله صلى الله  عليه  و سلم "البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم" (سحولية) نسبة إلى سحول قرية باليمن وهو الأبيض النقي. جمع سحل ولا يكون إلا من قطن ولم يكن الله ليختار لنبيه صلى الله  عليه  و سلم إلا الأفضل. واستمر عمل الصحابة ومن بعدهم عليه. قال الترمذي: وهو الذي استحبه أهل العلم. وقال: النووي وهو مجمع عليه.
 (ليس فيها قميص ولا عمامة) أي لم يكن في كفنه صلى الله  عليه  و سلم قميص ولا عمامة وإنما كفن في ثلاثة أثواب غيرهما أدرج في الثلاثة الأثواب إدراجًا ولا يكره إن جعل فيها قميص لقصة أبي ولا عمامة لفعل ابن عمر. قال الحاكم وغيره تواترت الأخبار عن علي وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن مغفل وعائشة في تكفينه صلى الله  عليه  و سلم في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة.
وقال أحمد: أصح الأحاديث في كفن النبي صلى الله  عليه  و سلم حديث عائشة لأنها أعلم من غيرها. وقال الترمذي: قد روي في كفن النبي صلى الله  عليه  و سلم روايات مختلفة وحديث عائشة أصح الروايات التي رويت في كفنه صلى الله  عليه  و سلم والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم فدل الحديث على سنية تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض من قطن تبخر بعد رشها بماء ورد أو غيره لتعلق رائحة البخور إن لم يكن محرما ويكون البخور بالعود أو نحوه لفعل ابن عمر وابن عباس وأسماء وغيرهم ولأن هذا عادة الحي.
وروي مرفوعا ثلاثا ثم تبسط الثلاثة الأثواب بعد التبخير بعضها فوق بعض ليوضع الميت عليها مرة واحدة وأوسعها وأحسنها أعلاها لأن عادة الحي جعل الظاهر أفخر ثيابه.
ويجعل الحنوط وهو أخلاط من طيب يعد للميت خاصة فيذر فيما بين اللفائف وهو مشروع بدليل الخطاب من قوله صلى الله  عليه  و سلم في المحرم "ولا تحنطوه" ولا يجعل فوق العليا لكراهة عمر وابنه وأبي هريرة وغيرهم له وذكره في الفروع اتفاقا. ولا يجعل على الثوب الذي على النعش لكراهة السلف له. ثم يوضع الميت على اللفائف مستلقيا لأنه أمكن لإدراجه فيها. ويجب ستره حال حمله بثوب. ويوضع برفق متوجها ندبا.
ويجعل من الحنوط في قطن بين إليتيه ويشد فوقها خرقة كالسراويل بلا أكمام تجمع إليتيه ومثانته ليرد ما يخرج ويخفي ما يظهر من الروائح ويجعل الباقي من الحنوط على منافذ وجهه  منعا للهوام وعلى مواضع سجوده تشريفا لها وعلى مغابنه لأن ابن عمر كان يتتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك قال الزركشي ويروى عن النبي صلى الله  عليه  و سلم وإن طيب الميت كله فحسن لأن أنسا طلي بالمسك وكذا ابن عمر وغيرهما.
وكره أن يجعل في داخل عينيه اتفاقا لأنه يفسدهما وأن يطيب بورس وزعفران ويرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن ويرد طرفها الآخر فوقه ثم الثانية والثالثة كذلك ويجعل أكثر الفاضل على رأسه لشرفه ثم يعقدها لئلا ينتشر الكفن وتحل في القبر لقول ابن مسعود "إذا أدخلتم الميت القبر فحلوا العقد".
 (وللبخاري عن جابر أنه صلى الله  عليه  و سلم ألبس عبد الله بن أبي) ابن سلول رأس المنافقين (قميصه لما مات) وذلك أنه لما توفي عدو الله أتى ابنه عبد الله رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله  عليه  و سلم فقال "أعطني قميصك أكفنه فيه فأعطاه إياه" متفق عليه من حديث ابن عمر وحديث جابر أنه صلى الله  عليه  و سلم "أتى عبد الله بن أبي بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه" ولعل المراد بالإعطاء أنه أنعم عليه بذلك وقيل تكرمة لابنه. وقيل إنما كساه قميصه لأنه كان كسا العباس لما أسر ببدر فأراد صلى الله  عليه  و سلم أن يكافئه.
وفيه دليل على مشروعية التكفين في القميص وأن قميص الميت كقميص الحي. وأجمعوا على أنه إن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز من غير كراهة ولو لم تتعذر اللفائف. وعن عمرو بن العاص أن الميت يؤزر ويقمص ويلف بالثلاثة. قال في الفروع لا يكره في خمسة اتفاقا. ولا يكره تعميمه. ولا يكره تكفينه في ثوبين لما تقدم. ولا ريب أن الواجب ثوب يستر جميعه. وجاءت الأخبار بالأمر بتحسين الكفن صنفا ونظافة ونقاء وجمالا وحسن وضعه عليه وتوسيطه لا السرف والمغالاة ولا الوضع في غير جهة لائقة به.
 (وعن أم عطية في غسل ابنته) فعند أحمد وابن ماجه أنها أم كلثوم وعند مسلم أنها زينب زوج أبي العاص وكانت وفاتها سنة ثمان (قالت كفناها في خمسة أثواب صححه الحافظ) من رواية الخوارزمي من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية.
ولفظ أحمد وأبي داود من حديث ليلى بنت قانف الثقفية قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله  عليه  و سلم وكان "أول ما أعطانا رسول الله صلى الله  عليه  و سلم الحقاء يعني الإزار ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر. قالت: ورسول الله صلى الله  عليه  و سلم عند الباب معه كفنها يناولنا ثوبا ثوبا، وفي إسناده مقال.
وقال ابن المنذر أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب والجمهور أنها تؤزر بالمئزر ثم تلبس القميص ثم تخمر ثم تلف باللفافتين. وقال المجد: يشد فخذاها بمئزر تحت درع ويلف فوق الدرع الخمار باللفافتين جمعا بين الأخبار. ويسن أن تكفن صغيرة في قميص ولفافتين وصبي في ثوب واحد اتفاقا لأنه دون الرجل.
ويجوز تكفين المرأة في ثوب الرجل حكاه ابن بطال اتفاقا لإعطائهن حقوه يشعرن ابنته. ويكره برقيق يحكي الهيئة وبصوف وشعر لأنه خلاف فعل السلف ويحرم بجلود لنزعه له عليه الصلاة والسلام ويجوز في حرير لضرورة اتفاقا.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire