el bassaire

lundi 14 octobre 2013

فصل في زيارة القبور



أي في بيان أحكام زيارة القبور وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع وأما الزيارة البدعية فمحرمة بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة ويأتي الفرق بينهما.
 قال تعالى: }وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ{ فزيارة الميت المشروعة بالدعاء والاستغفار هي من هذا القيام المشروع وفيها دليل على أن زيارة قبور المسلمين أمر متقرر عند المسلمين وأن الدعاء لهم والاستغفار من أكبر القربات وأفضل الطاعات ورتب الشارع عليها الجزاء الجزيل.

 (وعن بريدة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور) وذلك أنهم كانوا حدثاء عهد بعبادة القبور والتعلق بها فلما استقر عندهم التوحيد وصاروا هم يعيبون زيارتها أذن لهم فيها ولعل ما روي عن ابن سيرين والنخعي والشعبي من كراهة زيارة القبور: عدم اطلاعهم على نسخ النهي والأمر بالزيارة وهو قوله صلى الله  عليه  و سلم: (فزوروها رواه مسلم) وغيره من أهل السنن والمساند.

ولهم عن أبي هريرة أنه صلى الله  عليه  و سلم "زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله. فقال استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي. واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي. فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" وتقدم الأمر بالإكثار من ذكر الموت وحكى النووي والحازمي وغيرهما إجماع أهل العلم على أن زيارة القبور سنة وهو ما استقر عليه الأمر بعد. وذهب ابن حزم إلى وجوب الزيارة ولو مرة لورود الأمر به وهو مستفيض من طرق كثيرة وتباح زيارة قبر الكافر للاعتبار لفعله صلى الله  عليه  و سلم.

 (زاد ابن ماجه عن ابن مسعود فإنها تذكرة الآخرة) وصححه الترمذي من حديث بريدة (وتزهد في الدنيا) وسنده صححي وله نحوه عن عائشة. ولأحمد نحوه من حديث أبي سعيد وعلي وكلها دالة على تأكد سنية زيارة القبور وبيان الحكمة فيها. وفي حديث ابن مسعود. فإنها عبرة وذكر للآخرة وتزهيد في الدنيا. ومن لم يتعظ بالموتى فلا تنفعه موعظة.

والحاصل أن المقصود من زيارة القبور الاعتبار والنفع المزور والزائر بالدعاء فلا ينبغي أن يغفل الزائر عن الدعاء لنفسه وللميت ولا عن الاعتبار بحاله كيف تقطعت أوصاله وتفرقت أجزاؤه وكيف يبعث من قبره وأنه عما قريب يلحق به. وقال القرطبي ينبغي أن يتأدب بآدابها ويحضر قلبه في إتيانها ويتعظ بأهلها وأحوالهم ويعتبر بهم وما صاروا إليه.
 (وعن بريدة كان رسول الله صلى الله  عليه  و سلم يعلمهم) أي يعلم أصحابه رضي الله عنهم (إذا خرجوا إلى المقابر) أن يقولوا (السلام على أهل الديار من المسلمين والمؤمنين) وله من حديث أبي هريرة أنه أتى المقبرة فقال "السلام علكيم دار قوم مؤمنين" ونحوه لأحمد وغيره من حديث عائشة وغيرها بلفظ "السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين" والمراد قبور المسلمين بقوله الزائر لهم أو المار بهم.
 (وإنا إن شاء الله بكم للاحقون) والاستثناء للتبرك في قول أكثر أهل العلم وصححه النووي وامتثالا لقوله (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله). وذكر البغوي وغيره أنه راجع للحوق لا الموت أو إلى البقاع والموت واقع لا محالة (نسأل الله لنا ولكن العافية) من كل مكروه (رواه مسلم) وله نحوه من حديث عائشة وفيه ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين.
 (زاد أحمد عن عائشة اللهم لا تحرمنا أجرهم) أي لا تمنعنا من أجرهم (ولا تفتنا بعدهم) أي لا تضلنا بعدهم وفتنة أضله (واغفر لنا ولهم) وللترمذي من حديث ابن عباس قال "مر رسول الله صلى الله  عليه  و سلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر" وكان بعض السلف إذا وقف على المقابر يقول آنس الله وحشتكم ورحم غربتكم وتجاوز عن سيئاتكم وقبل حسناتكم.
والأدعية الواردة في الدعاء للميت المسلم عند زيارته مستفيضة وكان ابن عمر يقول إذا دخل المسجد. السلام عليك يا رسول الله. السلام عليك يا أبا بكر. السلام عليكم يا أبت. قال الشيخ وهكذا كان الصحابة يسلمون عليه. ويسلمون عليه مستقبلي الحجرة مستدبري القبلة عند الأئمة وغيرهم.
واتفقوا على أنه لا يستلم الحجرة ولا يقبلها ولا يطوف بها ولا يصلي إليها ولا يدعو مستقبلها فإن هذا منهي عنه باتفاق الأئمة. ويستقبل الزائر وجه والده وغيره قريبا منه كزيارته في حياته ويقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته اللهم اغفر له وارحمه والمزور يسمع كلام الزائر لمفهومها ولما في الصحيحين وغيرهما قال: "إنه ليسمع خفق نعالهم" وقال في قتلى بدر "ما أنت بأسمع لما أقول منهم" وقال إنهم يسمعون الآن وغير ذلك من الأدلة الدالة على أن الميت يسمع في الجملة.
وقال الشيخ وابن كثير وغيرهما سماع الموتى هو الصحيح من كلام أهل العلم ولم يكن ليأمر بالسلام علىمن لا يسمع ولا يجب أن يكون السمع له دائما. بل قد يسمع بحال دون حال كما يعرض للحي. وهذا السمع سمع إدراك لا يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي في القرآن وإن سمع فلا يمكنه إجابة الداعي ولا ينتفع بالأمر والنهي.
وقال ابن القيم الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى
 جاء علم به المزور وسمع سلامه وأنس به ورد عليه وذلك عام في حق الشهداء وغيرهم ولا توقيت في ذلك. وقال الشيخ استفاضت الآثار بمعرفة الميت بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا وإن ذلك يعرض عليه. وجاءت الآثار بأنه يرى ويدري بما فعل عنده ويسر بما كان حسنا ويتألم بما كان قبيحا.
وجاءت بتلاقيهم وتسائلهم وعرض أعمال الأحياء على الأموات فيجتمعون إذا شاء الله كما يجتمعون في الدنيا مع تفاوت منازلهم. وسواء كانت المدافن متباعدة في الدنيا أو متقاربة لكن الأعلى ينزل إلى الأسفل والأسفل لا يصعد إلى الأعلى. وللروح اتصال بالبدن متى شاء الله وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع في الأرض وانتباه النائم كما تظاهرت به الآثار.
 (وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال لا تشد الرحال) جمع رحل وشدها كناية عن السفر ولمسلم "إنما يسافر" وكنى بشد الرحال لأنه لازمه وخرج ذكرها مخرج الغالب وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والحمير وغيرها والمشي إلى موضع فاضل والمراد النهي عن السفر. قال الطيبي: هو أبلغ من صريح النهي كأنه قال لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلى موضع يتعبد فيه وسدا لذريعة الشرك بالقبور.
 (إلا إلى ثلاثة مساجد) أي إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به. قال القاضي عياض والجويني وغيرهما يحرم شد الرحل لغيرها كقبور الصالحين والمواضع الفاضلة للتعبد. وأما لزيارة صديق أو قريب أو طلب علم أو تجارة أو نزهة فلا يدخل في النهي. وكان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها ويتبركون بها.
فسد النبي صلى الله  عليه  و سلم الذرائع المفضية إلى الشرك ولئلا يلحق غير الشعائر بالشعائر ولئلا يصير ذريعة إلى عبادة قبره ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها وبدأ بـ (المسجد الحرام) أي المحرم ككتاب بمعنى مكتوب والمراد جميع الحرم أو المسجد ورجح عطاء وغيره الحرم كله لأنه كله مسجد (ومسجدي هذا) وفي لفظ "ومسجد الرسول صلى الله  عليه  و سلم" ولعله من تصرف الرواة (والمسجد الأقصى) أي بيت المقدس سمي الأقصى لبعده في المسافة عن مكة.
وخص الثلاثة لأن الأول إليه الحج والقبلة. والثاني أسس على التقوى. والثالث قبلة بعض الأمم الخالية. ولأنها مساجد الأنبياء فمسجده صلى الله  عليه  و سلم بناه حين قدم المدينة مهاجرا بعد مسجد قباء طوله مما يلي القبلة نحو مائة ذراع والجانبين مثل ذلك أو دونه قليلا وفي الصحيحين عن أبي ذر قلت أي مسجد وضع أولا؟ قال المسجد الحرام قلت ثم أي؟ قال المسجد الأقصى. قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة.
قال الشيخ فالمسجد الأقصى كان من عهد إبراهيم لكن سليمان بناه بناء عظيما. فكل من المساجد الثلاثة بناه نبي كريم ليصلي فيه هو والناس. ولما كانت الأنبياء تقصد الصلاة في هذ المساجد شرع السفر إليها والعبادة فيها اقتداء بالأنبياء وتاسيا بهم وجاء في فضلها أحاديث كثيرة وفي الصحيحين عن أبي هريرة "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".
ولأحمد وغيره عن جابر "وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" وللبيهقي وغيره عنه بسند حسن "صلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة. وصلاة في مسجدي الف صلاة. وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة" وحديث الباب (متفق عليه) من غير وجه وهو في السنن والمساند وغيرها بألفاظ متقاربة. وقال شيخ الإسلام هكذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وهو مروي من طرق أخر.
واتفق الأئمة على صحته وأجمعوا على العمل به في الجملة فلا تشد الرحال إلا إلى المسجد الحرام ومسجد المدينة مسجده صلى الله  عليه  و سلم والمسجد الأقصى والنية في السفر إلى مسجده صلى الله  عليه  و سلم وزيارة قبره مختلفة فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهذا مشروع بالنص والإجماع. وكذا من قصد السفر إلى مسجده وقبره معا فهذا قصد مستحب مشروع بالإجماع.
وإن لم يقصد إلا القبر ولم يقصد المسجد فهذا مورد النزاع فمالك والأكثرون يحرمون هذا السفر. وكثير من الذين يحرمونه لا يجوزون قصر الصلاة فيه وآخرون يجعلونه جائزا. وإن كان السفر غير جائز ولا مستحب ولا واجب بالنذر ولم يعرف أحد من أصحاب النبي صلى الله  عليه  و سلم أنه قال تستحب زيارة قبر النبي صلى الله  عليه  و سلم أو لا تستحب ولا علق بهذا الاسم حكما شرعيا.
وقد كره كثير من العلماء التكلم به وذلك اسم لامسمى له ولفظ لا حقيقة له وإنما تكلم به من تكلم من بعض المتأخرين ومع ذلك لم يريدوا ما هو المعروف من زيارة القبور فإنه معلوم أن الذاهب إلى هناك إنما يصل إلى مسجده صلى الله  عليه  و سلم. والمسجد نفسه يشرع إتيانه سواء كان القبر هناك أو لم يكن وذكر ما جاء عن النبي صلى الله  عليه  و سلم من النهي عن اتخاذ قبره عيدا وسؤاله ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
وأنه يدل على منع شد الرحل إلى قبره صلى الله  عليه  و سلم وغيره من القبور والمشاهد. بل قبر غيره أولى بالمنع لأن قبره أفضل قبر على وجه الأرض. وقد نهى عن اتخاذه عيدا فغيره أولى بالنهي كائنا من كان. وشد الرحل إليها من اتخاذها أعيادا ومن أعظم أسباب الإشراك بها كما هو الواقع. واتفق الأئمة على المنع من ذلك أنه من وسائل الشرك وذرائعه. قال الشيخ والذي عليه أئمة المسلمين وجمهور العلماء على أن السفر للمشاهد التي على القبور
 غير مشروع بل هو معصية من أشنع المعاص وقال ولم ينقل جوازه عن أحد من المتقدمين وذكر أنه بدعة واختار القاضي والجويني وغيرهما تحريم بالسفر لزيارة القبور مطلقا.
وغلط أهل التحقيق من استثنى قبر النبي صلى الله  عليه  و سلم لأنه الاستثناء في قوله "لا تشد الرحال" ونحوه عند أهل الاصول معيار العموم. وفي حديث النهي عن اتخاذ قبره عيدا قال: "فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم" وقال ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء". قال الشيخ وأما وقد منع الناس من الوصول إليه بثلاثة الجدران فلا تحصل المزية فسواء سلم عليه عند قبره أو في مسجده إذا دخله أو في أقصى المشرق أو المغرب فالكل يبلغه كما وردت به الأحاديث.
وأخبر صلى الله  عليه  و سلم أنه يسمع الصلاة من القريب وأنه يبلغ ذلك من البعيد. قال ولا يسافر للوقوف عند قبر أحد لا من الأنبياء ولا من المشائخ ولا غيرهم باتفاق المسلمين. بل أظهر قولي العلماء أنه لا يسافر أحد لزيارة قبر من القبور ولكن تزار القبور بالزيارة الشرعية فيزورها من كان قريبا ومن اجتاز بها كما أن مسجد قباء يزار من المدينة وليس لأحد أن يسافر إليه ولا إلى غيره من المساجد ونحو ذلك غير المساجد الثلاثة المستثناة في الحديث.
وذلك أن الدين مبني على أصلين. أن لا يبعد إلا الله و حده. ولا يعبد إلا بما شرع. لا بالبدع وذكر أن الزيارة على قسمين شرعية وبدعية، فالشرعية المقصود بها السلام على الميت والدعاء له. كما يقصد بالصلاة على جنازته من غير شد رحل. والبدعية أن يكون المقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت وهذا شرك أكبر أو يقصد الدعاء عند قبره أو الدعاء به. وهذه بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك وليس من سنة النبي صلى الله  عليه  و سلم ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها.
وقال في موضع آخر: على وجهين وجه نهي عنه النبي صلى الله  عليه  و سلم واتفق العلماء على أنه غير مشروع وهو أن يتخذها مساجد ويتخذها وثنا ويتخذها عيدا فلا يجوز أن تقصد للصلاة الشرعية ولا أن تعبد كما تعبد الأوثان ولا أن تتخذ عيدا يجتمع إليها في وقت معين كما يجتمع المسلمون في عرفة ومنى. وذكر أن أحاديث النهي كثيرة مشهورة.
 (وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم لعن زائرات القبور رواه الخمسة وصححه الترمذي) ولأبي داود وغيره عن أبي هريرة نحوه قاله شيخ الإسلام وغيره. وقال: وقد تعددت طرقهما وليس فيهما متهم ولا خالفهما أحد من الثقات. وقد روي هذا عن صاحب وهذا عن صاحب آخر وذلك يبين أن الحديث في الاصل معروف وتقدم في الصحيحين أنه نهى النساء عن اتباع الجنائز.
وفي السنن وصححه أبو حاتم من حديث ابن عمر قال فلما فرغنا يعني من دفن الميت انصرف رسول الله صلى الله  عليه  و سلم وانصرفنا معه فلما توسطنا الطريق إذا نحن بامرأة مقبلة فلما دنت إذا هي فاطمة فقال ما أخرجك؟ قالت أتيت أهل هذا البيت فعزيناهم بميتهم فقال لعلك بلغت معهم الكدى قالت معاذ الله أن أكون بلغت معهم الكدى وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر فقال لو بلغتيها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك. وقد فسر الكدى بالقبور وبالأرض الصلبة لأن مقابرهم كانت في مواضع صلبة.
فدلت هذه الأحاديث وما في معناها على تحريم زيارة النساء القبور. ولأبي يعلى من حديث أنس قال: "أتحملنه؟ قلن لا قال أتدفنه؟ قلن لا قال فارجعن مأزورات غير مأجورات" ونقل النووي أنه لا خلاف في ذلك والأحاديث صريحة في ذلك ورجحه الشيخ وغيره وقال وعلى هذا العمل في أظهر قولي أهل العلم.
واحتج أهل القول الآخر بالإذن وليس بجيد فإن اللفظ لفظ مذكر وهو مختص بالذكور أو متناول لغيرهم فإن كان مختصا فلا ذكر للنساء وإن كان متناولا كان لفظ الحديث في النهي مختصا. ولم يعلم أنه متقدم على الرخصة فكان مقدما على العام عند عامة أهل العلم كما لو علم أنه بعدها.
والنبي صلى الله  عليه  و سلم علل بالإذن للرجال بأن ذلك يذكر بالموت ويرقق القلب ويدمع العين ومعلوم أن المرأة إذا فتح لها هذا الباب أخرجها إلى الجزع والندب والنياحة لما فيها من الضعف وكثرة الجزع وقلة الصبر. وأيضا فإن ذلك سبب لتأذي الميت ببكائها والرجال بصوتها وصورتها كما في الخبر "فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت".
وإذا كان مظنة فمن أصول الشريعة أن الحكمة إذا كانت خفية أو غير منتشرة علق الحكم بمظنتها فيحرم هذا الباب سدًا للذريعة وليس في ذلك من المصلحة ما يعارض هذه المفسدة فإنه ليس في ذلك إلا دعاؤها للميت وذلك ممكن في بيتها.
ولهذا قال الفقهاء إذا علمت من نفسها أنها إذا زارت المقبرة بدا منها ما لا يجوز من قول أو عمل لم تجز لها الزيارة بلا نزاع. وقال إذا كانت زيارة النساء مظنة ومنشأ للأمور المحرمة فإنه لا يمكن أن يحد المقدار الذي لا يفضي إلى ذلك ولا التمييز بين نوع ونوع أما لومرت في طريقها على مقبرة وسلمت فلا بأس لأنها لا تسمى زائرة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire