el bassaire

lundi 14 octobre 2013

فصل في الصلاة علي الميت



أي على الميت وهي مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. وفرض كفاية إجماعا على غير شهيد معركة وقيل ومقتول ظلما. قال الفاكهي: والصلاة على الميت من خصائص هذه الأمة.
 قال تعالى: }وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا{ وذلك أنه صلى الله عليه و سلم صلى على عبد الله بن أبي رأس المنافقين.
فأنزل الله هذه الآية أن يتبرأ منهم وأن لا يصلي على أحد منهم إذا مات وهو عام في كل من عرف نفاقه ولأحمد:
فما صلى بعده على منافق. ومفهوم الآية مشروعية
الصلاة على المسلمين كما ثبتت به السنة وأجمع عليه
المسلمون إجماعا ضروريا لا ينكره إلا كافر معاند. 

وقال الشيخ لما نهى الله نبيه عن الصلاة على المنافقين كان دليل الخطاب أن المؤمن يصلى عليه قبل الدفن ويقام على قبره بعده. ودلت الآية أيضا على أن الصلاة على المسلمين من أكبر القربات وأفضل الطاعات ورتب الشارع عليها الجزاء الجزيل كما في الصحاح وغيرها. ودلت الآية على أن الصلاة عليه كان: عادة النبي صلى الله  عليه  و سلم في المسلمين وأمرا متقررا عند المسلمين واستمروا عليه. وفرض كفاية.
قال الشيخ: وفروض الكفايات إذا قام بها رجل سقط الإثم عن الباقين ثم إذا فعل الكل ذلك كان كله فرضا وذكره ابن عقيل محل وفاق. وتسقط بثلاثة اتفاقا فجاء أنه صلى الله  عليه  و سلم صلى على عمير بن أبي طلحة في منزلهم وأبو طلحة وراءه وأم سليم وراء أبي طلحة.
 (وعن مالك) بن هبيرة بن خالد السكوني ويقال: الكندي مات في زمن مروان قال: (إن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال: ما من ميت يموت) وفي لفظ "ما من مؤمن يموت "فيصلي عليه ثلاثة صفوف إلا غفر له) وفي رواية كان مالك بن هبيرة إذا صلى على جنازة فتقال الناس عليها جرأهم ثلاثة أجزاء أي فرقهم جعل القوم الذين يمكن أن يكونوا صفا واحدا ثلاثة صفوف ثم قال قال رسول الله صلى الله  عليه  و سلم "من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجبت" ولأبي داود "وجبت له الجنة" (رواه الخمسة) وغيرهم (إلا النسائي) وصححه الحاكم وغيره وله شواهد كثيرة.
وفي صحيح مسلم من حديث عائشة "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه". وله من حديث ابن عباس "ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعوا فيه" قال النووي والقاضي الأحاديث كلها معمول بها وتحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين وفيها استحباب تكثير جماعة الجنازة.
وروى ابن بطة عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم شهد جنازة وهو سابع سبعة "فأمرهم أن يصفوا ثلاثة صفوف خلفه فصف ثلاثة واثنين وواحدا خلف الصف فصلى على الميت ثم انصرف" وصرح القسطلاني وغيره أن الثلاثة في الفضيلة سواء وأنه إنما لم يجعل الأول أفضل محافظة على المقصود من الثلاثة الصفوف.
ويأتي في صلاته على النجاشي أنه "صف بهم" وفي لفظ "فصففنا خلفه فصلى عليه ونحن صفوف" ودلت هذه الأحاديث وغيرها على سنية صلاة الجنائز جماعة صفوفا وهو إجماع المسلمين لفعله صلى الله  عليه  و سلم وفعل أصحابه واستمرار عمل المسلمين عليه. وتجوز فرادى.
 (ولهم أن أنسا صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه)  وهو مذهب الشافعي وقال ابن المنذر وغيره هو قول جماهير العلماء ولم يذكر عن أحمد غيرها.وعنه عند صدره وهو مذهب أبي حنيفة أو يكون بالقرب منهما فإن رأس الرجل قريب من صدره فالواقف عند أحدهما واقف عند الآخر (و) لما رفعت (أتى بـ) جنازة (امرأة) فصلى عليها (فقام وسطها) بفتح السين (وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله  عليه  و سلم) وفيه فلما فرغ قال احفظوا (حسنهما الترمذي) فحديث مالك تقدم رواته.
وهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم بألفاظ منها ما رواه أبو غالب الحناط قال. شهدت أنسا صلى على جنازة قال وفينا العلاء بن زياد فلما رأى اختلاف قيامه على الرجل والمرأة قال يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله  عليه  و سلم "يقوم من الرجل حيث قمت ومن المرأة حيث قمت قال نعم" وفي لفظ لأبي داود قال العلاء هكذا كان رسول الله صلى الله  عليه  و سلم "يصلي على لجنازة كصلاتك يقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة قال نعم".
وفي الصحيحين من حديث سَمُرة أنه صلى الله  عليه  و سلم "صلى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها" قال غير واحد هذا مذهب جمهور العلماء الشافعي وأحمد وغيرهما. وفي الحديثين دلالة واضحة على مشروعية ذلك وماعداه لا مستند له من المرفوع ولا يدل على الوجوب فإنما الواجب هو استقبال جزء من الميت رجلا كان أو امرأة. والنزاع فما هو الأولى والأحسن ولا أولى ولا أحسن من الكيفية التي فعلها رسول الله صلى الله  عليه  و سلم.
والحكمة والله أعلم أن القلب في الصدر ووسط المرأة محل حملها والصبي والصبية كذلك. والسنة وضع رأسه مما يلي يمين الإمام كما هو المعمول به ويسوي بين رؤوس كل نوع ويجعل وسط أنثى حذاء صدر أو رأس رجل ليقف الإمام موقف من الكل. وجمعهم بصلاة أفضل وهو مذهب مالك وأحمد.
 (وللبخاري عن الحسن) البصري هو ابن أبي الحسين الأنصاري واسمه يسار بن بلال الأنصاري مولاهم ثقة ففيه إمام جليل من خيار التابعين مات سنة عشر ومائة وقد قارب التسعين قال (أدركت الناس) وهم إذ ذاك متوافرون في القرن المفضل المثنى عليهم (وأحقهم بالصلاة على جنائزهم من رضوه) إماما (لفرائضهم) وتقدم ذكر من يقدم في الإمامة.
وقال أبو هريرة شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص أمير المدينة وهو يقول: لولا السنة ما قدمتك. ومقتضاه أنه سنة وخلفه يومئذ ثمانون صحابيا. قال الموفق ولم ينكر فكان إجماعا وهو مذهب جماهير أهل العلم أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم لأنه صلى الله  عليه  و سلم وخلفاؤه من بعده كانوا يصلون على الموتى. ولم ينقل عنهم استئذان العصبة ولا غيرهم. قال ابن رشد أكثر أهل العلم على أن الوالي أحق بالصلاة على الميت، اهـ.
وتقديمهم ليس على سبيل الوجوب فإن الصحابة رضي الله عنهم ما زالوا يوصون بالصلاة فأبو بكر أوصى أن يصلي عليه عمر. وعمر صهيبا. وأم سلمة سعيد بن زيد. وأبو بكرة أبا برزة وغيرهم وهذه قضايا اشتهرت من غير إنكار ولا مخالف فكانت إجماعا. ثم الأولى بعدهم الأولى بغسل على ما تقدم.
 (وجعل ابن عمر الرجال في صلاة الجنازة مما يلي الإمام) لشرفهم وكالفريضة (والنساء مما يلي القبلة رواه البيهقي) ولفظه صلى على تسع جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة. ولأبي داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن عمار قال: شهدت جنازة أم كلثوم وابنها "فوضع الغلام مما يلي القبلة والمرأة وراءه فصلى عليهما. وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة فقالوا: هذه السنة" وفي رواية للبيهقي ونحو من ثمانين من أصحاب النبي صلى الله  عليه  و سلم ولم يذكر ابن المنذر خلافا في ذلك.
 (وفي الصحيحين) وغيرهما من غير وجه عن ابن عباس وأبي هريرة وجابر وغيرهم (أنه صلى الله  عليه  و سلم يكبر في صلاة الجنازة أربعا) فمن حديث أبي هريرة وجابر في قصة صلاته على النجاشي. ومن حديث ابن عباس في الصلاة على القبر وستأتي. وجمع عمر الناس على أربع تكبيرات. وقال لا يجوز النقص عن الأربع. وقال النخعي اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله  عليه  و سلم في بيت أبي مسعود فأجمعوا على أربع.
وقال ابن عبد البر وغيره أنه قد أجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربع على ما جاء في الأحاديث الصحيحة. وما سوى ذلك عندهم شذوذ. وقال النووي قد كان لبعض الصحابة وغيرهم خلاف في أن التكبير المشروع خمس أم أربع أم غير لك ثم انقرض ذلك الخلاف وأجمعت الأمة الآن على أنه أربع تكبيرات بلا زيادة ولا نقص. والأولى أن لا يزيد على أربع لأن المداومة تدل على الفضيلة.
وقال ابن القيم وكان صلى الله  عليه  و سلم يكبر أربع تكبيرات وصح أنه كبر خمسًا وكان الصحابة بعده يكبرون أربعًا وخمسًا وستًا وسبعًا وحكى الوزير عن الأئمة الأربعة أنه لا يتابع على ما زاد على الأربع. وقال الموفق: لا خلاف أنه لا يتابع على الزيادة عليها، ولا تستحب إجماعا فيباح الزيادة على الأربع إلى السبع وليس إخلالا بصورة الصلاة فلا تبطل.
 (وفي البخاري صلى ابن عباس) رضي الله عنهما (على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال لتعلموا أنها سنة) أي طريقة متبعة ورواه ابن خزيمة وغيره والنسائي من رواية طلحة قال فأخذت بيده فسألته عن ذلك فقال نعم يا بن أخي إنه حق وسنة وهو عند ابن ماجه وغيره مرفوعًا وسنده ضعيف. وقال الحاكم أجمعوا على أن قول الصحابي من السنة حديث مسند وللنسائي وغيره عن أبي أمامة قال: "السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة".
وقال مجاهد سألت ثمانية عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله  عليه  و سلم عن القراءة على الجنازة فكلهم قالوا يقرأ. ولها شواهد فدلت على وجوب قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام وبعد التعوذ والبسملة وهو مذهب جمهور العلماء الشافعي وأحمد وغيرهما من السلف والخلف إلا التعوذ فقيل لا يتعوذ. وقد ورد الأمر به.
وأما البسملة فأجمعوا على الإتيان بها وأما الاستفتاح فالأكثر أنه لا يستفتح لأن مبناها علىالتخفيف كما أنه لا يقرأ السورة بعد الفاتحة. وقال الشيخ لا تجب قراءة الفاتحة بل هي سنة وهو مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد.
 (وللحاكم) عن ابن عباس أنه صلى على جنازة فكبر ثم قرأ الفاتحة (ثم صلى على النبي صلى الله  عليه  و سلم) يعني بعد التكبيرة الثانية ثم دعا بعد الثالثة. وللشافعي وابن الجارود وغيرهم بسند رجاله رجال الصحيحين عن أبي أمامة "السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرًا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله  عليه  و سلم" وذكر أبو أمامة عن جماعة من الصحابة الصلاة على النبي صلى الله  عليه  و سلم في الصلاة على الجنازة.
فدلت على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله  عليه  و سلم في صلاة الجنازة كالصلاة عليه في التشهد الأخير. ولنقل الخلف عن السلف ولا يتعين لفظ صلاة مخصوصة لأن المقصود مطلق الصلاة. والجمهور على قول اللهم صل على محمد كالتشهد الأخير.
 (وعن أبي هريرة مرفوعا إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء رواه أبو داود) وصححه ابن حبان وفي حديث أبي أمامة ويخلص الدعاء للميت وحسنه الحافظ وذلك لأن المصلين عليه شفعاء والشافع يبالغ في طلب الشفاعة يريد قبول شفاعته فيه فيدعو بعد الثالثة بأحسن ما يحضره من الدعاء المأثور إجماعا لأنه هو المقصود بالصلاة عليه فلا يجوز الإخلال به. ونقل فيه ما لم ينقل في القراءة والصلاة على النبي صلى الله  عليه  و سلم.
ولأحمد عن أبي الزبير سألت جابرًا ما يدعى للميت فقال ما أتاح أي ما قدر لنا رسول الله صلى الله  عليه  و سلم. ولا أبو بكر. ولا عمر. فدل على أنه لا يتعين دعاء مخصوص والأمر المطلق بإخلاص الدعاء للميت يقضي بأن يخلص للمسيء كالمحسن فإن ملابس المعاصي أحوج إلى دعاء إخوانه المسلمين ولذلك قدموه بين أيديهم ليشفعوا له.
 (ولمسلم) والخمسة وغيرهم (عنه قال كان رسول الله صلى الله  عليه  و سلم إذا صلى على جنازة يقول) يعنى بعد التكبيرة الثالثة (اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا وشاهدنا) أي حاضرنا (وغائبنا وصغيرنا) لعله لرفع الدرجات (وكبيرنا وذكرنا وأنثانا) المقصود الشمول والاستيعاب كأنه قيل اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات (اللهم من أحييته منا) معشر المسلمين (فأحيه على الإسلام) الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد لأمره.
 (ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان) وهو اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان ولما كان الإسلام هو العبادات كلها والإيمان شرط فيها ووجودها في حال الحياة ممكن بخلاف حالة الموت فإن وجودها متعذر. فلهذا اكتفى بالموت على الإيمان خاصة وطلب الحياة على الإسلام الذي الإيمان جزء منه.
 (اللهم لا تحرمنا أجره) أي لا تمنعنا من أجره وحرمه الشيء منعه إياه (ولا تضلنا بعده) أي لا تصيرنا إلى الضلال ضد الهدى والرشاد. قال ابن القيم روي من طرق تدل على أن له أصلا وله شواهد. ولأبي داود عنه أن النبي صلى الله  عليه  و سلم دعا في الصلاة على الجنازة "اللهم أنت ربها وأنت خلقتها. وأنت هديتها للأسلام وأنت قبضت روحها. وأنت أعلم بسرها وعلانيتها. جئنا شفعاء له فاغفر له ذنبه".
ولابن ماجه من حديث واثلة قال صلى بنا رسول الله صلى الله  عليه  و سلم على جنازة رجل من المسلمين فسمعته يقول "اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك قِه عذاب القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحمد اللهم فاغفر له وارحمه فإنك أنت الغفور الرحيم" صححه ابن القيم.
 (وله عن عوف) ابن مالك الأشجعي شهد الفتح ومعه راية أشجع وسكن دمشق ومات سنة ثلاث وسبعين (أنه سمع النبي صلى الله  عليه  و سلم يقول) يعنى على جنازة صلى عليها (اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه) الضمير عائد إلى الميت فلا يحول الضمير (وأكرم نُزُله) بضم الزاي وقد تسكن ما يهيء للضيف أول ما يقدم (ووسع مَدْخَلَهُ) بفتح الميم مكان الدخول وبضمها الإدخال والفتح أولى.
 (واغسله بالماء والثلج والبرد) بفتح الراء المطر المنعقد وليس المراد بالغسل وإنما هو استعارة بديعة للطهارة العظيمة من الذنوب (ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقَ الثوب الأبيض من الدنس) يغنى الوسخ (وأبدله دارًا خيرًا من داره. وزوجًا خيرا من زوجه) ولا يقول أبدلها لعود الضمير على الميت وإن لم يكن زوج والمراد بالإبدال الفعلي أو التقديري أي خير من زوج لو تزوج إذ منهم من ليس له دار بالدار الدنيا.
 (وأدخله الجنة. وأعذه من عذاب القبر. وعذاب النار) قال عوف فتمنيت أن لو كنت أنا الميت لدعاء رسول الله صلى الله  عليه  و سلم لذلك الميت" وهذا من أجمع الأدعية ورواه النسائي والترمذي وغيرهما وصححه وإن شاء قال وأفسح له في قبره ونور له فيه.
 (وعن المغيرة مرفوعًا والسقط) أي الولد لغير تمام (يصلى عليه) إذا بلغ أربعة أشهر عند أحمد والشافعي وعند الجمهور إذا تحرك وتقدم (ويدعى لوالديه) كما سيأتي (بالمغفرة والرحمة رواه أحمد) ورواه أبو داود وابن حبان والحاكم وصححه وقال على شرط البخاري.
ورواه النسائي (وصححه الترمذي لكن بلفظ "الطفل) يصلى عليه" واحتج به أحمد. وفي سنن ابن ماجه مرفوعا "صلوا على أطفالكم" وتقدم ذكر الإجماع عليه وأورد الأصحاب وغيرهم بدل الاستغفار دعاء يقوله المصلي لهذا الخبر وغيره بعد ما تقدم من قوله وتوفه على الإيمان. اللهم اجعله أي الطفل ذخرا لوالديه وفرطا أي سابقا أمام والديه سواء مات في حياتهما أو بعدهما.
قال القاضي وهو في هذا الدعاء الشافعي شفع لوالديه وللمؤمنين المصلين عليه وأجرا وشفيعا مجابا. اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم إشارة إلى ما رواه ابن أبي الدنيا وغيره عن خالد بن معدان "إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى كلها ضروع من مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى وحاضنهم إبراهيم خليل الرحمن" وقه برحمتك عذاب الجحيم.
فما ذكروه من الدعاء لائق بالمحل مناسب لحاله. فإن الدعاء لوالديه أولى من الدعاء له لأنه شافع غير مشفوع فيه. وإذا لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه إن كان له موالٍ يعلم
 إسلامهم فيقول ذخرا لمواليه. قال شيخ الإسلام ومن كان من أمة أصلها كفار لم يجز أن يستغفر لأبويه إلا أن يكونا قد أسلما للآية، اهـ. وأما ولد الزنا فيدعى لأمه فقط وكذا المنفي بلعان.
واستحب الجمهور أن يقف بعد التكبيرة الرابعة قليلا لحديث زيد بن أرقم "كان يكبر أربعًا ثم يقف ما شاء الله" ومن حديث ابن أبي أوفى يدعو قال أحمد لا أعلم شيئا يخالفه وقال المجد لا خلاف في جوازه فيقول. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وكان أنس لا يدعو بدعاء إلا ختمه بهذا الدعاء. واختار بعض أهل العلم أن يقول. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله.
 (ولابن ماجه عن ابن أبي أوفى) عبد الله بن علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي صحابي شهد الحديبية وتوفى سنة سبع وثمانين بالكوفة رضي الله عنه (مرفوعا كان يكبر أربعًا) وهو إجماع وفيه أنه يدعو بعد الرابعة وتقدم (ثم يسلم) ورواه البيهقي وغيره وقال الحاكم هذا حديث صحيح. وقد استفاض السلام عنه صلى الله  عليه  و سلم في صلاة الجنازة وهو واجب فيها إجماعا. وزاد أحمد وغيره من رواية شريك عن يمينه وشماله لكن.
قال ابن القيم رحمه الله المعروف عن ابن أبي أوفى تسليمه واحدة ذكره عنه أحمد وغيره. ويجوز أن يسلم تسليمة ثانية عن يساره كتسليم الصلاة وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي. وله أن يتابع الإمام فيه كالقنوت وظاهركلام ابن الجوزي يسر بالثانية وفاقًا. وعن أحمد يسلم واحدة عن يمينه وفاقًا لمالك. ويجوز تلقاء وجهه يجهر بها الإمام كالمكتوبة لهذا الخبر ولما روى الجوزجاني عن عطاء بن السائب أن النبي صلى الله  عليه  و سلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة.
وقيل لأحمد أتعرف عن أحد من الصحابة أنه كان يسلم على الجنازة تسليمتين قال لا ولكن عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله  عليه  و سلم كانوا يسلمون تسليمة واحدة خفيفة وذكره البيهقي عن عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله  عليه  و سلم ولأنه أشبه بالحال ومبناها على التخفيف وأكثر ما روي في التسليم وقول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين بل قال ابن المبارك من سلم على الجنازة تسليمتين فهو جاهل. قال الموفق واختار القاضي أن المستحب تسليمتان وواحدة تجزئ واختياره مخالف لإمامه وأصحابه وإجماع الصحابة والتابعين.
ويسن وقوف المصلي بعده عليها مكانه حتى ترفع قال مجاهد رأيت ابن عمر لا يبرح من مصلاة حتى يراها على أيدي الرجال. وقال الأوزاعي لا تنفض الصفوف حتى ترفع الجنازة وهو قول عاملة العلماء. وسن رفع يديه مع كل تكبيرة قال الشافعي وغيره ترفع للأثر والقياس على السنة في الصلاة. ورواه عن ابن عمر وأنس وسعيد عن ابن عباس والأثرم عن عمر وزيد بن ثابت. ورواه البيهقي مرفوعا بسند ضعيف وفيه ويضع اليمنى على اليسرى.
واشترط الجمهور فيها النية وحكي اتفاقا. ولا يشترط معرفة عين الميت. والشرط الثاني إسلام الميت لأن الصلاة شفاعة له ودعاء والكافر ليس أهلاً لذلك. وقال تعالى: }وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا{ قال شيخ الإسلام من كان مظهرًا للإسلام فإنه يجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة من تغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ونحو ذلك.
لكن من علم منه النفاق والزندقة فإنه لا يجوز لمن علم ذلك منه الصلاة عليه وإن كان مظهرا للإسلام وذكر الآية. وقوله }اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ{ الآية ثم قال وأما من كان مظهرًا للفسق مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر فلا بد أن يصلي عليهم بعض المسلمين. ومن امتنع زجرًا لأمثاله كما فعل النبي صلى الله  عليه  و سلم كان حسنًا وإن صلى يرجو رحمة الله ولم يكن في امتناعه مصلحة راجحة كان حسنا وإن امتنع في الظاهر ودعا في الباطن كان أولى.
وكل من لم يعلم منه النفاق وهو مسلم يجوز الاستغفار له والصلاة عليه ويؤمر به كما قال تعالى }وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ{ وإن اختلط المسلمون بالمشركين ولم يتميزوا غسل الجميع وصلي عليهم سواء كان عدد المسلمين أقل أو أكثر وهذا مذهب جماهير العلماء مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، اهـ.
والشرط الثالث طهارته من الحدث والنجس مع القدرة اتفاقا لأن العجز عن الطهارة لا يسقط فرض الصلاة كالحي وكباقي الشروط وإن خاف فوت الجنازة. وقال أبو حنيفة يجوز إن خاف فوتها إن اشتغل بالوضوء وحكاه ابن المنذر عن جماعة من التابعين واختاره الشيخ. وإن عجز عن طهارة الميت يمم ويصلي عليه.
والرابع والخامس الاستقبال والسترة كمكتوبة والسادس حضور الميت بين يديه قبل الدفن. وصرح به جماعة في المسبوق اتفاقا ولأنه لا صلاة بدون الميت سوى ما يأتي في الصلاة على الغائب. فلا تصح على جنازة محمولة. ولا من وراء جدار. ولا من وراء خشب كتابوت اتفاقا. بخلاف السترة من غير ذلك.
ويشترط تكفينه فلا تصح قبل أن تغسل أو ييمم لعدم ويكفن ويسن دنوه منها وقال المجد وغيره قربه من الإمام مقصود لأنه يسن الدنو منها ومن فاته شيء من التكبير قضاه على صفته وهو مذهب الشافعي وأحمد وإحدى الروايتين عن مالك وقول جمهور العلماء وإن خشي رفعها تابع التكبير وإن سلم مع الإمام ولم يقضه صحت لقول عائشة لا قضاء عليك والأولى قضاؤها اتفاقا ويدخل المسبوق بين التكبيرتين كالحاضر إجماعًا.
(وعن أبي هريرة أن امرأة سوداء) سماها البيهقي أم محجن وفي رواية أو شابًّا (كانت تقم المسجد) أي تخرج القمامة منه (ففقدها رسول الله صلى الله  عليه  و سلم فسأل عنها فقالوا ماتت) قال أفلا آذنتموني قال أبو هريرة فكأنهم صغروا أمرها (فقال دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها متفق عليه) وعن ابن عباس قال "انتهى رسول الله صلى الله  عليه  و سلم إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعا" متفق عليه.
وللدارقطنى عنه أن النبي صلى الله  عليه  و سلم "صلى على ميت بعد ثلاث" وفي رواية "صلى على قبر بعد شهر" وللترمذي عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله  عليه  و سلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر ولها شواهد كثيرة تدل على سنية الصلاة على الجنازة المدفونة. وقال أحمد من يشك في الصلاة على القبر. والصلاة على القبر مشهورة متواترة عن النبي صلى الله  عليه  و سلم وقال غير واحد لا نزاع فيها.
فأما من لم يصل عليه ففرض الصلاة عليه الثابت بالأدلة والإجماع باق ومن صلي عليه فقد قال بمشروعية الصلاة عليه الجمهور. قال أحمد يروى عن النبي صلى الله  عليه  و سلم من ستة أوجه أو ثمانية أوجه أنه صلى على ميت بعد ما دفن. واختاره الشيخ وجمهور السلف. ومن اعتذر عن هذه السنة المشهورة فلعله لم يظهر له السبب في الإعادة. وقال ابن حامد يصلى عليه لأنه دعاء.
وقال المجد يصلي تبعًا وإلا فلا إجماعا. وقال تستحب إعادتها تبعًا مع الغير ولا تستحب ابتداء. وقال الشيخ لا تعاد الصلاة عليها إلا لسبب مثل أن يعيد غيره فيعيد معه. أو يكون أحق بالإمامة من الطائفة الثانية فيصلي بهم. وقال ابن المبارك إذا دفن الميت ولم يصلي عليه صلي على القبر. وذكر ابن القيم أن الأحاديث إنما تدل على هذا.
وحدد بعض أهل العلم الصلاة عليه بعد الدفن إلى شهر قال أحمد إذ هو أكثر ما روي عنه صلى الله  عليه  و سلم. وحده الشافعي بما إذا لم يبل الميت ومنع منه مالك وأبو حنيفة إلا للولي إذا كان غائبا وقال ابن القيم: صلى النبي صلى الله  عليه  و سلم على القبر بعد ليلة ومرة بعد ثلاث ومرة بعد شهر ولم يوقت في ذلك وقتا.
وقال ابن عقيل يجوز مطلقًا لقيام الدليل على الجواز. وما وقع من الشهر فاتفاق ويؤيده أن النبي صلى الله  عليه  و سلم "صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين" رواه البخاري وغيره وفي السنن وغيرها أنه صلى الله  عليه  و سلم "صلى على قبر بعد شهرين" والحق أنه لم يرد توقيت ولأن المراد من الصلاة عليه الدعاء له وهو جائز في كل وقت. قال ابن القيم والعظام تبقى مدة طويلة ولا تأثير لتمزق اللحوم.
 (ولهما عنه أنه صلى الله  عليه  و سلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه) سنة تسع في رجب (وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات) ولهما عن جابر أنه صلى الله  عليه  و سلم قال "توفي اليوم رجل صالح من الحبشة فهلموا فصلوا عليه فصففنا خلفه فصلى عليه ونحن صفوف". وفي رواية "صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعاً".
وللترمذي وغيره وصححه عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله  عليه  و سلم قال "إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه" قال فقمنا فصففنا عليه كما يصف على الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت. والنجاشي هو ملك الحبشة وكان اسمه أصحمة. ومعناه بالعربية عطية. ويسمى كل ملك للحبشة نجاشي. كما يسمى كل خليفة للمسلمين أمير المؤمنين. وملك الروم والفرس قيصر وكسرى.
فدلت هذه الأحاديث وما في معناها على مشروعية الصلاة على الغائب عن البلد بالنية. قال الحافظ وهو قول الشافعي وأحمد وجمهور السلف. وقال ابن حزم لم يأت عن أحد من الصحابة منعه وقال الشافعي الصلاة على الميت دعاء له فكيف لا يدعى له غائب وقيل إن لم يكن صلي عليه وإلا فلا اختاره الشيخ. وقال ولا يصلى كل يوم على كل غائب لأنه لم ينقل.
وقال ابن القيم مات خلق عظيم وهم غيب فلم يصل عليهم. وإنما صلي على النجاشي وفعله سنة وتركه سنة وصوب أنه إن مات ببلد لم يصلي عليه كما صلى النبي صلى الله  عليه  و سلم على النجاشي وإلا فلا، اهـ. ولا يصلى على غائب في أحد جانبي البلد ولو كان كبيرا ولو لمشقة مطر أو مرض. ويصلى على غريق وأسير ونحوهما.
وإن وجد بعض ميت لم يصلَ عليه غسل وكفن وصلي عليه وجوبا لأن أبا أيوب صلى على رجل إنسان رواه أحمد. وصلى عمر على عظام بالشام. وأبو عبيدة على رؤوس رواهما عبد الله بن أحمد. وقال الشافعي ألقى طائر يدًا بمكة من وقعة الجمل عرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب فصلى عليها أهل مكة وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير أهل العلم ولأنه بعض من ميت فثبت له حكم الجملة.
فإن كان بعضا من ميت صلي عليه ندبا. وقيل يصلى عليه مطلقا. وأما تغسيله وتكفينه ودفنه فيجب اتفاقا. ثم إن وجد الباقي بعد غسل البعض وتكفينه ودفنه غسل وكفن وصلي عليه ودفن بجنب القبر أو في جانبه.
ولا يصلى على مأكول ببطن آكل لفقد الشرط من غسل وتكفين. ولا يصلى على مستحيل بإحراق ونحوه لأنه لم يبق منه ما يصلى عليه. ولا يصلى على بعض حي مدة حياته لأن الصلاة دعاء له وشفاعة وهذا عضو لا حكم له في الثواب. وفي الحديث دليل على أفضلية الصلاة عليه خارج المسجد.

(وعن جابر) بن سمرة رضي الله عنه. (أن رجلا قتلا نفسه بمشاقص) جمع مشقص كمنبر نصل عريض أو سهم فيه ذلك. أو نصل طويل أو سهم فيه ذلك يرمي به الوحش (فلم يصلِ عليه النبي صلى الله  عليه  و سلم رواه مسلم) والخمسة وغيرهم وللنسائي "أما أنا فلا أصلي عليه" ومراده صلى الله  عليه  و سلم من تركه الصلاة عليه عقوبة له وردعا لغيره عن مثل فعله وهو استعجال إزهاق النفس.
وفي الصحيح في الرجل الجري الذي قال فيه النبي صلى الله  عليه  و سلم هو في النار وكان في غزوة خيبر وجرح فاستعجل الموت فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه. وقال عمر بن عبد العزيز والأوزاعي لا يصلى عليه مطلقا. الجمهور أنه لا يصلي عليه الإمام الأعظم.
 (وعن زيد بن خالد في الذي غلَ في سبيل الله) أي كتم شيئا مما غنمه وذلك أن رجلا من المسلمين توفي بخيبر وأنه ذكر لرسول الله صلى الله  عليه  و سلم (فقال صلوا على صاحبكم) فتغيرت وجوه القوم لذلك فلما رأى الذي بهم قال "إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين (رواه الخمسة إلا الترمذي) واحتج به أحمد ورجال إسناده رجال الصحيح.
وفيه تحريم الغلول وإن كان حقيرا وفي الوعيد عليه أحاديث شهيرة وإنما ترك صلى الله  عليه  و سلم الصلاة عليه زجرا له ولأمثاله عن الغلول. كما امتنع عن الصلاة على قاتل نفسه. وعلى المديون وأمرهم بالصلاة عليه أولاً حتى كفله أبو قتادة رضي الله عنه فدل الحديثان على سنية ترك الإمام الأعظم وإمام كل قرية وهو واليها في القضاء الصلاة على قاتل نفسه عمدا. والغال من الغنيمة. قال أحمد ما نعلم أن النبي صلى الله  عليه  و سلم ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه.
ولو صلى عليهما الإمام فلا بأس كبقية الناس اختاره ابن عقيل وغيره وذكره في الفروع اتفاقا. وقال الشيخ: وإن تركهما أئمة الدين زجرًا فهو أولى. وإن صلى يرجو رحمة الله ولم يكن في الامتناع مصلحة راجحة فيحسن. وإن امتنع في الظاهر ودعا في الباطن فحسن. وأما من سواهما من سائر العصاة كالسارق والشارب والمقتول قصاصا أو حدًّا ونحو ذلك فيصلى عليهم. كما أن على سائر المسلمين أن يصلوا على موتى المسلمين كما دل عليه الحديثان وغيرهما.
وقال النووي وغيره مذاهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم. ومحدود. ومرجوم. وقاتل نفسه.. وولد الزنا. ونحوهم لقوله "صلوا على من قال لا إله إلا الله" المراد عاملا بمقتضاها. فلو قالها وأشرك لم تنفعه ولم يجز الصلاة عليه.
 (وعن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله  عليه  و سلم على ابني بيضاء في المسجد" رواه مسلم) وفي رواية سهيل وأخيه يعني سهلا
 وفي رواية: أمرت أن تمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه فأنكر الناس ذلك عليها فقالت ما أسرع ما نسي الناس، والله ما صلى رسول الله
صلى الله  عليه  و سلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد" قال الحافظ لما أنكرت ذلك سلموا لها. فدل على أنها حفظت ما نسوه. وفي رواية أرسل بعض أزواج النبي صلى الله  عليه  و سلم وذكر نحوه وبنو بيضاء ثلاثة سهل وسهيل وصفوان وأمهم البيضاء وصف لها واسمها دعد وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري.
فدل هذا الحديث على جواز الصلاة عليه في المسجد وهو مذهب الشافعي وأحمد وجمهور أهل العلم. وصلى عمر على أبي بكر في المسجد. وصهيب على عمر في المسجد رواهما ابن أبي شيبة وغيره قال الخطابي وغيره ثبت ذلك ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا ذلك وهذا يقتضي الإجماع على جواز ذلك. وكرهه أبو حنيفة ومالك.
وقال ابن القيم وغيره لم يكن من هدية صلى الله  عليه  و سلم الراتب الصلاة على الجنائز في المسجد وإنما كان يصلي خارجه وربما صلى عليها فيه ولكن لم يكن من سنته وعادته وكلاهما جائز والأفضل خارجه لأنه الغالب وتقدم في قصة صلاته على النجاشي أنه خرج بهم إلى المصلى وكان هو المعهود في عصره صلى الله  عليه  و سلم. وحديث عائشة ظاهر الدلالة في الجواز إن أمن تلويثه وإلا حرم لتنجيسه.
(ولهما عن أبي هريرة مرفوعًا من شهد الجنازة حتى يصلى عليها) وللبخاري من "شيع" وفي لفظ "من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها" وفي لفظ لمسلم "من خرج مع جنازة من بيتها حتى يصلى عليها (فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان) وللبخاري "فإنه يرجع بقيراطين" ولمسلم "ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من الأجر كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع كان له قيراط".
فدل على أنه لا يستحق الأجر المذكور إلا من صلى عليها وتبعها حتى تدفن، قال ابن القيم كان مجموع الأجر الحاصل على تجهيز الميت من حين الفراق إلى وضعه في لحده وقضاء حق أهله دينار مثلاً فللمصلي عليه قيراط من هذا الدينار والذي يتعارفه الناس من القيراط أنه نصف السدس فإن صلى عليه وتبعه كان له قيراطان منه هما سدسه وعلى هذا فيكون نسبة القيراط إلى الأجر الكامل بحسب عظم ذلك الأجر الكامل في نفسه وكلما كان أعظم كان القيراط منه بحسبه، اهـ. ولا سيما بحسب الإخلاص والمشقة.
ولما كان المتعارف به حقيرًا نبه الشارع على عظم القيراط الحاصل لمن فعل ذلك لما (قيل) له (وما القيراطان) أي الحاصلان لمن شهد الجنازة حتى يصلى عليها وتبعها حتى تدفن (قال مثل الجبلين العظيمين) ولمسلم "كل قيراط مثل أحد" و للنسائي "كل واحد منهما أعظم من أحد" ولمسلم "أصغرهما مثل أحد". وعند ابن عدي. من رواية واثلة "كتب له قيراطان من الأجر أخفهما في ميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد".
فبين أن زنة الثواب المترتب على ذلك العمل مثل الجبلين العظيمين. وكثيرًا من يمثل الشارع أمور الآخرة بأمور الدنيا للتقريب إلى الأفهام وإلا فذرة من ذرات الآخرة خير من الدنيا بأسرها وأمثالها معها. وخص الصلاة عليه والدفن بالذكر لكونهما المقصود بخلاف باقي أحوال الميت فإنها وسائل.
وسأل ابن عمر عائشة هل قال ذلك رسول الله صلى الله  عليه  و سلم؟ فقالت صدق أبو هريرة. فقال ابن عمر لقد فرطنا في قراريط كثيرة وكان يصلي عليها ثم ينصرف فلما بلغه جد في اتباعها حتى تدفن. وفيه الترغيب في حضور الميت والصلاة عليه ودفنه. وفيه أيضا الدلالة على عظم فضل الله وتكريمه للميت وإكرامه بجزيل الثواب لمن أحسن إليه بعد موته.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire